Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التوتر في كركوك يهدد بنسف التفاهمات بين الأكراد وبغداد

قتلى وجرحى خلال اشتباكات بين المتظاهرين بعضهم مدعوم من قوى شيعية

ملخص

يعكس التوتر القائم في كركوك الانقسام بين قوى تحالف "الإطار التنسيقي" الشيعية المقربة من إيران التي تمثل المظلة السياسية لحكومة السوداني

عاد الهدوء لمدينة كركوك الغنية بالنفط بعد ليلة دامية شهدتها على وقع تصعيد احتجاجي متبادل بين الأكراد والأطراف المنافسة من التركمان والعرب أسفر عن وقوع قتلى وجرحى، فيما ينذر الخلاف المتفافم بين قوى شيعية وكردية على كركوك وعلى حصة إقليم كردستان في الموازنة الاتحادية بانهيار اتفاقات تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

رفض لعودة حزب بارزاني

واضطرت السلطات الأمنية مساء أمس السبت إلى إعلان حظر التجول بعد أحداث دامية شهدتها المدينة، حيث قتل أربعة أكراد وأصيب 16 آخرون في الأقل برصاص القوات الأمنية أثناء محاولتها تفريق تظاهرة نظمها مواطنون أكراد احتجاجاً على استمرار قطع متظاهرين آخرين من العرب والتركمان الطريق الرئيس المؤدي إلى أربيل لليوم الخامس على التوالي تعبيراً عن رفضهم استعادة حزب بارزاني لمقره الذي تشغله حالياً قيادة القوات المشتركة في إطار تطبيق بنود تفاهمات تشكيل حكومة السوداني. 

وخرجت الاحتجاجات عن السيطرة عندما أقدم مناصرون للحشد الشعبي على رمي عربات إسعاف وأخرى للدفاع المدني تابعة لحكومة أربيل أثناء توجهها إلى مدينة سامراء لنجدة ضحايا حادثة سير أودت بحياة 30 شخصاً تعرض لها زوار إيرانيون قدموا لإحياء أربعينية الإمام الحسين، تزامناً مع تعرض قرية طوبزاوا جنوب المحافظة وغالبيتها من الأكراد لاقتحام من قبل قوة عسكرية اتحادية، إذ إنهم يرفضون تشييد مطار عسكري على أراضيهم الزراعية.

وكان الحزب الديمقراطي أعلن انسحابه من المحافظة عندما اقتحمتها قوات من الجيش الاتحادي وفصائل من "الحشد الشعبي" المدعومة من القوى الشيعية في إطار جملة من الإجراءات العقابية كانت اتخذتها بغداد ضد الأكراد جراء خوضهم استفتاء للانفصال في سبتمبر (أيلول) عام 2017.

تحرك حكومي

وسارع السوداني إلى إصدار أمر بفرض حظر للتجول وبدء التحقيق في الأحداث، وأجرى في وقت متأخر من الليل اتصالين هاتفيين بزعيم "الديمقراطي" مسعود بارزاني ورئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني أكد خلالهما "الوقوف بحزم ضد العابثين بأمن كركوك واستقرارها وعدم إتاحة الفرصة للعناصر غير المسؤولة باستهداف نسيجها الاجتماعي".

أما المحافظ راكان الجبوري، فأعلن بعد اتصال مع رئيس الحكومة عن "التريث في إخلاء مقر للحزب الديمقراطي"، مؤكداً "إنهاء الاعتصام" من قبل العرب والتركمان، في حين وصف مسعود بارزاني المسببين بقطع الطريق بـ"مثيري الشغب" وأعرب عن دهشته "من عدم تدخل القوات الأمنية لمنع الفوضى". 

محاذير الانفراط

ويعكس هذا التطور انقساماً بين قوى تحالف "الإطار التنسيقي" الشيعية المقربة من إيران وتمثل المظلة السياسية لحكومة السوداني التي تشكلت بموجب اتفاق مع حزب بارزاني، وأبدت أوساط سياسية خشيتها من تداعيات "لا تحمد عقباها" على مسار حكومة السوداني "التي نجحت في تحقيق بعض الاستقرار على الصعيدين الأمني والاقتصادي".

وقال الباحث في الشأن العراقي جمال محمود إن "هذا التوتر مدفوع سياسياً ولأسباب عدة منها أن القوى دخلت مرحلة التعبئة الجماهرية المبكرة تمهيداً لانتخابات مجالس المحافظات المقررة نهاية العام الحالي، ويبدو واضحاً أن هناك ضرباً على الوتر القومي".

 وأضاف أن "الأكراد يسعون إلى استعادة نفوذهم الذي فقد بعد أحداث خوضهم الاستفتاء للانفصال، وقد خسروا منصب المحافظ ومناصب إدارية أخرى مهمة، وهم يخشون أكثر من أي وقت مضى من تفويت الفرصة، خصوصاً أن قواهم تعاني انقساماً حاداً، تحديداً بين الحزبين التقليديين الديمقراطي ونظيره الاتحاد الوطني".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 وأردف أن "الأطراف السنية والشيعية تدفع بالاتجاه المضاد لعودة النفوذ الكردي، خصوصاً حزب بارزاني لأن حزب الاتحاد أصبح يدرج ضمن المتحالفين ضمنياً مع قوى الإطار التنسيقي".

وفي السياق اتهم مركز "ميترو" للدفاع عن الحريات الصحافية في إقليم كردستان القوى الأمنية بـ"الانحياز الواضح والفاضح للقوى الأمنية مع مكون ضد مكون آخر"، وشدد في بيان على أن "هذا الموقف في مدينة مثل كركوك التي تمثل عراقاً مصغراً بمكوناتها الإثنية والدينية والطائفية يعد خرقاً معيباً لدور الأجهزة الأمنية التي من المفروض أن تمثل كل العراقيين، ثم إن الدستور فرض على القوى الأمنية حماية المتظاهرين باعتبار حق التظاهر مثبتاً دستورياً"، مؤكداً "استنكاره "لارتكاب انتهاكات بحق الصحافيين". 

ومن المتوقع أن تكون المنافسة الانتخابية في المحافظة حامية، فهي المحافظة الوحيدة التي لم تخض سوى انتخابات واحدة منذ عام 2005 بسبب الصراعات والتقاطعات على إدارة المحافظة ومستقبل تبعيتها بين الإقليم وبغداد، وتتنافس أكثر من ثمانية أحزاب كردية موزعة على قوائم متفرقة في مواجهة أكثر من 10 أحزاب وتحالفات تركمانية وعربية، على 16 مقعداً منها مقعد مخصص للمسيحيين بموجب نظام "كوتا" الأقليات.

انعطاف عن التفاهمات

وعن السيناريوهات المتوقعة يعتقد محمود بأن "الوضع في كركوك بات أمام خيارين، إما تطبيق بنود اتفاقات تشكيل الحكومة ومنها استعادة الديمقراطي لمقاره وهذا سيولد مشكلات داخل قوى الإطار فبعضها يضع العراقيل أمام هذا المسعى لجهة دعم العرب والتركمان، أو التسويف في التطبيق وهذا أيضاً لن يتقبله حزب بارزاني بسهولة، وإن اضطر إلى التعامل مع الوضع كأمر واقع فإن ذلك لا يعني أنه سيسمح للقوى المنافسة بفرض نفوذها المطلق على المحافظة".    

ويأتي التوتر في وقت تخوض حكومة أربيل برئاسة مسرور بارزاني منذ أيام مشاورات عسيرة مع حكومة بغداد لإطلاق حصة الإقليم في الموازنة، وسط شد وجذب إزاء المبلغ المفترض دفعه للإقليم.

وتقول حكومة أربيل إنها "التزمت جميع شروط بغداد ولم تعد هناك أية حجة لعدم إطلاق حصة الإقليم كاملة المحددة في الموازنة"، وهدد مسؤولون ونواب في الديمقراطي باتخاذ "موقف إذا ماطلت بغداد في تنفيذ الاتفاقات"، مؤكدين أن "اللجوء إلى المحكمة الاتحادية سيكون ضمن أول الخيارات المتاحة".

إلى جانب الخلاف حول حصة الأكراد في الموازنة الاتحادية يأتي الخلاف على صيغة إدارة النفط الكردي، وكذلك ملف المادة 140 من الدستور الخاصة بتسوية الصراع على مناطق النزاع بين الجانبين وأبرزها كركوك، يمثل أحد الملفات المستعصية على الحل نتيجة مخاوف العرب والتركمان من ضمها إلى الإقليم الكردي.

صراع على النفوذ

وسائل إعلام مقربة من قوى شيعية منضوية في "الإطار التنسيقي" حذرت من "مخطط لحزب بارزاني يهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي في كركوك ضمن طموحه لضمها إلى إقليم كردستان".

ونوهت بأن "حزب بارزاني يسعى إلى السيطرة على المحافظة أمنياً وسياسياً قبل الانتخابات بهدف حصد أكبر عدد من المقاعد، وبالتالي الاستحواذ على منصب المحافظ، وفي المقابل ألقت وسائل إعلام الديمقراطي مسؤولية الأحداث على "مجاميع تابعة للحشد الشعبي وبدعم من المحافظ غير الشرعي راكان الجبوري وبعض الأطراف الشوفينية من العرب والتركمان".

وحملت ردود أفعال بعض السياسيين القوى المشكلة للحكومة بـ"الازدواجية" في التعامل مع الأحداث، فيما ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك باتهام مسلحين مدعون من الخارج لإشعال الفتنة.

 وقالت رئيسة كتلة حراك "الجيل الجديد" الكردي المعارض لحكومة أربيل في تدوينة إن "القوى السياسية المشكلة للحكومة تتحمل مسؤولية الأحداث وهي نفسها التي اتفقت على إعادة مقار الأحزاب في ورقة تشكيل الحكومة تدعم التظاهرات".

وتساءلت "إلى متى تضحكون على عقولنا؟ في الغرف المغلقة ليست لديكم مشكلات وتوزعون المناصب والامتيازات، وفي الشارع وأمام المواطن تخلقون العداء المزيف"، ودعت السوداني إلى "إطلاع الجميع على نتائج التحقيق".

من جهته حذر رئيس الكتلة التركمانية النيابية أرشد الصالحي من "وجود عناصر إرهابية مسلحة من دول الجوار تشعل الفتنة في داخل وأطراف محافظة كركوك"، وأكد أن "التوتر جاء نتيجة أخطاء ارتكبت في مفاوضات تشكيل الحكومة في ظل غياب ممثلي كركوك عنها"، وحض رئيس الوزراء على "عدم تكرار أخطاء رؤساء الوزراء السابقين بإهمال ملف كركوك الأمني والإداري".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير