Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البابا فرنسيس: على الجميع ممارسة السياسة

رؤية رأس الكنيسة الكاثوليكية للعالم في كتاب "الراعي"... من الشيوعية إلى الرأسمالية ومن تجفيف منابع الفقر إلى إصلاح الكنيسة

لا ينفك البابا فرنسيس يتحدث عن مهددات بيتنا المشترك أي الكرة الأرضية وما يجري للمناخ على سطحها (رويترز)

ملخص

لماذا يطالب #البابا_فرنسيس بابا الفاتيكان الناس بممارسة السياسة لتغيير شكل #الاقتصاد_العالمي؟

بمناسبة مرور 10 سنوات على حبريته، يصدر هذا الكتاب المثير عن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، للصحافيين سيرجيو روبيني وفرانشيسكا أمبروجيتي، الذي يحمل عنوان "الراعي"، والذي هو عبارة عن نتاج محادثات مطولة مع الحبر الأعظم، حول أهم الأسئلة التي تشغل تفكيره سواء ما اتصل منها بشؤون العالم المعاصر أو شجون الكنيسة وقضاياها بجميع أوجهها، وبما فيها من قصور وإشكالات حياتية حاضرة.

القضايا التي يشملها الكتاب، تبدأ من عند أحوال السياسة العالمية، وأوضاع الاقتصاد الكوني المتردية، وتمر بحديثه الذي لا ينفك يذكر به، عن مهددات بيتنا المشترك، أي الكرة الأرضية وما يجري للمناخ على سطحها.

يحوي هذا السفر الكبير الذي يقع في نحو 346 صفحة، عبر 19 فصلاً، كثيراً من التحديات التي واجهت فرنسيس طوال السنوات الـ10 الماضية، وفي القلب منها رؤيته لإصلاح الكوريا الرومانية (حكومة البابا)، ومحاربة الفساد المالي، حتى داخل المؤسسة الفاتيكانية، وكذا التخفيف من محورية الفاتيكان، كما لا ينسى أصحاب هذا الكتاب مناقشة قضايا الاعتداءات الجنسية على القاصرين، تلك التي سببت وجعاً كبيراً في قلب فرنسيس طوال العقد الذي عاشه كخليفة لبطرس الصياد كبير الحواريين، عطفاً على رؤيته للاقتصاد العالمي، وهو صاحب توجه خاص، عبر عنه مراراً، وأطلق عليه البعض "اقتصاد فرنسيس".

يستلفت الانتباه أول الأمر، أن سيرجيو روبيني وفرانشيسكا أمبروجيتي، كانا قد جمعا مقابلات سابقة، استمرت عامين مع الكاردينال خورخي بيرغوليو (الاسم السابق للبابا)، حين كان رئيساً لأساقفة بوينس أيرس في الأرجنتين، وضمناها كتابهما الذي صدر عام 2010 باسم "اليسوعي"، نسبة إلى الرهبنة اليسوعية التي ينتمي إليها، وقد أصبح من أكثر الكتب مبيعاً بعد انتخاب بيرغوليو للبابوية عام 2013.

السياسة في حياة فرنسيس

يحتل حديث السياسة في هذا العمل، مساحة واسعة، ويطرح علامة استفهام مثيرة: هل على البابا ممارسة السياسة في حياته؟

الثابت أنه من الناحية الروحية، يبدو البابا وكأنه منبت الصلة بالسياسات العالمية، وما يجري فيها من دسائس ومؤامرات وفتن، وما إلى ذلك من صراعات يومية.

لكنه من ناحية أخرى، وبوصفه رئيساً لدولة مستقلة، حتى وإن كانت أصغر دولة في العالم، فإن له حضوراً واضحاً، وقد وصف اللاهوتي الأميركي المعروف "جورج ويجل" البابوبة، بأنها قوة إقناع معنوية.

يقول فرنسيس عبر سطور هذا الكتاب: "نعم أنا أمارس السياسة، لأنه على الجميع ممارسة السياسة".

لكنه يفتح تساؤلاً واسعاً عن ماهية السياسة؟ ويصفها بأنها أسلوب حياة للمدينة، غير أنه ينكر على نفسه وكذا على كنيسته أن تمضي في طريق السياسة الحزبية، أي التشدد والانضمام لجهة ما في مواجهة أخرى.

أبعد من ذلك، يعتبر فرنسيس أن الإنجيل له بعد سياسي، يتمثل في الحث على تغيير العقلية الاجتماعية، وحتى الدينية للأشخاص، بحيث يتم توجيهها نحو الخير العام.

هل كان فرنسيس بيرونياً؟

هل مارس فرنسيس السياسة كحزبي، حين كان راعياً وأسقفاً في الأرجنتين؟

هناك اتهامات كثيرة توجه للرجل بأنه انتمى من قبل للحركة "البيرونية"، وهي حركة سياسية أرجنتينية، اتسمت بكونها حركة مؤثرة في حياة البلاد، في القرنين الـ21 والـ20، وهي مزيج من القومية والحركة العمالية.

يقطع فرنسيس بأنه لم يكن يوماً منتمياً لهذا الحزب، كما أنه يشدد على عدم ممارسته النضال أو التعاطف مع البيرونية، ويعتبر الأمر "محض كذب وافتراء".

يرد فرنسيس على من يتهمونه باستقبال عديد من البيرونيين في حاضرة الفاتيكان بالقول "لقد استقبلتهم، وأنا أيضاً أستقبل الجميع، لكن في بعض الأحيان، هناك من يحقق مكاسب سياسية من هذا".

يذكر مثالاً بقوله "ذات مرة زارني أحد المرشحين السياسيين الأرجنتينيين، وكان مرشحاً لمنصب سياسي، وسألني بعد اللقاء، عما إذا كان بإمكانه التقاط صورة معه".

قال فرنسيس إنه وافق شريطة ألا يستغل الصورة، فوافق مؤكداً أنه يريد فقط مشاركتها مع أسرته.

لكن لاحقاً، امتلأت شوارع العاصمة الأرجنتينية بالصورة، كدعاية سياسية للمرشح نفسه، ما ربط فكرة انتماء فرنسيس للبيرونية في عقول كثير من أبناء بلاده.

وبقراءة صفحات الكتاب، نجد المؤلفين وقد قاما بتحليل المقاومة التي كان عليه أن يواجهها، بهدف بلورة كنيسة أكثر انفتاحاً على العالم سياسياً، وبهدف تقديم فهم واقعي لرجال ونساء عصرنا، كنيسة متشددة وملتزمة خاصة باتجاه المهمشين والمهملين، وإعلاء صوت الحق ضد الظلم، والبحث عن السلام وسط الحروب، الأمر الذي يتجلى في دعوته المستمرة لوقف الحرب في أوكرانيا.

فرنسيس شيوعي أم رأسمالي؟

من بين أكثر الموضوعات التي أثيرت طوال عقد من حبرية فرنسيس، اتهامه بميول شيوعية، سيما أن مواقفه الاقتصادية تمضي نحو اشتراكية مجتمعية.

عبر سطور الكتاب، يقول فرنسيس "أنا لا أدين الرأسمالية، كما أنني لست ضد السوق، لكني أؤكد ما عرفه البابا يوحنا بولس الثاني بـ’الاقتصاد الاجتماعي للسوق’، وهذا يعني وجود سلطة تنظيمية، أي الدولة، التي يتوجب عليها أن تتوسط بين الطرفين، إنها طاولة بثلاث أرجل (الدولة، ورأس المال، والعمل)".

يقطع فرنسيس بأن المنارة التي ينبغي على أتباعه السير في طريق أضوائها، هي "عقيدة الكنيسة الاجتماعية"، التي لا تعد إدانة للرأسمالية، وإنما ضرورية.

وإذا كان البابا قد تحدث كثيراً عن اقتصاد له ملامح اجتماعية وإنسانية، عرف بـ"اقتصاد فرنسيس" فإنه يذكر بما قاله سلفه البابا يوحنا بولس الثاني عن "اقتصاد السوق الاجتماعي".

في هذا الإطار، يرى أسقف روما، أن العالم في أيامنا يسوده الاقتصاد الساعي للغنى، بعيداً من فعل المشاركة الإيماني والوجداني، ولهذا هو أقل في المشاركة مع من لا يملكون.

هنا يحذر الرجل ذو الثوب الأبيض، من التركيز على الغنى، فما يحدث في تقديره هو عدم مساواة ستزداد حتماً، فيما الملايين حول العالم يموتون جوعاً.

يرى فرنسيس أن المشكلة الأكبر في اقتصاد اليوم، تتمثل في المضاربة في عالم المال، وعنده أنه بطريقة معينة أصبحت الرأسمالية شيئاً من الماضي تقريباً، وفيما يحث على الادخار بهدف الاستثمار، ومن ثم الإنتاج، يقطع بأن المضاربة شيء آخر أقرب ما يكون إلى المرض المعدي.

الطبقة الوسطى بين الفقر والعمل

يتوقف المؤلفان في حواراتهما مع البابا عند مسائل مهمة من نوعية الطبقة الوسطى، وفلسفة العمل والبطالة، عطفاً على المفهوم العصراني لما يعرف بـ"الفقر الإنجيلي".

الطبقة الوسطى في ذهن فرنسيس، تبدو في طريقها للانقراض في عديد من البلدان، هذه الفئة التي يعرفها فرنسيس بأنها كانت صمام أمان لكثير من المجتمعات الإنسانية في الماضي، تضمنت العامل الذي كان لديه وظيفة ويريد لابنه أن يستمر في الدراسة، تكاد تختفي، فيما الطموح القديم لها، أصبح أكثر تعقيداً، من جراء كثير من العوائق أمام الحراك الاجتماعي.

يؤكد فرنسيس أن مساعدة الدولة للعاطلين يجب أن تكون مثل "عدم التأثير على ثقافة العمل"، ويقر بأن "العمل يمنح الكرامة للناس" وأن العيش من الصدقات شيء، فيما كسب العيش بجهد شخصي يحث عليه أمر آخر.

يتناول فرنسيس مفهوماً مسيحياً يتسبب في لبس عند كثيرين، ألا وهو "الفقر الإنجيلي"، وهل الفقر مكتوب على المؤمنين بالضرورة إيماني؟

ويجيب: "لا يوجد في أي جزء من الكتاب المقدس وصية لإحداث الفقر، كما أن القول بتطويب الفقراء بالروح، لا تعني الحث على الكسل والتواني، ومن ثم إصابة الناس بالفقر المادي، بل تعني أن يكون الشخص غير مرتبط بالثروة، بمعنى أنها لا تملك على قلبه مرة وإلى الأبد".

ويضيف، "ليس من السيئ بأي حال إنتاج الثروة لخير الجميع، بل إن إنتاجها هو عمل من أعمال العدالة، ولكي تكتمل هذه العدالة، يجب أن تكون توزيعية".

يكاد خليفة بطرس كبير الحواريين أن يدين عالم المال الذي يسود اليوم، لا سيما تركيز الثروة في أيدي القلة، وعدم المساواة، ما يؤدي بكثيرين للفاقة والعوز، وهو أمر منافٍ ومجافٍ لروح الإنجيل.

فرنسيس وخطة للإصلاح

هل كان لفرنسيس خطة ما، تهدف إلى إصلاح داخلي في شؤون الفاتيكان الذي أصابته عوارض كثيرة في العقود الأخيرة؟

يعترف الحبر الأعظم بأن خطته كانت تتمثل في تنفيذ ما عبر عنه الكرادلة، أمراء الكنيسة، في التجمعات العامة، عشية الاجتماع السري، الذي كان يهدف إلى "تنشيط إعلان الإنجيل"، وتقليل المركزية في الفاتيكان، والقضاء على إساءة معاملة القاصرين ومحاربة الفساد.

يحفل الكتاب بقضايا القصور المالي التي شابت الفاتيكان أخيراً، وفي سطوره يدافع فرنسيس عن حسن نية الغالبية العظمى من أعضاء الكنيسة، لكنه يضيف، "أنه في الوقت نفسه لا يمكننا أن ننكر أن بعض الأكليروس وعديد من الأصدقاء العلمانيين الكاذبين، قد أسهموا في الاستيلاء غير المناسب على الأموال المنقولة وغير المنقولة، ليس للفاتيكان وإنما للمؤمنين".

تظهر صفحات الكتاب، أنه داخل مجتمع الفاتيكان، هناك بشر عاديون، يمكن أن يخطئوا وليسوا ملائكة بالمطلق، كما حدث في قصة "ممتلكات لندن"، و"الشراء المشبوه".

عن هذه القضية تحديداً يقول فرنسيس "لقد فرحت لأن هذا الأمر يعني أن إدارة الفاتيكان اليوم، لديها الموارد لتسليط الضوء على الأشياء السيئة التي تحدث في الداخل".

لمرات عدة يكرر فرنسيس القول "الشيطان يدخل من الجيب"، و"الفساد يبدأ بالمال"، و"المال يشتري الضمائر، هذا حدث داخل الكنيسة أيضاً".

غير أن القليلين هم من يعرفون، كيف أن فرنسيس قام بقطع رؤوس كثيرين، لا سيما من الماليين النافذين في "بنك الفاتيكان" تحديداً.

ومن القضايا التي خصص فرنسيس وقتاً وجهداً كبيرين لإصلاحها خلال 10 سنوات من حبريته، مسألة الاعتداءات الجنسية من بعض الإكليروس على قاصرين، وقد وصف هذه الإساءة بأنها ليست جريمة فحسب، بل هي جريمة خطرة للغاية، تلحق أضراراً لا يمكن إصلاحها وتتطلب إدانة شديدة، كما أن عملية محاربتها التي بدأت في الكنيسة قبل انتخابه، تؤتي ثمارها.

 ولعله من الجيد التوقف مع آخر التقارير الصادرة عن هيئة المحلفين الكبرى في بنسلفانيا حول الاعتداءات الجنسية المنشور عام 2018، وفيه يظهر بوضوح تناقص سريع وكبير، إذ لم تظهر إلا حالات قليلة بعد عام 2002.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

علاقة الفاتيكان بالعالم الخارجي

يؤكد فرنسيس دفاعه عن علمانية الدولية، وليس عن العلمنة، تلك التي لا تسمح بالصور الدينية في الأماكن العامة، ويدعو في الوقت نفسه إلى ممارسة النقابات العمالية حقوقها في الدفاع عن كرامة العمال واحترام حقوقهم.

هل هناك أزمة ما بين الفاتيكان في عهد فرنسيس، وموطنه الأصلي الأرجنتين، ولهذا لم يزره منذ أن أضحى بابا وحتى الساعة؟

التساؤل هذا تردد كثيراً في جنبات الصحافة العالمية، وقد اعتبر فرنسيس أنه من الإجحاف القول إنه لا يود زيارة بلاده، وقد نوى ذلك عام 2017، لكن الأمر تأجل لأسباب تتعلق بالانتخابات في تشيلي.

وفي كل الأحوال يؤكد أن نيته للسفر إلى بلده الأم "لا تزال قائمة"، وأنه "ليس من العدل أن يقال إنه لا يود أن يذهب".

ومن القضايا التي تأخذ مساحة واسعة في الحديث عن العلاقات مع الفاتيكان، نجد التشابك الحادث مع الصين، حيث توجد هناك كنيستان، واحدة على علاقة روحية وشراكة رسولية مع الكرسي الرسولي في روما، والثانية كنيسة كاثوليكية تتبع الحكومة الصينية، وهذه غير معترف بها من الفاتيكان بشكل أو بآخر.

يعرف فرنسيس المشكلات والآلام التي تعانيها كنيسته في الصين، ويتحدث في الكتاب عن استعداده للذهاب إلى تلك الدولة الآسيوية قائلاً، "غداً إذا كان هذا ممكناً".

وفي سياق الحديث عن علاقة دولة الفاتيكان بالعالم الخارجي خاصة، وعلاقة دول العالم بعضها ببعض على نحو خاص، يحذر فرنسيس من حالة الاستقطاب المتزايد حول العالم، لا سيما مع صحوة القوميات، وظهور الشوفينيات، وتصاعد المد اليميني المتطرف.

يقول فرنسيس عن البشرية في حاضرات أيامنا "لسنا ماء ونفطاً، نحن إخوة وأخوات"، ويكمل "الإنسانية يجب أن ترتفع فوق هذه الصورة المحدودة في الموارد البشرية، والصراعات من حولها، وأن تتجه نحو الأخوة، وهو بالضبط ما يجد الناس صعوبة في رؤيته عندما يكون هناك صراع، سيما أن دعوتهم هي للأخوة، وأنه عندما نتجاهل هذا، تبدأ الانقسامات، والأمر على هذه الشاكلة في كل مكان".

كنيسة المستقبل في عيون فرنسيس

ما الكنيسة المستقبلية التي يتطلع إليها فرنسيس في قادم الأيام؟

يرى أن القرب هو مفتاح كل شيء، والكنيسة بالنسبة له هي أم، ويضيف "أنا لا أعرف أماً (بالمراسلة)، الأم تعطي المودة واللمسات والقبلات والحب، بالتالي عندما لا تكون الكنيسة قريبة من أبنائها لأنها مشغولة بآلاف الأشياء أو تتواصل معهم من خلال الوثائق، يبدو الأمر كما لو كانت أماً تتواصل مع أبنائها بالمراسلة".

كان لا بد عند الحديث عن الكنيسة، أن يتوقف مع إشكاليتي الإجهاض والمثلية الجنسية.

تكلم فرنسيس بالقول، "من المهم الدفاع عن الحياة في جميع الأوقات، ليس فقط منذ الحمل، ولكن حتى الموت الطبيعي، إضافة إلى ذلك، لا يكفي معارضة الإجهاض وعدم الاهتمام بحمل غير مرغوب فيه. ومن ناحية ثانية، يجب أن نرافق من أجهض لأنه بالتأكيد قرار صادم له عواقب عقلية".

من جديد يثير فرنسيس الغبار في هذا الكتاب حول المثليين جنسياً. ويقول لأولئك الذين عانوا من رفض الكنيسة بسبب حالتهم الجنسية المثلية، "أود أن أعلمكم أنه ليس رفضاً من قبل الكنيسة، بل هو رفض من ناحية أشخاص في الكنيسة، لا سيما أن الكنيسة أم تستدعي كل أبنائها... الأمر بالضبط كما حال الوالدين مع ابن مثلي الجنس، فإن تجاهله، ناهيك بإبعاده هو نقص في الأبوة والأمومة".

فرنسيس الإنسان... الاستقالة والموت

ضمن صفحات الكتاب اقتراب مؤكد من فرنسيس الإنسان، وليس البابا فحسب، الذي يعترف بأنه عاش أزمات إيمانية تغلب عليها بمساعدة الله، فيقول "على أي حال، إن الإيمان الذي لا يضعنا في أزمة، هو إيمان في أزمة، كما أن الإيمان الذي لا يجعلنا ننمو، هو إيمان عليه أن ينمو".

لا ينظر فرنسيس إلى نفسه بوصفه خليفة قيصر، بل بطرس الصياد الفقير، وعنده أن صورته في ذهنه هي صورة "الراعي"، ومن هنا جاء عنوان الكتاب.

الراعي بالنسبة له، يتوجب عليه أن يكون على رأس شعبه، يدلهم على الطريق، ويعيش معهم وسط الناس، يعرفون تجربته ويعايشونها، ويبقى وراءهم لمساعدة الذين يتخلفون منهم، وبحدسه يقودهم إلى المراعي الخضر.

في النهايات يعترف الأب الأقدس، كما يوصف، بأنه حاول أن يعيش كراع منذ أن سيم كاهناً، وحتى بلوغه منصب البابوية، وبهدف ثابت دائماً، وهو أن يكون مخلصاً لله وللكنيسة، ولمساعدة  الكاثوليك في العالم.

يبدي فرنسيس نية حسنة لجهة الشرح والاقتراح والاستماع، بل وطلب العفو عند الاقتضاء، وتقديم الخدمة، وبشكل أساسي ودائماً بقرب القلب، وطوال هذه السنوات، بواسطة الروح القدس.

مرة أخرى يؤكد فرنسيس أنه كتب خطاب استقالته بعد فترة وجيزة من انتخابه، الذي من شأنه أن يدخل حيز التنفيذ، إذا كان في حالة معاناة من إعاقة تمنعه من الاستمرار في منصبه.

وأخيراً يقول "أنا لا أخشى الموت... وإن كنت أسأل الله عندما تأتي الساعة أن ما يحدث لا يؤلمني"... هكذا تحدث فرنسيس بلسان "الراعي" عنوان الكتاب.

المزيد من كتب