Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"العنف الأسري" هامش من سيرة ما فعله الدولار بالمصريين

شهد المجتمع وقائع تعد على الزوجات خلال الفترة الأخيرة كان بطلها "مصروف البيت" ومتخصصون يرون أن الأوضاع الاقتصادية تعزز الظاهرة

يعدّ الفقر سبباً رئيسياً للعنف الأسري (اندبندنت عربية)

ملخص

أمام الحالة الاقتصادية المتدهورة في #مصر ظهرت جرائم عنف منزلي عدة وصلت إلى حد القتل

باتت جملة "سعر الدولار اليوم" ضمن ما يبحث عنه المصريون بشكل يومي بعد انخفاض كبير للجنيه المصري أمام العملات الأجنبية وارتفاع غير مسبوق لمستوى التضخم مما يلقي بعبء شديد على الأسر المصرية.

وخلال شهر رمضان الذي يتزايد فيه الإنفاق على الطعام والشراب، برزت جرائم أسرية عدة انتهى بعضها بالقتل، كان "ياميش رمضان" و"زجاجة زيت" و"مصروف البيت" بعض شواهدها.

الدولار والتضخم

وخلال العام الماضي 2022 كانت جملة "سعر الدولار" أكثر ما بحث عنه المصريون على "غوغل" بعد انخفاضات متتالية عدة أمام العملات الأجنبية، إذ كان الجنيه يسجل في مارس (آذار) 2022 أمام الدولار نحو 16 جنيهاً، لكنه في مارس من العام الحالي وصل إلى أكثر من 30 جنيهاً مصرياً، بعد أن خفضت مصر سعر صرف الجنيه ثلاث مرات على مدار العام الماضي وحتى الآن ليقترب من 31 جنيهاً في البنوك، وسط توقعات وتقارير تفيد بانخفاض جديد للجنيه أمام العملات الأجنبية منذ قرار البنك المركزي المصري الانتقال إلى سعر صرف مرن منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وبالتوازي مع ذلك الانخفاض غير المسبوق بتلك الوتيرة المتسارعة لقيمة الجنيه المصري كان التضخم السنوي يسجل معدلات قياسية، فوصل في مارس الماضي إلى 33.9 في المئة بعد أن سجل 32.9 في فبراير (شباط) الماضي لإجمالي الجمهورية، بحسب تقرير شهري يرصد تغير أسعار الاستهلاك ويصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر، وكان أعلى مستوى تضخم سجلته مصر 32.9 في المئة في يوليو (تموز) عام 2017.

أزمة معيشية

وتلقي هذه الأمور بظلالها على معيشة المصريين، فبحسب البنك الدولي يقع ثلث سكان مصر البالغ عددهم 104 ملايين تحت خط الفقر، بينما ثلث آخر معرضون لأن يصبحوا فقراء.

الأزمة الاقتصادية التي فاقمتها تداعيات وباء كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية بحسب تصريحات رسمية أثرت في استهلاك المصريين، وفق ما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر حين نشر تقريراً في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي يوضح طبيعة ذلك الاستهلاك.

ويوضح التقرير أن 65.8 في المئة من الأسر تأثر إنفاقها على السلع الغذائية وغيرها، وانخفض استهلاك نحو 74 في المئة من الأسر من السلع الغذائية فارتفعت نسب الأسر التي خفضت استهلاكها من البروتينات إلى 90 في المئة.

وأفادت 36.4 في المئة من الأسر التي شملها التقرير بأن الأسعار تضاعفت مقارنة بما قبل الأزمة والحرب الروسية – الأوكرانية التي دفعت 85 في المئة من الأسر إلى تغيير نمط الشراء واستهلاك السلع بشراء ما يحتاجونه لمدة أسبوع فقط.

"ياميش رمضان"

وأمام هذه الحال الاقتصادية ظهرت جرائم عنف منزلي عدة تصل إلى درجة القتل مثلما حدث بسبب "ياميش رمضان"، ففي الثامن من أبريل (نيسان) الجاري قتل زوج يعمل ممرضاً زوجته التي تعمل في المهنة نفسها، حين استل سكيناً وطعن به زوجته داخل منزلهما في محافظة الجيزة المصرية بعد مرور ستة أشهر على الزواج.

وقالت أسرة الضحية في تصريحات إلى صحف ومواقع محلية إن السبب "خلاف على ياميش رمضان" حين كان يتدخل في الهدايا التي ترسلها أسرة الزوجة الضحية، وهي جريمة علق عليها كثيرون في الشارع المصري عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غير أن تلك الحادثة ليست الأولى كما أنها ليست الأخيرة في ما يتعلق بالعنف داخل الأسر بسبب الأمور المادية، فقد سبق ولقيت زوجة مصرعها على يد زوجها في وقت السحور حين طلبت منه، بحسب ما نقلته صحف مصرية محلية من مقربين من الزوجين، أموالاً لشراء ملابس العيد للأطفال إضافة إلى مصاريف منزلية، فأخبرها أنه أعطاها مبالغ منذ أيام لكنها أوضحت له صرفها المبلغ في أمور منزلية، فنشب الشجار بينهما ليقتلها بآلة حادة.

وتذكر تلك الحادثة بأخرى قبل أسابيع من بداية شهر رمضان، حين نشبت مشاجرة بين زوجين في منطقة المرج بالقاهرة بسبب مصاريف البيت وتطورت إلى تخلص الزوج من زوجته بإلقائها من نافذة غرفة نومه لتسقط جثة هامدة بكسور في جميع أجزاء الجسد وتهشم رأسها.

وتكاد تلك الحوادث تتكرر على مدار العام ولا ترتبط بشهر بعينه، باختلاف آلية القتل أو شواهد العنف الأسري، فقد يصل الأمر إلى التعذيب الجسدي أو العنف اللفظي وقد ينتهي بالطلاق وانفصال الزوجين.

ويعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية بالقاهرة سعيد صادق أن الفقر ومسائل الإنفاق وأوجهه "قد تقود إلى عنف أسري غير مرتبط بشكل محدد فقد يكون جسدياً أو لفظياً، ويضاعف التوتر داخل الأسرة وبين أفرادها، فالفقر في مصر متوطن ويؤثر في الأسرة سواء في نوعية الأكل وجودته أو الملابس والسفر والترفيه، وكلها أمور لا تؤدي إلى أجواء أسرية صحية".

ويضيف صادق في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن "العنف الأسري نتيجة الأوضاع الاقتصادية ليس جديداً، لكن ليس من الضروري أن يصل إلى القتل أو الإيذاء الجسدي، كما أن الفقر أو الضوائق المالية تزيد التوتر في العلاقات المتوترة وغير الصحية بالأساس".

الضائقة المالية

وفي مارس الماضي زادت أسعار الطعام والمشروبات 62.7 في المئة عن العام الماضي، وقفزت أسعار الحبوب والخبز 69.6 في المئة، واللحوم والدواجن 91.5 في المئة، والسمك والمأكولات البحرية 82.2 في المئة، والألبان والبيض والجبن 70.5 في المئة والزيوت والدهون 33.6 في المئة والفاكهة 28.7 في المئة والخضراوات 38.1 في المئة والملابس والأحذية 20.9 في المئة عن العام الماضي، بحسب بيان جهاز التعبئة العامة والإحصاء.

وترتبط دراسات العنف الأسري ببضعة عوامل تذكي ذلك العنف ومن بينها الخلافات الأسرية والدفاع عن الشرف والمواريث والضائقة المالية، كما توضح ندوة علمية عقدت في قسم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة عين شمس تحت عنوان "جرائم القتل العائلي الأسباب وآليات المواجهة".

وبحسب ما نوقش في تلك الندوة العلمية فإن جرائم القتل العائلي باتت تشكل نسبة ما بين الثلث إلى الربع في إجمال جرائم القتل.

وفي فبراير الماضي قالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية نيفين القباج خلال مناقشة تقرير عن ظاهرة العنف الأسري وأسبابه وآثاره وسبل مواجهته داخل مجلس الشيوخ المصري، إن الفقر والمخدرات سببان رئيسان في ملف العنف الأسري، فيما ظهرت دعوات رسمية إلى تضمين محاذير عن العنف الأسري بالمناهج التعليمية، على أن تكون مواد نجاح ورسوب، وهو ما نادت به وزارة التضامن الاجتماعي المصرية.

وتقول أستاذة علم الاجتماع واستشارية حقوق الطفل والأسرة عبلة البدري في حديثها إلى "اندبندنت عربية"، إن "الأوضاع الاقتصادية قد تكون سبباً من أسباب العنف الأسري أو محركاً ومعززاً له، لأن بعضهم ليس له ثبات تجاه التغيرات الاجتماعية أو الاقتصادية مما يضع ضغوطاً عليهم تترجم في شكل عنف".

لكن البدري لفتت إلى أن الوضع الاقتصادي والضوائق المالية ليست السبب الرئيس في العنف وإنما التنشئة الاجتماعية، "فسنجد أيضاً بين الأثرياء عنفاً لكن هناك اختلافاً في النِسب، والفقر يظهر ذلك العنف ويعزز ظهوره".

وتعتبر أستاذة علم الاجتماع أن الضغوط الحياتية وعلى رأسها الأزمات المالية سبب كاف لزيارة بعضهم الاختصاصي النفسي أو الطبيب، عادة أن ذلك أمر ضروري يبعد تماماً عن الرفاهيات.

وحول ظهور حالات عنف زوجي تتعلق بمصاريف البيت خلال رمضان فإن استشارية حقوق الطفل والأسرة لا تعتبر الأمر ظاهرة، لكنه ملموس باعتبار أن رمضان شهر تكثر فيه الدعوات ويتعاظم فيه الإنفاق.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات