Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة تغير المناخ تعطل الحياة في العديد من مدن العالم

من عطلات بمناسبة تساقط الثلوج إلى "عطلات" الحر، يتسبب تغير المناخ في إغلاق مدن مع نفاد الطاقة فيها

ملخص

مع تفاقم أزمة المناخ تؤدي الكوارث المرتبطة بها والحرارة الشديدة في تعطيل الاقتصادات وتشكيل تحد للحكومات في توفير ما يكفي من الطاقة لتلبية الطلب المتزايد على تكييف الهواء

نبه المسؤولون في مدينة لوس أنجلوس الأحد الماضي، السكان إلى وجوب التزام منازلهم وتجنب الخروج إلى الطرقات قبل أول عاصفة استوائية تجتاح جنوب كاليفورنيا منذ 84 عاماً مع انقطاع التيار الكهربائي عن آلاف الأشخاص.

وفي إيطاليا، دعت 17 مدينة هذا الأسبوع السكان والسياح إلى وجوب البقاء داخل منازلهم خلال النهار، مع اقتراب درجات الحرارة من 48 درجة مئوية. ونصحت فرنسا سكان الجنوب الشرقي بعدم الخروج من منازلهم في نهاية هذا الأسبوع، بحيث تهدد الحرارة الشديدة إنتاج محطتين نوويتين على نهر الرون. وإضافة إلى ذلك، أعلنت إيران في وقت سابق من هذا الشهر، "عطلة عامة" لمدة يومين، أغلق خلالها الاقتصاد، بسبب مخاوف من أن إنتاج الكهرباء لن يواكب الطلب على تكييف الهواء مع وصول درجات الحرارة إلى مستويات قياسية جديدة.

وفي جميع أنحاء العالم - بما في ذلك جزيرة ماوي التي شبت فيها حرائق - تتسبب الكوارث المرتبطة بالمناخ والحرارة الشديدة في دمار واسع النطاق هذا الصيف. وبدأت في تعطيل الاقتصادات في الوقت الذي تجد فيه الحكومات مصاعب مع التحدي المتمثل في توفير ما يكفي من الطاقة لتلبية الطلب المتزايد على تكييف الهواء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إنه شكل جديد من أشكال الاحتماء الجديدة التي بدأت تتشكل مع تصاعد وتيرة التغير المناخي. ويتضمن هذا التكيف الجديد منح الأطفال إجازاتٍ من المدارس - ليس للاستمتاع بالثلج مراتٍ عدة كل شتاء كما في السابق - بل للبقاء في منازلهم وحمايتهم من مخاطر الحرارة الشديدة تحت عنوان "عطلات الحر". ويعكس هذا التحول المخاوف المتزايدة في ما يتعلق بالصحة العامة وحماية البنية التحتية الاقتصادية الحيوية المعرضة لموجات حر طويلة ومكثفة.

وكان هذا الصيف بمثابة بداية التحول الذي نشهده، وتصبح آثاره واضحة قريباً في إحصاءات الناتج الاقتصادي في مختلف البلدان الأوروبية، وفي مناطق معينة داخل الولايات المتحدة. ولعل الأمر الأكثر تهديداً من أخذ أيام إجازة من العمل - فكثير منا يعملون من بعد الآن على أية حال - هو التهديدات التي تتعرض لها البنية التحتية للطاقة.

وكانت الزيادات المفاجئة في الطلب على أنظمة التبريد الإضافية التي تؤدي بدورها إلى زعزعة استقرار شبكات الطاقة إلى جانب ارتفاع درجات حرارة المياه الذي يعيق عملية تبريد بعض المفاعلات النووية، تتسبب معاً في حدوث عجز كبير في الطاقة في الأوقات غير الملائمة.

ولعل ما يزيد الوضع تعقيداً أن الرياح العاتية المرتبطة بأعاصير تؤدي إلى تمزيق أسلاك نقل الطاقة وإشعال حرائق كما شهدنا في جزيرة ماوي. وهذا بدوره يتسبب بنزاعات قانونية وبانخفاض كبير في قيمة أسهم المرافق العامة، وتعد شركة مثل "هاواي للصناعات الكهربائية" Hawaiian Electric Industries التي خسرت 70 في المئة من قيمتها الأسبوع الماضي، مثالاً على ذلك.

إلى ذلك، توقع التقرير الأخير الصادر عن "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" Panel on Climate Change (IPCC) التابعة للأمم المتحدة أن يواجه أكثر من نصف عدد سكان أوروبا مستويات مرتفعة من الإجهاد الحراري كل صيف حتى حلول عام 2050. وخصوصاً الأطفال والكبار في السن، والأفراد الذين يعانون ظروفاً صحية، وذوي الدخل المنخفض. ولا تزال هناك تحديات مماثلة تنتظر مناطق في وسط الولايات المتحدة وأجزاء من الساحل الغربي، كما هي الحال بالنسبة إلى دول في أميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا.

وفي المقابل، لا تظهر الحرارة المستمرة أي مؤشر على التراجع أو الانحسار، ويبدو أن المخاطر الاقتصادية تتصاعد بوتيرة أسرع. فالطرق المائية الرئيسة، مثل نهر الراين في ألمانيا، ونهر "ريو غراندي" في تكساس، وحتى قناة بنما نفسها، تواجه أزمة بسبب انخفاض مستويات المياه، مما يعرض الأنشطة المختلفة للخطر.

لهذه الانقطاعات تأثير مباشر في الأداء المالي للشركات، وكذلك المؤسسات المالية ومديري الأصول الذين يدعمونها. وبعد مرور 15 عاماً فقط على تداعيات تقلبات أسعار الرهن العقاري التي تمثلت في اندلاع أزمة مالية عالمية أدت إلى وقوع دول مثل إيسلندا واليونان في ضائقة شديدة، يواجه العالم الآن احتمال حدوث كارثة اقتصادية قد تؤدي إلى تداعيات مالية وخيمة وعواقب مدمرة على مناطق معينة.

ومع ذلك، هناك بصيص من الأمل والتفاؤل. فغالباً ما تحمل البيانات المناخية في طياتها عبئاً محبطاً مما يدفع بكثيرين إلى تجاهل حقيقة ما يحدث. لذا، من المهم أن نشير إلى أن الأموال أصبحت تتدفق على قطاعات الطاقة المتجددة بمعدلات قياسية تمثل طفرة تاريخية. وفي حين أنها تبدو موجهة في الأغلب نحو مبادرات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فإن هذا الدعم المالي يمتد إلى مجالات أخرى مثل الطاقة النووية وطاقة حرارة الأرض.

إضافة إلى ذلك، كشفت "بلومبيرغ أن إي إف" BloombergNEF - وهي مؤسسة بحثية بارزة في مجال الطاقة - في تقرير حديث، عن أن الاستثمارات في الطاقة المتجددة تصاعدت بنسبة مذهلة بلغت 22 في المئة، خلال الأشهر الستة الأولى من هذه السنة، لتصل إلى 358 مليار دولار (285 مليار جنيه استرليني). وكان الدافع وراء هذا الارتفاع بشكل خاص مبادرات مثل "قانون خفض التضخم" Inflation Reduction Act في الولايات المتحدة.

لقد بدأ قطاع تمويل المناخ الناشئ في التبلور. لكن مع كل كارثة جديدة، يعاد ضبط المعايير والأهداف مرة أخرى. ويتفاقم هذا الصراع مع الزمن بسبب العواقب الدائمة للتلوث الذي سبق أن أطلقناه في الغلاف الجوي.

يبقى القول إن الأمر الوحيد المؤكد هو أنه على رغم مرور ثلاثة أعوام على نشوب أسوأ أزمة "كوفيد" التي أدت إلى تعطيل الاقتصاد العالمي، فإننا لم ننته بعد من القواعد التنظيمية الخاصة بالاحتماء في المنازل.

© The Independent

المزيد من بيئة