Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مهاجرو أفريقيا جنوب الصحراء يثيرون لغطا داخليا وقلقا خارجيا لتونس

يرى باحثون أن المهاجرين الأفارقة يمثلون حلاً للبلاد التي تواجه أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية

مهاجرون أفارقة يتجمعون أمام مقر المفوضية العليا للاجئين في العاصمة التونسية، الإثنين 27 فبراير الحالي (أ ف ب)

يتداول التونسيون في ما بينهم خلال هذه الفترة ملف المهاجرين المتحدرين من أفريقيا جنوب الصحراء، وانقسمت مواقفهم بين داعم لخطوة الرئيس قيس سعيد، في محاصرة ظاهرة الهجرة السرية نحو تونس، ورافض لها، بخاصة من قبل المنظمات الحقوقية التي ساندت مسيرة المهاجرين الأفارقة وطالبت بتسوية وضعياتهم ومنحهم حقوقهم كاملة في العمل والإقامة.

وتستوعب سوق العمل في تونس عدداً كبيراً من الأيدي العاملة القادمة من هذه الفئة من المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، في قطاعات الفلاحة والبناء والمطاعم والمقاهي وهي مجالات تعرف عزوفاً من طالبي العمل من التونسيين، فهل ستخسر تونس هذه الشريحة من اليد العاملة بعد الإعلان الرسمي عن محاصرة المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء؟

في وقت لا توجد فيه إحصاءات دقيقة لعدد المهاجرين القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء في تونس، تقدر المنظمات المدنية، عددهم بأكثر من 60 ألفاً، يعمل أغلبهم في قطاعات الفلاحة وأشغال البناء والمقاهي والمطاعم، دخلوا النسيج الاقتصادي في قطاعات تعاني نقصاً حاداً في اليد العاملة، بسبب التغيرات الاجتماعية، في السنوات الأخيرة، وعزوف الشباب التونسي عن هذه القطاعات التي يرى أنها غير مجزية مادياً.

وبينما تتزايد أعداد طالبي الشغل في تونس أكد تقرير المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، وجود أكثر من 40 ألف وظيفة في قطاعات عدة كالبناء والصناعة والمهن الصغرى، وهي قطاعات يقبل عليها العمال المهاجرون الأفارقة.

اليد العاملة الأفريقية تنقذ سوق العمل

ويرى باحثون في مجال الاقتصاد أن المهاجرين الأفارقة يمثلون حلاً اقتصادياً لتونس التي تواجه أزمة مزدوجة اقتصادية واجتماعية وسياسية، بينما لا يقبل شبابها على عدد من القطاعات التي تحتاج إلى اليد العاملة.

وأكد عبدالجليل البدوي، أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية أن "تونس التي اختارت أن تشن حملة على الأفارقة من جنوب الصحراء، ستخسر موقعها في الجامعة الأفريقية"، لافتاً إلى "وجود أكثر من ثلاثة آلاف طالب من أفريقيا جنوب الصحراء يدرسون في الجامعات الخاصة والعمومية التونسية".

ودعا البدوي تونس إلى "البحث عن آفاق لاقتصادها في أفريقيا التي تمثل سوقاً كبرى بخيراتها الطبيعية المتنوعة، وبنحو مليار ونصف المليار مستهلك في المستقبل، وتتنافس عليها القوى الاقتصادية العظمى".

ويشدد أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية على "أن اليد العاملة الأفريقية في الأصل تتخذ من تونس منطقة عبور وتمثل حلاً للاقتصاد التونسي، وبخاصة في القطاع الفلاحي، على غرار جني الزيتون، وبعض أشغال الصيد البحري، وقطاعات حساسة أخرى كالبناء والمهن الصغرى"، مشيراً إلى أن "اليد العاملة القادمة من أفريقيا جنوب الصحراء تلعب دوراً تعديلياً لسوق العمل وللدورة الاقتصادية في تونس".

واستغرب البدوي موقف تونس من المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، بينما "تعمل الدولة التونسية على حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لنحو مليون ونصف المليون تونسي خارج أرض الوطن"، مشيراً إلى "غياب تشريعات تحمي المهاجرين الأفارقة في سوق العمل التونسية"، داعياً إلى "ضرورة إصلاح المنظومة التشريعية التونسية المتعلقة بالنفاذ إلى سوق العمل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


انتهاكات واستغلال اقتصادي

من جهته، دعا الناطق الرسمي باسم "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، رمضان بن عمر، الدولة التونسية إلى "تسوية وضعية المهاجرين الفارين من جحيم الوضع في بلدانهم الأصلية وتعديل القوانين لاستيعاب اليد العاملة الوافدة، وأيضاً قانون الإقامة، بدل شن حملة تستهدفهم". واعتبر بن عمر أن "هؤلاء المهاجرين يتعرضون لانتهاكات ذات طابع عنصري والاستغلال في مواقع العمل من خلال الأجور المتدنية وغياب التغطية الاجتماعية لأن القانون التونسي يمنع تشغيلهم بشكل رسمي".

تونس تستغرب بيان الاتحاد الأفريقي

على صعيد آخر، يسود تخوف من تأثيرات الموقف الرسمي التونسي حيال الجالية الأفريقية القادمة من جنوب الصحراء، في علاقات تونس بالدول الأفريقية الأخرى، بخاصة بعد بيان الاتحاد الأفريقي الذي وصف تصريحات الرئيس قيس سعيد، حول وجود مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء بطريقة غير شرعية على الأراضي التونسية بـ"العنصرية".

 واستغربت الخارجية التونسية ما جاء في بيان الاتحاد الأفريقي، رافضة ما ورد فيه من "عبارات واتهامات لا أساس لها من الصحة". وأسفت الخارجية التونسية "للخلط غير المبرر وغير المفهوم في هذا البيان بين المهاجرين الأفارقة القانونيين الذين يعيشون بسلام وتحت حماية قوانين الدولة التونسية والجماعات غير القانونية التي تتاجر بالبشر وتزج بهم في قوارب الموت وتستغلهم لأغراض إجرامية".

ملف المهاجرين وقود لحملة ضد سعيد

وفي هذا السياق، أكد الدبلوماسي التونسي السابق عبدالله العبيدي، أن "علاقات تونس ببقية الدول الأفريقية لن تتأثر بتصريحات الرئيس سعيد"، التي يرى أنها "أخرجت من سياقها"، محملاً المسؤولية "للمجتمع المدني في تونس الذي افتعل أزمة حول ملف المهاجرين واستغل المهاجرين غير النظاميين، وقوداً لحملته ضد رئيس الجمهورية".

وأكد الدبلوماسي السابق أنه "لا يوجد موقف داخلي موحد من ملف المهاجرين الأفارقة"، مذكراً بأن "تونس دولة مؤسسة للاتحاد الأفريقي والعلاقات بين الجانبين لن تتأثر، لأن تصريحات رئيس الجمهورية لا تعني إلا المجرمين"، داعياً إلى "تطبيق القانون والحد من دخول الأراضي التونسية خلسة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات