Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أخطار غامضة وأخرى راهنة... توقعات السوق للمستقبل القريب

في هذه الفترة من الغياب الكبير لليقين الجيوسياسي، نلقي نظرة على ما يتوقع خبراء ماليون حدوثه خلال الأشهر المقبلة

القلب التجاري لمدينة لندن (غيتي)

ملخص

نحن نعيش في فترة من الغياب الكبير لليقين الجيوسياسي... فمن انقلاب محتمل في روسياإلى حرب مستعرة في أوكرانياوصولاً إلى تصرفات صينية لايمكن التنبؤ بها حيال تايوان

في هذا الوقت من العام الذي يعد فيه المعلمون تقاريرهم ويضعون توقعاتهم، أعتقد بأنه من المفيد ربما القيام بالأمر نفسه بالنسبة إلى الأسواق.

نحن نعيش في فترة من الغياب الكبير لليقين الجيوسياسي. نهاية الأسبوع الماضي، عرض علينا مشهد انقلاب محتمل في روسيا. وعلى رغم التعامل معه ظاهرياً، إلا أن الهشاشة لا تزال قائمة في موسكو. وفي الوقت نفسه، تستعر الحرب في أوكرانيا. وفي آسيا، لا يمكن التنبؤ بتصرفات الصين – هل ستهاجم تايوان أم لا؟ هذا الأسبوع، قدم لي اثنان من الخبراء في الشأن الصيني إجابات مختلفة عن السؤال نفسه. قال أحدهم: "لا"، وقال الآخر: "نعم، لكن ليس على الفور".

في الولايات المتحدة، يستعدون لإجراء انتخابات رئاسية تعد بأن تكون غريبة، إن لم تكن مخيفة في شكل صريح – مع اتجاه الشاغل الضعيف للمنصب على نحو متزايد على ما يبدو لمواجهة سلفه الغاضب [ترمب] الذي يواجه اتهامات على المستوى الفيدرالي.

التضخم متفش عبر القارات، ومعدلات الفائدة آخذة في الارتفاع. كما تواصل أزمة المناخ إشعارنا بوجودها المتنامي. وهناك عامل جديد يجب إضافته إلى هذا المزيج – في ما يشبه المفاجأة، وهو الذكاء الاصطناعي الذي يشغل بمزاياه وعيوبه المحتملة كلها، عقول الشركات والحكومات.

لحسن الحظ، هناك دليل مفيد في متناول اليد لمحاولة فهم كل شيء، أو بالأحرى، لمعرفة ما يفكر فيه الآخرون، الأكثر خبرة. إنه أحدث "استطلاع لتخصيص الأصول" الصادر عن شركة بحوث الاستثمار المستقلة والتي تقع في القلب التجاري للندن، وهي "البحوث الاستراتيجية المطلقة". كل فصل سنوي، تسأل الشركة كبار مسؤولي الاستثمار وموزعي الأصول والاقتصاديين والاستراتيجيين المتعددي الأصول عن التوقعات الخاصة بالأسواق المالية للأشهر الـ12 المقبلة. هذه المرة، تلقت 242 رداً من أشخاص مسؤولين عن إدارة أصول بقيمة 6.6 تريليون دولار أميركي.

في حين يُبرِز المؤلفان المشاركان ديفيد باورز وتشارلز كارا بعض الأمور، لجهة التفاؤل، أنتج الاستطلاع ثاني أسوأ استنتاج في تاريخ هذه الاستطلاعات. كان الاستنتاج السابق فقط، الصادر في مارس (آذار) من هذا العام، أسوأ، وكان أسوأ بفارق طفيف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول الاستطلاع، يتوقع نحو 56 في المئة من المشاركين فيه أن يتفاقم الركود العالمي والبطالة الأميركية – وهذان مقياسان أساسيان للاقتصاد العالمي برمته. ولكنهم من جهة أخرى يبقون "متناقضين للغاية في شأن آفاق دورة الأعمال العالمية، إذ بدأ المستثمرون يتساءلون عما إذا كان بإمكان الصين أن تحقق نمواً يفوق خمسة في المئة خلال الأشهر الـ12 المقبلة".

إن كون استطلاع مارس والاستطلاع الحالي سيئين هو أمر مثير للدهشة، لأنه لا ينعكس في الأسواق. فقد أجري استطلاع مارس في خضم أزمة مصرفية قيد التشكل. ومرت، بالكاد. ومنذ ذلك الحين، ارتفع مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بنحو 10 في المئة، وزاد مؤشر "ناسداك" بنسبة 16 في المئة، وتفوق أداء الأسهم العالمية على السندات العالمية بنسبة 12 في المئة. "كما شهدت الأشهر الثلاثة الماضية تحركات كبيرة في السوق التي مثلت تحدياً مباشراً لوجهة نظر موزعي الأصول [أفراد أو كيانات مسؤولة عن التخصيص الاستراتيجي للأصول الاستثمارية عبر فئات الأصول المختلفة لتحسين أداء المحفظة وإدارة الأخطار] في العالم – لكنها حتى الآن لم تغير في شكل أساسي توقعاتهم المراهنة على التراجع".

هم أقل تشاؤماً في ما يتعلق بربحية الشركات. ويبدو أن السبب وراء هذا التحول هو الذكاء الاصطناعي وإمكان أن يعزز الأرباح في الأجلين القصير والمتوسط. لكن موزعي الأصول، ومع ذلك، لا يرون في الذكاء الاصطناعي "عامل تغيير" فوري للعبة في الأشهر الـ 12 المقبلة، لكنهم يتوقعون تأثيره الكبير في المستقبل.

يعتبر أداء أسهم التكنولوجيا جيداً، لكن بشكل عام، من المتوقع أن يكون أداء الأسهم أسوأ من أداء السندات. في البداية، رجح الخبراء ارتفاع أسعار الذهب، وهو ما يُنظر إليه عادة على أنه علامة سلبية وانعكس في انهيار بنك "وادي السيليكون" وما نتج من ذلك من انعدام في الاستقرار. على رغم أن الخبراء ما زالوا يتوقعون ارتفاع أسعار الذهب، فقد انخفض عدد الأشخاص الذين قاموا بهذه التقديرات. لا يزال احتمال صعود أسعار الذهب أعلى من 50 في المئة، مما يعطي مؤشراً إلى وجود مخاوف كامنة.

يعتقد الخبراء بالفعل بأن معدل التضخم في الولايات المتحدة سينخفض في غضون 12 شهراً وأن معدلات الفائدة ستتراجع. وحيث تتولى الولايات المتحدة القيادة، تتبعها أوروبا، لذلك هناك أسباب للتفاؤل.

مع ذلك، يحدد الخبراء أيضاً التضخم باعتباره أكبر الأخطار الحالية للأسواق والمستثمرين. وهم يخشون من أن تفشل المصارف المركزية في السيطرة عليه وأن تقفز معدلات الفائدة وأن يتجه العالم إلى ركود عميق. وفي مقدور صدمة أخرى للإمدادات، مثل تلك التي تسبب بها الغزو الروسي لأوكرانيا، أن تكون كارثية وتؤدي إلى ارتفاع معدلات الفائدة.

ويشعر بعض المستجيبين بقلق من أن تعتاد المصارف المركزية على التضخم، وأن يصبح التضخم "وضعاً طبيعياً جديداً"، وألا تُتّخَذ خطوات كافية لإخضاعه للسيطرة.

يمكن أن ينخفض معدل التضخم بسلاسة وأن يشهد الاقتصاد البريطاني "هبوطاً سلساً" وأن نتجنب الركود. ويمكن وضع ذلك في إطار "شيء حسن امتلاكه" – أمر عظيم إذا حدث ذلك، لكن قليلاً من الأدلة على أنه سيحدث تتوافر حتى الآن.

لا تزال المخاوف قائمة من أن يؤدي شح السيولة إلى التخلف عن تسديد الديون في الولايات المتحدة – وهو ما أدى فعلياً إلى اندلاع الأزمة المصرفية عام 2008. وتسبب أسواق الإسكان وأسواق المكاتب التجارية قلقاً – الأولى بسبب ارتفاع معدلات الفائدة وعدم قدرة المقترضين على التسديد، والثانية بسبب العمل من المنزل وفرط قدرة العرض.

الاستنتاج إذاً هو أن التوقعات قاتمة في الأجل القريب، وأن عوائد السوق بعد الأزمة المصرفية المهدِّدة قبل ثلاثة أشهر مبالغ فيها. ولاستعادة الثقة، من الواضح أن النزاع الأوكراني يجب أن ينتهي، على رغم علامات الاستفهام التي تلوح في الأفق حول مستقبل روسيا، وأن على الصين ألا تعلن الحرب على تايوان. إذا حدث ذلك وحل سلام في أوكرانيا وتوقفت الصين عن التهديد، ستنحسر السحب الأكثر وطأة.

ليس في مقدور المستثمرين إلا أن يتحلوا بالصبر وضبط النفس.

© The Independent