توصل العلماء إلى وسيلة جديدة لوقف نمو الميلانوما، في اكتشاف ضخم يعد بارقة أمل في التوصل إلى علاج فعال لهذا النوع من الأورام.
ويحتل سرطان الجلد الميلانوما المرتبة الخامسة في ترتيب أكثر أنواع السرطانات شيوعاً في المملكة المتحدة، إذ تشخص 16 ألف إصابة جديدة به كل عام.
والآن أثبت علماء أميركيون للمرة الأولى أن تثبيط إنزيم أيضي رئيس "يبشر بالنجاح" في قتل الخلايا السرطانية في الجلد ووقف نمو الورم.
ويعتقد الباحثون أن النتائج التي توصلوا إليها ونشرتها المجلة الطبية نايتشور سيل بيولوجي Nature Cell Biology ، قد تؤدي إلى تطوير نوع جديد من الأدوية لعلاج الميلانوما.
وشرح البروفسور زئيف روناي، مدير مركز السرطان في معهد سنفورد بورنهام بريبيس الذي ترأس الدراسة، أن الميلانوما وهي أشد أنواع سرطان الجلد فتكاً لا يمكنها الاستمرار والنمو من دون إنزيم يسمى جي سي دي إتش (GCDH)، ويلعب دوراً جوهرياً في استقلاب الأحماض النووية.
وأضاف البروفيسور روناي أن تثبيط إنزيم GCDH يؤدي إلى تغيير في هيكل بروتين آخر يسمى NRF2، فيكتسب عندها هذا البروتين القدرة على كبح الخلايا السرطانية.
وتابع بقوله "وهدفنا الآن هو إيجاد الدواء أو الأدوية التي تحد من نشاط إنزيم GCDH".
بسبب سرعة نمو الأورام وحاجتها إلى غذاء مكثف، يدرس الباحثون سبل تجويع الخلايا السرطانية. ومع أن هذه المقاربة واعدة، إلا أنها لم تسفر عن نتائج باهرة، إذ عند حرمان السرطان من أحد مصادر تغذيته سرعان ما يجد غيرها.
ويؤدي إنزيم GCDH، وهو اختصار لإنزيم نازعة هيدروجين الغلوتاريل، دوراً مهماً في استقلاب لايسين وتريبتوفان، وهما من الأحماض النووية الضرورية لصحة البشر اللذان "تتغذى عليهما" خلايا الميلانوما لكي تنتج الطاقة.
وقد وجد البروفيسور روناي وفريقه في سياق أبحاثهم، أن إنزيم GCDH ذو أهمية حيوية بالنسبة للخلايا السرطانية، إن من حيث إنتاجها للطاقة أو نموها.
وقال الدكتور ساشين فيرما، أحد واضعي الدراسة "إن خلايا الميلانوما “تأكل” اللايسين والتريبتوفان في سبيل إنتاج الطاقة".
"لكن استمداد الطاقة عبر هذا المسار يتطلب من خلايا السرطان أن تعالج المخلفات السامة التي أنتجت خلال هذه العملية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"ولأن العملية تقسم على ست مراحل، اعتقدنا بأن الخلايا بحاجة إلى الأنزيمات الستة. لكن تبين أن أحد هذه الأنزيمات فقط له أهمية حيوية، وهو GCDH. لا يمكن لخلايا الميلانوما أن تحيا من دون جزئية GCDH في المسار".
وكشفت اختبارات إضافية عن أن تثبيط GCDH في نموذج حيواني منح NRF2 خصائص تكبح السرطان.
وعلق البروفيسور روناي على ذلك قائلاً، "نعلم منذ فترة طويلة أن NRF2 قادر على لعب دور المحفز والكابح للسرطان في آن معاً".
"لكننا لم نكن نعلم كيف نحول NRF2 من محفز إلى كابح، ودراستنا الراهنة تحدد الإجابة".
كما وجد الباحثون أن فوائد تثبيط GCDH محصورة بأورام الجلد الميلانينية.
لم تترك محاولات مشابهة على سرطانات الرئة والثدي وغيرها أي أثر، ربما لأن أنواع السرطان تلك قد تعتمد على أنزيمات أخرى لكي تحيا وتنمو.
ويعتقد واضعو الدراسة أنه نظراً إلى دور GCDH في معالجة البروتين، ربما تصبح الأورام بعد حرمانها من هذا الإنزيم، ضعيفة أمام الأطعمة الغنية بالبروتين، ما يفسح المجال أمام تحديد علاج غذائي.
يعمل فريق البروفيسور روناي في الوقت الراهن مع علماء في مركز كونراد بريبيس لعلم الجينوم الكيميائي في معهد سانفورد بورنهاك بريبيس على تحديد جزيئات صغيرة تؤدي دور مثبطات GCDH يمكن أن تشكل منطلقاً لعلاجات الميلانوما في المستقبل.
وقال الدكتور فيرما "لجأنا في الدراسة إلى مقاربات جينية من أجل تثبيط GCDH وهي تشكل إثباتاً لصحة مفهوم البحث عن مثبطات ذات جزيئات صغيرة".
"ونحن نبحث بالفعل عن أدوية محتملة يمكنها أن تثبط GCDH، ويمكن أن تصبح مرشحة لعلاجات جديدة للميلانوما".
© The Independent