Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تصميم نباتات مقاومة لموجات الحر تنجو من أزمة المناخ

تقنية تشكل "سلاحاً فاعلاً جداً" في زيادة غلة المحاصيل في ظل تفاقم الأزمة البيئية

شينغ يانغ هي من "جامعة ديوك" اشتغل على مشروع يعزز قدرة "رشاد ثال" على تحمل ضغوط الحرارة (جامعة ولاية ميشيغان)

بسبب الأساليب الزراعية الحديثة، تؤدي الآفات والأمراض إلى خسائر بنحو 40 في المئة في جميع المحاصيل الزراعية حالياً، ولكن مع تفاقم أزمة المناخ، من المتوقع أن يكون المستقبل قاتماً أكثر.

عندما تضرب موجات الحر منطقة ما تفتك بمحاصيلها الزراعية، ما يؤثر سلباً في الإمدادات الغذائية البشرية، وفي النباتات المزروعة لإطعام الماشية وإنتاج الوقود الحيوي المستخدم في محركات السيارات.

إلى جانب الجفاف، الذي تزيده درجات الحرارة المرتفعة وطأة، تتعرض الوسائل الدفاعية لدى النباتات للخطر بسبب الحرارة، ما يجعلها عرضة لهجمات من كائنات دقيقة مسببة للأمراض والحشرات.

الآن، يقول فريق من العلماء في مؤسسات أميركية وصينية إنهم حددوا العملية الدقيقة التي تؤدي إلى تعثر المناعة لدى النبات في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وقد توصلوا إلى طريقة تلجم هذه العملية وتعزز تالياً دفاعات النباتات خلال فترات الحرارة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أجرى الباحثون اختبارات على نبتة تسمى "رشاد أذن الفأر" أو "رشاد ثال"، من عائلة الخردل، ويستخدمها علماء النبات على نطاق واسع بوصفها "جُرذَ مختبر". إذا كان في المستطاع الاستعانة بالنتائج في إنتاج المحاصيل الزراعية الشائعة، ستساعد في تحقيق إنتاجية أكبر في خضم الحالات الجوية القاسية.

يركز البحث على هرمون دفاعي يسمى "حمض الساليسيليك". عندما تتعرض النباتات لهجوم من كائنات مفترسة أو تكابد أمراضاً، ترتفع مستويات "حمض الساليسيليك" لديها حتى سبعة أضعاف عن المعدل المعتاد. يعمل هذا الهرمون على تنشيط الجهاز المناعي للنبات ويساعدها على محاربة الهجوم.

ولكن، في ظل درجات حرارة معينة، تخفق النباتات ببساطة في رفع مستويات "حمض الساليسيليك"، وفي النتيجة تعجز عن درء الكائنات المسببة للأمراض أو الآفات عنها. ولا يقتصر ذلك على موجات الحر الممتدة، بل حتى القصيرة منها، على ما قال الباحث.

شينغ يانغ هي، بروفيسور في علم الأحياء في "جامعة ديوك" بولاية نورث كارولينا الأميركية، الذي تولى الإشراف على الدراسة، شرح أن "النباتات تصاب بكثير من حالات العدوى في غمرة درجات الحرارة المرتفعة بسبب تراجع خط الدفاع المناعي الأول لديها.

"بناءً عليه، سعينا إلى أن نعرف الكيفية التي تتلقف بها النباتات درجات الحرارة؟ وما إذا كان في مقدورنا فعلاً إصلاح ذلك كي نكسب النباتات قدرة على مقاومة الحرارة؟"، أضاف الباحث.

خلال سنوات عدة من زراعة النباتات في درجات حرارة مختلفة، تفحص فريق البحاثة خلايا تسمى "فيتوكرومز" (الصبغات النباتية)، التي تعمل بوصفها أجهزة داخلية لقياس الحرارة، إذ تساعد النباتات على الشعور بدرجات حرارة أكثر دفئاً في الربيع وتعمل على تنشيط عملية النمو والإزهار. حاول هؤلاء العلماء تعريض نباتات ذات طفرات جينية تبقى فيها الـ"فيتوكرومز" دائمة النشاط، ولكن حتى هذه النباتات أوقفت استجاباتها المناعية عندما واجهت درجات حرارة مرتفعة.

هكذا، غيّر الباحثون مسار خطتهم واستخدموا طريقة "تسلسل الجيل التالي" كي يعقدوا مقارنة بين حال جينات النبات عند درجات حرارة مختلفة.

اتضح أن كثيراً من الجينات التي خضعت لحرارة مرتفعة قد تولى تنظيمها نفس الجزيء، وهو جين يسمى "سي بي بي 60 جي CBP60g".

قال الباحثون إن "الجين "سي بي بي 60 جي" يعمل كمفتاح رئيس يتحكم في الجينات الأخرى، لذا فإن أي عملية تبطل عمل "سي بي بي 60 جي" أو "توقفه" تعني إيقاف كثير من الجينات الأخرى أيضاً. لا تصنع هذه الجينات البروتينات التي تسمح للخلية النباتية بتكوين حمض الساليسيليك".

اكتشف الباحثون أنه عند حدوث موجات حرارية، لا تتجمع "الآلية الخلوية" اللازمة لبدء قراءة التعليمات الجينية في جين "سي بي بي 60 جي" على نحو صحيح عندما ترتفع درجة حرارتها، ذلك مفاده بأن الجهاز المناعي للنبات ليس قادراً على أداء وظيفته بعد الآن.

للتغلب على هذه المشكلة، ابتكر فريق البحاثة شكلاً من "رشاد ثال" ذا طفرات جينية تبقي الجين "سي بي بي 60 جي" في وضع "التشغيل"، فتمكنت النباتات تالياً من الحفاظ على مستويات هرمون الدفاع مرتفعة وبقيت في مأمن من البكتيريا، حتى تحت الضغط الحراري.

في ما يتعلق بالأمن الغذائي في المستقبل، قال البروفيسور "هي"، سيتمثل الاختبار الحقيقي في ما إذا كانت الاستراتيجية التي ابتكرها وزملاؤه لحماية المناعة تجدي نفعاً في المحاصيل الغذائية أيضاً.

تترك درجات الحرارة المرتفعة تأثيراً ضاراً مماثلاً على دفاعات "حمض الساليسيليك" في نباتات محاصيل زراعية عدة، من بينها الطماطم وبذور اللفت والأرز.

قال الفريق إن تجارب لاحقة نهضوا بها للحفاظ على نشاط الجين "سي بي بي 60 جي" في بذور اللفت أظهرت النتائج الواعدة نفسها.

"نجحنا في جعل الجهاز المناعي للنبات بأكمله أكثر قوة في درجات الحرارة المرتفعة"، قال البروفيسور هي، "إذا صح ذلك بالنسبة إلى نباتات المحاصيل الزراعية أيضاً، فنحن أمام إنجاز مهم حقاً لأن في متناولنا سلاحاً قوياً للغاية".

وقدم الفريق البحاثة، الذي ضم أيضاً علماء في جامعات "ييل" و"كاليفورنيا" و"بيركلي" و"تاو تشين هواتشونغ الزراعية" في الصين، طلب براءة اختراع لعملهم.

ولكن تتزايد المخاوف من أن براءات الاختراع الخاصة بتعديل الجينات يمكن أن تضيق الخناق على الأدوات ذات الأهمية في محاربة الجوع حول العالم فيما تترك أزمة المناخ أضرارها على غلات المحاصيل، كذلك تعزز السلطة في أيدي الشركات الكبرى التي تتحكم في النظام الغذائي العالمي.

نُشر البحث في مجلة "نيتشر".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة