Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"القاعدة" تتسلل من شروخ "الشرعية" في اليمن

تفسيرات تآمرية لعمليات التنظيم في شبوة ومراقبون: بسبب تقاسم مناطق النفوذ بين الحكومة والحوثي

رغم تراجع هجماته خلال الفترة الأخيرة فإن نشاط "القاعدة" عاد مستهدفاً تجمعات الجيش اليمني (أ ف ب)

ملخص

تذكر عملية شبوة بهجمات مماثلة شهدتها المحافظة النفطية وكذا محافظتي حضرموت وأبين المجاورتين على مدى الأعوام الماضية ولكن بشكل متقطع.

أعاد تنظيم القاعدة في اليمن التذكير بنفسه كأحد أطراف المعادلة الحربية بمحافظة شبوة في منطقة إستراتيجية بين الشمال والجنوب اليمني، وسط تهم تتردد على ألسنة المناوئين للحوثي بأنه ينسق مع التنظيم المتطرف.

وقتل جنديان يمنيان بهجوم التنظيم الذي استهدف اليوم الأحد موقعاً عسكرياً في شبوة جنوب وسط البلد الغارق في الحرب، بحسب ما أفاد مسؤولان أمنيان وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال مسؤول أمني حكومي في المدينة إنه "قتل جنديان خلال هجوم لتنظيم القاعدة على نقطة عسكرية" بالمحافظة، مضيفاً أن "الهجوم وقع فجر اليوم الأحد ونتجت منه إصابة عدد من الجنود والمهاجمين"، بينما أكد مسؤول يمني آخر وقوع الهجوم ومقتل الجنديين.

حضور باق

وتذكر عملية شبوة بهجمات مماثلة شهدتها المحافظة النفطية وكذا محافظتي حضرموت وأبين المجاورتين على مدى الأعوام الماضية، ولكن بشكل متقطع.

فعلى رغم تراجع هجماته خلال الفترة الأخيرة الماضية تحت وقع العمليات العسكرية التي شنتها القوات الحكومية والتحالف العربي بقيادة السعودية ضده، إلا أن نشاط التنظيم الذي تعتبره الولايات المتحدة من أخطر فروع الشبكة الجهادية العالمية عاد مستهدفاً تجمعات الجيش اليمني في عمليات وصفت بالانتقامية، كونها تتم بشكل خاطف لقتل أكبر قدر من الجنود ثم الهرب والاختفاء.

وتشير البيانات الدولية الصادرة أن تنظيم القاعدة لا يزال وجوده قوياً في اليمن على رغم الحملة المكثفة التي يشنها منذ 10 سنوات كل من الجيش الأميركي والتحالف العربي، مستغلاً في ذلك حال الفوضى التي تعيشها البلاد.

النفاذ من ثغور التباين

يمكن فهم هذه العودة التي تتسم بالتنفيذ الخاطف السريع من خلال ربطها بحال الوضع الأمني العام الذي تعيشه المحافظات التابعة للحكومة الشرعية، إذ تتكاثر التشكيلات العسكرية وتتقاسم مناطق النفوذ والسيطرة، وكل جهة تأتمر بغرفة عمليات مستقلة عن الأخرى مما أحدث ثغرات أمنية فادحة ينفذ منها التنظيم بين حين وآخر، كما هي الحال في آخر عملية في شبوة والتي استهدفت قيادي في قوات دفاع شبوة وسببت له إصابات بالغة.

وخلال اتصالات "اندبندنت عربية" بهذه الجهات العسكرية في شبوة لمعرفة تفاصيل الحادثة، كان كل فصيل ينفي وقوعها في نطاق اختصاصه ويحيلها إلى جهة أخرى من دون أن نصل إلى الجهة المخولة بالتصريح، وهو ما يكشف تعدد قنوات المسؤولية وتباينها أحياناً في ظل عدم تمكن مجلس القيادة الرئاسي حتى الآن من فرض واقع يحصر القوة في سيادة الدولة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول مصدر محلي في شبوة إن تعدد الولاءات العسكرية أتاح ظهور حال من الصراعات داخل هذه التشكيلات مما سهل هجمات "القاعدة" على عدد من النقاط العسكرية على مدى الفترة الماضية، بدوافع تصفية الحسابات أو نتيجة تعدد الجهات العسكرية وعدم ربطها بجهاز واحد على رغم جهود المحافظ عوض بن الوزير، على حد قوله.

ويؤكد المصدر أن هذا الطرح الذي يتردد في شبوة وحضرموت يكشف عن أخطار محتملة للتنظيم خلال الفترة المقبلة في حال عدم معالجة الأسباب التي بموجبها يحقق تنظيم القاعدة كل هذه الاختراقات الخطرة والدامية.

نذر العودة

تثير هذه الحوادث مخاوف أمنية لا يستبعد تكرارها مع خشية مجتمعية من تفاقمها إلى مستوى يهيئ لانهيار المنظومة الأمنية في مناطق الشرعية، في ظل انشغال الأخيرة بالقضايا السياسية وحال التباين بداخلها التي أخرت، وفق مراقبين، سلسلة الإجراءات المفترض اتخذاها، خصوصاً في ما يتعلق بتوحيد مؤسستي الجيش والأمن، بخاصة أن في "الشرعية" من يعتبر أن هذه الضربات تستهدف في المقام الأول خلط الأوراق أمام مجلس القيادة الرئاسي لمنع توجهه الميداني نحو ميليشيات الحوثي التي تحكم قبضتها الأمنية في المناطق الخاضعة لسيطرتها نتيجة توحد جهازها الأمني، ومن ناحية أخرى تتهم بالتخادم مع تنظيم القاعدة لتنفيذ أجندات مشتركة.

ويشير المصدر إلى أن عودة هجمات التنظيم تثير قلق السكان المحليين والداخل اليمني بشكل عام، كما هي الحال في الإقليم والعالم، خشية استجماع قواه بعد تشتتها بفعل الضربات العسكرية السابقة خصوصاً في محافظات أبين وشبوة والبيضاء وحضرموت، كونها محافظات مترامية الأطراف تشهد انتشار عناصر "القاعدة" وتحركاتهم بين حين وآخر.

وعلى رغم ذلك تمكن الجيش اليمني من دحر التنظيم عبر عمليات عدة، كان آخرها عملية "سهام الشرق" في أبين مطلع العام الحالي، وذلك بتحرير جبال مديرية مودية وتدمير معسكر للتنظيم كان يتخذه منطلقاً للعمليات الإرهابية.

ولعل أشهر هجوم لـ "القاعدة" في اليمن كان ذلك الذي استهدف المدمرة الأميركية "يو إس إس كول" عام 2000 في ميناء عدن، مما أدى إلى مقتل 17 من أفراد طاقمها وجرح 39، إذ أعلن التنظيم في ما بعد مسؤوليته عن الحادثة.

ورقة صراع

تتحدث الحكومة الشرعية ومراقبون عن تنسيق بين "القاعدة" والحوثي، خصوصاً إذا ما عرف أن "القاعدة" كانت تستخدم في فترات ورقة من أوراق الصراع السياسي في اليمن.

ويمكن فهم أبعاد هذه التأويلات عندما تندرج في إطار حال التنابز السياسي بين القوى السياسية اليمنية التي تتهم بعضها بموالاة "القاعدة" أو التنسيق معها في الأقل، وهي اتهامات متداولة منذ عهد الرئيس الراحل علي صالح الذي يتهمه خصومه باستخدام "القاعدة" لمواجهة خصومه السياسيين، وإدارة البلاد بالصراعات بعد اغراقها بنحو 70 مليون قطعة سلاح.

تخادم الأدوار

ومنذ جمعها القوى المناهضة للمشروع الحوثي كافة، شهدت العاصمة الموقتة عدن وعدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية توترات أمنية تخللتها عمليات اغتيال طاولت قادة عسكريين وسياسيين وإعلاميين من قبل مجهولين، فيما تتهم الحكومة الشرعية ميليشيات الحوثي بالوقوف خلفها والتنسيق مع "القاعدة" في مسعى إلى خلق حال من الفوضى داخل المناطق المحررة خدمة لمشروعها الإيراني باليمن في مقابل نفي حوثي.

وادعت "الشرعية" امتلاكها أدلة أمنية تؤكد استخدام الحوثيين للتنظيم ضد مناهضي مشروعهم، مثل توفير ملاذ آمن لتحركاتهم في محافظتي البيضاء وشبوة، وإطلاق عناصره من سجون الاستخبارات في صنعاء بعد الاتفاق على تنفيذ عمليات تستهدف الشرعية.

وكان وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك تحدث منتصف مايو (أيار) الماضي عن وجود "تقارير عدة للحكومة اليمنية توضح مدى التعاون والتنسيق بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية مثل ’القاعدة‘ و’داعش‘ في عمليات الاغتيالات والاختطاف وغيرها من الأعمال الإرهابية".

وتساءل حينها، "لماذا تحدث جميع الأعمال الإرهابية في المناطق المحررة فقط، لا في المناطق الخاضعة للانقلاب الحوثي المدعوم من النظام الإيراني؟".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير