Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قمة "إيغاد"... تيه في السودان وفرقة بالصومال

جيبوتي تحتضن الدورة الـ14 وسط غياب الرئيس الإريتري

جيبوتي احتضنت انطلاقة قمة "إيغاد" بمشاركة الأعضاء الثمانية للمنظمة من دول القرن الأفريقي (أ ف ب)

ملخص

فرضت الأوضاع في السودان والصومال نفسها على محادثات قمة "إيغاد" الـ14 وسط خلافات بين الدول الأعضاء على عدد من القضايا

بأجندة مثقلة بالهموم والأزمات تتحسس القمة الـ14 للهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" خطاها أملاً في العبور بأزمات السودان والصومال خصوصاً، إلى بر الأمان، مدعومة بنوايا حسنة لقادتها ورغبة في التعاون، إذ كانت أول من أطلق مبادرة للسيطرة على تدهور الأوضاع في الخرطوم.

واحتضنت جيبوتي انطلاقة القمة، أمس الإثنين، بمشاركة الأعضاء الثمانية للمنظمة من دول القرن الأفريقي (السودان وجنوب السودان والصومال وكينيا وأوغندا وإثيوبيا وإريتريا وجيبوتي).

قضايا مهمة فرضت نفسها على القمة، أبرزها الحرب في السودان التي سعت "إيغاد" إلى الوساطة بين الطرفين المتحاربين (الجيش وقوات الدعم السريع)، علاوة على الأوضاع في الصومال، وتوحيد جهود القضاء على الإرهاب وتعزيز التكامل الإقليمي والسلام والاقتصاد والتنمية الاجتماعية.

"أتميس" في الصومال

استبق رئيسا كينيا وجيبوتي القمة بالإعلان عن عدم دعمهما "انسحاب قوات حفظ السلام (أتميس) من الصومال، دون توفر ضمانات على القدرات الأمنية والعسكرية للدولة هناك". وتمسك الرئيسان الكيني وليام روتو والجيبوتي إسماعيل جيلة، خلال مؤتمر صحافي مشارك، بأهمية "تزامن سحب القوات الإقليمية من الصومال، مع ضمان قدرة مقديشو على مواجهة التحديات الأمنية، وبخاصة المتعلقة بالحد من قدرات (حركة الشباب) الإرهابية بشكل فعال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت الأمم المتحدة قد قررت دفع بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال إلى سحب ألفي جندي بحلول 30 يونيو (حزيران) الجاري، في تسليم تدريجي للمسؤوليات الأمنية إلى قوات الأمن الصومالية، تنفيذاً لخطة مقديشو.

موقف كيني جيبوتي مشارك نبه إلى أهمية حماية نجاحات "أتميس". وهنا قال الرئيس الكيني "بصفتنا دول مساهمة بقوات في بعثة الاتحاد الأفريقي بالصومال، فقد اتفقنا على أن قمة (إيغاد) المقبلة يجب أن تتناول خطة الانتقال الخاصة بهذا البلد مع الحفاظ على المكاسب التي تم تحقيقها".

أما الرئيس الجيبوتي الذي تستضيف بلاده القمة، فذكر "أن الانسحاب يجب أن يضمن سيطرة قوات الأمن الصومالية على المناطق المحررة من أيدي (حركة الشباب) الإرهابية المرتبطة بتنظيم (القاعدة)".

بعيداً من الموقف الكيني - الجيبوتي، أعلنت الحكومة الفيدرالية الصومالية، أنها تستعد إلى مرحلة ما بعد انسحاب بعثة حفظ السلام الأفريقية، لا سيما بعد تمكنها من تحديث قوات الجيش والأمن، حيث عاد خمسة آلاف مجند صومالي من إريتريا، بعد دورة عسكرية استمرت إلى أكثر من عام ونيف. وبحسب الجدول الزمني لبعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال، فإن أمامها ستة أشهر فقط للخروج من الصومال، وهو ما يثير مخاوف بعض دول المنطقة، وعلى رأسها كينيا وجيبوتي.

بدوره، يرى المتخصص في الشأن الصومالي حسين روبلي، "أن قمة (إيغاد) تأتي في وقت يتعافى فيه الصومال من محنته، خصوصاً بعد التطور الكبير على المستوى الأمني، والمستوى السياسي بعد انتخاب الرئيس حسن شيخ محمود"، مشيراً إلى أن "التنسيق الدبلوماسي والأمني الكبير الذي شهده هذا البلد مع دول المنطقة، هو نتاج الاستقرار الذي أضحى محققاً في الداخل".

وخلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" يقدر روبلي أن الحكومة الفيدرالية في الصومال أضحت قادرة على تحقيق الأمن والسلام لمواطنيها، وقد تدعم مطلب انسحاب القوات الأفريقية". وقلل من أخطار "(حركة الشباب) التي تقلصت قدرتها على تهديد الأمن"، موضحاً "أن العمليات المحدودة التي تقوم بها لا تتجاوز كونها استعراضية لتأكيد الوجود، لشعورها بأنها باتت ضعيفة ومعزولة تماماً، وحتى الدول العظمى شهدت عمليات إرهابية".

عودة إريتريا

بعد غياب تجاوز 16 عاماً، عاد الوفد الإريتري إلى اجتماعات قمة "إيغاد"، حيث طلبت أسمرة في عام 2007، تجميد عضويتها من المنظمة الإقليمية، نتيجة احتجاجها على التدخل العسكري الإثيوبي في الصومال، وظل مقعدها شاغراً حتى عام 2012، وهو العام الذي حاول فيه السفير الإريتري لدى الاتحاد الأفريقي حضور القمة دون تفعيل عضوية بلاده، الأمر الذي رفضته أديس أبابا، وعلقت القمة حتى مغادرته قاعة الاجتماعات".

وظل المقعد الإريتري شاغراً، قبل أن يقرر الرئيس الإريتري أسياس أفورقي خلال زيارته الأخيرة إلى كينيا، في فبراير (شباط) الماضي، الاستجابة إلى دعوة نظيره الكيني بإعادة تفعيل عضويته في "إيغاد". وبالفعل مثل إريتريا في هذه القمة وزير الخارجية عثمان صالح، فيما غاب أفورقي، لأسباب تتعلق بخلافاته السياسية والشخصية مع نظيره الجيبوتي، إذ اتسمت علاقات الرجلين بالشد والجذب طوال العقدين الماضيين.

وبعودة أسمرة إلى أعمال القمة الـ14 لمنظمة "إيغاد" يتوقع مراقبون أن تكون إريتريا نسقت مواقفها مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، فيما يخص انسحاب بعثة حفظ السلام الأفريقية، خصوصاً بعد الزيارات المتكررة للرئيس الصومالي إلى أسمرة، واعتماده على الأخيرة في إعادة تأهيل القوات العسكرية والأمنية.

وكان أفورقي قد أشار في أكثر من تصريح إلى الدور السلبي للبعثة الأفريقية في الصومال، في حين ذكر في آخر لقاء تلفزيوني له أنه بالنظر إلى حجم اليابسة والبحر في الصومال، فإن القوات التي دربتها بلاده، والبالغة خمسة آلاف جندي، ليست كافية". وأعرب عن اعتقاده "أن الصومال في حاجة إلى جيش قوامه ما بين 140 و160 ألف جندي"، ملمحاً إلى أن الحكومة الإريترية مستعدة لأن تقوم بدورها في هذا الجانب.

هنا يصبح السؤال الأهم "هل يتوسع دور أسمرة في الصومال إلى أكثر من وجود تأهيل القوات، ودعم استمرار بعثة حفظ السلام، مع ضمان انضمام قوات إريترية إليها؟ أم تدعم موقف الحكومة الصومالية بانسحاب البعثة، وتقوم بأدوار أمنية وعسكرية، أكثر فاعلية بتنسيق ثنائي مع مقديشو التي تميل لكفة أفورقي؟"، هذا الأمر يرجحه المتخصص في الشأن الصومالي حسين برولي، قائلاً "هناك تنسيق أمني واستخباراتي وعسكري مشهود بين مقديشو وأسمرة". وأشار إلى "أن أول وجهة دولية للرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بعد انتخابه كانت إريتريا"، خصوصاً أن مساهمة أسمرة في تدريب وتحديث الجيش الصومالي كان لها أثر واضح خلال العامين الماضيين"، لكنه في الوقت نفسه ينفي أن يؤدي ذلك "إلى وجود عسكري إريتري في الداخل الصومالي"، مضيفاً "قد توفد إريتريا بعض الخبراء العسكريين والأمنيين، لمساعدة الأجهزة الصومالية، لكنها لن تغامر ببعث قوات مقاتلة أو لحفظ السلام".

السودان الأبرز

لا يزال الوضع السوداني هو المتصدر لأعمال قمة "إيغاد"، إذ كانت الأخيرة أول منظمة إقليمية أطلقت مبادرة للمساعي الحميدة، وأوفدت خبراء للتحاور مع طرفي النزاع. وعلى رغم عدم تكلل مساعيها بالنجاح، فإن قضية الخرطوم تصدرت جدول أعمال القمة.

وخلال كلمته أمام القمة قال الرئيس الجيبوتي إسماعيل جيلة، إن دول "إيغاد" ستدرس سبل إقناع طرفي الأزمة في السودان بإجراء حوار كفيل بوقف إطلاق النار بشكل فعلي "ما يعد تجديداً للمبادرة السابقة"، فيما أعرب الرئيس الكيني وليام روتو عن أسفه من استمرار الاشتباكات بين طرفي النزاع، لافتاً الانتباه إلى أهمية اتفاق قادة دول "إيغاد" في قمتهم على وقف الحرب بالسودان، والسماح لطرفي الصراع بإجراء محادثات حول مستقبل البلاد.

ويرى المتابعون للشأن السوداني أنه على رغم أن "إيغاد" قد لا تمتلك آليات كفيلة بوقف النزاع، فإن مجاورة السودان لأربع من دول المنظمة، علاوة على مشاركة الخرطوم في القمة، يؤشر إلى اهتمام السودان الرسمي بهذه المنظمة الإقليمية".

بدوره، قال الأمين العام لمنظمة "إيغاد" وركنه جيبيهو، إن الانعكاسات الخطرة للأزمة في السودان تؤثر في أمن واستقرار منطقة القرن الأفريقي ككل". وأضاف "من المنتظر أن تقدم القمة رؤية جديدة لحل الأزمة السودانية، تتجاوب مع التطورات الميدانية المستجدة على الأرض".

وأفاد بأن "الرؤية الجديدة تشمل سبل توحيد الجهود القارية والدولية السابقة، سعياً إلى الحد من تورط أطراف خارجية في الصراع الدائر بالخرطوم". وكانت المنظمة قد فوضت في قمتها الطارئة أبريل (نيسان) الماضي، كل من جيبوتي وجنوب السودان وكينيا لإجراء اتصالات لوقف القتال في السودان.

الوقت الضائع

بدوره، قال الأكاديمي السوداني زهير بشار "إن للهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) تجارب ناجحة في التوسط بين أطراف الصراع بالسودان، من بينها إبرام اتفاق بين الحركة الشعبية لتحرير السودان، ونظام الرئيس السابق عمر البشير"، موضحاً أنها تملك عوامل عدة يمكن الاستفادة منها في قيادة مبادرة فاعلة"، إلا أنه استبعد في الوقت الراهن أن تكرر نجاحها في الصراع القائم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وعزا بشار استبعاده نجاح "إيغاد" في نزع فتيل الأزمة السودانية إلى عاملين رئيسين هما "أن الوضع الراهن بات خارج على السيطرة، ويبدو أن الوقت متأخر جداً، قياساً بالتوقيت الذي أطلقت فيه المبادرة الأولى". أما العامل الثاني فيرتبط بأن المنظمة تفتقد للآليات القادرة على المراقبة والمتابعة الميدانية"، ورجح أن يكون ذلك سبباً في إخفاق المبادرة التي أطلقتها في أبريل (نيسان) الماضي.

وأنهى حديثه بكلمات صادمة، إذ قال "إنه لم يعد لـ(إيغاد) كثير لتقدمه للأزمة السودانية، بخاصة بعد إخفاق المساعي الدولية والإقليمية في إيجاد حل لهذه الحرب".

المزيد من تقارير