Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

6 روايات تمثل المشهد الألماني والشباب في الطليعة

أعمال سردية تتنافس على الجائزة الكبرى تنقل أحوال الصراع بين الذاكرة والهوية والتحولات

الروايات الست في القائمة القصيرة لجائزة الكتاب الألماني (مؤسسة الجائزة)

ملخص

أعمال سردية تتنافس على الجائزة الكبرى تنقل أحوال الصراع بين الذاكرة والهوية والتحولات

يتنظر الكتّاب الألمان والكتّاب الذين يكتبون بالألمانية وكذلك دور النشر والصحافة والقراء عموماً، شهر أكتوبر (تشرين الأول) الألمانية فهو أولاً الشهر الذي يقام فيه معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، ويُعلن قبل افتتاحه في 16 منه، اسم الفائز بجائزة الكتاب الألماني، الأهم في ألمانيا والبلدان الناطقة بالألمانية، والتي تكرس الفائز بها عالمياً.

ولعل الفوز بالجائزة يُدخل الرواية في خانة الكتب الأكثر مبيعاً مباشرة، البيست سيلر، كما أثبتت تجارب الأعوام السابقة، منذ البدء في منح الجائزة في عام 2005. وفي كثير من المرات، وبمجرّد إعلان القائمتين الطويلة ومن ثم القصيرة، فإن تلك الروايات تزداد مبيعاتها حتى ما قبل إعلان اسم الفائز في كل عام، لأن رأي لجنة التحكيم يُعد دليلاً للقرّاء والمكتبات لاقتناء الرواية. أما قيمتها المادية فهي 25 ألف يورو، بينما ينال أصحاب الروايات الست في القائمة النهائية مبلغ 2500 يورو.

هذا ما يحصل كل عام، كما في 2022 مع رواية "كتاب الدم" أو "كتاب السلالة" للكاتب كيم ديل هورايتسن، أو مع رواية "امرأة زرقاء" للكاتبة الألمانية أنتيا شتروبل التي نالت الجائزة في 2021. غير أن أهم ما تحمله القائمة القصيرة من عناوين روايات وأسماء روائيين، يمثل حصيلة عام من الإبداع ويرسخ المشهد الرائي والتحولات التي تطرأ عليه، ويمكن من خلالها رصد حقيقة الحركة الروائية الألمانية.

القائمة القصيرة

كانت لجنة التحكيم، التي تكوّنت من أربع محكّمات وثلاثة محكمين، قد أعلنت في 19 سبتمبر (أيلول) عن الروايات الست الواصلة إلى القائمة القصيرة لهذا العام 2023 من بين 172 رواية، صدرت عن 111 دار نشر، تنافست لنيل الجائزة.

وقالت الناقدة كاترينا تويتش، الناطقة هذا العام باسم لجنة التحكيم، إن هذه الروايات الست في القائمة القصيرة تبدو للوهلة الأولى، أنها مختلفة بعضها عن بعض، ولا يجمعها ما هو مشترك. فـ"أحداثها تجري في فترات زمنيّة مختلفة، وتصف مجتمعات في بلدان مختلفة". لكنها تستدرك: "إذا جمعنا هؤلاء الكتّاب الستة حول طاولة واحدة، فسرعان ما سيتحدثون، ويتفقون، حول سطوة التأثيرات على نشأة الناس وحيواتهم". وتجد تويتش أن في العمق، هناك خيوط متشابكة ومشتركة في الروايات الست، فهي "تسرد بلغة حاذقة تأثير بيئة تلك النشأة وأساليب التنشئة والخلفيات الاجتماعية، وتأثير الأيديولوجيات السياسية، وتأثيرات التغييرات الجذرية في الأنظمة، وفي مصاعب الهروب والهجرة... يذهب أولئك الكتّاب إلى تحديد يُقيّد حاضرنا ويتحدّاه".

وتستطرد تويتش التي تعمل ناقدة أدبية في جريدة "فرانكفورتر ألجيماينه" و "دي تسايت" وحصلت عام 2021 على جائزة يورغ هينلي للنقد الأدبي، قائلة إن هؤلاء الكتاب كتبوا عن هذه المواضيع "بقدر كبير من التبصّر، ولكن أيضاً بالذكاء والدفء، لدرجة أننا بعد قراءة هذه القائمة القصيرة نسأل أنفسنا ليس فقط: من أين أتينا؟، ولكن أيضاً: إلى أين نُريد أن نذهب؟". وهنا عرض مختصر لروايات القائمة القصيرة لهذا العام.

"مونا أو نصف حياة"

تعتبر الروائية والمترجمة والسيناريست الألمانية، من أصول مجرية، تيريزيا مورا (ولدت في المجر عام 1971) من الكتاب الذين سبق أن فازوا بجائزة الكتاب الألماني، عام 2013 عن روايتها "الغول"، ولها حضورها الجيد في الوسط الروائي الألماني. وهي حصلت على العديد من الجوائز، سواء عن ترجماتها من اللغة المجرية إلى الألمانية، أو عن رواياتها المكتوبة بالألمانية، أكثر من عشر جوائز من بينها جائزة "بوشنر" في عام 2018.

وفي روايتها الجديدة "مونا، أو نصف حياة"، التي صدرت عن دار لوخترهاند، (448 صفحة)، تكتب مورا عن بطلتها "مونا" خلال زمنين متقاربين ولكن صادمين، غيّرا حتى خريطة الدولة التي كانت تعيش فيها. فأحداثها الافتتاحية تجري في صيف 1989، وكانت بطلتها تعيش وقتها في برلين عاصمة جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وهي على وشك الحصول على الشهادة الثانوية، عندما تلتقي "ماغنوس" الأكبر منها سناً، وهو مدرّس للغة الفرنسيّة ومصوّر، وتقضي ليلة معه. لكنه يختفي فجأة من المكان ومن حياتها، ولا يلتقيان إلا صدفة بعد سبع سنوات في برلين التي صارت ضمن دولة ألمانيا الموحّدة. يتزوّجان. وخلال الحياة المشتركة تظهر دواخل الشخصيّتين إلى الوجود، ويتمّ التعرف إليهما عن قرب. فخلال سفرهما إلى أيسلندا، لقضاء العطلة معاً، تظهر الشقوق وتتسع داخل قماشة علاقتهما. وتظهر صدمة مونا وكأنها لا تعرف هذا الشخص، وتفاجأ ببرودته وضعف خياله وافتقاره إلى السيطرة على نفسه. ولكنها تُحاول أن تُغمض عينيها عن هذه الصدمات، متأملة أن كل شيء سيتحسن، مراراً وتكراراً.

تقول لجنة التحكيم عن العلاقة التي جمعت المرأة الشابة مونا بذلك الرجل إنها لم تكن من الحب الخالص، بل "من الحب المسموم". ويتساءل القارئ أثناء قراءتها عن "مدى قدرة المرء على تحمّل برودة الآخر من دون أن ينكسر؟". ورأت أن تيريزيا "قدّمت لنا مع مونا بطلة قوية وشجاعة، وعلى رغم بصيرة قوتها تقع في ذلك الحب السّام. نثر مباشر ومكثّف يطوّر ويحلّل جاذبية، من المستحيل تجاهلها. رواية ذات صدى خاص".

"علامة الأب" وعنف الغياب

نجاتي أوزيري (ولد في ألمانيا عام 1988) كاتب مسرحي شاب من أصول تركيّة. وروايته الأولى "علامة الأب"، التي صدرت عن دار كلاسين، (304 صفحات)، تبدأ مفارقتها من العنوان، فقد نحت عنوانه من مصدر أنثوي، ويعني بالعربية "وحمة" أو شامة. ولكنها كلمة أقرب إلى الوحمة كشيء يخصّ الأم وجلد وليدها. وكأنه يقصد بهذا النحت اللغوي الوحمة التي يحملها الابن بسبب أبيه.

يكتب نجاتي قصة عائلية. عن أم وابن وأخت، بينما الأب غائب. الراوي هو الشاب "أردا" الموجود في المستشفى، بسبب فشل عضويّ، ويكتب رسالة وداع لوالده الذي لم يلتق به أبداً. وضمن هذه الرسالة يتنقل القارئ بين تأملات أردا في حياته الماضية التي بنتها الصراعات وسوء التفاهم. وخصوصاً صراعه مع الأم المدمنة على الكحول، والأخت التي هربت من البيت. وكذلك ساعاته ومراجعاته التي لا تنتهي في مكتب الهجرة... ولكن يكتب أيضاً عن حبه الأول، وجماليات أوقات الغرام، والسعادة التي كان يحصل عليها مع أصدقائه القليلين. رسالة طويلة عن الحب والشوق والفقد والصراع وجذور النفس التائهة.

"يلتقط نجاتي صوت الشارع: غضب وسرعة بديهة وسخرية ولطف وضحك"، على حد قول لجنة التحكيم، التي رأت أن رواية نجاتي هذه "تفتح أعيننا على الواقع الألماني الحقيقي" من وجهة نظر شابة.

"إمكانية السعادة"

آن راب (ولدت في عام 1986) كاتبة مسرحية وكاتبة سيناريو ومقالات ألمانية. حازت مسرحيّاتها على العديد من الجوائز. وسيناريوهاتها التلفزيونية لقيت متابعة كبيرة، بخاصة في الأجزاء التي تكتبها من سلسلة "في انتظار الحافلة" التي تعرض منذ عام 2020. وروايتها "إمكانيّة السعادة"، التي صدرت عن دار كليت كوتّا (384 صفحة)، هي عملها السرديّ/ الروائي الأول.

وهذه الرواية تتحدث عن "ستين" التي ولدت في منتصف الثمانينيات في قرية صغيرة تقع على بحر البلطيق من ألمانيا الشرقية أو الديمقراطية (في زمن ما قبل وحدة ألمانيا في 3 أكتوبر 1990). هي طفلة صغيرة لا يمكنها أن تفهم التحوّلات التي حدثت حولها، ومنها تغير النظام في جمهورية ألمانيا الديمقراطية. وعلى رغم عدم قدرتها على فهم ذلك، فإن التأثيرات الأيديولوجية لعائلتها تنتقل إلى الجيل التالي بسلاسة، في الوقت الذي يخفي الآخرون، عالمهم الذي فقدوه، في صمت لا يمكن اختراقه بسهولة.

لجنة التحكيم رأت أن آن ريب تقدم رواية "سيرة" لطفولتها في ألمانيا الشرقيّة، حيث نشأت في ظل الفوضى التي سادت فترات إعادة التوحيد وما بعدها. جيل الآباء يائس وغير قادر على التأقلم مع الواقع الجديد. ويعيش صراعات أو آلام فقدان الهوية الشخصية والحياة العادية. وترى لجنة التحكيم بأن راب قدمت رواية "مهمة توضح مدى تأثّر المناخ الثقافي في ألمانيا الديمقراطية بتجارب الحرب التي لم يتم حلّها بعد". وتستطرد بأن راب "من خلال هذا التحليل الدقيق والقصة العائلية، العاطفيّة للغاية، تُقدّم مساهمة مثيرة في المناقشات الحالية حول أصول العنف وكراهية البشر".

"العمر الحقيقيّ" وحساسيّة الشباب

الكاتب النمساوي، من أصول هندية تونيو شاشنجر (ولد في نيودلهي في عام 1992) نشر روايتين حتى الآن. لفتت روايته الأولى "ليسَ مثلكم" الأنظار ووصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة الكتاب الألماني في عام 2019. وعلى رغم عدم نيلها الجائزة، إلا أنها في عام 2020 نالت جائزة مدينة بريمن. وها هي روايته الثانية "العمر الحقيقي"، الصادرة عن دار روفولت في 368 صفحة، تصل إلى القائمة القصيرة لهذا العام، وهي حالياً في المرتبة 36 في قائمة الكتب الأكثر مبيعاً.

"العمر الحقيقي" تجري أحداثها في مدرسة داخلية نخبويّة في فيينا، وصرامة القوانين فيها، والمدرس العجوز المستبدّ الذي يُنفّر التلاميذ من كلّ شيء مُبهج. ولكن كذلك عن "تيل" الذي يصبح من أفضل عشرة لاعبين في لعبة إنترنت شهيرة وهو في الخامسة عشرة من عمره.

حول هذين الخطين يروي شاشنجر بانسيابية حساسة سن المراهقة وبلوغ سن الرشد. هذه الانسيابية تجعلها "قصة ممتازة من حيث الأسلوب السردي" عن تيل وتفكك الأسرة والصداقات والحب الأول و"المدرّس الشيطانيّ"... وبـ "طريقة ما يُحلل شاشينجر دواخل المجتمع النمساوي". ورأت لجنة التحكيم أن هذه الرواية، هي "انعكاس أدبيّ لعالم ألعاب الكمبيوتر في الوقت الراهن، والذي لا مثيل له في دقته ووضوحه وتحرره من الكليشيهات".  

"دريفتر"

عن دار روفولت أيضاً، صدرت الرواية الخامسة في القائمة "دريفتر" (288 صفحة) للكاتبة ومقدمة البرامج الألمانية أولريكه شتيربلش (ولدت في عام 1970). وهي رواية تحكي عن علاقة صداقة عميقة بين كيلّر وفينتسل اللذين ما زالا في منتصف العمر، وقلما يتم تناول الصداقات الذكورية. كل شيء يسير على ما يرام إلى حين ظهور السيدة "فيكا" حياتهما، فينقلب كل شيء.

الرواية هي رحلة غاضبة وحانقة، وفيها هجاء مرير ضد العالم الأدبي والفني، وصناعة العلاقات العامة، ووسائل التواصل الاجتماعي، ومنصّات الأسهم... ونوهت لجنة التحكيم ببراعة شتيربلش في بناء شخصياتها وحكاياتها، ورأت أن هذه الرواية هي "قصة بارعة عن شيء غير عظيم".

"ماما "

في رواية "ماما" السادسة في اللائحة القصيرة، تبحث الكاتبة الألمانية الفرنسية الأصل، سيلفي شينك (ولدت في عام 1944) عن جذور أمها وجدتها. فوالدتها ولدت في عام 1916، وتوفيت جدتها أثناء ولادتها للأم. الأم والجدة كانتا تعملان في معمل للحرير، وهكذا تذهب شينك، وهي أكبر الروائيين عمرا في القائمة، في التخيّل ونسج حياة الأمهات في العائلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منذ عام 1966 تعيش شينك في ألمانيا، ونشرت قبل وصولها إلى هناك، ثلاث مجموعات شعرية، ولكنها ابتداء من عام 1992 بدأت بنشر الكتب النثرية، وكان من خلال كتابها النثري القصير "رجل بلا ابتسامة"، اتبعته بروايتها الأولى "ذهاباً وإياباً" في عام 1995. وأصدرت حتى الآن 14 كتاباً بين النثر والقصة والرواية.

رواية "ماما"، التي صدرت عن دار هانزر (176 صفحة)، تبحث عن خيوط توصلها إلى حياة والدتها وجدتها، وبالتالي إلى جذور عائلتها وكيانها. "إنها تنسج الحقائق والخيال معاً بمهارة، وتكثّفها في سيرة شخصيّة الأم. تسرد عن الأم أيام الفقر والعار والصدمة أيضاً، فنحصل في النتيجة على نص هادئ وقويّ في استكشاف الأصول" على حد تعبير لجنة التحكيم.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة