Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيارة متحف نوبل يوم تسليم الجائزة تكشف وجهها الآخر

طقوس العاشر من ديسمبر تسترجع ذكرى رجل الديناميت الذي مات مرّتين

العاشر من ديسمبر يوم الإحتفال بتسليم جوائز نوبل (أ ب)

يكتشف زائر متحف نوبل الرسميّ في ستوكهولم في العاشر من ديسمبر(كانون الاول)، يوم توزيع جوائز نوبل، أنّ هذا اليوم ليس يومًا عاديّاً في السويد، فهو يوم يملك تقاليده واحتفاليّاته وطقوسه، والأنظار كلّها تكون متوجّهة إلى حفل تسليم الجائزة الذي تنقله شاشات التلفاز، والمواطنون يجلسون أمام شاشاتهم مترقّبين ظهور العائلة الملكيّة مساء العاشر من ديسمبر (كانون الاول) في حفل أنيق بهيّ يتابعونه وينتظرونه من عام إلى آخر. حتّى المدارس تحتفل في هذا اليوم الوطنيّ ويمثّل الأطفال حفل تسليم الجوائز في صفوفهم ويؤدّونه مرتدين أزياء تنكّريّة.

عدا عن ذلك تجتمع العائلات حول موائد العشاء لمتابعة الحفل معاً، فيقول أحد المسؤولين في المتحف: "من المواطنين من يحضّر مائدة احتفاليّة في بيته ويرتدي ملابس أنيقة ويتابع مراسم التكريم على التلفاز وكأنّه مدعوّ إلى مائدة الملك نفسها".

وعلى الرغم من أنّه يتمّ الإعلان مسبقًا عن أسماء الفائزين في شهر أكتوبر( تشرين الأوّل)، إلاّ أنّ الفائزين لا يتسلّمون جائزتهم إلاّ في يوم ذكرى وفاة ألفرد نوبل. فيحضرون الحفل الرسميّ ويلقون خطابهم ثمّ ينالون من بعدها جائزتهم من ملك السويد. وحده الفائز بجائزة الحفاظ على السلام يتلقّى جائزته في أوسلو من ملك النرويج في حفل يقام في اليوم نفسه، وعلى القدر نفسه من الأهمّيّة إنّما في بلد آخر لأنّ البلدين كانا واحداً في الماضي.

 

يقع زائر متحف نوبل في ستوكهولم على أشياء تعود للفائزين قدّموها لمتحف الجائزة كما يجد نفسه أمام فساتين ملكيّة ارتدتها الملكة، أو بذلات رسميّة ارتداها الملك في أمسات سابقة تمّ فيها توزيع الجائزة. بالإضافة إلى ذلك، يقدّم المتحف سلسلة فيديوهات تحتوي على تسجيلات لأمسيات حفل توزيع الجوائز وخطابات الفائزين الذين نالوا الجائزة في سنوات خلت. فيديوهات بالأسود والأبيض تعود لهذا الحفل الأنيق المخمليّ في سنواته الأولى، تُضاف إليها مقاطع من أبرز الخطابات التي ألقاها الفائزون السابقون.

 

أمّا اللافت فهو أنّ المتحف يجسّد في أحد أقسامه مائدة عشاء نوبل التي تضمّ كلّ عام حوالى 1300 شخص من نخبة أهل السويد ومن نخبة المثقّفين والعلماء العالميّين. فيقع زائر المتحف على الصحون المذهّبة التي يأكل فيها الضيوف وكؤوس النبيذ والشامبانيا الذهبيّة المصفوفة بحرص، بالإضافة إلى لوائح الطعام وقربها الملاعق الذهبيّة والسكاكين والشوك المصفوفة بأناقةٍ وأرستقراطيّةٍ أقلّ ما يُقال عنها أنّها تليق بموائد الملوك والمحظوظين من الناس.

أخبار الفائزين وقصصهم

قد يستغرب المرء عندما يكتشف أنّ جائزة نوبل تزفّ خبر نيل الجائزة للفائز عبر الهاتف. اتّصال هاتفيّ واحد غريب وغير متوقّع، يأتي ليغيّر حياةً بأسرها. وكما هو منطقيّ فهذا الاتّصال قد يأتي في غير وقته وقد لا يبلغ غايته ولا الشخص المراد إخباره بالبشرى السارّة. فأحياناً تتّصل هيئة الجائزة في وقت يكون فيه الفائز نائماً لفارق الوقت بين الدول، كما قد يكون الفائز في الطائرة أو في خضمّ عملٍ لا يستطيع تركه ليجيب على الهاتف. وتشكّل هذه الطريقة الغريبة في إعلام الفائز بفوزه مساحة لطُرف ونكات كثيرة من بينها أنّ الكاتب والصحافيّ البيروفيّ ماريو فارغاس يوسا (1936) لم يصدّق الأمر تماماً عندما نال جائزة نوبل عام 2010 وظنّه مزحة. إنّما عندما تمّ الاتّصال به مرّة أخرى قال: "آه! أي أنّني نلتُ الجائزة فعلاً". كذلك دوريس ليسينغ التي فازت بالجائزة عن فئة الأدب سنة 2007 لم تعرف بفوزها لأنّها كانت في السوق تتبضّع، عندما تمّ الاتّصال بها، فكم كانت صدمتها كبيرة عندما عادت إلى بيتها لتجد الصحافيّين متحلّقين أمام بابها ومعهم خبر نيلها جائزة نوبل.

 

أخبار كثيرة تحيط بجائزة نوبل وبالفائزين بها، عدا عن الإشاعات والاتّهامات التي تطاولها، لتبقى هذه الجائزة أعرق جوائز الأدب في العالم، والجائزة التي يحلم بها كلّ كاتب. كلّ كاتب طبعًا ما عدا جان بول سارتر (1905- 1980) الذي كان الكاتب الوحيد الذي رفضها عام 1964، لكنه ما لبث لاحقاً أن طالب فقط بالمبلغ المالي الكبير ورفضت الجائزة منحه إياه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تُعتبر جائزة نوبل أهمّ الجوائز وأعرقها في عالم الأدب. فهذه الجائزة التي تُمنح في مجالات متعدّدة ليس الأدب إلاّ أحدها، تُعطى باسم المهندس والمخترع والكيميائيّ السويديّ ألفرد نوبل (1833-1896) في العاشر من شهر ديسمبر(كانون الأوّل) من كلّ سنة. وقد أوصى نوبل بقيام هذه الجائزة قبل وفاته في وصيّته الخطّيّة، هو الذي جعلها في خمس فئات: فئة الأدب وفئة المحافظة على السلام وفئة الفيزياء وفئة الكيمياء وفئة الطبّ وقد أضيفت لاحقًا (سنة 1969) وفئة العلوم الاقتصاديّة التي لا تمنحها مؤسّسة نوبل نفسها بل يمنحها البنك السويديّ لذكرى ألفرد نوبل. ولا يمكن اعتبار هذه الجائزة الأخيرة من جوائز نوبل تمامًا لكونها ليست ضمن الفئات التي ذكرها ألفرد نوبل في وصيّته.

 

أمّا تنفيذ هذه الوصيّة فلم يتمّ إلاّ العام 1901 أيّ بعد خمسة أعوام من وفاة ألفرد نوبل، لخلافات وقعت بين الورثة ولرفضٍ أعرب عنه عدد منهم نتيجة عدم قبولهم بهذا البند. بعد خمس سنوات من الرفض لم يستطع الورثة إلاّ الإذعان لوصيّة نوبل وإطلاق الجائزة بفئاتها الخمس في العالم. ومنذ العام 1901 تمنح الجائزة الفائزين بها ميدالية وشهادة ومبلغ عشرة ملايين كرونة سويديّة يقدّمها ملك السويد نفسه للفائزين يوم 10 ديسمبر( كانون الأوّل) من كلّ عام، في حفل ينتظره مواطنو السويد ويترقّبونه ويحتفلون به. وحدها جائزة الحفاظ على السلام يقدّمها ملك النرويج في أوسلو لكون النرويج والسويد كانا بلداً واحداً تحت حكم ملك واحد في حياة نوبل.

القصّة خلف تأسيس الجائزة

على غرار رواية الروائيّ البرازيليّ جورج أمادو (1912-2001) "الرجل الذي مات مرّتين"، يموت ألفرد نوبل مرّتين في حياته. فهذا الرجل الذي اخترع الديناميت، أخطر أنواع المتفجّرات، قرأ ذات يوم خبر نعيه على صفحة الوفيات في الجريدة. وقد كتبت الجريدة يومها "وفاة تاجر الموت"، باعتبار نوبل مخترع الديناميت والمتفجّرات التي قتلت أعدادًا هائلة من البشر. وقد أضافت الجريدة آنذاك أنّ الدكتور ألفرد نوبل تاجر الموت الذي توفّي، كان قد أصبح غنيًّا من خلال اختراعه أسرع طريقة لقتل أكبر عدد من الناس.

خضّ هذا الخبر ألفرد نوبل وآلمه الوصف الذي التصق باسمه هو الذي لم يُرد من خلال اختراعه سوى خير البشريّة ولم يتوقّع أن يتمّ استثمار اختراعه لاحقًا في المتفجّرات. حثّ هذا الواقع نوبل على محاولة تغيير سمعته في المجتمع وفي العالم فجاءت فكرة خلقه جوائز تحمل اسمه. فعلى الرغم من أنّ شقيق ألفرد نوبل هو الذي توفّي في ذلك اليوم، والخطأ هو خطأ الجريدة التي خلقت هذا اللبس لم يلبث نوبل أن وضع وصيّته وعمل على تشجيع المبدعين والمخترعين والأدباء والمحافظين على السلام في العالم بأسره عبر جائزته السخيّة هذه.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة