Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تقنع محبي الستيك بالتحول إلى النباتية الصرفة؟

لا تعيروا اهتماماً لصخب المتعصبين للنظام الغذائي النباتي. فالنباتية الصرفة ليست أسلوب حياة مثيراً للجدل بل يجب أن تكون القاعدة الطبيعية

 مختلف الأشخاص يختارون النظام النباتي لأسباب متباينة (غيتي إيمجز)

ملخص

اعتماد النباتية الصرفة قد يكون خطوة حميدة للكوكب ولصحتك.

قد يكون ابن عمك أو ابنة أختك التي بلغت عمر دخول الجامعة مدمنة على تناول شطائر الفلافل. لكن عمك وعمتك اللذين يحبان تناول اللحوم لا يزالان بعيدين جداً من مرحلة التخلي عن شريحة اللحم أو الستيك واستبدالها بفطر الشيتاكي، أو استخدام الفول المهروس في وصفة دجاج فيندالو الهندية بدل الدجاج نفسه. وتشير الدلائل بالفعل إلى تباطؤ في معدلات نمو عادات تناول الطعام النباتي أخيراً، وإلى احتمال تراجع الحماسة للأنظمة الغذائية النباتية بعدما بلغت ذروتها منذ أعوام عدة.   

هذا الخبر سيئ بالنسبة إلى الكوكب الذي يعجز أساساً عن تحمل عادات مليارات البشر في تناول اللحوم. لكن كي تصبح النباتية الصرفة أكثر شعبية، عليها أن تطرح نفسها بصورة جديدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على رغم تقبّل النظام الغذائي النباتي بشكل متزايد ضمن الاتجاهات العامة السائدة، لا تزال الفكرة النمطية عن الشخص النباتي المتعصب الذي يصرخ "اللحوم جريمة قتل" موجودة. لكن على دعاة هذا النظام ألا يكونوا ملحين وألّا يصدروا أحكاماً على الآخرين أبداً. فلن تفيد شيطنة أكلة اللحوم سوى بإبعاد من يتناولون كل الأطعمة- مثلي- الذين لديهم فضول تجاه النباتية الصرفة وهم منفتحون على هذا النظام، لكنهم يحبون مع ذلك تناول العجة واللبن وطبق دجاج فيندالو بين الفينة والأخرى. ربما علينا أن نكف عن تسمية هذا النظام "نباتية صرفة" ونبدأ بتسميته "طعاماً جيداً". فأفضل الطرق لترويج نظام الأكل النباتي فعلياً هي الحرص على أن تكون الوجبات لذيذة الطعم جداً. 

تقول ليزلي موفات من منظمة "عين على الحيوانات" Eyes on Animals "تحوّل إلى طاهٍ ممتاز وقدم لهم طعاماً لذيذاً". تحث موفات الأقارب والأصدقاء بلطف منذ أعوام على التحول إلى النباتية الصرفة عبر تعزيز الرسائل الإيجابية. "لو رأى الآخرون أنك سعيد ورشيق فهذا مثال جيد لهم. إن الطعام نوع من الدواء وإن تمكنت من الأكل جيداً فسوف تبقى بصحة جيدة".

إن التحول نحو النظام الغذائي النباتي جيد من ناحية السياسة العامة. فهذه طريقة مهمة للتخفيف من تغيّر المناخ وتعزيز الصحة العامة والرفق بالحيوان. فالمواشي والدواجن مسؤولة عن 15 في المئة تقريباً من إجمالي انبعاثات الدفيئة في العالم. فيما تخصص نحو 40 في المئة من الأراضي الزراعية لإنتاج علف للحيوانات التي إما نأكلها أو نستخدمها في إنتاج الحليب والبيض. يقول العلماء إن سكان الأرض البالغ عددهم 8 مليارات شخص قادرون على تناول كمية صغيرة من اللحوم في نظامهم الغذائي بشكل مستدام- وربما حتى وجبات عدة في الأسبوع- بشكل أقل بكثير من الكمية التي نتناولها الآن.  

وبينما لا يزال الشباب والمهتمون بالأمور الصحية يرتادون المطاعم النباتية في مدن مثل بورتلاند وأوريغون أو بريستول، تشير عمليات البحث على "غوغل" إلى بطء في اعتماد الأفراد ممارسات نباتية أثناء التبضع داخل الأسواق أو قيامهم بطهي الأكلات النباتية في المنزل. واحد في المئة فقط من سكان الأرض يقدمون أنفسهم على أنهم نباتيون، وفق معطيات "المؤسسة العالمية لشؤون الحيوانات" (World Animal Foundation).

إن واضعي السياسات والمسؤولين المنتخبين قادرون على إحداث فرق في هذه المسألة. تخصص حكومات العالم أجمع دعماً مالياً يقارب 200 مليار دولار سنوياً لقطاع الإنتاج الزراعي الذي ينتج اللحوم ومشتقات الحليب. وهي قادرة على إتاحة فرص متكافئة بين النظام الغذائي القائم على اللحوم من جهة والنباتات من جهة أخرى، عبر التوقف عن تقديم هذه الهبات، وهذا من واجبها. لكن يرجح ألا تفعل ذلك، إذ إن قطاعي اللحوم ومشتقات الحليب يتمتعان بنفوذ كبير ومترسخان جداً. ولذلك توكل المهمة التي لن يتولاها المسؤولون المنتخبون إلى المجتمع المدني ودعاة النباتية.

غالباً ما يساء الاعتقاد بأن النباتية الصرفة موضة خاصة بأعلى درجات الطبقة المتوسطة- أو شيء نابع من أسلوب الحياة النرجسي في كاليفورنيا الذي أخرج إلى العالم أيضاً شركة غوب Goop وثقافة ألواح التزلج وبرامج تلفزيون الواقع عن ربات المنزل المالات. لكن في الواقع، يستهلك بعض أفقر سكان العالم بعض ألذ الوجبات النباتية.

تتّبع شعوب أميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا أنظمة غذائية غنية ومركبة تعتمد في تشكيل المذاق والنكهات على الخضراوات والحبوب والبهارات بدلاً من الزيوت والدهون. فيما تقوم معظم الوجبات في أفريقيا جنوب الصحراء أو شبه القارة الهندية على الخضراوات، أو يمكن أن تكون كذلك. حتى الغرب لديه أطباق تقليدية محبوبة مثل طبق يخنة الخضراوات راتاتوي ratatouille أو حساء الخضراوات مينستروني minestrone أو حساء الطماطم غاسباتشو gazpacho.  

وفي ظل القلق العالمي من ارتفاع أسعار السلع الغذائية والتضخم، يمكن التشديد أيضاً على الكلفة اليسيرة نسبياً للطبخ النباتي. صحيح أن بدائل اللحوم مثل تلك التي تقدمها ماركة Beyond Meat لذيذة، لكنها باهظة الثمن. إنما مزيج الحبوب والبقوليات يشكل أساساً لوجبات زهيدة الثمن ومغذية جداً في النظام الغذائي للبشر. 

وتقول موفات إن "أقل الوجبات ثمناً للصراحة هي العدس الأحمر والرز وهذا الطعام الذي يتناوله أفقر الناس. معظم الوجبات في أفريقيا نباتية. فور دخول اللحوم إلى المعادلة، تصبح الوجبة أغلى ثمناً".

وعلى رغم الركود الظاهر في عادات تناول الطعام النباتي، تظهر قصص نجاح عدة سجلتها الأعوام الماضية أن الناس يميلون أكثر إلى تجربة نظام الغذاء النباتي أو النباتي الصرف بعد تعرفهم إلى تأثيره الإيجابي في الصحة والبيئة. تدعي إحدى المبادرات التي نُفذت في أوغندا وبدأت من منطلق توزيع بذور الخضراوات على النساء وتثقيف السكان المحليين في شأن الأمور الصحية أنها أقنعت 92 ألف شخص بتجربة النظام الغذائي النباتي.  

في الولايات المتحدة، يروّج الناشطون السود للنباتية الصرفة باعتبارها موقفاً سياسياً ضد مصالح الشركات الكبرى التي تقمع الأقليات عبر ترويجها للأطعمة السريعة غير الصحية والمعالجة صناعياً والتي تسهم في ارتفاع معدلات السمنة المفرطة وأمراض القلب. وفي الواقع، تظهر الإحصاءات أن ثمانية في المئة من الأميركيين السود يقولون إنهم نباتيون تماماً مقابل ثلاثة في المئة من إجمالي الأميركيين.

وقالت مناصرة النظام النباتي الصرف آف كو لصحيفة "نيويورك تايمز"، "عندما تقول 'نباتي صرف' غالباً ما يذهب تفكير الناس إلى منظمة بيتا، وهذا ليس انعكاساً صحيحاً لضخامة مشهد النشاط المدافع عن النباتية الصرفة. فحركة السود النباتيين الصرف من الحركات الأكثر تنوعاً ومناهضة للاستعمار وتعقيداً وإبداعاً".

يعتنق مختلف الأشخاص النمط الغذائي النباتي لمختلف الأسباب. توقفت والدة موفات عن تناول اللحوم بعدما رأت صوراً للمواشي والدواجن التي تساء معاملتها أثناء نقلها من مكان إلى آخر. فيما انتقل والدها إلى اتباع هذا النظام على إثر معاناته مشكلات صحية. وتحدثت موفات عن صاحب مسلخ في تركيا اعتمد النظام النباتي الصرف الذي يخالف مصالح عمله بعدما اعتنقت ابنته نظاماً غذائياً نباتياً صرف.

تقترح موفات أن يتوقف الباعة وأصحاب المطاعم عن الترويج لمنتجاتهم على أنها نباتية صرفة وأن يراقبوا نتيجة ذلك ببساطة. وهي تتكلم عن عربة تبيع الكباب النباتي، يركنها صاحبها أحياناً قرب مجمع رياضي قريب من منزلها في أمستردام. يخرج الرياضيون الجائعون بعد التمرين لتناول الطعام ويلتهمون شطائرهم بحماسة فيما يُحتمل أنهم لا يعرفون أن الطعام نباتي. 

وتقول "إن الطعام لذيذ ورائحته شهية. ما عليكم سوى أن تبدأوا بتحضير أطعمة لذيذة كهذه ولن يدرك الناس أنها تفتقر إلى اللحم. لسنا بحاجة إلى الإعلان عن أنها نباتية. ربما يجب إلصاق شعارات تحمل صور حيوانات على وجبات اللحوم ومشتقات الحليب بدلاً من وضع شعارات خضراء صغيرة على الوجبات النباتية. اجعلوا النباتية القاعدة الأساسية وضعوا شعارات واضحة على كل ما عداها".

أخبرني أحد معارفي ممن يتبعون النظام النباتي الصرف أنه يرفض تناول الطعام في أي مطعم أو التسوق في أي متجر لا يقدم المنتجات النباتية الصرفة فقط، دون غيرها. أعتقد بأن هذا السلوك خاطئ. علينا في الواقع تشجيع المطاعم والأسواق ونعم- أقاربنا المتعنتين كذلك- على وضع الوجبات النباتية على قوائم الطعام.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة