Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إندونيسيا تعرقل التكنولوجيا الأوروبية بتأميم معادنها

استثمارات مليارية في البنية التحتية 

عامل في مصنع لمعالجة النيكل في إندونيسيا (رويترز)

رفض الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو الدعوى المقدمة من الاتحاد الأوروبي ضد بلاده بسبب حظر تصدير  المعادن، مؤكداً عدم تراجع إندونيسيا عن القرار الذي اتخذته قبل عامين. وهذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها الرئيس الإندونيسي الاتحاد الأوروبي، في ما يخص سياسة حظر تصدير المواد الخام. ففي أكثر من مناسبة، كرر عزم حكومته على المضي في سياسة توطين الصناعات واستحداث وظائف جديدة والمحاولة الجادة للخروج من فخ تصدير المواد الأساسية.

وتشكل إندونيسيا مصدراً رئيسياً لعدد من المواد الأولية في مقدمتها النيكل. وتحظى جاكرتا بأكبر حصة عالمية للمعدن المتعدد الاستخدام. وتمثل سياسة إندونيسيا مشكلة حقيقة لدول الاتحاد الأوروبي التي تعتمد على الصادرات الإندونيسية الخام في صناعات كهربائية ودفاعية وطبية. فيما أبدت شركات عدة استعدادها لمساندة إندونيسيا. فقد أعلنت شركة "أمبريكس" الصينية عن عزمها فتح فروع لمصانعها في الأرخبيل، وقررت شركات ألمانية وفرنسية فتح مجامع تكرير الكوبالت في إندونيسيا. فيما أعلنت الرياض تمويل مشاريع متعددة في إندونيسيا بحوالى 110 مليارات دولار.

مواد خام رئيسية

تعد إندونيسيا أرضاً خصبة للمواد الخام، وتمتلك حوالى 25 في المئة من الحصة العالمية للقصدير، و17 في المئة من الحصة العالمية للنيكل الخام، و6 في المئة من البوكسيت، وتستحوذ على أكبر احتياطي عالمي من النيكل. واحتلت إندونيسيا لسنوات المرتبة الأولى في تصدير النيكل. وقدّرت إحصائيات عام 2020 صادرات إندونيسيا من النيكل بحوالى 1.7 مليار دولار أميركي أو ما يعادل 37.2 في المئة من إجمالي الصادرات العالمية للنيكل.

وتعد إندونيسيا  ثاني أكبر منتج للقصدير وتملك احتياطيات ضخمة من المعدن الذي يدخل في عدد من الصناعات، وتورد إحصائيات عام 2020 أن الأرخبيل الخامس عالمياً في إنتاج البوكسيت.

ويُستخدم النيكل في صناعة البطاريات الكهربائية والأدوات المنزلية وصناعة حديد الفولاذ المقاوم للصدأ والمغناطيس والعملات المعدنية والهواتف الذكية، فيما يُستخدم البوكسيت في تصنيع الألومنيوم الذي يدخل في صناعات أجسام الطائرات وهياكل البطاريات الكهربائية، بينما يُعَد القصدير معدناً رئيساً في صناعات الشاشات المنزلية وأجهزة الحاسوب المحمولة.

حظر تصدير 

وترى إندونيسيا امكانية استخدام موادها الأساسية في التصنيع وتطوير منتجاتها قيمة مضافة في إنعاش اقتصادها وتطويره، بدلاً من تصديرها على شكل مواد أولية. ويشير البعض إلى السياسات الإندونيسية الجديدة باسم "تأميم الموارد"، فيما تستند السياسة الحالية للمواد الخام إلى قانون عام 2009 الخاص بتعدين الفحم والموارد الذي يوجب على الحكومة إدارة المعادن والفحم كي تعطي قيمة إضافية للاقتصاد المحلي ولتمنح الأولوية فيها للمصالح القومية.

وبدأت إندونيسيا فرض حظر للتصدير على النيكل الخام في عام 2014، وتم تخفيف الحظر عام 2017 مع التخطيط لتوقيع حظر كامل في 2022. وسابقت حكومة جوكو ويدودو الزمن بمنع التصدير الكامل النيكل مطلع  2020. فيما يشير محللون إلى أن إندونيسيا تعتزم التوقف عن تصدير البوكسيت في نهاية العام الجاري، وهو ما يتوافق مع تصريح الرئيس الإندونيسي، بينما سيتم حظر صادرات النحاس عام 2023 والقصدير في 2024.

وتهدف إندونيسيا بهذه الخطوة إلى تطوير قطاعها الصناعي والتخلي عن صفتها كمصدر للمواد الخام فحسب. وفي تصريحات سابقة تعود إلى عام 2019، أعرب الرئيس الإندونيسي عن رغبته في أن تتبع بلاده خطى ألمانيا والصين في تحقيق تقدم في الصناعة، لافتاً إلى اتجاه بلاده نحو تصنيع منتجات نهائية أو شبه نهائية بحيث لا تصير إندونيسيا مقتصرة على تصدير المواد الخام.

وتسعى جاكرتا من خلال هذه السياسة إلى جذب مزيد من الاستثمارات إلى البلاد، وإضافة قيمة جديدة للنيكل بدلاً من تصديره كمعدن خام. وتتجه إندونيسيا في الوقت الحالي لتصبح مركزاً لتصنيع البطاريات، وستزيد من قيمة المنتجات المصدرة للخارج. فواحد من أولويات الحكومة الإندونيسية، منذ عام 2021، تطوير بطاريات إلكترونية مصنعة محليّاً.

دعاوى أوروبية

لم يقف الاتحاد الأوروبي مكتوف الأيدي أمام السياسة الإندونيسية الجديدة، فقد رفع دعوى ضد إندونيسيا في منظمة التجارة العالمية، مطالباً بوضع لائحة تعمل على إلغاء ما وصفه بقيود التصدير غير القانونية التي فرضتها إندونيسيا. وبحسب الرؤية الأوروبية، فإنه لم يقدم أي عضو في منظمة التجارة العالمية مسبقاً على منع تصدير المواد الخام، وفرض قيود غير قانونية لتفضيل المنتجين المحليين. وتضر السياسة الإندونيسية بقطاع الصلب في الاتحاد الأوروبي.

وردت وزيرة المالية الإندونيسية، سري مولياني إندراواتي، على الإجراء الأوروبي بالقول إن السياسة التي تتخذها إندونيسيا ليست قومية محضة، مؤكدة أن بلادها هي الأكبر في آسيان ولا يمكن السماح لاقتصادها بالاعتماد الكامل على السلع الخام من دون إضافة قيمة حقيقية لها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فيما أعرب الرئيس الإندونيسي عن استعداد بلاده لمواجهة أي دعوى قانونية تقدم ضد حظر تصدير المواد الخام، مؤكداً أن الدعوى لن تثني حكومته عن المضي قدماً.

وأكد أن عدداً من قادة الدول أبدوا اهتماماً بسياسة إندونيسيا لمنع تصدير النيكل الخام، موضحاً لزعماء الدول الصناعية، خلال قمة العشرين في روما، أن الخطوة التي اتخذتها حكومته تهدف إلى تطوير صناعة في الداخل الإندونيسي وتوفير مزيد من الوظائف للإندونيسيين، إذ لا تود بلاده الاستمرار في إرسال المواد الخام للخارج. ورحّب بالاستثمار وتأسيس منشآت ومصانع للصهر ومعالجة المواد الخام داخل إندونيسيا.

في السياق ذاته، ذكر ريزال كاسلي، رئيس رابطة العاملين في التعدين الإندونيسية، أن التوجه الحالي للبلدان التي لديها مصادر طبيعية كبرى إلى دعم تأميم هذه الموارد وتشجيع التدفق المحلي، والحظر الحالي لا ينطبق إلا على المواد الخام، ويعبر عن إمكانية استفادة الدول المستوردة من الموارد الخام من خلال الاستثمار في الداخل الإندونيسي.

اقتصاد أم سياسة؟

وعقب الإعلان عن السياسة الإندونيسية الجديدة، أبدت شركات عدة استعدادها لمساعدة إندونيسيا على صنع سلاسل إمداد للبطاريات الكهربائية داخل البلاد. فوفقاً لجهات حكومية، أعلنت شركة "تيسلا" وشركة "تكنولوجيا أمبريكس" الصينية المعاصرة عزمهما على مساعدة جاكرتا في صناعة البطاريات الكهربائية، إلى جانب عزم شركة ألمانية وفرنسية لبناء مجمع تكرير الكوبالت في الأرخبيل.

وأوردت صحيفة "نيكي آسيا"، المتخصصة في الاقتصاد الآسيوي، أن حظر تصدير النيكل الخام له عائد ماديّ مرتفع على الاقتصاد الإندونيسي، إذ وصلت قيمة صادرات النيكل الخام في 2019، قبل الحظر، إلى حوالى مليار دولار أميركي، وتضاعف الرقم بتصدير الصورة الأكثر قيمة من المادة الخام في الأعوام التالية.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات