Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تواجه شبح انهيار العام الدراسي مع استمرار الأساتذة بحجب العلامات

تطالب النقابات بزيادات في أجور المعلمين وتنفيذ إصلاح شامل لقطاع التعليم

يدخل العام الدراسي في تونس منعرجاً حاسماً خلال الفترة الحالية (أ ف ب)

ملخص

من المقرر أن تعقد وزارة التربية التونسية جلسة تفاوض جديدة مع نقابات التعليم الأسبوع المقبل في مسعى لكسر الجمود حول الخلافات

تصاعدت المخاوف في تونس من انهيار العام الدراسي مع استمرار التجاذبات بين نقابات التعليم ووزارة التربية، على رغم استئناف التفاوض بين الطرفين، إذ نظمت جولة جديدة مساء الأربعاء الماضي انتهت من حيث بدأت، فلم يتم التوصل إلى اتفاق.
وقررت نقابات التعليم حجب العلامات عن الإدارات في المدارس، مما قاد إلى تعثر مد الطلاب بنتائجهم في الثلاثي الأول من العام الدراسي، فيما يشارف الثلاثي الثاني على الانتهاء من دون بوادر حل، الأمر الذي فاقم هواجس انهيار العام الدراسي وإعلان "سنة بيضاء" أو اللجوء إلى خيارات أخرى.
وكانت السلطات التونسية اضطرت عام 2015 إلى إعلان الارتقاء الآلي لجميع الطلاب بعد تعثر إجراء الامتحانات بسبب الإضرابات المتكررة وفشل السلطات والنقابات في التوصل إلى اتفاق، فيما حذرت أوساط من أن الأزمات المتلاحقة بدأت تفقد التعليم الحكومي والمجاني في تونس مكانته.

جلسة حاسمة

ومن المقرر أن تعقد وزارة التربية جلسة تفاوض جديدة مع نقابات التعليم الأسبوع المقبل في مسعى لكسر الجمود حول الخلافات التي عرقلت منح الطلاب نتائجهم النهائية، لكن من غير الواضح ما إذا كان الطرفان سينجحان في تجاوز هذه الخلافات، وقال وزير التربية محمد علي البوغديري، وهو نقابي سابق في الاتحاد العام التونسي للشغل، في أعقاب جلسة التفاوض الأربعاء الماضي إنه "لا يمكن الحديث عن بوادر انفراج إلا بعد توقيع محضر اتفاق في شأن كل النقاط الخلافية".
وعيّن الرئيس التونسي قيس سعيد قبل أشهر البوغديري في منصب وزير التربية، فبدا هذا الاختيار وقتذاك دقيقاً نظراً إلى مسيرته كنقابي، مما جعل مراقبين يرجحون حل أزمة التعليم مع النقابات، لكن هذه الأزمة بقيت تراوح مكانها، وقال الكاتب العام المساعد لنقابة التعليم الأساسي إقبال العزابي، "نعتبر أن جلسة الأسبوع المقبل جلسة الحسم سواء بتحقيق مطالبنا أو إمكانية رفع قرار حجب العلامات أو الإبقاء عليه، لدينا لائحة مهنية مقدمة إلى وزارة التربية ومحضر اتفاق في الأول من مارس (آذار) 2021 لم يطبق"، وتابع أن "نقاباتنا أبدت استعدادها للنظر في المقترحات التي قدمتها وزارة التربية، لكن هذه المقترحات لا تمس كل المربين، لكن عموماً نتمنى أن تحمل جلسة الأسبوع المقبل بوادر انفراج في الأزمة الحالية".
وحول إمكانية إعلان "سنة بيضاء"، أوضح العزابي أن "ذلك يبقى رهن استجابة وزارة التربية لمطالبنا التي لم تسدد أجور كثير من زملائنا وتعتمد تشغيلاً هشاً من دون أفق. يجب حل كل هذه المشكلات، خصوصاً أن الوزارة تتحدث عن عزمها اللجوء في العام المقبل إلى 3000 أستاذ نائب جديد للتدريس وهو شكل من أشكال التشغيل الهش".
وعادة ما يتم التعاقد بين وزارة التربية وأساتذة ومعلمين للعمل بعقود لفترات قصيرة كأساتذة أو معلمين نواب، لكن هذه العقود باتت تواجه انتقادات مستمرة وجريئة من النقابات.
وقال العزابي إن "مطالبنا تتلخص في تسوية هذه الإشكاليات وأهمهما عقود التشغيل الهشة وأيضاً ديمومة واستمرارية المؤسسات من خلال التزام الاتفاقات التي توقعها الحكومات لأننا كنقابات لا يهمنا تغير الوزراء بل يجب التزام الاتفاقات".
وتطالب النقابات كذلك بزيادات في أجور المعلمين والأساتذة والقيام بإصلاح شامل لقطاع التعليم، وتقر الوزارة بشرعية هذه المطالب لكنها أكدت مراراً صعوبة تحقيقها في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تواجهها تونس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


اتهامات للنقابات

ولطالما تعرضت نقابات التعليم لانتقادات هي الأخرى بسبب تصلب مواقفها، علاوة على أن أوساطاً سياسية ومسؤولين سابقين يتهمون تلك النقابات بأنها أضحت تمارس السياسة من خلال الإضرابات التي تشنها بشكل مستمر، الأمر الذي تنفيه هذه الأخيرة.

 وقال وزير التربية التونسي السابق ناجي جلول إن "سبب الأزمة الراهنة هو أن هناك من يستفيد من الوضع الحالي ومن أزمة التعليم التونسي، خصوصاً النقابات التي تدافع عن الرداءة الموجودة في التعليم منذ أعوام".
وأردف جلول في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن "مشكلة التعليم هي كفاءة المربي، في اعتقادي الحل بسيط وهو في التفكير في التدريس من خلال الكفاءة لا فقط كمهنة، لدينا مدرسون لا يتقنون اللغات وغير ذلك من المشكلات".
ورد العزابي على مثل هذه الاتهامات بالقول إنه "لن نتوانى عن الدفاع عن حقوق المربين وخوض المحطات النضالية المطلوبة، لن نتراجع إلا بتحقيق مطالبنا، وهناك حتى من رفع ضدنا دعاوى قضائية، لكنه خسر في المواجهات القضائية، بالتالي نحن على حق".
وحول ما إذا كانت تونس تتجه إلى "سنة بيضاء"، قال ناجي جلول، "في اعتقادي أن السنة البيضاء ليست مشكلة في حد ذاتها لأن الكارثة التي تحدث حالياً في التعليم التونسي أخطر بكثير من السنة البيضاء أو الارتقاء الآلي، فالمدرسة التونسية بوضعها الراهن بصدد تدمير عقول أبنائها".
وأوضح أن "الحل يكمن في إرجاع المدرسة العليا إلى المعلمين والارتقاء بمستوى المربين".

استشارة لإصلاح التعليم

وعلى رغم عودة التفاوض بين الطرفين إلا أنه لا تلوح في الأفق بوادر تقارب بين وزارة التربية ونقابات التعليم، إذ إن خلافاً آخر استجد أخيراً حول استشارة تعتزم السلطات إطلاقها لاستجواب التونسيين حول آرائهم تجاه الإصلاح التربوي وإنشاء مجلس أعلى للتربية.
وقال الرئيس قيس سعيد الأسبوع الماضي إنه تم "إعداد استشارة وسيتم طرحها بطريقة يسيرة حتى يتمكن الجميع من إبداء رأيه"، لافتاً إلى أنه "لا مستقبل لنا إلا بالتربية والتعليم ولن نترك أبناءنا لقمة سائغة لإصلاحات يدخلها هذا الطرف أو ذاك".
وسارعت النقابات إلى رفض هذه الاستشارة فقالت ثلاث نقابات معنية بالتعليم وتنشط في صلب اتحاد الشغل في بيان مشترك إنها ترفض "إنشاء مجلس أعلى للتربية والتعليم بطريقة أحادية، والإعلان عن الاستشارة كان متسرعاً ومن دون إشراك كل مكونات المجتمع المدني الناشط في الحقل التربوي".
واعتبر الباحث السياسي التونسي محمد صالح العبيدي أن "شبح انهيار العام الدراسي يبدو ماثلاً أكثر من أي وقت مضى، صحيح أن الخلافات خيمت على العلاقة بين النقابات ووزارة التربية منذ عام 2011 وهو أمر راح ضحيته الطالب التونسي، لكن الأزمة الراهنة غير مسبوقة".
وأكد العبيدي في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن "الحل يكمن في تقديم تنازلات من الطرفين على رغم وضعية البلاد الصعبة اقتصادياً من أجل تفادي سيناريو السنة البيضاء، ويجب الإسراع في بدء عملية الإصلاح التربوي، لكن بمشاركة كل الأطراف، خصوصاً أن أزمة التعليم تتداخل فيها هياكل وقطاعات عدة وأي إصلاح سليم يبدأ بحوار مع تلك الهياكل".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي