Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تنهار التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية؟

نتنياهو يسعى إلى إظهار قوته باستخدام القوة والمواجهة لإسكات صوت حركتي حماس والجهاد

القبة الحديدية نظام دفاع صاروخي إسرائيلي يستخدم لاعتراض الصواريخ (رويترز)

ملخص

ما يهم الحكومة الإسرائيلية حالياً عدم توحد القطاع والضفة وعدم إجراء انتخابات فلسطينية قد تعيد القضية إلى الواجهة الدولية

تكشف المواجهة الأخيرة بين الحكومة الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية، بخاصة حركتا حماس والجهاد، أن ما يجري من حال التهدئة أمر وقتي، إذ إنه في كل مرة تندلع المواجهات يبقى تثبيت حال الهدنة لأطول مدى مطروح غائباً، فالجانبان يعمدان إلى اختبار التوجهات وسلوكيات كل طرف، بخاصة أن مبررات استئناف المواجهات قائمة، ولا تحتاج إلى رحيل أو وفاة قيادي من فصيل بقوة حركة الجهاد الفلسطيني، وأن ما يجري بين الجانبين تحكمه ضوابط صارمة حقيقية لا يمكن لأي طرف الخروج عنها.

موقف محدد

لا تسعى الحكومة الإسرائيلية بمكونات الائتلاف الحاكم إلى الذهاب إلى عملية عسكرية شاملة في ظل ما يجري، والتخوف من رد فعل الفصائل الفلسطينية، وجر إسرائيل إلى حرب إقليمية مع قوات حزب الله والجبهة الفلسطينية، وربما جبهات أخرى.

ومن ثم فإن نصائح أجهزة المعلومات للحكومة الإسرائيلية بأنه لا مصلحة حقيقية لإسرائيل في الذهاب إلى مواجهة قد تفرض عليها، وأنه لا توجد فوائد حقيقية من دفع حماس أو الجهاد إلى حافة الهاوية، على رغم تتالي التصريحات العدائية والموجهة إلى الداخل الفلسطيني والداعية إلى استئناف سياسات الاغتيالات، بخاصة أن إسرائيل تتخوف من انفتاح المشهد مما قد يثير كثيراً من التبعات الأمنية والاستراتيجية، وقد يقيم الدنيا في الأوساط الأوروبية والأميركية، بخاصة أن إسرائيل تحتفي بنشأتها، وهو ما ارتبط أيضاً بالمواجهة الأخيرة، واستمرار حال التجاذب الكبيرة لدى الرأي العام الإسرائيلي واحتمال إجراء مراجعة لملف التعديلات القضائية المؤجل.

ليس من مصلحة الحكومة الإسرائيلية ورئيس الوزراء نتنياهو شخصياً الدخول في مواجهات جديدة في ظل استمرار حال التظاهرات الكبرى في شوارع إسرائيل للأسبوع الـ17، وهو ما يعني أن الاستمرار في مواجهة القطاع مجدداً تحكمه ضوابط حقيقية وصارمة، وأنه لا يوجد ما يدفع إلى خيارات متعددة، الأمر الذي يرتبط بالمشهد الإسرائيلي العام، ورغبة بعض الوزراء الذين يريدون مزايدات إعلامية وسياسية ليس أكثر.

إدارة المشهد

من مصلحة إسرائيل الاستمرار في إدارة المشهد الراهن وفق ما يجري، بخاصة أنها لن تقدم في الوقت الراهن على حسم ملف الأسرى، أو الدخول في سياسات حرث الأرض، وكل ما تريده التهدئة على جبهة غزة، والتعامل الحذر مع جبهة الشمال، بخاصة أن في المواجهة الأخيرة كان التخوف من امتداد الضربات من الجبهة السورية واللبنانية معاً إضافة إلى القطاع، وهو ما قد يفهم منه جس نبض إسرائيل في التعامل.

إن إطالة أمد المواجهة غير وارد في ظل الكلفة التي لا تريد الحكومة الإسرائيلية دفعها في ظل حال الاحتقان في الشارع الإسرائيلي، وتخوف رئيس الوزراء نتنياهو من تداعيات ما يجري على مناخ الاستقرار، ولهذا يريد مخاطبة ظهيره اليميني في إطار شعار ليكود "شارع مقابل شارع ميدان مقابل ميدان"، وهو ما سيتطلب العمل على تنحية الأزمات الخارجية والتصعيد مع الأطراف المجاورة، بخاصة أن اتهامات المعارضة لنتنياهو لا تزال قائمة.

وفي ظل ما يجري فمن الواضح أن نتنياهو يسعى إلى إظهار قوته في مواجهة ما يجري من خلال استخدام القوة والمواجهة لإسكات صوت حركتي حماس والجهاد، وعدم السماح للمعارضة للتأكيد بسوء إدارة المشهد السياسي والأمني وعدم مراعاة الأمن القومي الإسرائيلي، وهنا مكمن الخطورة، ولهذا فإن الحكومة الإسرائيلية الحالية وبمكونات ائتلافها ليس في تقديرها سوى استمرار الرد وفق الحاجة الأمنية والاستراتيجية، وتأكيد خيار الأمن مقابل الأمن والتهدئة مقابل التهدئة مع مراعاة التعامل مع الخيارات والمستجدات من الجانب الفلسطيني، فالأسير الفلسطيني عدنان الذي توفي في محبسه ليس من كوادر الصف الأول، وليس عضواً في المكتب السياسي على سبيل المثال لكي تتعامل الحكومة الإسرائيلية مع التهديدات والمخاطر نتاج رحيله مثلما فعلت في مواجهات تاريخية بعد تصفية الشيخ أحمد ياسين، أو عبدالعزيز الرنتيسي على سبيل المثال.

توقعات مهمة

لن تدخل إسرائيل في مفاوضات مد الهدنة أو تثبيتها أو تنفيذ بعض المقترحات الإقليمية من الوساطة أو الولايات المتحدة، فحزمة الإجراءات وتسهيل الإجراءات ستأخذ بعض الوقت، ولن يكون هناك أي ترتيبات لرفع حال الحصار ولو تدريجاً، فما يشغل الحكومة الإسرائيلية في الوقت الراهن تهيئة الأوضاع لاستمرار الحكومة وعدم تفكيك ائتلافها في المقام الأول، والانتقال تدريجاً إلى الاستقرار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن الانتباه لمخاطر حزب الله أو الجبهة السورية وتحركات تنظيم معاد من داخل الجولان أو القنيطرة سيكون محكوماً بضوابط محددة، لأن تخرج عنها إسرائيل في الفترة المقبلة حتى لو استمرت الضغوط من قبل بعض وزراء الائتلاف الراهن، فهو أمر طبيعي لما يمكن أن يجري، ومن ثم فإن إسرائيل تقبلت تحركات الوسطاء في مصر وقطر والأمم المتحدة.

من الواضح أن إسرائيل ستعمل على تنمية وتطوير هذه الآلية دورياً من أجل الاستمرار في التهدئة إلى حين التوصل إلى حل دائم، ولو بعد سنوات، إذ تشير أجهزة المعلومات الإسرائيلية، بخاصة شاباك إلى أن الوسطاء الكبار من نوعية مصر وقطر لديهم القدرات والإمكانات للتعامل والحسم عند الضرورة في ظل تقييم إسرائيلي عام بأن إسرائيل ستستخدم القوة عند الضرورة والمواجهة حال تعرض أمنها للخطر، وأنها لن تسمح بأن تكون رد فعل، ولهذا جاء الرد على الضربات الأخيرة بسرعة، وهو ما يفسر أن إسرائيل بات لديها اليقين بأن المصالح غير المباشرة مع القطاع وليس حزب الله باتت لها الأهمية بصرف النظر عن تخوفاتها من ترابط الجبهات أو مسعى حركتي الجهاد الفلسطيني وحماس إلى العمل على أرضية القدس والضفة، إذ يفهم هذا الأمر نتاج مزايدات الفصائل في مواجهة السلطة الفلسطينية التي لا تزال الحكومة الإسرائيلية ترى أن انقسامها في مصلحة إسرائيل.

ما يهم الحكومة في الوقت الراهن تكريس سياسة الأمر الواقع وعدم توحد القطاع والضفة، بل وعدم إجراء انتخابات فلسطينية قد تعيد القضية إلى الواجهة الدولية، ويؤكد جدارة السلطة بالذهاب إلى خيار حل الدولتين مع الترقب للحظة التالية في حال رحيل القيادة الفلسطينية، أو حدوث صدامات صفرية بين الجانبين، وهو خيار غير وارد على الأقل في المدى المتوسط.

خيارات محسوبة

إن ذهاب حركة حماس إلى المواجهة بهدف تأكيد حضورها في إدارة المشهد الراهن وعدم اتهامها بأنها باتت تترك الفصائل تعمل في الواجهة من دون دعم، وكان تنشيط الغرفة المشتركة للفصائل دليلاً على ما كانت ترتب له حركة حماس لاستعادة أرضية الوجود، وقد لوحظ أن حركة الجهاد الفلسطيني تجاوبت مع خطوات وقف إطلاق النار ولم تكسر حال الهدنة، وأنها تعمل في اتجاه عام توافقي مع الفصائل الفلسطينية، بخاصة حركة حماس.

لوحظ أيضاً قلة التصريحات العسكرية والميدانية باستثناء بعض البيانات المعتادة، لكن لم يكن هناك دور سياسي لافت للجناح العسكري من نوعية محمد ضيف أو خالد مشعل وغيرهما من القيادات، بخاصة أن الإعلان عما دار في اجتماع الحكومة الإسرائيلية بشأن الدعوة لاستئناف سياسة الاغتيالات لم يلق رد فعل من قيادات الجهاد الفلسطيني، على رغم أن الأسير عدنان الذي توفي، وكان رحيله مدخلاً للمواجهة الأخيرة ينتمي إلى حركة الجهاد.

الواقع يشير إلى أن حركة الجهاد باتت مقتنعة بالتهدئة المتقطعة، وليس لديها حسابات مستجدة بالفعل، بخاصة أن عين إسرائيل ليس على حركة الجهاد في الوقت الراهن بقدر تطلعها للحذر من حزب الله، وهو الخطر المحتمل والقابل للتعامل في هذا التوقيت بدليل التأهب المسبق أثناء المواجهة الأخيرة من احتمالات إطلاق الصواريخ من جبهة الشمال.

لكن من المؤكد أن إسرائيل لن تجرؤ على اصطياد رؤوس كبيرة من حماس أو الجهاد في الوقت الراهن لاعتبارات متعلقة بالوضع الأمني والسياسي والاستراتيجي لإسرائيل في الوقت الراهن.

الخلاصات الأخيرة

المؤكد أن الدخول في المواجهة الأخيرة من قبل الفصائل الفلسطينية له ما يبرره ويفسر حدوثه، بخاصة أن خيار المقاومة سيظل مستخدماً، وسيتم توظيفه دورياً بحسب المكاسب الكبرى لحركة حماس من استئناف سياسة المواجهة، وعدم القبول بحالة التهدئة المستمرة والدائمة كما تريد إسرائيل، بخاصة أن حماس ومنذ حضور حكومة نتنياهو مجدداً عادت لتطرح مسألة الأسرى بهدف جس نبض الجانب الإسرائيلي، وإن كان هذا الملف لا يحظى بأولوية في الوقت الراهن في ظل حال التجاذب الكبرى في الداخل الإسرائيلي، والمرشحة للاستمرار في ظل التوقع بفشل الحوار السياسي الذي دعا إليه الرئيس الاسرائيلي هرتسوغ للم الشمل وعدم الاستمرار في مشهد الانقسام السياسي والحزبي جراء ما يستهدفه رئيس الوزراء الإسرائيلي من إتمام برنامج التعديلات القضائية مع دورة الكنيست الحالي، التي بدأت منذ أيام عدة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل