Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هجوم "حماس" يضع السلطة الفلسطينية بين خيارين

إدانة محمود عباس لـ"طوفان الأقصى" يقضي على منظمة التحرير داخلياً ودعمه للحركة يضعه في حرج سياسي وفقدان الدعم الدولي

ملخص

واشنطن وتل أبيب تعملان على شيطنة "حماس" بعد عملية "طوفان الأقصى" والسلطة الفلسطينية هي البديل

استبق الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقاءه مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم الجمعة بإعلان "رفضه العنف، والتمسك بالشرعية الدولية"، وذلك في ظل إعلان تل أبيب حرباً للقضاء على حركة "حماس" في قطاع غزة بدعم غير مسبوق من واشنطن، بسبب "اليوم الأسود" الذي سببته الحركة لإسرائيل في مطلع الأسبوع الجاري.

وسبب هجوم "حماس" غير المسبوق على قواعد عسكرية ومستوطنات في غلاف قطاع غزة، والذي أطلق عليه عملية "طوفان الأقصى" للرئيس عباس الحرج السياسي، فلا هو قادر على تأييد ذلك الهجوم استجابة لرغبة شعبه، ولا هو يستطيع إدانته كما تريد واشنطن ودول أوروبية عدة.

ووصف المستشار الألماني أولاف شولتز صمت الرئيس عباس بـ"المخزي"، معلناً عدم إرسال "أية مساعدات تنموية أخرى للفلسطينيين في انتظار استكمال المراجعة".

صمت وتعليق

ومع أن الرئيس سارع بعد ساعات على هجوم "حماس" إلى تأكيد "حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه"، لكنه أمر المسؤولين الفلسطينيين التزام الصمت، وعدم التعليق على ما يحدث.

ومنذ بدء الهجوم والحرب التي أعلنتها إسرائيل على قطاع غزة، يحاول عباس وقف "العدوان الإسرائيلي، وتوفير الحاجات الضروية لأهالي القطاع، لكن ذلك الموقف تغير، مع سفره على متن طائرة عسكرية أردنية إلى العاصمة عمان، أمس الخميس، للقاء الملك الأردني عبدالله الثاني ووزير الخارجية الأميركي.

واختار عباس لقاءه مع الملك عبدالله للإعلان أن "سياسة منظمة التحرير الفلسطينية تنبذ العنف، وتتمسك بالشرعية الدولية، والمقاومة الشعبية السلمية والعمل السياسي طريقاً لتحقيق أهدافنا الوطنية في الحرية والاستقلال".

وكمن يمسك العصا من المنتصف، رفض الرئيس الفلسطيني "قتل المدنيين أو التنكيل بهم من الجانبين"، ودعا إلى إطلاق "سراح المدنيين والأسرى والمعتقلين" في إشارة إلى من أسرتهم "حماس" خلال هجومها.

شيطنة "حماس"

يأتي ذلك مع انتهاج إسرائيل والولايات المتحدة "سياسة شيطنة" لحركة "حماس" واعتبارها "إرهابية مثل تنظيم (داعش) لا يشغلها سوى التعطش لدماء اليهود"، وفق الرئيس الأميركي جو بايدن الذي قال إن واشنطن وحلفاءها يعملان على إخراج الحركة من مربع "الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في الكرامة وتقرير المصير".

وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن "بايدن محق بأن (حماس) هي (داعش)"، متوعداً بـ"القضاء على الحركة كما تم القضاء على التنظيم". وطالب بفرض عقوبات على أي دولة تساعد "حماس"، وتعهد "تغيير منطقة الشرق الأوسط" بعد الحرب التي قال إنها "ستسغرق وقتاً" على قطاع غزة.

من جهته وضع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي هدفاً لحرب قواته على قطاع غزة "بمهاجمة وتفكيك (حماس)"، وعلى رأسها قائد الحركة في القطاع يحيى السنوار الذي قال إنه "أعطى الضوء الأخضر" للهجوم على إسرائيل.

نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جو فاينر قال إن "التحدي الأكبر بعد الحرب الحالية هو من سيحكم قطاع غزة، ويملأ الفراغ فيها"، وذلك لأن إسرائيل "سترفض استمرار حكم (حماس) لغزة بعد الآن".

مطالب فلسطينية

وباختياره الجلوس مع الرئيس الفلسطيني، يعمل وزير الخارجية الأميركي على التمييز بين السلطة الفلسطينية وحركة "حماس"، في وقت لم يفت على عباس مطالبة بلينكن العمل على "وقف العدوان الإسرائيلي على أبناء شعبنا بشكل فوري وحمايتهم"، وإعلان "الرفض الكامل لتهجيرهم من قطاع غزة، لأن ذلك سيكون بمثابة نكبة ثانية لشعبنا".

وطالب عباس إسرئيل بالسماح بفتح ممرات إنسانية عاجلة لقطاع غزة، وتوفير المستلزمات الطبية، وإيصال المياه والكهرباء والوقود، وذلك بعد رفضها طلباً فلسطينياً بذلك خلال الأيام الماضية.

وقالت الرئاسة الفلسطينية إن لقاءات الرئيس عباس مع العاهل الأردني، ووزير الخارجية الأميريكي تأتي "في إطار الجهود التي تبذلها القيادة الفلسطينية على مدار الساعة لوقف (الحرب) المدمرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى متخصص سياسة الشرق الأوسط المعاصرة في جامعة قطر محجوب الزويري أن هناك محاولة أميركية "لإخراج السلطة الفلسطينية من غرفة الإنعاش السياسي، وتهيتها للعودة إلى قطاع غزة"، مضيفاً أن بلينكن جاء إلى المنطقة بعد اجتماع لمجلس الأمن القومي الأميركي بثلاث قضايا تتلخص في "محاولة إنهاء حكم (حماس) في غزة، أو إضعافها إلى أقصى حد كي لا تصبح قادرة على تهديد إسرائيل، والبحث عن بديل لإدارة القطاع غزة".

ضغط وتضييق

ولأن سياسىة إدارة بايدن الخارجية، وفق الزويري تقوم على "القيادة من الخلف عبر إشراك دول إقليمية، فإن بلينكن سيعمل على التضييق على حركة (حماس) والضغط باتجاه ترحيل موقت للفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء".

وأوضح الزويري أن "واشنطن وتل أبيب ترفضان إقامة ممرات آمنة داخل قطاع غزة على رغم الخسائر البشرية حتى بين الأسرى الأجانب، وتعملان بدلاً من ذلك على إجبار الفلسطينيين على الرحيل عن القطاع باتجاه سيناء بشكل موقت"، مشيراً إلى أن ذلك يهدف إلى "خلق واقع جديد في سيناء تعمل السلطة الفلسطينية على إدارته قبل عودتها لقيادة غزة".

وبالنسبة لموقف القاهرة، ففي كلمة له، مساء أمس الخميس، اتهم الرئيس المصري "أطرافاً متعددة" رفض تسميتها بالسعي لإبعاد القضية الفلسطينية عن مسارها الساعي إلى إقرار السلام القائم وعلى مبادئ اتفاق أوسلو والمبادرة العربية للسـلام ومقـررات الشـرعية الدوليـة"، مشيراً إلى أن تلك الأطراف تعمل على "تصعيد ينحرف عن هذا المسار باتجاه صراعات صفرية، لا منتصر فيها ولا مهزوم، وتخل بمبادئ القانون الدولي والإنساني، وتخالف مبادئ الأديان والأخلاق".

معوقات جدية

ووصف المتخصص السياسي ما يحصل حالياً بأنها "حرب لإضعاف (حماس) وعزلها كي لا يوجد منصة سياسية في الخارج سوى السلطة"، منوهاً بوجود إشكاليات ومعوقات جدية أمام عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، وذلك لأن "نتنياهو انتهج منذ أكثر من 10 سنوات سياسة تقوم على إفشال مشروعها السياسي والأمني والاقتصادي، وتعميق الفجوة بينها وبين الفلسطينيين".

واستدرك الزويري بالقول "عودة السلطة لقطاع غزة يتطلب وجود شعبية لها"، مشيراً إلى أن الحرب في قطاع غزة قد تتسبب في تقوية "حماس" كما حصل إثر كل الحروب التي شنتها إسرائيل على القطاع منذ 16 سنة، لافتاً إلى حالة تخبط كبيرة لدى تل أبيب وواشنطن، وعدم وجود خطة ناضجة لهما، وسيطرة عقلية "تدوير المشكلات" عليهما.

لكن الزويري استبعد إمكانية استفادة السلطة الفلسطينية مما يجري بسبب "عدم قدرتها على ذلك، فإعلان تأييدها لهجوم (حماس) سيكفلها ثمناً باهظاً من حلفائها، وذلك لأن طبيعة تكوينها السياسي لا يتيح لها ذلك".

مأزق السلطة

وفي السياق اعتبر متخصص العلوم السياسية في جامعة بيرزيت أحمد عزم أن السلطة الفلسطينية تشعر "بأنها في مأزق هي جزء منه"، مشيراً إلى أن "ما يجري في قطاع غزة سيزيدها ضعفاً"، مؤكداً أن الرئيس عباس يحاول الموازنة بين الضغوط الدولية المفروضة لإدانة هجوم "حماس" عبر الحديث عن المنهج السلمي لمنظمة التحرير، وبين تأييد الشعب الفلسطينين الجارف لذلك الهجوم الذي أذل إسرائيل.

وحذر عزم السلطة الفلسطينية من ارتكابها خطأً جسيماً في حال رفضت التقارب مع حركة "حماس" والتسيق معها، منتوقعاً أن يبدأ التفاوض الدولي مع الحركة خلال الفترة القادمة.

وأوضح متخصص العلوم السياسية أن الموقف الأخير للرئيس عباس "لم يصل إلى حد الإدانة، وذلك خوفاً من ازدياد الضعف التدرجي لمنظمة التحرير، مشيراً إلى أن القضية الفلسطينية تتعرض للتصفية في ظل إهمال إدارة بايدن لها، وتسارع تنفيذ المخططات الإسرائيلية للاستيلاء على معظم الضفة الغربية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير