Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إلى أي حد أشعل نزاع الخرطوم نار الفتنة بين السودانيين؟

بدأت انعكاسات الحرب السلبية تبرز من خلال بث خطاب الكراهية والتحريض بين أبناء الشعب الواحد

سودانيون يتجمعون في أحد مقاهي جنوب الخرطوم (أ ف ب)

ملخص

أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة سلاحاً قوياً لبث سموم الفتنة والسخرية بين السودانيين

في وقت تستعر فيه الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم وتستمر دون هوادة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي، على رغم إعلان الطرفين هُدناً عدة لوقف موقت لإطلاق النار من أجل فتح الممرات الإنسانية وتأمين انسياب حركة المدنيين إلى المناطق الآمنة وقضاء حاجاتهم بسهولة، تشهد في المقابل ساحات المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي ومجالس السودانيين المختلفة نقاشات وصراعات محتدة في شأن هذه الحرب، فإلى أي مدى يمكن أن يذكي هذا النزاع نار الفتنة بين أبناء الشعب الواحد؟

عنصرية وكراهية

يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم محمد خليفة صديق إلى أن "انعكاسات الحرب السلبية بدأت تبرز بشكل واضح من خلال بث خطاب الكراهية والتحريض بين أبناء الشعب الواحد، وكل ذلك يتم في الفضاء الواسع بصورة علنية وفاضحة دون مراعاة لقيم المجتمع القائمة على التسامي والتعاضد، حيث أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة سلاحاً قوياً لبث سموم الفتنة والسخرية، فضلاً عن العنصرية والجهوية والقبلية بكل أشكالها من خلال خطاب غير منضبط قائم على التحشيد والتحشيد المضاد بين الجيش وقوات الدعم السريع".

وأضاف صديق "من يتابع هذا الفضاء يجد انقساماً واضحاً واصطفافاً بين فريقين، لكل منهما خطاب وحجة في شأن ما يدور في المشهد السوداني، لكن المؤسف أن نعرة العنصرية والسخرية هي الطاغية والمتسيدة لهذا الواقع، وهو أمر خطر للغاية لأن مثل هذه الأفعال القبيحة قد تؤدي إلى استمرار الحرب وطول أمدها، بل تأجيجها بشكل لا يوصف، ومنعها من التوقف، إلى جانب التجاوزات العديدة المستخدمة كسلاح في هذه المعركة الافتراضية، مثل نشر المعلومات الكاذبة وبث الإشاعات وتداول الصور غير الإنسانية للجثث، مما يسهم في زيادة التحريض والكراهية بين فئات المجتمع الواحد".

وزاد أستاذ العلوم السياسية أن "هذه الانعكاسات والتغيرات المجتمعية السريعة تتطلب عملاً كبيراً ونفرة مجتمعية تؤدي إلى تحويل خطابات الكراهية وما شابهها إلى خطابات تطمين وأمان وتفاؤل وتوطيد علاقات على أن يسند هذا الدور إلى المنابر العلمية والجامعات والمساجد والدعاة والمؤسسات التوعوية كالإذاعة والتلفزيون والصحافة، وغيرها، على أن يكون الخطاب متوازناً ومقبولاً حتى يسهم في إعادة اللحمة بين أبناء الشعب السوداني. وربما تكون هناك دعوة لإيجاد ميثاق شرف ينبذ الكراهية والتحريض ويدعو إلى إذكاء روح التسامح والتعاضد والتكافل حتى يعود المجتمع إلى سابق عهده كما عرفه العالم بكل الصفات الحميدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


هزة اجتماعية

في السياق ذاته، يرى الباحث في الشؤون الاجتماعية، خالد موسى أن "اندلاع حرب الخرطوم سبقها تحريض واسع وتعبئة واصطفاف لم يسبق له مثيل، شارك فيه للأسف القادة السياسيون والعسكريون منذ توقيع الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والذي قسم المجتمع إلى فريقين، أحدهما مؤيد له، والآخر معارض، وتبعه سجال مستمر في وسائل العالم المختلفة، بخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، أظهر التباعد الكبير في المواقف، مما أوصل البلاد إلى مرحلة الحرب دون مبالاة بمخاطرها وانعكاساتها الكارثية على المجتمع وبنيته التحتية التي لحقت بها أضرار كبيرة".
وتابع موسى "للأسف اشتعلت الحرب وقضت على الأخضر واليابس، وتضرر الجميع، وبدلاً من أن يسعى الكل إلى تدارك اتساعها بإيقافها من خلال المناشدات وإظهار المجتمع تماسكه وتعاضده، لجأ البعض إلى تسعير نيران الفتنة من خلال بث خطابات العنصرية البغيضة والدعوة لتصفية الحسابات ضد أشخاص بعينهم بسبب مواقفهم السياسية، وغيرها".

ومضى الباحث في الشؤون الاجتماعية بالقول "الآن يتعرض المجتمع السوداني لأكبر هزة اجتماعية في تاريخه قصمت ظهره، ويصعب عودته إلى ما كان عليه في السابق، فالحرب وقعت ووجدت غالبية الشعب في حالة انقسام حاد، مما زاد الطين بلة، ولا أعتقد أن الخروج من هذا المأزق سيكون سهلاً، فالأزمة تعمقت في أوساط المجتمع السوداني الذي لن يكون كسابق عهده، فمثلما شهدت الشوارع أشلاء الجثث، فإن نفوس أبناء الوطن الواحد أصابها الأذى والمرارة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات