Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نسختان إيرانية وروسية من عالم "الفسطاطين"

الدنيا تغيرت ولا عودة إلى الجدران بين الدول بعد سقوط جدار برلين

المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

ثلاثة يريدون إسقاط النظام الدولي وتغيير العالم بما يقوده إلى الوراء، حركات الإسلام السياسي والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. أما الصين التي اعتبرت نفسها على مدى قرون أنها العالم ولا حاجة لها إلى ما هو خارجها، فإنها صارت ترى نفسها في مرآة العالم وتعطي الأولوية للحاجة إلى العالم عبر ما هو أكثر من مشروع "الحزام والطريق". أسامة بن لادن زعيم تنظيم "القاعدة" اختصر طموح الإسلام السياسي بتقسيم العالم إلى "فسطاطين"، "فسطاط الخير وفسطاط الشر". ولا علاقة بينهما إلا بالصدام. ولن يلتقيا إلا في ساحات الحرب. شيء يتجاوز قول الشاعر الإنجليزي روديارد كيبلينغ "الغرب غرب، والشرق شرق، ولن يلتقيا". علي خامنئي قال أخيراً في لقاء المشاركين في "مؤتمر مجمع أهل البيت"، "يجب أن نضع جانباً الخطوط الفاصلة وغير الحقيقية بين المجتمعات الإسلامية والتركيز على الخط الفاصل بين العالم الإسلامي وعالم الكفر والاستكبار". والمعنى البسيط لذلك أن التطرف الشيعي يزايد على التطرف السني في تبني نظرية "الفسطاطين". أكثر من ذلك، فإن إيران، بحسب مفهوم ولاية الفقيه، هي مركز الأمة والمرشد الأعلى هو ولي أمر المسلمين ولا شرعية لحدود الدول.

وليس خطاب بوتين الأخير بعد ضم المقاطعات الأوكرانية سوى نسخة روسية من تصوير العالم بأنه "فسطاطان"، فسطاط الغرب الفاسد الجشع المنحط أخلاقياً والمتغطرس و"فسطاط" الشرق المتمسك بالقيم والأخلاق الشخصية والتقاليد العائلية الداعي إلى إحقاق الحق وضحية الغرب الاستعماري، والمفارقة هي إطلاق هذا الخطاب في عز حرب على أوكرانيا وسعي روسي إلى إقامة إمبريالية جديدة. لا بل اعتبار الاندفاع في "شيطنة أميركا والغرب" قمة العمل السياسي في حين رآه الدكتور هنري كيسنجر "دليلاً على غياب السياسة".

والواقع أن بوتين اخترع حرباً من أجل أهداف تتجاوز أوكرانيا. وهو كشف نياته من قبل عبر رسالة نشرها في صيف 2021 تحت عنوان "عن الوحدة التاريخية للروس والأوكران"، وكان التركيز فيها على ثلاث نقاط:

1- "البيلاروسيون، الروس، والأوكران تحدروا من أصل واحد: روس، وهو شعب قديم استوطن الأرض بين البحر الأسود وبحر البلطيق، وهم متجذرون في أرض واحدة وإيمان أرثوذكسي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

2- أرض روسيا جرت "سرقتها" عندما خلق البلشفيك الاتحاد السوفياتي عام 1922 وأنشأوا "جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية".

3- الغرب استخدم أوكرانيا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي منصة لتهديد روسيا ودعم صعود "النازيين الجدد".

شيء من انتقاد لينين والاتحاد السوفياتي ومن تمجيد بطرس الأكبر وكاترين العظمى والإيحاء بأنه وريثهما.

واللعبة أكبر، بحسب فيونا هيل وأنجلا ستنت من مؤسسة بروكينغز في مقالة نشرتها "فورين أفيرز" عن "العالم الذي يريده بوتين"، فهو "يريد عالماً تترأس فيه روسيا اتحاداً سلافياً يضم بيلاروس وأوكرانيا وروسيا بالطبع، وربما الجزء الشمالي من كازاخستان الذي يضم أكثرية سلافية. ويريد التسليم بهيمنته على أوراسيا، لا كمنطقة نفوذ بل كمنطقة سيطرة".

مفهوم أن العالم ليس واحداً، وإن أعطته العولمة اسم "القرية الكونية". وهذا أقل ما كشف عنه تعامل الدول الغنية الأناني مع الدول الفقيرة خلال جائحة كورونا. لكن تقسيمه إلى "فسطاطين" متعاكسين متحاربين إلى الأبد هو وهم كبير وخطر أكبر.

والدنيا تغيرت. لا عودة إلى الجدران بين الدول بعد سقوط جدار برلين، ولا مهرب من الاعتماد المتبادل في الصناعة والزراعة والتكنولوجيا والطب والفكر والثقافة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل