Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاعتداءات الإرهابية في مالي تدفع آلاف اللاجئين إلى حدود الجزائر

مراقبون: ما يثير القلق تواتر أخبار عن عزم جيش باماكو بسط السيطرة على شمال البلاد بعد عمليات تسليح واسعة

العنف الإرهابي في مالي يدفع السكان إلى الفرار نحو دول الجوار (مفوضية شؤون اللاجئين)

ملخص

تحول الساحل إلى قاعدة خلفية للإرهابيين يهدد استقرار المنطقة وأوروبا معنية بالخطر

يبدو أن الاستقرار في منطقة الساحل ليس بقريب، إذ تتصاعد الاعتداءات الإرهابية بشكل رهيب منذ انسحاب الجنود الفرنسيين ثم قوات الأمم المتحدة، وأمام ضعف الحكومات المحلية، وجدت الجماعات المسلحة فراغات استوجب ملؤها لتحقيق أهداف وجودها وإن اختلفت، وهو الوضع الذي جعل السكان يفرون باتجاهات مختلفة بحثاً عن الأمن والأمان.

هجمات وحشية

ودفعت اعتداءات تنظيم "داعش" الإرهابي المتكررة في شمال مالي آلاف الماليين إلى الحدود الشمالية مع الجزائر. وقال مسؤول في تنسيقية الحركات الأزوادية مولاي أغ سيدي، في تصريحات إعلامية، "وصل منذ الشتاء الماضي أكثر من سبعة آلاف نازح إلى بلدية تينزواتن على الحدود المالية الجزائرية"، و"قدمنا لهم الحماية والمساعدات الممكنة"، أضاف أغ سيدي أن الوضع الإنساني مزر للغاية منذ أشهر "هنا مئات الشيوخ والنساء بلا رعاية، والشباب الصغار يبحثون عن مهرب، وهم في خطر، فقد تختطفهم الحركات المتطرفة كما يحدث عادة أو تغريهم عصابات التهريب والإجرام"، موضحاً أن مكاتب تنسيقية الحركات الأزوادية تقوم بمحاولات حماية اللاجئين أولاً من أي اعتداء محتمل، وأيضاً تقديم ما أمكن من المساعدات في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها آلاف اللاجئين، وأبرز أنه لا توجد حلول في الوقت الراهن، لذا "ندعو الأمم المتحدة إلى المسارعة للمنطقة ونجدة اللاجئين، كما ندعو كل المنظمات الإنسانية العربية والأجنبية إلى التضامن مع اللاجئين في الداخل".

توسع إرهابي وفتوى بمسح عرقي

ووسع تنظيم "داعش" الإرهابي هيمنته بشكل كبير في المنطقة الشاسعة والنائية والقاحلة المعروفة بالمثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو إلى حدود الجزائر الجنوبية، على رغم كثرة خصومه وتنوعهم بين جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، إلى القوات المالية المسلحة، فمجموعات محلية مسلحة، الأمر الذي رفع من "همجية" التنظيم، وقد مست اعتداءاته العنيفة المدنيين بعد القوات العسكرية الحكومية.

وأصدر تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى فتوى، في مارس (آذار) 2022، تجيز العنف ضد قبائل دون أخرى ومصادرة ممتلكاتها. وقالت منظمة العفو الدولية إن جماعات مسلحة تابعة لـ"داعش" ذبحت مئات الأشخاص في شمال شرقي مالي هذا العام. أضافت، في تقرير، أن "السلطات لا تفعل ما يكفي لحماية المدنيين"، وأن عشرات آلاف القرويين فروا من منازلهم بعد أن فقدوا مواشيهم وممتلكاتهم في هجمات "داعش".

تضارب في أرقام اللاجئين

في السياق، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عبدالكريم عليوات أنه منذ رحيل القوات الفرنسية، قبل عامين، ثم قوات الأمم المتحدة "مينوسما"، استغلت التنظيمات الإرهابية الفراغ الأمني وقامت بهجمات متتابعة لم تتوقف إلى غاية الآن، وأفرزت وضعاً صعباً دفع آلاف اللاجئين نحو البلدان المجاورة، مبرزاً أنه تم تسجيل أعداد من اللاجئين على الحدود الجزائرية الجنوبية، حيث وجدوا المساعدات الغذائية والطبية التي يقدمها الهلال الأحمر الجزائري، لكن تبقى الأرقام التي تقدمها بعض المنظمات مشكوكاً فيها، في ظل غياب معلومات حول الموضوع من السلطات الرسمية. وقال إن الأعداد المتداولة في حال صدقيتها تكشف عن كارثة إنسانية، غير أن الوضع ليس كذلك أمام عدم إشارة المجتمع الدولي إلى الأمر، لكن إدارة تنسيقية الحركات الأزوادية ذكرت، في تصريحات إعلامية، أنه تم تحديد 7500 لاجئ، أي ما يقارب 1500 أسرة، وأبرزت أن هؤلاء يتوزعون على ثلاثة مخيمات في بلدية تينزواتن، إحدى بلديات محافظة عين قزام الجزائرية على الحدود مع مالي حيث وجدوا الأدوية التي قدمها الهلال الأحمر الجزائري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح عضو "منظمة إيموهاغ الدولية من أجل العدالة والشفافية" أيوب أغ شمد أن وضع اللاجئين والنازحين وصل حداً يشبه ما حدث أعوام 1973، حين فقد كثير من العائلات كل ما لديه بسبب الجفاف الذي ضرب الصحراء، مشيراً إلى أنه في الأشهر القليلة الماضية أجبرت أعمال "داعش" الوحشية سكان عدد من القرى إلى الفرار نحو النيجر والجزائر، والبعض الآخر اتجه نحو مدن الأقاليم الكبرى.

صورة قاتمة ومشهد ضبابي

ورسمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" صورة قاتمة للأوضاع في مالي، واتهمت الأطراف كافة بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية بما فيها القوات الحكومية، إذ أكد تقريرها الصادر العام الماضي أن أكثر من 385 ألف شخص نزحوا من قراهم بسبب الصراع، وأوضحت أن تنظيم "داعش" في مالي ينتهج سياسة العقاب الجماعي وبث الرعب بين القبائل والمجموعات العرقية، من خلال اجتياح القرى والإعدام الجماعي للسكان وإحراق المحاصيل وتدمير الممتلكات.

إلى ذلك، رأى أستاذ العلاقات الدولية المهتم بالشؤون الأفريقية مبروك كاهي أن العمليات العسكرية الواسعة التي تقودها القوات المالية في وسط البلاد لطرد الجماعات الإرهابية جعلت الأخيرة تنقل نشاطاتها إلى شمال مالي، مستغلة في ذلك الظروف العديدة ومنها انسحاب قوات "مينوسما" الأممية وعدم قدرة الجيش المالي على التوغل نحو الشمال بحكم "اتفاق الجزائر" للسلم والمصالحة المبرم بين حكومة باماكو والحركات الأزوادية التي عجزت عن طرد الإرهابيين.

وواصل كاهي أن الأخبار المتواترة عن تدفق آلاف اللاجئين من سكان شمال مالي على الحدود الجزائرية أمر متوقع أمام ضبابية المشهد، لا سيما أن "اتفاق الجزائر" للسلم والمصالحة عرف تأخراً كبيراً في تنفيذ بنوده على رغم تأكيد جميع الأطراف الموقعة على احترامه. وتابع أستاذ العلاقات الدولية "لكن ما يثير القلق تواتر أخبار عن عزم الجيش المالي على بسط السيطرة على شمال البلاد بعد عمليات التسليح الواسعة وبناء السلطات الانتقالية لشبكة تحالفات دولية جديدة مع روسيا والصين وحتى إيران".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير