Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتعاش إنتاج النفط الأميركي... ولكن

يجب التعامل بحذر شديد مع البيانات الصادرة عن الولايات المتحدة

تبين البيانات الشهرية أن إدارة معلومات الطاقة قدرت الإنتاج الأسبوعي بأقل من الواقع (رويترز)

ملخص

لا بد من ذكر أن طريقة حساب إدارة معلومات الطاقة لإنتاجية كل حفار خاطئة، ولم تصلح الأخطاء، رغم الانتقادات على مدى سنوات طويلة

في نهاية الأسبوع الماضي أصدرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية تقريرها الشهري، الذي أوضحت فيه أن إنتاج النفط في الولايات المتحدة انخفض بمقدار 53 ألف برميل يومياً.

هذه الأخبار أعطت القائلين بأن أسعار النفط سترتفع بشكل كبير وتتجاوز 100 دولار دفعة قوية، خصوصاً من أصحاب الصناديق الاستثمارية المتخصصة، الذين يعيشون على إقناع الناس بالاستثمار معهم بحجة أن أسعار النفط سترتفع بشكل كبير، وسمعنا التوقعات في أواخر العام الماضي وبداية السنة الحالية عن أسعار تتراوح بين 125 و150 دولاراً للبرميل.

لكن نظرة فاحصة للبيانات تؤكد عكس ما ذهبوا إليه، إذ إن إنتاج النفط الأميركي يزداد بشكل أكبر مما يتوقعون، فإدارة معلومات الطاقة تنشر بيانات إنتاج أسبوعية مقدرة بناءً على نموذج رياضي ثبت خطأه عشرات المرات، لهذا يجب الانتظار شهرين للحصول على البيانات الشهرية، الأكثر دقة.

تبين البيانات الشهرية أن إدارة معلومات الطاقة قدرت الإنتاج الأسبوعي بأقل من الواقع وبشكل مستمر وكبير منذ أغسطس (آب) الماضي، ليس هذا فحسب، نعم انخفض الإنتاج في فبراير (شباط) بمقدار 53 ألف برميل يومياً، لكن في التقرير نفسه عدلت الإدارة إنتاج ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) صعوداً بأكثر من 100 ألف برميل يومياً.

أضف إلى ذلك أن أغلب الانخفاض جاء من خليج المكسيك بسبب عمليات الصيانة، ومن تكساس وأوكلاهوما بسبب عاصفتين في أول فبراير وآخره، فخفضتا الإنتاج، هذا يعني أن إنتاجهما سينتعش لاحقاً.

وعلى رغم العاصفة الثلجية التاريخية التي اجتاحت ولاية داكوتا الشمالية في الشهر نفسه إلا أن إنتاجها زاد، على رغم توقف بعض منصات الإنتاج. بعبارة أخرى كانت الزيادة ستكون أكبر لو لم يكن هناك عاصفة.

ونظرة سريعة إلى عمليات الحفر والإكمال نجد أمرين، الأول أن هناك زيادة في الأنشطة بالمياه العميقة، وهناك مشاريع جديدة انتهت أخيراً وسترفع إنتاج النفط في خليج المكسيك.

وتشير البيانات إلى زيادة ملحوظة في عملية الاستكشاف والحفر البحرية حول العالم، خصوصاً بعد النجاح الكبير الذي حققته شركتا "إكسون موبيل" و"هيس" في غايانا، والنجاح الذي حققته الشركات الأوروبية، لا سيما "أكوانور" النرويجية في بحر الشمال والدائرة القطبية.

الثاني أن عمليات الحفر والإكمال لم تعد لمستوياتها السابقة، لكن التقنية والمعرفة تحسنتا بشكل كبير عما كانتا عليه، فزادت الإنتاجية. وكان لارتفاع الأسعار وتحفظ الشركات في عمليات الإنفاق، وزيادة التوزيعات على المستثمرين، دور كبير في دعم أسهم الشركات الأميركية، وتحقيق بعضها لأرباح تاريخية.

هنا لا بد من ذكر أن طريقة حساب إدارة معلومات الطاقة لإنتاجية كل حفار خاطئة، ولم تصلح الأخطاء، على رغم الانتقادات على مدى سنوات طويلة، لهذا فإن المحللين الضالعين في مجالهم لا يستخدمون تقارير الإدارة المتعلقة بإنتاجية الآبار أو عدد الآبار المحفورة وغير المكملة. أكبر دليل على هذا أن الإنتاج الفعلي أكبر من توقعات إدارة المعلومات منذ أغسطس الماضي، إضافة إلى بيانات الشركات في بيانتها الربعية.

دور نوعية النفط

سينتعش إنتاج خليج المكسيك وسيعود إلى قرابة مليوني برميل يومياً، وهو نفط منافس لنفط دول الخليج وقريب من نفط بعض دول أميركا اللاتينية، هذه الزيادة قد تسهم في منع واردات الولايات المتحدة من الارتفاع مستقبلاً.

المشكلة في النفط الصخري، فالمعروف أن النفط المستخرج من آبار الصخري خفيف حلو، ونافثا، ومكثفات، وبعض هذه المكثفات خفيفة جداً. هذه الأنواع مناسبة لإنتاج البنزين وأنواع من وقود الطائرات، لكنها غير مناسبة، خصوصاً من الناحية الاقتصادية، لإنتاج الديزل والمنتجات النفطية الثقيلة.

ومع استمرار زيادة إنتاج الصخري، وصلت المصافي الأميركية إلى حد الإشباع، فضغطت الشركات على إدارة أوباما بتغيير قرار رئاسي قديم منذ عهد الرئيس نيكسون يقضي بعدم تصدير النفط الأميركي، وفعلاً قام أوباما (نائبه كان الرئيس الحالي بايدن)، بالسماح بتصدير النفط الأميركي، فبدأت الشركات بتصدير أنواع النفط التي لا تريدها المصافي الأميركية، وتستورد أنواع النفط المتوسطة والثقيلة الحامضة التي تحتاج إليها المصافي الأميركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لهذا فإن السبب الرئيس لتصدير النفط واستيراده في الوقت نفسه هو اختلاف النوعية، لكن هناك أسباب أخرى، إذ إن ولايات غير نفطية مثل ولايات شمال شرقي أميركا وغربها مضطرة للاستيراد أيضاً في بعض الأحيان، خصوصاً المنتجات النفطية، بسبب قانون جونز الذي يمنع السفن الأجنبية من نقل المواد والبضائع بين الموانئ الأميركية، وليس هناك أساطيل أميركية خاصة للنقل على رغم عظمة أميركا، بسبب القوانين البيئية الصارمة التي جعلت المستثمرين يهربون من الاستثمار في النقل البحري، بخاصة النفط.

نظرة فاحصة للبيانات توضح أن كل الزيادة في إنتاج النفط الصخري منذ الانتعاش بعد انهيار الأسعار إلى السالب هي من المكثفات والسوائل الغازية، وليس من النفط المعروف، سوق المكثفات والغازات السائلة مختلفة تماماً عن سوق النفط، كما أن إنتاج الغاز من آبار النفط زاد بشكل كبير لدرجة أن الغاز في بعض المناطق يباع بالسالب، هذا يعني أن الشركة تعطي الغاز مجاناً، ثم تدفع مبلغاً للمشتري لكي يأخذ الغاز.

ضرب من الجنون

قد يبدو الأمر ضرباً من الجنون، لكنه قمة الواقعية، إذا لم يتم التخلص من الغاز ستمتلئ الخزانات ولن تتمكن الشركة من إنتاج النفط وبيعه. الحل هو التخلص من الغاز بأي ثمن، ولا يمكنها حرقه لأن ذلك سيؤدي إلى عقوبات جزائية كبيرة.

بالنسبة إلى دول "أوبك"، بخاصة دول الخليج، يهمها كثيراً الزيادة في خليج المكسيك، لكن لا يهمها الزيادة في إنتاج النفط الصخري للأسباب المذكورة سابقاً.

المشكلة أن توقعات دول "أوبك" مبنية على إجمالي إنتاج السوائل النفطية الأميركية، ومن ثم فإنها تعتبر كل شيء على أنه نفط كما تعلن عنه إدارة معلومات الطاقة الأميركية، لهذا فإن "أوبك" قد تكون مضطرة إلى مراجعة قرار تخفيض الإنتاج في الأشهر المقبلة، لأن المصافي تريد نفطاً أكثر كثافة مما تنتجه أحواض الصخري الأميركية، ولأن إدارة المعلومات تصنف جزءاً لا بأس به من السوائل الغازية على أنها نفط، وتنقل عنها "أوبك" الأرقام كما هي.

أضف إلى ذلك أن هناك مبالغة في بعض الأرقام، لأن النفط يحسب مرتان، المكثفات عندما يتم إنتاجها وبيعها، ثم تمزج هذه المكثفات مع النفط الأثقل ويصدر على أنه نفط، فتحسب مرة أخرى.

خلاصة القول إنه يجب التعامل بحذر شديد مع بيانات إنتاج النفط وصادرات الولايات المتحدة، وإذا نقلت البيانات كما هي إلى تقارير "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية فإن هذا قد يسبب مشكلة، خصوصاً إذا كانت دول "أوبك" تنظر إلى بيانات السوق وفقاً لهذه البيانات عندما تقرر تخفيض الإنتاج أو زيادته.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء