Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

افترقوا على أمل اللقاء لكن زلزال المغرب اختطفهم في طرفة عين

تلوح بوارق أمل في العثور على ناجين تحت الركام مع مواصلة عمليات البحث عن مفقودين

ملخص

"كانت ليلة مليئة بالرعب والألم والإيمان بقضاء الله وقدره"... ترك زلزال المغرب ندوباً يعجز الزمن عن محوها

في الوقت الذي ودعت فيه المعلمة نسرين تلاميذها مساء الجمعة الماضي على أمل اللقاء بهم صبيحة الغد في المدرسة المركزية لقرية أداسيل بإقليم شيشاوة بالمغرب، لم تكن تعلم أنه كان آخر لقاء بينها وبين تلاميذها.

في تلك الليلة تحديداً اهتز المغرب على وقع زلزال وصف بالمدمر والعنيف بقوة سبع درجات على مقياس ريختر، والذي كانت بؤرته منطقة إيغيل بإقليم الحوز، أدى إلى مصرع وجرح آلاف الأشخاص، وكان من بينهم تلاميذ المعلمة نسرين.

أثر بعد عين

شاء القدر أن تظل المعلمة نسرين حية ترزق، لم يمسها سوء كبير، لكنها فقدت جميع تلاميذها في المدرسة الابتدائية بقرية أداسيل، جراء قوة الزلزال الذي هوى بالبشر والحجر.

ولن تغيب وجوه التلاميذ عن أنظار هذه المعلمة الشابة فقط، فمبنى المدرسة انهار بشكل كامل وسوي تماماً مع الأرض، وأضحت تلك القرية المسالمة بلا مدرسة ابتدائية.

وحتى بعد إعادة بناء المدرسة لا تعرف نسرين كيف ستزاول مهنتها كمعلمة كما كانت من قبل، ولا كيف ستنظر في الملامح الحزينة لتلاميذ القرية، بعد أن جاء الزلزال ليفاقم هشاشة المنطقة، ويتسبب في يُتم تلاميذ نجوا من الهزة الأرضية، إما بوفاة أب أو أم أو أي عزيز في الأسرة.

"فاجعة إنسانية لا يمكن تصورها"، تقول المعلمة نسرين التي باتت تحن إلى مقاعد الفصل الدراسي داخل المدرسة التي أزالها الزلزال، وتفكر في "صالح التلاميذ الناجين الذين يحتاجون إلى دعم نفسي لتجاوز المحنة التي عاشوها بشكل مفاجئ ليلة الجمعة/ السبت".

"تلاميذي ماتوا"

نسرين ليست المعلمة الوحيدة التي فقدت تلاميذها في منطقة بؤرة الزلزال، بل أيضاً المعلمة زينب التي نعت تلاميذها في إحدى المدارس الواقعة في قرية تافنكولت بإقليم تارودانت.

"تلاميذي ماتوا"... هكذا كتبت المعلمة زينب في تدوينة على "فيسبوك"، حزينة على فقدان عدد من تلاميذها في إحدى المدارس الابتدائية، لكنها سعيدة في الوقت ذاته لانتشال أربعة آخرين من تحت الأنقاض وهم بصحة جيدة.

نجت زينب بأعجوبة من الموت، وقد وثقت ذلك في مقاطع فيديو التقطتها للمكان المدمر الذي نجت منه.

لكن ما حصل في تلك الليلة ترك ندوباً شرخت نفسيتها، فكتبت "كانت ليلة مليئة بالرعب، بالألم، بالفزع والإيمان بقضاء الله وقدره". وأضافت المعلمة "لا أعرف كيف خرجت من تحت الأنقاض حية أرزق. فاجعة حلت بالقرية، المنازل كلها سويت بالأرض في مشهد يدمي القلب، ذهب ضحية هذا الزلزال بعض من تلاميذي، وهذا الشيء يرفض قلبي وعقلي تصديقه".

وفاة أساتذة

الزلزال المدمر الذي ضرب إقليم الحوز ونواحيه لم يرحم الأساتذة والمعلمين الذين يؤدون رسالة سامية، إذ قتل سبعة أساتذة تحت الأنقاض، وأصيب نحو 40 بجروح متفاوتة الخطورة، وفق آخر تقرير لوزارة التربية الوطنية المغربية.

وتسبب الزلزال في إلحاق أضرار بـ530 مؤسسة تعليمية، تتراوح ما بين انهيار وشقوق بالغة، خصوصاً في أقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت، وهو ما دفع وزارة التعليم إلى تعليق الدراسة في القرى الأكثر تضرراً.

وتعتزم الوزارة إصلاح الأضرار التي ألمت بهذه المدارس في القرى النائية الرابضة في جبال الحوز، بهدف "الترميم أو التأهيل أو إعادة البناء، وللحفاظ على سلامة الطلاب والكوادر الإدارية والتربوية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"لم أعد حية"

وغير بعيد من نسرين وزينب وباقي المعلمين والأساتذة والتلاميذ، كان رجل أربعيني يدعى "محماد" يضع رأسه بين يديه وهو يلملم أفكاره التائهة بالقرب من بيته الطيني الذي توفي تحت ردمه أربعة من أبنائه دفعة واحدة.

يقول "محماد" بصوت متهدج متأثراً بما حصل قبل أيام قليلة، إنه حتى اليوم لم يصدق أنه فقد أبناءه الأربعة في رمشة عين، بعد أن كانوا معه تحت سقف واحد، وإنه محظوظ جداً لكونه لم يجن بعد لما حصل له من مأساة مرعبة.

يعود الصمت ليلجم لسان هذا الأب المكلوم الذي وجد نفسه فجأة من دون أبناء ولا بيت ولا مأوى، غير أن صدمته وفاجعته لم تمنعاه من مشاركة جيرانه أحزانهم بوفاة أبنائهم وأزواجهم وأحبائهم.

قصة سيدة أخرى لا تختلف كثيراً عن قصة محماد، فقد ودعت فجأة زوجها وأربعة من أبنائها (ولدين وابنتين) قضوا نحبهم تحت ركام بيتها الطيني في قرية إمزميز، لكنها اختصرت أوجاعها كلها بقولها "لم أعد أشعر بكوني حية".

وتتجاوز قصة سيدة أخرى آلام كل من سبقها، وهي التي فقدت 10 من أفراد أسرتها، من زوج وأبناء وجد وإخوة، وهو ما دفعها في لحظة هستيرية إلى الصراخ والعويل، حيث لم تتحمل الصدمة النفسية لما وقع لها على حين غرة.

حالات إنقاذ

ومقابل هذه الحالات المأسوية التي تنبعث منها رائحة الموت، تلوح بوارق أمل في العثور على ناجين تحت الركام، خصوصاً مع مواصلة عمليات البحث عن مفقودين من قبل فرق مغربية وعربية وغربية متخصصة.

ووافق المغرب على عروض مساعدة أربع دول هي الإمارات وقطر وإسبانيا وبريطانيا، حيث وفدت فرق متخصصة في الإنقاذ مجهزة بكاميرات متطورة وكلاب مدربة، غير أنها تصطدم بالطبيعة الجيولوجية المعقدة والتضاريس الصعبة في المنطقة.

وانتشل فرق الإنقاذ عدداً من الناجين في الأيام الثلاثة الأولى بعد الزلزال المدمر الذي داهم جبال الأطلس الكبير، منهم أطفال صغار ونساء، وهو ما أسهم في رفع المعنويات المتدنية، لكن آمال النجاة بدأت تتضاءل مع مرور الوقت والأيام بسبب وعورة التضاريس وانقطاع الطرق، وفق متخصصين.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات