Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التعليم الثانوي في موريتانيا مقفل أمام "الصم"

كافحت أسر ذوي الإعاقة السمعية منذ عقود لاستحداث مراكز تدريس لأبنائهم

ناضل ذوو الإعاقة السمعية في موريتانيا من أجل استحداث مراكز تعليمية خاصة بأبنائهم (أ ف ب)

ملخص

منذ عقود ناضلت أسر ذوي الإعاقة السمعية من أجل استحداث مراكز تعليمية خاصة بأبنائهم لكن أصواتهم لم تجد الصدى إلا في عام 2006 واليوم ينتظرون إلحاقهم بالمرحلة الثانوية.

حين نجح محمد محمود قبل سنوات، في مسابقة دخول السنة الأولى من المرحلة الإعدادية، كان يعرف أن مستقبله التعليمي قد توقف عند هذه العتبة المبكرة، فهو كتلميذ من ذوي الإعاقة السمعية في مجتمع لم يفهم بعد حاجات وحقوق هذه الشريحة، لن يجد حظه من التعليم كباقي التلاميذ الناطقين في موريتانيا، الذين سيواصلون تعليمهم بكل سلالة حتى التخرج في الجامعة.

منذ عقود، ناضل ذوو الإعاقة السمعية في موريتانيا من أجل استحداث مراكز تعليمية خاصة بأبنائهم، لكن أصواتهم لم تجد الصدى، إلا في عام 2006.

بحسب المنتدى الموريتاني للصم فإن أول مشاركة للتلاميذ من أصحاب الإعاقة السمعية بالمسابقات تم بموجب إصدار قانون الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة، نهاية عام 2006، ليعزز لاحقاً بالمصادقة على اتفاق دولي في هذا الإطار وقعت عليها موريتانيا سنة 2008.

صراخ مكتوم

على رغم الترسانة القانونية المستحدثة، فلم يشارك التلاميذ في مسابقة دخول السنة الأولى إعدادية إلا في العام الدراسي 2012، وهو ما ذكرته والدة التلميذ الموريتاني محمد محمود.

شيئاً فشيئاً بدأ الأهالي يحضرون أبناءهم لخوض غمار هذه المسابقة التي تعتبر عتبة التعليم الثانوي، حيث تقول أم محمد محمود "كانت المشاركات قليلة حتى سنة 2016، حيث بلغ عدد الناجحين في مسابقة ختم الدروس الابتدائية ما يقارب 20 تلميذاً ناجحاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وترى مسؤولة الإعلام في المنتدى الموريتاني للصم منى عباس أن عدد التلاميذ في المدرسة الوحيدة الخاصة بأصحاب الإعاقة السمعية في العاصمة نواكشوط يزيد على 500 تلميذ، موزعين على ستة فصول دراسية.

 

 

وتسعى رئيسة جمعية الرضوان إلى تأهيل ودمج الصم وأطفال القوقعة، عيشة حمادة "إلى توفير بيئة ملائمة سليمة للنشأ من ذوي الإعاقة السمعية، وتعليم لغة الإشارة للأطفال، وإعطاء حصص للتنطيق للأطفال الذين خضعوا لزراعة القوقعة".

أول الغيث

لفتت قضايا مجتمع الإعاقة السمعية انتباه الحكومة والمجتمع المدني في موريتانيا، حيث لم تعد معاناتهم مأزقاً فردياً لعائلاتهم، وتحول نقاش مواضيع هذه الفئة من المجتمع إلى مادة تسلط عليها الأضواء في الإعلام والحياة العمومية.

واستجابت وزارة العمل الاجتماعي الموريتانية إلى مطالب أسر هذه الفئة وفتحت مدرسة وطنية للعمل الاجتماعي، تكون فيها كوادر فنية قادرة على تقديم الخدمات للجمعيات العاملة في مجال المجتمع المدني لذوي الإعاقة السمعية.

ولم تتوقف الحكومة الموريتانية عند هذا الحد بل أبرمت اتفاقاً مدته ثلاث سنوات مع المنتدى الموريتاني للصم، تم بموجبه دمج مدرسة الصم الخاصة بالمنتدى مع مركز تابع للحكومة، وإخضاع الرقابة للمنتدى على أن تفتحه الوزارة أمام التلاميذ من ذوي الإعاقة السمعية.

 

 

واليوم تأمل والدة الطفل محمد محمود أن يتواصل اهتمام الحكومة الموريتانية والمجتمع المدني الفاعل في قضايا الإعاقة السمعية ليتمخض عنه إقرار حق التعليم الثانوي لهؤلاء الأطفال، وأن تفتح أمامهم فرص التكوين المهني للولوج إلى سوق العمل مستقبلاً.

ونجحت منظمات المجتمع المدني الموريتاني المهتمة بقضايا الإعاقة السمعية للأطفال بجعلهم يدرسون نفس البرامج الدراسية التي تقدم إلى باقي تلاميذ المدارس مع اختلاف في المناهج وطرق التوصيل.

تحديات متنوعة

تتنوع التحديات التي تواجه فئة أصحاب الإعاقة السمعية في موريتانيا، فمنها ما هو اجتماعي نفسي سببه النظرة النمطية للأصم باعتباره شخصاً معاقاً ويحتاج إلى الشفقة من الجميع. إلا أن التحدي الحقيقي الذي يواجههم اليوم، يتمثل أساساً في "عدم وجود مناهج تعليمية وطرق تربوية خاصة بالصم، كما أن ضعف التواصل يعد مشكلة حقيقية لأن الوسيلة الوحيدة المتبعة في تعليم الأطفال هي لغة الإشارة، التي لا تعطي بدورها تواصلاً شاملاً مع تلك الفئة".

علاوة على ما سبق، هناك تحديات أخرى ترتبط بغياب الوسائل المساعدة التقنية والفنية، وضعف تكوين المعلمين وتدريبهم على التواصل التام مع الصم، وغياب دور الأسرة في مساعدة التلميذ لعدم معرفتهم بلغة الإشارة.

هنا يقترح منتدى الصم "دمج التلاميذ" الذين تجاوزوا مسابقة ختم الدروس الإعدادية مع زملائهم السامعين مع توفير الترجمة"، فيما تطالب الجمعيات المهتمة بقضايا ذوي الإعاقة السمعية بالتنسيق بين وزارتي الشؤون الاجتماعية والتعليم، لضمان نجاح تجربة الترجمة التي اعتمدتها المدارس في غياب هذا التنسيق الذي تسبب في تأخر منح مستحقات المترجمين.

لكن إطلاق مراحل تعليم إعدادية وثانوية لطلاب ذوي الإعاقة السمعية يحتاج إلى توفير أساتذة قادرين على التواصل بشكل تام مع الصم وملائمة البرامج التربوية مع المناهج الخاصة بتعليم الصم. وطالبت رئيسة جمعية الرضوان بضرورة المتابعة والتقويم من وزارة الشؤون الاجتماعية لتشجيع أسر الأطفال واستمرار تقديم المنح المالية لهم لمساعدتهم في تحمل كلفة معيشتهم وتعليمهم.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات