Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لم يواجه الجنرالات الموالون للغرب مغامرة النيجر؟

واشنطن لم تحسم موقفها وفرنسا تخشى على آخر معاقلها في تشاد ورهان على انقسام الانقلابيين من تلقاء أنفسهم

في ظل غياب أية بوادر تسوية في الوقت الراهن فإن من المحتمل أن تستمر الأزمة الدستورية في النيجر (أ ف ب)

ملخص

واشنطن مصدومة من وجود جنرال حظي برعاية من الجيش الأميركي طوال 30 عاماً بين منفذي الانقلاب

يقترب انقلاب النيجر من إتمام شهره الأول وسط غموض يلف مشروع حكم القادة الجدد في نيامي ومدى قدرتهم على انتشال البلاد من الأزمة التي تئن تحت وطأتها، لا سيما بعد العقوبات الإقليمية والدولية التي سلطت عليهم في محاولة لوقف مغامرتهم.

وفي خضم التساؤلات حول مصير النيجر تطرح تساؤلات حول قدرة جنرالات موالين للغرب تدربوا في كليات وأكاديميات عسكرية أميركية على إعادة الأمور إلى نصابها، وأسباب تأخرهم في ذلك خصوصاً أن الانقلاب شن ضد رئيس منتخب ديمقراطياً هو محمد بازوم، الذي لا يزال قيد الاحتجاز ويواجه تهماً تصل إلى الخيانة العظمى.

صدمة في واشنطن

لم تستوعب الإدارة الأميركية بعد صدمة أن هناك جنرالات دربوا في كلياتها وأكاديمياتها ووسط مناخ ديمقراطي قرروا المشاركة في انقلاب، ومن بينهم الجنرال العميد موسى سالاو بارمو الذي يمثل قناة دبلوماسية بين الانقلابيين والولايات المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منذ بداية الأزمة في النيجر حاولت واشنطن توخي سياسة دبلوماسية بخلاف فرنسا التي سارعت إلى التصعيد خشية خسارة نفوذها هناك على غرار ما حدث في مالي وبوركينافاسو المجاورتين، لكن هناك ترجيحات بإمكان حدوث انقلاب ثان يقوده أحد الموالين للولايات المتحدة.

صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية نشرت تقريراً ذكرت فيه أن "أكثر ما صدم واشنطن هو وجود بارمو بين مدبري الانقلاب على رغم أنه حظي برعاية من الجيش الأميركي طوال 30 عاماً"، لافتة إلى أن "القادة العسكريين الأميركيين شعروا بالفزع لحدوث انقلاب النيجر".

ومع رفع رايات روسيا في العاصمة نيامي وجد الغرب نفسه في ورطة، لا سيما أن هذا السيناريو يشبه إلى حد كبير ما حدث في باماكو وواغادوغو، مما ينذر بإمكان دخول موسكو عبر ذراعها العسكرية الخارجية (فاغنر) إلى النيجر، وهو ما تخشاه فرنسا وحلفاؤها الأوروبيون الذين لم يتجاوزا بعد خيبة الأمل في مالي وبوركينافاسو.

وتحتفظ فرنسا كما الولايات المتحدة الأميركية بجنود وقواعد عسكرية لهما على الأرض، لكنهما عجزا عن التحرك في خضم التطورات المتسارعة، ولا سيما في ظل تهديدات المجالس العسكرية في مالي وبوركينافاسو بالتحرك حال استهداف القادة الجدد في نيامي.

عجز عن التحرك

يعتقد مراقبون أن الجنرالات الموالين للغرب لم يكونوا قادرين على التحرك ضد المجلس العسكري في النيجر في ظل الإجراءات التي اتخذها الأخير لتثبيت قيادته للبلاد تحت رئاسة قائد الانقلاب عبدالرحمن تشياني، الذي أمسك السلطة بقبضة من حديد منذ البداية.

يقول المتخصص في الشؤون الأفريقية السوداني الصادق الزريقي إن "أحداً من الجنرالات الموالين للغرب لم يستطع تنفيذ انقلاب مضاد في النيجر لأسباب عدة، أولها أن الموقف الغربي لم يكن واضحاً، وكان هناك تردد من جانب فرنسا حيال الإقدام على مغامرة عسكرية، وثانيها أن شعور الغرب بأن هناك حملة شعبية ضخمة لها امتدادات إقليمية ذات طبيعة إثنية وقبلية وانقسام في دول الإيكواس (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا) جعل من الصعب التكهن بانقلاب ضد المجلس العسكري".

ويتابع الزريقي لـ"اندبندنت عربية" أنه "بحسب المعلومات فإن الولايات المتحدة كانت تعد لانقلاب داخلي عبر أحد رجالها هو الجنرال موسى سالاو، لكن هذا الأخير لم يحكم بعد سيطرته على المجموعة الانقلابية بعكس رئيس الحرس الرئاسي الجنرال عبدالرحمن تشياني".

واستطرد "كذلك هناك تيار ثالث في الجيش النيجري، إذ لا تزال توجد مجموعة موالية للشرعية أي للرئيس محمد بازوم، وهناك أيضاً رئيس الأركان السابق وهو سفير لدى دولة الإمارات ويجري التنسيق معه، فضلاً عن حسابات دقيقة يجري الترتيب لها".

أفق انقسام الانقلابيين

في ظل العجز عن التحرك فإن من غير المستبعد أن تراهن القوى الغربية، التي بدت في تراجع مستمر داخل القارة السمراء، على انقسام داخل صفوف الانقلابيين ينتهي بانقلاب ثان قد يصب في مصلحة العواصم الغربية.

شعبياً بات الغرب منبوذاً بشكل كبير في النيجر، وخصوصاً فرنسا التي تربطها بنيامي شراكات طويلة الأمد على المستويين العسكري والاقتصادي، إذ تتولى الشركات الفرنسية العمل في مواقع استخراج اليورانيوم والذهب وغيرهما.

يرى الصادق الزريقي أن "هناك مخاوف فرنسية من أن أية عملية عسكرية سينتج منها ارتدادات في آخر المستعمرات الفرنسية وهي تشاد التي تتقلب فوق صفيح ساخن، والمرجح إما أن تتفق المجموعة العسكرية أو تنقسم، والرهان بالنسبة إلى الغرب الآن هو على انقسام المجموعة العسكرية وتفككها".

ويشدد على أنه "إذا لم تتماسك هذه المجموعة فسيعني ذلك نهاية الانقلاب إما بانقلاب ثان أو عودة الشرعية للرئيس بازوم، وهذا احتمال غير مرجح الآن لكنه وارد في أي وقت، لا سيما حال صعوبة الوضع على الانقلابيين بسبب العقوبات المعلنة، وخصوصاً إذا علقت عضوية النيجر في الاتحاد الأفريقي".

وأكد الزريقي أن "الوضع ضبابي ومن الصعب الجزم بأن الأمور تسير في اتجاه بعينه، لكن الواضح أنه لا يمكن للجنرالات في النيجر القيام بأية خطوة في ظل عدم حسم الولايات المتحدة موقفها من هذا الانقلاب وكيفية التعامل معه".

وفي ظل غياب أية بوادر تسوية في الوقت الراهن، فإن من المحتمل أن تستمر الأزمة الدستورية في النيجر، مهددة بارتدادات قد تشمل الدول المغاربية التي تواجه واحدة من أسوأ أزمات الهجرة غير النظامية من دول الساحل الأفريقي، الذي بدوره يجد نفسه مشتتاً بين التصدي لقوافل المهاجرين، وتحجيم نفوذ الإرهابيين.

المزيد من تقارير