أعاد خبر تفكيك السلطات الإسبانية شبكة بحوزتها أكثر من 5000 طن من النفايات الخطرة في جزر الكناري، كانت متوجهة إلى موريتانيا وثلاث دول أفريقية، إلى الأذهان قضية الخطر الذي يداهم دول أفريقيا جنوب الصحراء، المتعطشة أسواقها لبضائع أوروبا، وما يحمله من تداعيات صحية وبيئة خطرة.
مواد خطرة
وبحسب وسائل إعلام إسبانية، فقد قامت مصلحة الضرائب والحرس المدني بتفكيك "منظمة إجرامية نقلت من جزيرة غران كناريا إلى أفريقيا أكثر من 5000 طن من النفايات الخطرة من الأجهزة الكهربائية، وحصلت على فوائد اقتصادية تزيد على مليون ونصف المليون يورو (نحو مليون و632 ألف دولار)"، بحسب وزارة المالية الإسبانية.
وأضافت تلك الوسائل أن المواد التي تم شحنها خلال العامين الماضيين تحتوي على "الزئبق والرصاص والكادميوم والزرنيخ والفوسفور والغازات التي تستنفد طبقة الأوزون وتؤثر على ظاهرة الاحتباس الحراري".
واشتملت طريقة عمل الشبكة، بحسب وسائل إعلام إسبانية، على إزالة "النفايات من قناة الإدارة القانونية" بفضل مساعدة "شركة إدارة مزعومة قامت بتزوير المستندات المتعلقة بالمنشأ والإدارة"، ثم إرسالها "إلى البلدان الأفريقية وتمريرها على أنها ثانوية".
وأضاف البيان أنه تم نقل الشحنات عن طريق السفن إلى موريتانيا ونيجيريا وغانا والسنغال، واعتقلت السلطات الإسبانية 43 شخصاً بتهمة ارتكاب جرائم مفترضة ضد البيئة وتزوير وثائق والانتماء إلى "منظمة إجرامية".
ثمن القرب الجغرافي
تدفع الدول الأفريقية ثمن قربها الجغرافي من أوروبا، إذ يرى مراقبون أن "هذا القرب كلف أفريقيا كثيراً من سلامة أراضيها بيئياً ومن صحة مواطنيها كذلك".
ويرى الصحافي الموريتاني المقيم في إسبانيا محمد الأمين خطاري، أن "هناك منظمات أوروبية وإسبانية دقت ناقوس الخطر من إمكانية أن تحول أوروبا أفريقيا إلى مكب لنفاياتها، حتى إن البعض تحدث عن تسهيلات مقصودة من أجل إخراج هذه المواد من الأراضي الأوروبية وتركها للمجهول في أفريقيا".
ويضيف خطاري أنه "في السنوات القليلة الماضية ازدهرت هذه التجارة بشكل كبير، وأصبحت مصدر دخل لآلاف المهاجرين الذين يعملون على تجميع هذه المواد، سواء كانت آلات منزلية أو مكاتب أو لعب أطفال، وأصبحت هناك عشرات الشركات التي تتولى إرسال هذه المواد إلى أفريقيا من خلال موريتانيا بصفتها نقطة عبور تمر من خلالها هذه المواد في اتجاه القارة السمراء".
ويؤكد خطاري أن "كورونا أثر على هذه التجارة التي كانت تعتمد طريق البر من خلال المغرب، ومن ثم موريتانيا، وبعد ذلك توزع البضائع إلى مختلف الدول الأفريقية، ولكن بعد تعثر تلك الطريقة، لجأ هؤلاء إلى الطريق البحري من خلال ميناء جزر الكناري حتى تنبهت السلطات الإسبانية إلى تنامي نشاطات هذه الشركات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الخيارات محدودة
يعج وسط العاصمة نواكشوط بمحال تختص ببيع أدوات ولوازم أوروبية. ويعلق أحمد سليمان، وهو أحد رواد هذه المحال على موضوع الأمان، "لا نملك خيارات كثيرة، فضيق الحال الاقتصادي ووفرة المعروض يحتمان على بسطاء نواكشوط التسوق من هذه المتاجر، ثم إن غالب هذه المواد لا يمكن أن تشكل خطراً على الصحة العمومية، باعتبار أنها أدوات منزلية مل منها المستخدم الأوروبي، فتلقفها تجار الخردة من المهاجرين الأفارقة في إسبانيا وأوروبا".
وتؤمن بضاعة أوروبا المستعملة معظم حاجات الأسر الفقيرة الموريتانية وتنتشر محالها في مختلف أحياء مقاطعات نواكشوط التسع، وتحظى بإقبال كبير من قبل الموريتانيين.
وظهرت في نواكشوط خلال الفترة الأخيرة مراكز تجارية تابعة لجاليات أفريقية تجمع فيها البضاعة المستوردة من أوروبا وتقوم بإرسالها إلى دولها في أفريقيا الغربية.
"حماية المستهلك" تحذر
أدى غرق السوق الموريتانية بالبضاعة الأوروبية المستعملة وانتشار استخدامها لدى الفئات والطبقات الفقيرة إلى دق ناقوس الخطر من قبل منتدى حماية المستهلك الموريتاني، الذي طالب السلطات بضرورة وضع معايير صارمة لقبول دخول المواد المستوردة من أوروبا والتدقيق في احترام معايير السلامة فيها.
ويقول رئيس منتدى حماية المستهلك الموريتاني الخليل ولد خيري، إن "المنافذ الحدودية الموريتانية لا تملك أجهزة لفحص المواد التي تدخل البلاد، ولدينا في المنتدى حالات تم تسجيلها لدخول مواد ملوثة، آخرها الحليب المجفف الملوث الذي أدخل قبل فترة".
ويضيف الخليل، "أظهرت نتائج دراسة قام بها مركز دراسات موريتاني بالتعاون مع مكتب صيني عن انبعاثات السيارات القادمة من أوروبا، وركزت الدراسة على عينات من عوادم السيارات في ملتقى طرق مدريد بقلب العاصمة، وأظهرت أن هذه السيارات تتسبب في تلوث هائل، وأن الرصاص يشكل أكبر تحد بيئي وصحي".