Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرس الثورة... ذراع النظام في الداخل والخارج (5-6)

المجتمع الدولي ومعضلة اسمها حرس الثورة

غالبية الشركات والمؤسسات الصناعية التي شملتها العقوبات إما كانت تابعة مباشرة للحرس الثوري أو تحت إشرافه أو تتعاون معه (أ ف ب/ غيتي)

على امتداد الصراع بين #النظام_الإيراني والدول الغربية (أوروبا وأميركا)، وفي كل الملفات أو الأزمات، كانت هذه الدول تواجه أو تصطدم باسم واحد هو "#حرس_الثورة_الإسلامية"، وقد تصاعد هذا الاشتباك بين هذه الدول والحرس مع الكشف عن الأنشطة النووية ونجاح إيران في عملية تخصيب اليورانيوم مطلع الألفية الثالثة في عهد الرئيس محمد خاتمي، ثم تحول الحرس وتمدده في منطقة غرب آسيا إلى معضلة للإدارة الأميركية وحلفائها تحديداً، بعد احتلال أفغانستان 2001 ومن بعده العراق 2003، فضلاً عن ظهور اسمه في كل الأنشطة التي استهدفت أمن دول الجوار العربية.

واستقرت دائرة الاتهامات في عرقلة التوصل إلى أي اتفاق أو في إفشال أي مشروع إقليمي إلى هذه المؤسسة وتحديداً قوة القدس بقيادة قاسم سليماني، وما تمثله من ذراع خارجية للمشروع الإيراني الذي لم يعد مقتصراً على منطقة غرب آسيا، ووصل إلى الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأميركية في فنزويلا وعدد آخر من دول أميركا الجنوبية.

انطلاقاً من هذه الحقائق التي لم تكن طهران والنظام فيها حريصين على نفيها أو تكذيبها، فمن السهل، وفي عملية متابعة سريعة لا تحتاج إلى كثير من التقصي، أن نشاهد ونرى اسم حرس الثورة، سواء كجهة معنوية حقوقية أو على مستوى الأفراد من قيادات ومسؤولين بصفتهم القانونية الشخصية، مدرجين على لوائح العقوبات الدولية، الأميركية والأوروبية. حتى إن غالبية الشركات والمؤسسات الصناعية التي شملتها العقوبات، إما كانت تابعة مباشرة للحرس أو تحت إشرافه أو تتعاون معه في مشاريع ذات أهداف متعددة.

وإلى جانب الحضور البارز والأساس لحرس الثورة في أزمة الملف النووي ودوره المحوري في تطويره والإشراف عليه، فإن الحرس أيضاً حاضر في كل الملفات التي تشكل مصادر قلق لهذه الدول، إن كان في البرنامج الصاروخي الذي تحول إلى أداة ردع وتهديد استراتيجي تجاوز استخدامه في عملية الدفاع عن الحدود الإيرانية، وتحول إلى أداة تهدد أمن واستقرار المعادلات السياسية والأمنية في الإقليم بعد تزويد حلفاء طهران بهذه التكنولوجيا الدقيقة والعشوائية. إضافة إلى برنامج سلاح الطيران المسير واستخدامه في تغيير المعادلات العسكرية، الذي تتجاوز خطورته خطورة السلاح الصاروخي، وقد برز ذلك بشكل واضح في الاستخدام الروسي لطائرات مسيرة من نوع "شاهد-136" في الحرب على أوكرانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووجدت هذه الدول في تعاملها مع منظومة السلطة والنظام في إيران، أن المهام التي يتولاها ويقوم بها الحرس لا تقتصر على الجانب الدفاعي ومواجهة أي اعتداء خارجي أو كأداة لتنفيذ المشروع الإقليمي الاستراتيجي، بل يتحمل العبء والمهمة الأساس في الصراع الداخلي والتصدي لكل حركات الاعتراض التي شهدتها إيران خلال العقدين الماضيين تحديداً، خصوصاً في أحداث عام 2009 و"الحركة الخضراء" مروراً بعمليات القمع لاحتجاجات 2016 و2019، وصولاً إلى الحراك الأخير الذي اندلع بعد مقتل الفتاة مهسا أميني، والعمليات القاسية التي خاضها ضد الحراك الكردي الذي اندلع على هامش هذا الحراك وقامت به الأحزاب الكردية بذريعة الحفاظ على وحدة الأراضي والسيادة الإيرانية.

خيار التصعيد الذي لجأت إليه دول الاتحاد الأوروبي، والقرار الذي أقره برلمان الاتحاد بإدراج حرس الثورة على لائحة المنظمات الإرهابية، وتوجيه توصية لمجلس وزراء خارجية الاتحاد باعتماد هذا التصنيف، لم يكن السبب المباشر فيه العنوان الذي أعلنه بعض أعضاء هذا البرلمان والمتعلق بالدور القمعي الذي مارسته قوات الحرس في مواجهة الحراك الشعبي، بل يكمن تحت العنوان الثاني المتعلق بدور هذه المؤسسة في دعم القدرات العسكرية الروسية وتزويدها بسلاح الطائرات المسيرة الذي سمح للقوات الروسية بتغيير المعادلات الميدانية وما يعنيه ذلك من تورط إيراني بالدم الأوروبي والأمن والشؤون الأوروبية.

لذلك، وفي سياق ينسجم مع الخطوة التي لجأ إليها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وإدارته بإدراج الحرس على لائحة المنظمات الإرهابية، فإن الاتحاد الأوروبي لم يكن أمامه سوى خيار البحث عن الأدوار التي يقوم بها الحرس ويعتقد أنها تشكل أدوات نفوذه الداخلية والخارجية ومحاولة محاصرتها والتصويب عليها، بهدف إجبار النظام الإيراني على الاستجابة للمخاوف الدولية والأوروبية تحديداً في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها.

وهنا تعتقد الدوائر الخاصة لحرس الثورة وتلك المعنية من مؤسسات النظام، أن التصويب على الحرس والتلويح بإجراءات عقابية وعقوبات ضده، تهدف على المستوى الداخلي الإيراني إلى خلق حالة من المواجهة بينه وبين القواعد الشعبية باعتباره عقبة أمام التنمية والديمقراطية، وأنه يصادر الدور الدبلوماسي للحكومة أو يعمل بموازاتها على الصعيد الدولي، الأمر الذي أوصل المفاوضات النووية إلى حائط مسدود ووضعها في دائرة الفشل.

وترى هذه الدوائر أن الدول الغربية تعمل وتسعى إلى خلق نوع من الانشقاق داخل المؤسسة العسكرية للنظام، أي بين الحرس والجيش الرسمي، ومحاولة اللعب على هذه الثنائية من خلال التركيز على ما يقوم به الحرس من عزل وإبعاد الجيش وتهميش دوره المقرر في رسم المعادلات السياسية والأمنية والاستراتيجية. وإلى جانب هذا، تحاول الدول الغربية، وبحسب اعتقاد هذه الدوائر أيضاً، إظهار الحرس على أنه صاحب الدور والتأثير الرئيس في الاقتصاد الإيراني ويقوم بتخريبه وتدميره من خلال ضرب المنافسة التي تقطع الطريق على القطاع الخاص ومشاركته في الاستثمارات داخل الاقتصاد الإيراني.

وتشير هذه الدوائر أيضاً إلى أن الدول الأوروبية التي تتحفز وتدفع باتجاه إدراج الحرس على لوائح الإرهاب، لا تتوقف عند الأدوار الداخلية التي يقوم بها الحرس، لأنها تشكل جزءاً من أزمتها مع هذه المؤسسة، لذلك فهي تصوب على الدور الخارجي على المستويين الإقليمي والدولي للحرس من أجل استكمال المشهد وتجميع المعطيات التي تدعم رؤيتها.

المزيد من تحلیل