Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف أغضب الوجود الإيراني في السودان حسني مبارك (2-3)

محادثاته في الكويت ركزت على عملية السلام في الشرق الأوسط والحاجة إلى وحدة عربية أقوى

الرئيس المصري السابق حسني مبارك إلى جانب أمير الكويت الأسبق الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح (أ ف ب)

ملخص

جاء في وثيقة بريطانية أن مصر تفضل تحسين العلاقات الثنائية مع إيران، لكنها وضعت أمام الإيرانيين ثلاثة شروط

تتحدث وثائق وزارة الخارجية البريطانية المنشورة حديثاً في الأرشيف الوطني البريطاني عن وصول الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك إلى الكويت في العاشر من مايو (أيار) 1993 وذلك ضمن جولة خليجية أجراها برفقة وفد رفيع ضم وزير الخارجية، عمرو موسى، ووزير الإعلام، صفوت محمد الشريف، ورئيس ديوان الرئاسة. التقى الرئيس المصري بأمير الكويت آنذاك، الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، وولي عهده الشيخ سعد العبدالله، ووزير الخارجية، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (الذي سيصبح في ما بعد أميراً للبلاد). وكانت البحرين محطة مبارك الثانية، قبل أن يتوجه إلى أبو ظبي ويحل ضيفاً على الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لمدة ثلاثة أيام.
بعد زيارة الكويت انتقل الوفد المصري إلى العاصمة البحرينية المنامة في 12 مايو واستمرت زيارته مدة يومين. ركزت المحادثات المصرية البحرينية على القضايا الإقليمية ومنها التهديدات الإيرانية في تلك الفترة، "أخبر مبارك البحرينيين أن لديه أدلة على أن إيران كانت تدفع للمرتزقة الذين قاتلوا سابقاً في أفغانستان، للتسلل إلى مصر من السودان. وقال الرئيس إن بعض هؤلاء المتطرفين كانوا مصريين لكن الباقي جاء من دول عربية مختلفة".


الصفح للأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية

 جاء في التقرير البريطاني المرسل من قبل السفارة البريطانية في الكويت إلى لندن في 18 مايو 1993، حول جولة مبارك لدول مجلس التعاون، ما نصه "أخبرتنا السفارة المصرية أن المحادثات بين الأمير والرئيس ركزت على عملية السلام في الشرق الأوسط والحاجة إلى وحدة عربية أقوى. وأعرب الرئيس عن تفاؤله بشأن عملية السلام لكنه شدد على أنه لا توجد حلول سريعة. مصر سعيدة بمواصلة دورها كوسيط غير رسمي بين العرب والإسرائيليين. وافترض زميلي الأردني أن مبارك حاول طلب الصفح للأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية من أجل دعم عملية السلام، على رغم أن المصريين يقولون إنه لم يتم ذكرهم على وجه التحديد".
ويتحدث التقرير عن مساعٍ أخرى قام بها الرئيس المصري من أجل التقارب مع سوريا وعزلها عن إيران حيث ينقل التقرير هذه الفقرة: "دعا مبارك إلى مزيد من الوحدة بين الدول العربية، لا سيما داخل مجلس التعاون الخليجي، وهي طريقة غير مباشرة لمطالبة مجلس التعاون الخليجي بالوفاء بالتزاماته تجاه إعلان دمشق". ونقلت الصحافة المحلية حينها عن وزير الخارجية المصري عمرو موسى قوله إنه سيكون هناك قريباً تطور إيجابي حول "إعلان دمشق".
وكان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي زائد مصر وسوريا قد وقعوا في السادس من مارس (آذار) 1991 في العاصمة السورية، دمشق، وثيقة تهدف إلى التنسيق والتعاون الأمني والسياسي والاقتصادي بين الدول الثمانية التي شاركت في التحالف ضد العراق وأسهمت في عملية تحرير الكويت بعد الغزو العراقي في عام 1990، وعُرفت هذه الوثيقة بـ "إعلان دمشق".

جولة خليجية ناجحة

‏ووصفت وثيقة أخرى جولة مبارك الخليجية بـ"الزيارة الناجحة" التي "حظيت بتغطية صحافية واسعة. لا مفاجآت كبيرة في الجوهر. ربما كان المقصود من الدعوة العامة إلى وحدة عربية أوسع من أن تكون بمثابة رسالة تحذير أخرى لإيران. سيكون من دواعي سرور البحرينيين أن مبارك يشاركهم مخاوفهم بشأن النوايا الإيرانية. وربما يكون أيضاً يعد الرأي العام العربي لأي إجراء مستقبلي قد تتخذه مصر ضد التطرف الإسلامي".


الجالية المصرية تحرج الرئيس

وتعرض مبارك أثناء لقائه أفراد الجالية المصرية في الكويت والبحرين، لأسئلة محرجة من قبل بعض أفراد الجالية العاملة في دول مجلس التعاون، وصفها التقرير البريطاني بـ "الاستجواب العدائي"، الأمر الذي جعل مبارك يرفض زيارة إمارة دبي أو استقبال الجالية المصرية في دولة الامارات أثناء زيارته أبو ظبي. وجاء في التقرير "أثار مبارك ضجة هنا برفضه مقابلة الجالية المصرية أو السفر إلى دبي. ويبدو أن سلوك الجاليات المصرية في البحرين والكويت قد أغضبه، بخاصة في البحرين حيث تعرض لاستجواب عدائي بشأن نشاطات زوجته التجارية".

تجفيف مصادر تمويل التيارات الأصولية

وحول تجفيف مصادر تمويل التيارات الأصولية في مصر ومنع حملات التبرع الشعبي ومنع التحويلات من دول مجلس التعاون إلى مصر، ورد في إحدى الوثائق، "من الواضح أنه بصرف النظر عن الأهداف المالية التي شكلت عصب المناقشات الرئيسية، تقول تقارير صحافية نقلاً عن مصادر مصرية إن مبارك تمكن من تقديم أدلة دامغة على تورط إيران في الشؤون الداخلية لمصر. نحن نعلم أيضاً أن هناك قلقاً مصرياً كبيراً من حجم الأموال التي يتم توجيهها إلى الأصوليين في مصر من خلال الجمعيات الخيرية والبنوك الإسلامية هنا. استُقبل مبارك بحفاوة كبيرة من قبل الشيخ زايد الذي بذل في وقت سابق من هذا الشهر جهوداً استثنائية لضمان إصدار فتوى تستهدف بوضوح الأنشطة المتطرفة". ويضيف التقرير: "كانت درجة المودة الشخصية بين الاثنين واضحة في كل مناسبة عامة لكنها تتناقض بشكل ملحوظ مع التصور العام عن المصريين على أنهم متعجرفون وخاملون، بخاصة في الجامعات والمدارس، وأنهم أخطر مروجي الأصولية الإسلامية... وعلى غير العادة حتى بالنسبة إلى زيارات رئيس الدولة، كان نائب الرئيس، حاكم دبي، الشيخ مكتوم حاضراً في أبو ظبي طوال فترة الزيارة. ومما لا شك فيه أن زايد قصد ذلك للتعبير عن الاحترام الخاص (لمبارك)".


إيران وأمن الخليج العربي

وحول أمن الخليج العربي ودور إيران في المنطقة تذكر الوثائق البريطانية، ما نصه أن "عمرو موسى وصف إيران بأنها مشكلة خطيرة. كان النظام الإيراني قد جمع بين السياسة التوسعية للشاه ومفهوم تصدير ثورة الخميني. لم يكن لإيران منافسون في الخليج منذ هزيمة العراق. فقط مصر منعت المزيد من التوسع (الإيراني). كانت المشكلة هي أن دول الخليج العربي معرضة لخطر العدوان الإيراني المباشر، وبسبب تخوفها لم تتمكن هذه الدول من العمل معاً. لقد أدانت إيران بسبب (جزيرة) أبو موسى فقط عندما طلب منها المصريون القيام بذلك".
ويأتي تعليق الدبلوماسي البريطاني حول جولة مبارك الخليجية على الشكل التالي: "قدم المصريون بطبيعة الحال بشكل إيجابي قدر الإمكان جولة يبدو أنها كانت رقيقة من حيث الجوهر إذ كانت دافئة في لهجتها. ويبدو أن النتيجة الرئيسة هي الاتفاق على التعاون في وقف وصول الأموال إلى الجماعات المتطرفة في مصر. ربما دعا مبارك إلى مزيد من الوحدة العربية في مواجهة إيران والتطرف والعمل على تقديم وجه سمح ومقبول للإسلام لبقية العالم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول نشاطات الحرس الثوري الإيراني المغايرة للمواثيق والمعاهدات الدولية، تشير وثيقة بريطانية أخرى إلى أن القلق الأمني لم يقتصر على الدول العربية فحسب، بل شمل دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا أيضاً، "هل يوصي مجلس الوزراء الاتحاد الأوروبي بإنشاء لجنة لتحديد التدابير التي يمكن اتخاذها بشكل مشترك لحماية الأشخاص والممتلكات من هجمات عملاء النظام الإيراني، سواء في أوروبا أو في سفارات ومكاتب الشركات الخاصة للبلدان الأوروبية في إيران؟ سنواصل التعاون مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي والحكومات الأخرى لحماية مواطنينا وسفاراتنا قدر الإمكان. لقد أوضحنا نحن وشركاؤنا الأوروبيون في قمة إدنبره في كانون الأول (ديسمبر) 1992 قلقنا إزاء السلوك الإيراني في مجالات عدة، لا سيما الفتوى الصادرة ضد سلمان رشدي وممارسة الإرهاب".‏


شروط مصرية لعودة العلاقات بين طهران والقاهرة

وتتابع الوثيقة "خلال هذا الأسبوع، رأى مبارك وموسى بشكل مباشر الوضع المتوتر للغاية في الخليج (العربي). كان لا بد من إدخال الإيرانيين في المعادلة الأمنية الخليجية، لكنهم اعتقدوا دائماً أن الحديث عن أمن الخليج موجه ضدهم. تفضل مصر تحسين العلاقات الثنائية (مع إيران)، لكنها وضعت أمام الإيرانيين ثلاثة شروط.

 أولاً، يجب ألا يكون هناك المزيد من التدخل في شؤون دول مجلس التعاون في الخليج العربي.

 ثانياً، يجب وقف تصدير الثورة (كانوا يتدخلون بجدية في الجزائر وتونس وأوغندا وتنزانيا والسودان، على سبيل المثال لا الحصر).

 ثالثاً، كان على الإيرانيين أن يكونوا مستعدين للحفاظ على الانفتاح والعلاقات النزيهة".

اقرأ المزيد

المزيد من وثائق