Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يملك الجيش الإسرائيلي قدرة الحرب على جبهات عدة؟

تدرك تل أبيب أن حرب الظل أفضل وأهم لمواجهة الخطر الإيراني وحتى إشعار آخر

جنود إسرائيليون يجتاحون منطقة خلال عملية للجيش بالقرب من مستوطنة إيلون موريه في الضفة الغربية (أ ف ب)

ملخص

انفتاح الجبهات الجديدة على #إسرائيل سيشمل بالفعل #سوريا وجنوب #لبنان ومناطق الحدود والتماس الاستراتيجي

تشير وقائع ما جرى خلال الأيام الأخيرة إلى أن إسرائيل وعلى المستوى النظري يمكن أن تتعرض لضربات صاروخية مركزة من جبهات عدة في توقيت واحد وأن الجبهة الداخلية يمكن أن تستهدف من غزة ولبنان وسوريا في توقيت واحد، إضافة إلى احتمالات تعرضها لهجمات غير محسوبة في مناطق مثل البحر الأحمر وشرق المتوسط، بل منصات الغاز حيث الخطر الأكبر.

في إطار نظرية الردع والردع المقابل نجحت إسرائيل في التعامل مع كل جبهة على حدة، وهناك جبهات متوترة من آن لآخر وغير مستقرة مثل جبهة غزة حيث تنصب إسرائيل بطاريات القبة الحديدية التي حدثتها لمعالجة الثغرات بصورة دورية مع الجانب الأميركي، كما طورت أنظمة الدفاع الأخرى ومنها مقلاع داوود والسماء الحمراء والليزر متعدد الاستخدامات والسهم، إضافة إلى نظام حيتس 1 وحيتس 2 وغيرها من الأنظمة الدفاعية لتأمين سماواتها من صواريخ الفصائل الفلسطينية التي تعاملت معها في مراحل سابقة على أنها ألعاب نارية.

اليوم تغيرت الأمور تماماً ووصلت بعض الصواريخ على رغم محدودية تأثيراتها وتواضع أهدافها إلى ديمونة والقدس وتل أبيب، إضافة إلى المناطق الصناعية الكبرى، ومن ثم فإن علماء المجمع العسكري الإسرائيلي بدأوا بالعمل والتطوير ليس لنموذج القبة الحديدية، بل امتد إلى بقية الأنظمة قيد التطبيق والاختبار التي تختبر في السماوات الإسرائيلية من دون أن يتم الإعلان لاختبار كفاءاتها الحقيقية والتي لا تختبر إلا في المواجهات العاجلة وجرى ذلك بالتأكيد في المواجهة الأخيرة من دون إعلان حقيقي عما جرى لاعتبارات أمنية وإستراتيجية.

إسرائيل تدرك أن الرادع المقابل وتحييد القدرات الصاروخية للفصائل، بخاصة حركة "الجهاد الإسلامي" أمر مهم ومستمر، وتتم متابعته جيداً ومن خلال ملاحقات استخباراتية عليا وعبر عشرات العملاء الإسرائيليين في قطاع غزة الذين يتابعون نشاط التسليح الداخلي، ولدى "الموساد" قائمة يتم تحديثها عن الخبراء والفنيين والمهندسين المتخصصين، ويحظى الدعم الإيراني والتركي (لم يتوقف) لحركتي "الجهاد" و"حماس" باهتمام عملاء "الموساد"، خصوصاً في التدريب الخارجي وهو الأهم.

أما عن تهريب السلاح إلى الداخل، فله منظومة متكاملة من المتابعة معقدة للغاية والهدف حجب ما ربما يصل إلى الداخل، وفي المواجهة الأخيرة كان تركيز أجهزة المعلومات على اختبار ما تملكه الفصائل من صواريخ على مستوى الكم والنوع، والمدى المستخدم إضافة إلى الوصول للهدف، خصوصاً أن تفعيل منظومة القبة الحديدية يتم فوراً ومن دون تعليمات عليا وتم تدريب كبار الضباط في هيئة الأركان على استخدامها، مع احتمال تعرض إسرائيل لأخطار الاستهداف لمناطق إستراتيجية وقواعد الارتكاز والانتشار والمواقع العسكرية وغيرها.

معلوم أن إجمالي عدد جنود الجيش الإسرائيلي يصل إلى 718 ألف جندي بينهم 550 ألف في قوات الاحتياط، وتصل موازنة الدفاع الإسرائيلية إلى 15.5 مليار دولار، وفي الجيش الإسرائيلي 48 منصة إطلاق صواريخ متعددة ويمتلك الأسطول الإسرائيلي 65 قطعة بحرية بينها ست غواصات وثلاث كورفيت و32 سفينة دورية.

الجبهات المناوئة

مع تعرض إسرائيل لأخطار مباشرة من الجبهة السورية وبصرف النظر عن فصيل القدس الذي استهدف توجيه ضربات رمزية إلى إسرائيل أكثر منها فعلية انطلاقاً من جبهة الجولان وهو فصيل تأسس على الأراضي السورية في أكتوبر عام 2013، متعهداً بدعم النظام كما تعهدت في بيانات لاحقة لها بتحرير القدس وكل فلسطين، والجبهة تضم كل من القنيطرة والسويداء والجولان حيث باتت مسرحاً لعمليات مستقبلية محتملة، مما يؤكد أن الانطلاق المحتمل لأية صواريخ سيخرج من دائرة جديدة ربما تتزامن مع إطلاق صواريخ قطاع غزة/ تهديد الشمال، وهنا مكمن الخطورة في حال تشابك ما يجري أيضاً من الجبهة اللبنانية حيث كان التوقع أن تتم الضربات من الجبهة الشمالية وأن يكون "حزب الله" هو القائم بالاشتباك.

لكن حدث العكس، فما زال الأمر متعلقاً، كما أوردته تقييمات أجهزة المعلومات التي تعاملت مع الخطر القريب "حزب الله" والخطر البعيد الذي ربما يتمثل في ما سمته الاستخبارات العسكرية (أمان) "حماس لبنان" وفصائل تتبع منظمة التحرير وترتبط بها، وإن كانت تعمل من سوريا وبعض عناصرها مقيم في لبنان.

وهنا فإن انفتاح الجبهات الجديدة على إسرائيل سيشمل بالفعل سوريا/ جنوب لبنان/ مناطق الحدود/ التماس الإستراتيجي، وهذا ما تضعه أجهزة المعلومات الإسرائيلية في بؤرة تركيزها من خلال توقع حدوث هجوم متعدد الجبهات في التوقيت نفسه، وسبق أن أعدت إسرائيل سيناريوهات عدة لهذا الاحتمال وتم التدريب عليه في مناورات مشتركة أخيراً.

تساؤلات إستراتيجية

في المواجهة الأخيرة كان السؤال هل ما تم من إطلاق الصواريخ في توقيت واحد له مبرراته، وأهدافه أم أنه مقدمة لما هو آت من سيناريو محتمل في ظل واقع جديد يتشكل ويسعى إلى تغيير نظرية الردع الراهنة، وأن الجبهات المناوئة باتت تعد عدتها لمزيد من المواجهات المقبلة؟ وهناك تصوران داخل أجهزة المعلومات، الأول يقوده رئيس هيئة الأركان الذي يرى الاستمرار في الأعمال الاستخباراتية أولاً، ومحاولة اختراق الجبهات المناوئة مع وضع "حزب الله" في الصدارة على أن تليه الفصائل الفلسطينية والتركيز على حركة "الجهاد الإسلامي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن ثم لا مصالح عليا لإسرائيل عاجلة للدخول في مواجهة مع "حزب الله" في الأقل بالمدى المتوسط، فيما يرى جهازا "الموساد" والاستخبارات العسكرية أن استمرار المواجهات ضروري والذهاب إلى شن حرب شاملة مطلوب لإعادة التأكيد على قدرة البلاد في الردع والمواجهة وعدم الارتكان إلى استمرار المشهد الراهن، وهو مشهد ربما يكون موقتاً وغير دائم.

مخطط نتنياهو

في كل الأحوال سيبقى التخوف الإسرائيلي من السيناريو المقبل، فالقضية ليست متعلقة باستدعاء للاحتياطي ونشر قوات في مناطق التماس، فهذا الإجراء سيكون مكلفاً للغاية في الفترة المقبلة ولن يستمر، خصوصاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدرك أن الحل العسكري مكلف إذا استمر رفع حال الاستدعاء إلى الدرجة أ، وهو ما ستتم إثارته في دورة الكنيست خلال الأيام المقبلة.

من الواضح أن ملف الإصلاحات القضائية سيمر على رغم حال التذمر واستمرار التظاهرات في شوارع إسرائيل التي لن تحسم الأمر، فمن خلال إجراءات وتدابير رئيس الوزراء نتنياهو يمكن الحل والحسم في مواجهة ما يجري وبعدما عاد وزير الدفاع آولاف غالانت إلى موقعه، كما بدأ الاستقرار في الائتلاف الحاكم يأخذ مساره، ويمضي من دون أية مناكفات حقيقية يمكن أن تحدث في هذه الأجواء غير المستقرة.

إشكاليات أخرى متعلقة ليس فقط بحرب الصواريخ واستهداف إسرائيل وإنما أيضاً بالخطر الحقيقي المواجه من خارج الإقليم ومناطق الجوار وهو إيران، ولهذا فان إسرائيل باتت تعد عدتها من خلال سيناريوهات جديدة لمواجهة وصول الصواريخ الإيرانية إلى داخل العمق الإسرائيلي وهو أمر مكلف وسيتطلب بالفعل العمل على استعادة قدرة الردع الكبرى عبر تقليل مساحات الاشتباك والخطر المتوقع في حال أي مواجهة ممكنة، الأمر الذي ربما يطرح آليات التعامل، بخاصة أن التقييمات الاستخباراتية تمضي في سياق العمل مع منابع الخطر المباشر.

خيارات مطروحة

تدرك تل أبيب أن حرب الظل أفضل وأهم لمواجهة الخطر الإيراني وحتى إشعار آخر، مع التوقع بأن إسرائيل إذا ذهبت إلى حرب فستكون من خلال مواجهة محدودة لإعادة طهران للتفاوض، لكن ماذا عن الخطر العسكري المتوقع؟

هناك تصوران

الأول نجاح أنظمة الدفاع في التعامل مع الصواريخ الإيرانية إن تم في هذا السياق مع التوقع أن إسرائيل تعمل من داخل إيران لتكشف عن قدراتها الصاروخية عبر شبكة من العملاء الكبار الذين نجحوا في إتمام تصفيات لشخصيات إيرانية تقنية وعسكرية، ولم تعلن عن بعضها أحياناً لاعتبارات إستراتيجية.

الثاني تركيز أجهزة المعلومات الإسرائيلية على ترابط/ تشابك الجبهات في توقيت واحد وهو ما يعني أن إسرائيل ربما تتعرض لمواجهات شاملة في إطار سيناريو صفري، وليس تدريجي أو مرحلي/ موقت/ دائم وفق درجات معينة، وأتمت تل أبيب خلال الأشهر الأخيرة إعداد مباريات إستراتيجية حول التعامل وخلصت إلى ضرورة العمل من أعلى وعبر مخطط شامل للرد، وعدم القبول بنصف خيار، مما يعني أن القدرات الإسرائيلية يجب أن توظف في مجال الاستخدام الفعلي لمواجهة أي خطر.

وفي المواجهة الأخيرة التي استمرت لساعات كان محور ما دار استخباراتياً وإستراتيجياً كيف نتعامل مع المشهد المقبل وما هو البديل العملي الناجز للتعامل مع الخطر المتوقع وحدوده وتوقيته ومداه الزمني، واختيار النموذج الأشمل الذي يعمل في اتجاهات عدة جبهة غزة/ شلل كامل في الضفة الغربية/ جبهة سوريا/ جبهة لبنان/ تهديدات أخرى متنوعة متزامنة مع ما يجري.

الأول، تكثيف ما يجري في إطار نظرية الردع الراهنة وسرعة استبدال بعض المرتكزات لنظرية الأمن القومي الراهنة التي بدأت تتعرض للتآكل، مما قد يؤدي إلى تبعات خطرة في المدى الطويل، ولعل هذا الأمر يمضي في سياقات محدودة، ودوائر الأمن القومي الخاصة التي تكشف ملامحها في تعليقات ومداخلات بعض القادة السابقين في مركزي هرتسليا والأمن القومي.

الثاني، إعادة تشكيل المهمات الإستراتيجية لكل جبهة على حدة مع الاستمرار في إعادة بناء الردع الاستباقي حتى مع عدم الدخول في مواجهات عاجلة، مع تقليل مدة الإنذار الإستراتيجي على كل جبهة والتحرك في إطار تعامل شامل حال حدوث تهديدات وجوبية، ولو مرحلية وليست وجودية، مع أي من الجبهات المعادية التي تستهدف أمن إسرائيل.

الخلاصات الأخيرة

ستستمر إسرائيل تراهن على الخطر المقبل من أي من الجبهات المناوئة وسينجح رئيس الوزراء نتنياهو في تسويق مخطط الاستهداف الإسرائيلي على درجات مع ربط ذلك، وفقاً لتصوراته، بضرورة تهيئة الداخل الإسرائيلي لمزيد من الاستقرار تحسباً لمواجهة كبرى مع إيران يدخلها الوكلاء الإقليميون، مع التوقع الاستخباراتي الإسرائيلي بأن ارتدادات استئناف العلاقات الإيرانية - السعودية ستكون كبيرة وخطرة، وستتطلب مراجعة أمنية وسياسية لما يجري في ظل التركيز على التأثيرات السلبية، خصوصاً الأمنية والعسكرية على أمن إسرائيل، وهذا هو الأهم بالنسبة إلى الحكومة الإسرائيلية، إذ سيتجه نتنياهو وتكتل "ليكود" إلى بناء موقف تماسك في الداخل قبل إعلان خطط التعامل العسكري والإستراتيجي، بخاصة أن نتنياهو نجح بمهارة في توجيه رسائل التقدير لأجهزة المعلومات وذكرها بالاسم "الموساد" و"أمان" و"شاباك" في إطار إطلالته الأخيرة أمام الجمهور الإسرائيلي، مما سيعد مرحلة جديدة في التعامل لجمع الصف مرة أخرى والخروج التدريجي من حال التظاهرات الراهنة والعودة للاستقرار لمواجهة التهديدات والأخطار التي تواجه الدولة في محيطها المجاور وتجاه إيران الهدف الرئيس للتحرك.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل