Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سببان متداولان للحدث النيجري: طموح "فاغنر" ومحاولة إقالة جنرال

فقر وفساد ورغبة في الفوز بثروات البلاد

عرفت النيجر اغتيالات سياسية عدة ومحاولات انقلابية فاشلة كان آخرها في مارس 2021 (أ ف ب)

ملخص

أكد الباحث الموريتاني محمد سعيد هيبة أن النيجر مثل غيره من الدول غرب أفريقيا لديه مشكلات في السياسات الخاصة بها داخلياً

بعد مرور أيام على الانقلاب العسكري في النيجر الذي أطاح بحكم الرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد بازوم، يتساءل كثيرون عن الأسباب الرئيسة التي أدت إلى تمرد قوات الحرس الرئاسي، في بلد يُعرف بقلة الانقلابات وسط محيط مضطرب سياسياً وأمنياً.

وعلى رغم الصعوبات الاقتصادية والأمنية التي يعاني منها النيجر، إلا أنه لم يعرف في تاريخه الحديث منذ استقلاله عن فرنسا عام 1960، سوى أربعة انقلابات عسكرية أعوام 1974 و1996 و1999 و2010.

كما عرفت البلاد اغتيالات سياسية عدة ومحاولات انقلابية فاشلة كان آخرها في مارس (آذار) 2021، قبل يومين من تنصيب محمد بازوم رئيساً للبلاد، حيث اعتقل عشرات الضباط في القصر الرئاسي وتم توجيه تهم عدة لهم من بينها الخيانة ومحاولة قلب نظام الحكم.

استقرار سياسي

وعلى رغم ذلك، فقد عاشت النيجر في العشرية الأخيرة فترة من الاستقرار السياسي تميزت بتداول السلطة سلمياً للمرة الأولى في تاريخها بين رئيسين منتخبين، إذ تسلّم محمد بازوم السلطة خلفاً للرئيس محمد يوسفو الذي سبق أن انتخب لولايتين رئاسيتين كل منهما خمس سنوات، وغادر السلطة طوعياً ولم يترشح لولاية ثالثة عكس ما يحدث عادة في الدول الأفريقية.

واستأثر حدث تنظيم انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة بشهادة المراقبين الدوليين، باهتمام كبير في أفريقيا، حيث شكلت النيجر استثناء في محيطها آنذاك بعد الانقلاب في مالي ومقتل رئيس تشاد إدريس ديبي، وأسفرت الانتخابات عن فوز محمد بازوم بالجولة الثانية بعد منافسة شديدة مع زعيم المعارضة ماهامان عثمان، حصل فيها بازوم على 55 في المئة من الأصوات فيما حصل منافسه عثمان على 44.25 في المئة.

 حليف فرنسا الأخير يسقط

لعل الحديث عن السياقات التي قادت إلى حدوث الانقلاب في النيجر، يتطلب البحث في تأثير الانقلابات المتوالية في دول غرب أفريقيا على البلاد، بخاصة على طموح العسكر بهذه الدولة حديثة العهد بالديمقراطية والتي يزيد تعداد سكانها على 21 مليون نسمة، يعاني معظمهم من الفقر والأمية.

ففي أقل من ثلاث سنوات حدثت ستة انقلابات عسكرية في غرب أفريقيا، اثنان بمالي في أغسطس (آب) 2020، ومايو (أيار) 2021، ومثلهما في بوركينا فاسو في يناير (كانون الثاني) وأكتوبر (تشرين الأول) 2022، إضافة إلى انقلاب في غينيا وقع في سبتمبر (أيلول) 2021، ومقتل رئيس تشاد إدريس ديبي على يد متمردين ما أدى إلى استيلاء ابنه على السلطة لفترة انتقالية، إضافة إلى محاولة انقلاب شهدتها غامبيا في ديسمبر (كانون الأول) 2022.

وقال الباحث الموريتاني محمد سعيد هيبة إن وجود النيجر في محيط مضطرب أمنياً وسياسياً وفشل الجيش في السيطرة على الحدود ومنع تسلل الإرهابيين إضافة إلى الفساد المستشري، كلها أسباب أدت إلى حدوث انقلاب أخرج النيجر من حالة الاستثناء التي كانت تعيشها في العشرية الأخيرة، وأضاف أن "أخطاء الرئيس بازوم التي سببت الانقلاب تكاد تكون نقاطاً إيجابية أكثر منها أخطاء لكنها عجلت برحيله، فالرجل يعتبر آخر حليف لفرنسا في المنطقة، وبالتالي أي دعم تقدمه مجموعة فاغنر للطامحين في أخذ مكانه مفهوم ومتوقع، كما أن تزامن الانقلاب مع انعقاد القمة الروسية - الأفريقية التي رفض بازوم المشاركة فيها، دليل آخر على توجه الرئيس نحو حليفه الاستراتيجي فرنسا التي تتوفر على قواعد عسكرية بالنيجر".

وتأتي محاولة الانقلاب مع افتتاح القمة الروسية - الأفريقية في سان بطرسبرغ، بمشاركة 49 دولة أفريقية و17 رئيس دولة، والتي ناقشت تعزيز التعاون بين روسيا والدول الأفريقية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأى الباحث الموريتاني أن بؤرة العنف والإرهاب التي بدأت في مالي 2012 وامتدت الى أنحاء منطقة الساحل جنوب الصحراء الكبرى إلى بوركينا فاسو والنيجر وتشاد وساحل العاج، فتحت الباب واسعاً أمام روسيا وميليشيات "فاغنر" لعرض المساعدة والتدخل في شؤون الدول الأفريقية مقابل الحصول على ثروات هذه الدول الغنية بالذهب واليورانيوم، وأشار إلى أن بازوم كان منفتحاً على جميع التيارات السياسية وأنه لم يُمنح الفترة الكافية لتحقيق تغيير حقيقي، إذ لم تمض على فترته الرئاسية سوى عامين وثلاثة أشهر وهي أقل من نصف مدة الولاية الرئاسية.

وأكد هيبة أن النيجر مثل غيره من الدول، غرب أفريقيا، لديه مشكلات في السياسات الخاصة بها داخلياً، وأن هناك تذمراً قبائلياً ملحوظاً، منذ فترة، كما أن قوات الجيش تبدي، أحياناً، تذمراً من الأوضاع بخاصة انتشار الفقر والإرهاب وسوء إدارة واستشراء الفساد.

وكان بيان الحرس الرئاسي، الذي صدر بعد الانقلاب، أكد أن الاطاحة ببازوم هو نتيجة للوضع الأمني المتدهور وسوء الإدارة المالية، وهي عادة المبررات نفسها التي يقدمها الانقلابيون في دول غرب أفريقيا.

وقال الباحث الموريتاني إن محمد بازوم كان بصدد إقالة رئيس الحرس الرئاسي في الفترة الأخيرة، وهذا ربما السبب المباشر لحدوث الانقلاب، مشيراً إلى أن الرئيس بازوم كان عليه أن يستدرك الأمور ويعالجها بسرعة بخاصة المشكلات التي تعاني منها النيجر إضافة إلى تقليص صلاحيات قوات الحرس الرئاسي، لا سيما أنها سبق وحاولت الانقلاب على السلطة قبل يومين من تسلم بازوم مقاليد الحكم.

من هم قادة الانقلاب

تنتمي المجموعة التي نفذت الانقلاب على الرئيس محمد بازوم إلى كتيبة الحرس الرئاسي وهي نخبة من صفوة القوات المسلحة النيجيرية من حيث التدريب والفاعلية والمكانة، وهي مكلفة بحراسة الرئيس والمقار الرئاسية.

ولا يعاني الجيش النجيري من انقسام في بنيته أو استقطاب حاد كما في بعض الجيوش في هذه المنطقة، وتعتبر كتيبة الحرس الرئاسي التي نفذت الانقلاب من أقوى كتائب الجيش وأكثرها تنظيماً وتسلحاً.

ويرأس الكتيبة العقيد أمادو عبدالرحمن، قائد الانقلاب العسكري، الذي أعلن عن تأسيس "المجلس الوطني لحماية الوطن"، وبحسب مصادر خاصة، فقد ظل عبدالرحمن شخصية مثيرة للجدل في الجيش النيجيري، منذ أن تمت ترقيته أثناء حكم الرئيس السابق محمدو يوسفو الذي كان من المتحمسين له، ثم حاول الرئيس بازوم تقليص صلاحيات عبدالرحمن وتنحيته، لكن الأخير كان أسرع منه فانقلب على حكمه.

وظهر العقيد في الخطاب المتلفز محاطاً بتسعة عسكريين من بينهم جنرالان، هما قائد القوات الخاصة الجنرال بارمو باتوري، ونائب رئيس أركان الجيش الجنرال محمد تومبا .

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات