Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصير دول الساحل حال التدخل العسكري في النيجر

دول "إيكواس" تتمهل لتنظيم صفوفها والتنظيمات المتطرفة تنتظر القرار لبسط سيطرتها

لغة السلاح تهدد منطقة الساحل في ظل مشاكل إثنية وتضارب مصالح وولاءات خارجية (مواقع التواصل)

ملخص

منطقة الساحل الصحراوي تقف فوق برميل بارود، لن يبقي انفجاره ولا يذر دول وشعوب المنطقة... فما المصير الذي ينتظرها؟

أصبحت منطقة الساحل الصحراوي تقف فوق برميل بارود، لن يبقي انفجاره ولا يذر دول وشعوب المنطقة، لاسيما بين تأكيد واشنطن بأن التدخل العسكري في النيجر الذي تهدد به المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" لن يكون قبل ستة أشهر، مع ضعف جيوش هذه المنظمة من حيث الجاهزية والتمويل، وكذلك تحذير روسيا من مغبة الإقدام على الخطوة، وإعلان مالي وبوركينا فاسو وقوفهما إلى جانب المجلس العسكري في نيامي.

شد وجذب

وعلى رغم تأجيل "إيكواس" اجتماعاً عسكرياً كان مقرراً بشأن القيام بعملية عسكرية لإعادة الرئيس النيجري المعزول محمد بازوم للسلطة، بعد الانقلاب الذي أطاح به في الـ26 من يوليو (تموز) الماضي، إلا أن التخوف الأفريقي يبقى سيد المشهد، لا سيما في ظل الأوضاع التي تزداد سوءاً في مالي إثر اندلاع مواجهات مسلحة بين أطراف من الأزواد والحكومة المالية.

ويبقى التساؤل حول مصير منطقة الساحل في حال التدخل عسكرياً في النيجر يطرح نفسه بقوة لدى مختلف الأوساط لا سيما الأفريقية منها، باعتبار أن الدول الغربية والشرقية تهمها مصالحها قبل شعوب المنطقة، لاعتبارات عدة أهمها البعد الجغرافي، في حين أن دول شمال البحر المتوسط تبقى عرضة لارتدادات عكسية تجعلها تدفع ثمن أية فوضى في الساحل، أولها أمواج اللاجئين الذين لن يجدوا الأمل إلا في بلوغ جنوب أوروبا قبل التوسع إلى كامل دول الاتحاد، وهو ما تتفق حوله آراء متابعين وخبراء.

عواقب كارثية

وقال متخصص العلوم السياسية والعلاقات الدولية الجزائري عبدالوهاب حفيان، إن عواقب التدخل العسكري في النيجر ستكون كارثية على دول الساحل وعلى جوارها الإقليمي، خصوصاً في ما تعلق بالشقين الإنساني والأمني، باعتبار أن المنطقة تتسم بالهشاشة على كامل الأصعدة، زد على ذلك إصرار مجلس إنقاذ النيجر على مواجهة أي تدخل بالرد مع حلفائه الجدد مالي وبوركينافاسو، إضافة إلى تلميحات "إيكواس" بأن التدخل سيحدث انشقاقات داخل الجيش النيجري نفسه، مما يزيد من تعميق التداعيات التي يمكن أن تؤول إلى وجهها الحاد والمتمثل في الصراع الطائفي أو العرقي.

وأشار حفيان إلى أن من مخرجات الصراع تفاقم طلبات اللجوء وتزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين التي أصبحت تهدد دول الجوار خصوصاً تونس وليبيا في ما يتعلق بحقوق الإنسان، وعلاقة الموضوع بدول المقصد التي عادة ما تكون بلدان الاتحاد الأوروبي، وكذلك عجز شركاء الضفتين عن حلحلة الملف والوصول إلى توافقات مرضية للطرفين، مما يعقد من الوضع عامة ويجعل من خيار التدخل العسكري مكلفاً.

 

 

وواصل حفيان القول إن الفوضى تجعل منطقة الساحل جالبة للتدخلات الدولية، وبؤرة للفشل الدولاتي المستقطب للتطرف والعنف، مما يرهن مستقبل الأجيال ويعمق فجوة متلازمة "تنمية - أمن"، ويزيد من حرمان قارة أفريقيا من "الفرص والمستقبل"، مشيراً إلى إمكاناتها التي تجعلها رائدة للتنمية المستقبلية.

ولفت متخصص العلوم السياسية إلى أن التنافس الدولي والأطماع الشرسة على الموارد الأفريقية أصبح يسير نحو تبني منطق الاستعمار الناعم الذي قد يحرم الإنسانية جمعاء من فرص النمو والتطور المستدامين، مستبعداً في الأقل خلال الأفق المنظور ظهور دول جديدة في الساحل تفرزها انقسامات مقصودة من جهات خارجية في سياق الفوضى المترتبة عن التدخل العسكري.

ونوه حفيان إلى أن الكيانات الوهمية المناسباتية أظهرت جلياً أنها دمى في يد الإمبرياليات تستعملها متى ظهرت الحاجة لها، خصوصاً أن دول جوار مالي ومنهم الجزائر، تؤكد على ضرورة الوحدة الترابية لجارتها، مشدداً على أن المنطقة تشهد استعمالاً صارخاً لأدوات الفوضى من القوى المستفيدة من بقاء الوضع على حاله، وكذلك إدامة الاستفادة وتعظيمها إن أمكن، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن مؤشر جلب التدخلات الأجنبية من أهم خصائص الدولة الفاشلة، وهذا ما يحدث حالياً بأغلب دول الساحل وحزامها.

مسارات التدخل

من جانبه يرى الباحث في الشؤون الأفريقية التونسي محمد آدم المقراني أن إمكان التدخل العسكري في النيجر يمثل سابقة من نوعها في تاريخ "إيكواس"، إذ صارت موجة الانقلابات المتكررة مهددة لاستقرار الأنظمة السياسية المستمرة منذ عقود، خصوصاً أن انقلاب النيجر أطاح برئيس منتخب، وهو ما يبرز هشاشة البنية المؤسساتية والسياسية لهذه الدول، مشيراً إلى أن التدخل العسكري قد يؤدي إلى الأثر العكسي في ظل معارضته من مالي وبوركينا فاسو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونوه المقراني إلى أن الانقسام حول التدخل العسكري من شأنه أن  يفرز نتيجتين، أولاهما انضمام الجيشين البوركيني والمالي لنظيرهما في النيجر دفاعاً عن الانقلاب، وهو ما يدفع نحو حرب شاملة في منطقة الساحل، لاسيما أن هذه الأنظمة مدعومة من قوى أجنبية بصفة غير مباشرة ممثلة في روسيا التي لن تتردد عن تسليحها عن طريق قوات "فاغنر"، في مقابل خدمة مجموعة غرب أفريقيا للمصالح الفرنسية والأميركية في المنطقة، وفق التقارير الإعلامية.

أما النتيجة الثانية فستكون مزيداً من فسح المجال أمام المجموعات الإرهابية للتحرك بسهولة في المنطقة، وفرض سيطرتها على مساحات ترابية بحسب المقراني، مؤكداً أنه في الحالتين يبقى التدخل العسكري الخيار السيئ، لكن التهديد به يمكن أن يمنح بعض النتائج التكتيكية لمزيد من الضغط على النظام الجديد الحاكم في النيجر.

تخوف حركي

حاولنا الحصول على آراء من الجارة مالي حيث تدهور الوضع الأمني جراء الاشتباكات التي اندلعت بين القوات الحكومية وجماعات الأزواد شمال البلاد، غير أن المتحدث باسم تنسيقية حركات أزواد محمد المولود رمضان أشار في تصريح مقتضب خاص لـ"اندبندنت عربية" إلى أنه "لا يملك معطيات كثيرة وجديدة حول موضوع التدخل العسكري في النيجر، بسبب أن الحركة في مشكلات مع الحكومة المالية"، متابعاً "نخوض معارك مسلحة منذ أيام مع القوات العسكرية المالية، الأمر الذي يمنعنا من متابعة ما يجري في النيجر".

إلى ذلك عضو المكتب السياسي لحزب التجديد الديمقراطي والجمهوري في النيجر عمر المختار الأنصاري يعتبر أن التدخل العسكري ضد بلاده هو "تسليم المنطقة للجماعات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة والصراعات الإثنية، وما يترتب عن ذلك من مساوئ سواء من حيث وضع شعوب المنطقة وأنظمة الحكم وكذا حكومات دول الساحل".

وحذر الأنصاري من تدهور الوضع لأنه "يؤدي إلى انقسام ولاء الشعوب بين الجماعات والإثنيات، وفتح أبواب الصراعات بين أبناء الشعب الواحد بل وشعوب المنطقة"، متوقعاً سيطرة الحركات أو التنظيمات على بعض الأنظمة الضعيفة الهشة، مستبعداً حدوث انقسامات انفصالية.

 

 

واستبعد المسؤول الحزبي حدوث تدخل عسكري، لكن في الوقت نفسه من المستحيل التنبؤ بكل الاحتمالات التي تخلفها كارثة التدخل في النيجر حال وقوعها.

صراع قانوني

الموقع الأميركي "ستراتفور" نشر تقريراً توقع فيه تحول التدخل العسكري إلى صراع إقليمي، مما يمنح الجماعات المسلحة مساحة أكبر للعمل، ويجعل أية حكومة مدنية في هذا البلد هشة للغاية، لافتاً إلى أن تدخل "إيكواس" لن يتم قريباً، لأن نشر القوات يجب أن يحصل على موافقة الاتحاد الأفريقي أولاً، ثم الضوء الأخضر من مجلس الأمن الدولي، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تأخيره أو منعه نظراً إلى المعارضة الروسية أو الصينية المحتملة، إضافة إلى أن تنظيم التدخل العسكري يحتاج إلى أسابيع عدة.

ولفت التقرير إلى أن الصراع المنتظر أن يكون طويلاً سيؤدي إلى سقوط مزيد من الضحايا، كما ستشهد دول مثل السنغال ونيجيريا احتجاجات عنيفة قد تتسبب في رفع مطالب بتغيير النظام، وهو ما يفتح باب الفوضى على مصراعيه، موضحاً أنه على رغم مواجهة بوركينا فاسو ومالي حليفي قادة الانقلاب في النيجر تحديات لوجستية وأمنية كبيرة من شأنها أن تمنعهما من إرسال دعم عسكري كبير للمساعدة في التصدي للتدخل، إلا أنه من الممكن أن تشن واغادوغو غارات على الحدود في بلدان مثل ساحل العاج لإثبات عواقب المشاركة في التدخل.

في غضون ذلك قال مفوض الأمن والسلم في مجموعة "إيكواس" عبدالفتاح موسى إن القيام بعمل عسكري لا يحتاج إذناً من مجلس الأمن الدولي، مضيفاً أن لدى المجموعة أسساً قانونية للتدخل في النيجر، مشدداً على أنه لا يوجد إجماع شعبي على تأييد الانقلاب، وأنه يجري تعبئة المواطنين لإظهار دعمهم للانقلاب.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير