Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مالي رهن أنياب "فاغنر" بعد مغادرة البعثة الأممية

مجلس الأمن يوافق على إنهاء مهمتها بطلب من الحكومة ومراقبون: من سيتصدى للإرهاب المسلح؟

واقع الحال يؤكد غياب تحالف قوي يدعم انتقال السلطة من العسكر إلى المدنيين (أ ف ب)

ملخص

بعد إنهاء مهمة البعثة الأممية وخروج القوات الفرنسية... مالي إلى أين؟

أثار إصرار الحكومة الانتقالية في مالي على إنهاء مهمة البعثة الأممية لتحقيق السلام التي دامت عقداً كاملاً، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية داخل البلاد التي لا تزال تعاني تداعيات عدم الاستقرار واستمرار الهجمات الدامية في الشمال والوسط.

كما أثار القرار حفيظة كل الرافضين لتغلغل قوات "فاغنر" الروسية في غرب أفريقيا، الذين اعتبروا أن طلب المجلس العسكري في مالي إنهاء مهمات قوات حفظ السلام يأتي بتدبير من المجموعة العسكرية الروسية الخاصة.

هل تستأثر بها "فاغنر"؟

يقول الباحث المالي المتخصص في قضايا الساحل إبراهيما بارو إنه "لا توجد أية مصلحة تدفع الحكومة الانتقالية في مالي للتوجه بهذا الطلب إلى مجلس الأمن وتصر عليه سوى الضغوط التي قد تفرضها ’فاغنر‘ عليها لتصبح مالي خالية من القوات الأجنبية، بعد تخلص باماكو من القوات الفرنسية والأوروبية بضغط من قوات ’فاغنر‘ أيضاً".

ويضيف بارو لـ "اندبندنت عربية" أن مالي ضعيفة أمنياً وعسكرياً وتعاني مشكلات سياسية واقتصادية منذ سنوات ضاعفت الانقلابات العسكرية الأخيرة من تأثيرها، وهي في أمس الحاجة إلى مساعدات دولية لتثبيت الاستقرار ومساعدة السكان المحليين بخاصة في المناطق التي لا يدخلها الجيش المالي، فكيف تطلب مغادرة القوة الأممية التي يقدر تعدادها بـ 13 ألف جندي؟

يؤكد بارو أن المجلس العسكري الحاكم في مالي يسارع إلى تلبية جميع طلبات قوات "فاغنر" منذ تعاون معها عام 2021، بدءاً من طرد القوات الفرنسية ثم طلبه انسحاب القوات الأوروبية، والآن جاء الدور على القوة الأممية التي طالما عانت توتراً مستمراً في العلاقات بينها وبين الجيش المالي بسبب فرض الحكومة قيوداً تسببت في عرقلة العمليات البرية والجوية لقوة حفظ السلام

لا تتركوا مالي وحدها

وبحسب تقارير أميركية فإن المجلس العسكري في مالي دفع أكثر من 200 مليون دولار لشركة "فاغنر" منذ نهاية عام 2021، وعلى رغم أن غالبية المراقبين يؤكدون حاجة مالي الملحة إلى مساعدة القوات الدولية في ظل ارتفاع وتيرة الهجمات الإرهابية التي أصبحت أكثر دموية واستهدافاً للمدنيين، فإن للحكام العسكريين في باماكو رأياً آخر إذ يفضلون مساعدة المجموعة الروسية بمفردها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول عواقب انسحاب البعثة الأممية يقول الباحث إبراهيما بارو إن الهدف العسكري للمنظمات الإرهابية هو السيطرة على منطقة الحدود الثلاثة بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وبسبب ضعف الجيوش في هذه الدول فإن أي تهاون أو فشل أو تراجع عن مهمة حماية المدنيين سيؤدي إلى زيادة نفوذ الجماعات المسلحة التي سبق أن سيطرت على شمال مالي عام 2012 في ظروف مشابهة.

ويشير إلى أن مناطق بأكملها في شمال مالي لا تزال خارج سيطرة القوات المسلحة المالية نتيجة تأخر تطبيق اتفاق السلام الموقع بين الحكومة والحركات المسلحة المطالبة باستقلال إقليم أزواد شمال البلاد عام 2015 .

ويدعو الباحث المجتمع الدولي إلى عدم إهمال مالي التي تعاني تأثير حكم العسكريين بعد توالي انقلابين عسكريين عليها، ومن فقدان الدولة السيطرة على أجزاء كبيرة شمال البلاد بسبب عجزها عن تأمين الموارد الكافية لإجراء عمليات عسكرية ضد المسلحين.

الأكثر كلفة مالاً وبشراً

وتعد البعثة الأممية في مالي أكثر بعثات الأمم المتحدة كلفة بـ 1.2 مليار دولار سنوياً، كما أنها الأكثر كلفة في عدد الضحايا إذ بلغ مجموع جنود القبعات الزرق وموظفي البعثة الأممية الذين لقوا حتفهم في البلاد 309 أشخاص.

ووافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الجمعة الماضي بالإجماع على إنهاء مهمة البعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي، بطلب من الحكومة.

ويشير القرار الذي صاغته فرنسا إلى أن البعثة ستوقف بشكل نهائي مهماتها وعملياتها في البلاد، وستنظم انسحاباً آمناً لجنودها بهدف إتمام هذه العملية بحلول الـ 31 من ديسمبر (كانون الأول) 2023.

وأسهمت قوات حفظ السلام في حماية المدنيين من هجمات المجموعات المتطرفة وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساس، إذ استطاعت البعثة الأممية بوسائلها المتاحة سد العجز الإداري في أماكن عدة في الشمال، كما ساعدت في عودة النازحين لمناطقهم بعد توفير ما يلزمهم في شمال ووسط البلاد.

ماذا بعد رحيل البعثة؟

وتدهورت العلاقات بين باماكو والبعثة الدولية منذ سيطرة العسكريين على السلطة في البلاد عام 2020، إذ اشتكت البعثة من القيود التي يفرضها العسكريون على حركة الجنود، وازدادت الأمور تعقيداً مع طرد أول رئيس لقسم حقوق الإنسان في البعثة بعد إصداره تقارير عن انتهاكات رفضت سلطات باماكو فتح تحقيقات فيها، معتبرة أن الأمر كله "محاولات لزعزعة استقرار البلاد".

وتتهم مالي البعثة الأممية بالفشل في المهمة الموكلة إليها على رغم أنها أنشأت 10 قواعد موزعة في أرجاء مالي منذ عام 2013 للمساعدة في إرساء الاستقرار وحماية المدنيين والإسهام في جهود السلام والدفاع عن حقوق الإنسان.

ويأتي إنهاء مهمة البعثة الأممية بعد عامين من رحيل القوات الفرنسية الذي طالب به الحكام العسكريون أيضاً، في حين يخشى مراقبون من تدهور الوضع الأمني بعد رحيل القوات الأوروبية والبعثة الأممية، ويؤكدون أن الجيش المالي يعاني نقصاً في العتاد ولا يستطيع السيطرة على مناطق شاسعة في شمال ووسط البلاد.

ومهما كانت النتيجة التي سيخلفها انسحاب القوات الدولية من مالي فإن الواقع الحالي يؤكد غياب تحالف قوي يدعم عمل المرحلة الانتقالية في البلاد التي ستنظم بعد فترة انتخابات رئاسية يُسلم بعدها العسكر السلطة للمدنيين.

وكان مجلس الأمن الدولي مدد في يونيو (حزيران) 2022 مهمة البعثة الأممية لحفظ السلام في مالي (مينوسما) مدة عام واحد، من دون دعم جوي فرنسي كما كانت عليه الحال في السابق حين كانت قوة "برخان" الفرنسية تعمل في البلاد.

وأنشئت البعثة الأممية لتحقيق الاستقرار في مالي في الـ 25 من أبريل (نيسان) 2013، وقادها وزير الخارجية الهولدني السابق بيرت كوندرز (2013 - 2015)، وبعده الدبلوماسي التونسي منجي حامدي (2015 - 2016)، ثم الدبلوماسي التشادي محمد صالح النظيف (2016 - 2021)، فالموريتاني القاسم واني من 2021 وحتى انتهاء مهماتها في يونيو الجاري.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير