Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حزن على غزة وقلق على سيناء في مصر

إسرائيل وحلفاؤها الدوليون يضعون القاهرة في "خانة اليك" لتقبل التهجير

لطالما حظيت هموم الفلسطينيين باهتمام شعبي بين المصريين (أ ف ب)

ملخص

كان ينبغي أو يفترض ألا تتعارض نصرة غزة مع أي حديث آخر أو هم مختلف لكن القلق على سيناء المصرية من قبل المصريين يجد نفسه متعارضاً تارة ومتكاملاً تارة أخرى وجزءاً لا يتجزأ من حديث غزة في كل الأحوال

منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، لا حديث يعلو في الشارع المصري على "هجوم حماس" ثم "الرد الإسرائيلي" وما بينهما، حتى نقاشات الانتخابات الرئاسية وجدالات المرشحين المحتملين وشبه المحتملين، ومعها أوجاع الأسعار المشتعلة والتضخم المتضخم وقرض الصندوق (النقد الدولي) المرتقب وأنباء عن مزيد من التعويم، انزوت جميعها بصورة أقرب إلى الخيال.

الخيال المتحول إلى حقيقة عبر هجمات "حماس" في إسرائيل والموثق بالصوت والصورة أدهش الجميع لدرجة الانغماس الكامل في "النصر" الكبير، لكن ما هي إلا ساعات حتى تحول الانغماس في النصر إلى الانجراف وراء صوت آخر وصورة مغايرة مع ضربات إسرائيل وعمليات دك غزة وأهلها حرفياً.

أخذت سكرة النشوة في الخفوت وحلت محلها فكرة دك غزة وأهلها الدائرة رحاها، وما هي إلا أيام قليلة حتى بدأ حديث "الممرات الآمنة" يتطاير هنا وهناك وعمليات البحث والتنقيب عن ماهية تلك الممرات وهوية من يؤمنها، لا سيما أن عمليات دك غزة السابقة ارتبطت في أذهان المصريين بكلمتين لهما ثالث "معبر" "رفح" و"سيناء".

"معبر رفح" حديث الجميع في مصر حالياً، فإنه المعبر الحدودي الواقع بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية، لكنه ليس مثل أي معبر، إذ إنه المنفذ الأكثر حساسية في التاريخ الحديث، ففي كل مرة تشن فيها إسرائيل حرباً أو قصفاً أو هجوماً على غزة يتحول "معبر رفح" إلى المهرب الوحيد للباحثين عن مخرج أو علاج أو هرب، وعلى رغم وجود ست منافذ أخرى في قطاع غزة تفصلها عن جنوب إسرائيل، إلا أن العادة الإسرائيلية جرت، لا سيما هذه المرة على إغلاقها، ومع سيطرة إسرائيل على مجال القطاع الجوي وساحله البحري، يسهل تحويل غزة إلى سجن وأهلها إلى مسجونين، مما يضع مصر دائماً في خانة اليك.

تحول كلي

"إسرائيل وحلفاؤها وغالبية المجتمع الدولي الذي تحول كلية إلى دعم تل أبيب والتغاضي عن القضية الفلسطينية برمتها في أعقاب مشاهد هجمات حماس (في السابع من أكتوبر الجاري) يدفعون مصر إلى خانة يك غير مسبوقة"، إنه الحديث الذي كان يفترض أن يكون هامساً بين ضابطين مصريين متقاعدين في عقدهما السابع داخل أحد المقاهي بالقاهرة تحول إلى صالون شعبي جدلي تحليلي طال ساعات.

 

 

خانة اليك التي يتحدث عنها المصريون هي "معبر رفح" الذي تحوم حوله المخططات وتدور بسببه المخاوف والاحترازات، فالنقاشات الحامية تتراوح بين تأكيد أن سيناء المصرية هي الهدف مما يجري، وترجيح أن تكون فيه الجزيرة أثراً عكسياً نجم عن الأحداث وتلميح بأنها معرضة لدفع ثمن لمعركة ما كان ينبغي أن تكون طرفاً فيها وتمويع لملف سيناء المصرية برمته على أساس أن أولوية الاهتمام والكلام والنقاش يجب أن تكون لغزة وأهلها، لا لما قد تضطر غزة وأهلها إلى فعله هرباً من "الجحيم" حتى لو كان الفعل هو العبور إلى سيناء المصرية.

سيناء في مرمى الحدث

سيناء في مرمى الحدث والحدث في مرمى سيناء والمصريون باتوا على يقين بأنها صارت طرفاً، أو بالأحرى غاية، فصحيح أن السمة الغالبة والمشاعر الطاغية تتضامن وتتآزر وتتعاضد مع غزة وأهلها، إلا أن التضامن بات مشوباً بحذر لا يخلو من قلق وقدر من حرج.

باتت تسنيم (محاسبة مصرية، 37 سنة) تشعر بالحرج حين تجمعها أمسية مع زوجة شقيقها الفلسطينية وأهلها في غزة، وتقول "عائلتنا مثل ملايين المصريين تؤمن وتدافع وتتعاطف مع فلسطين وأهلها. وزوجة أخي وأهلها يعرفون ذلك، لكن مع تصاعد الحديث والإشارات والتلميحات إلى احتمال أن يجد أهل غزة أنفسهم مضطرين إلى العبور لسيناء هرباً من ’الكماشة‘ الإسرائيلية المطبقة عليهم بصورة غير مسبوقة، شعرنا جميعاً بالذعر حين بدأت الأحاديث والتصريحات تتواتر حاملة اسم سيناء مرتبطاً بفكرة الممر الآمن لأهل غزة. الذعر سببه الخوف على استكمال تفريغ أرض الفلسطينيين من أهلها، لكنه أيضاً لا يخلو من رفض كامل بأن تتحول سيناء إلى وطن بديل. وهذا يسبب نوعاً من الحرج حين يكون أفراد من الأسرة فلسطينيين لأنه يبدو وكأنه رفض لتقديم المساعدة أو تخلٍّ عن أشقاء في وقت محنة غير مسبوقة".

لم يسبق أن تعامل المصريون مع "افتراضية" أو "احتمالية" تحول سيناء إلى وطن بديل، أو حتى تخصيص مناطق منها لتكون مخيمات موقتة (غالباً تتحول إلى دائمة) بالجدية ذاتها التي يتعاملون معها اليوم.

وطن بديل في عصر الاستقطاب

قبل أعوام ليست بعيدة، كان حديث سيناء كوطن بديل يدور في الأروقة الشعبية المصرية أيضاً، لكنه بدا وكأنه عنصر من عناصر الاستقطاب الشديد والشقاق الكبير مثل سمة من سمات حكم الإخوان، وما تلاها من سنوات كشفت الستار عن تغلغل الجماعة وفكرها، والبداية كانت خافتة أيديولوجياً زاعقة إعلامياً وقت اندلاع أحداث يناير (كانون الثاني) عام 2011 وما تردد وقيل بصفة شبه رسمية عن ضلوع أفراد من حركة "حماس" الفلسطينية في عمليات اقتحام السجون وفتحها في الـ 28 من يناير 2011.

لكن الأقاويل المترددة التي جرى التعامل معها من قبل فريق مناهض لأي رواية مصرية صادرة عن رموز أو بقايا نظام الرئيس الأسبق الراحل محمد حسني مبارك باعتبارها محاولات لـ"تشويه الثورة"، تحولت إلى شهادة معتد بها في المحكمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في يونيو (حزيران) عام 2013، قال وزير الداخلية المصري الأسبق محمود وجدي الذي شغل هذا المنصب بعد أيام من اندلاع أحداث 2011 أمام محكمة في مدينة الإسماعيلية إن حركة "حماس" الفلسطينية وجماعة الإخوان المسلمين تعاونتا لاقتحام سجون مصرية أثناء أيام "الثورة" عام 2011، وأضاف أن "الاستخبارات العامة المصرية رصدت معلومات تفيد بالتواصل بين الإخوان  وحماس حول المشاركة في جمعة الغضب (28 يناير) واقتحام السجون".

يشار إلى أن من بين من تم تحريرهم عقب الاقتحام آنذاك 34 عضواً من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، من بينهم الراحل محمد مرسي الذي أصبح رئيساً لمصر عام 2012، إضافة إلى عدد من أعضاء "حماس" و"حزب الله" اللبناني الذين عادوا لقطاع غزة ولبنان آنذاك.

وعلى رغم ذلك، ظلت "أقاويل" ضلوع "حماس" في الشارع المصري مثار شد وجذب واختلاف ووفاق بين مصريين، كل بحسب انتماءاته الأيديولوجية وأهوائه السياسية بين مؤيد للجماعة وكل من وما يتصل بها مثل "حماس"، ومعارض لها وكل من أو ما يمت لها بصلة.

قنبلة الرئيس الفلسطيني

حتى حين فجر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قنبلة مرتين، مرة أثناء إلقائه خطاب أمام المجلس الوطني الفلسطيني في رام الله عام 2018، وأخرى قبلها بأعوام قليلة حين تحدث عن رفضه عرضاً من مرسي لتسلم ألف كيلومتر في سيناء، وأن هذا المشروع كان مطروحاً للتفاوض بين حركة "حماس" وإسرائيل لـ"توسيع غزة" في عهد مرسي، وأن الأخير عاتبه على رفض العرض قائلاً، "وأنت مالك؟! أنت هتاخذ أرض وتوسع غزة!"، لم يتوقف الشارع المصري كثيراً عند المعلومات التي صرح بها الرئيس الفلسطيني. كانت الغالبية انشغلت بمشكلاتها وعادت أدراجها لتفاصيل حياتها اليومية بعد استقرار الأوضاع سياسياً وأمنياً.

هذه المرة وعلى رغم استمرار استقرار الأوضاع سياسياً وأمنياً في مصر وعلى رغم تعثر الاقتصاد الشديد مما أدى إلى هيمنته على اهتمام معظم المصريين، فرضت سيناء سطوتها وقررت أن تنافس أحاديث التضامن مع غزة وأدعية نصرة الأقصى ومقاطعة محال البرغر والدونتس والقهوة التي يأكلها ويشربها جنود إسرائيليون وذلك لنصرة غزة.

القلق على سيناء

كان ينبغي أو يفترض ألا تتعارض نصرة غزة مع أي حديث آخر أو هم مختلف، لكن القلق على سيناء المصرية من قبل المصريين يجد نفسه متعارضاً تارة، ومتكاملاً تارة أخرى، وجزءاً لا يتجزأ من حديث غزة في كل الأحوال.

في كل الأحوال، هي المرة الأولى التي يتفاجأ فيها المصريون، من صدقوا مكون "سيناء" في "صفقة القرن" ومن كذبوها، من آمنوا بحل الدولتين ومن كفروا به، من انتمى أو تعاطف أو سامح الإخوان أو من يتمسك بموقفه من الجماعة باعتبارها ترجح مصالحها عبر الحدود على كرامة الوطن وتقديس الحدود، بأن توطين أهل غزة في سيناء ليس وهماً أو خيالاً أو فزاعة، بل إنه سيناريو متداول وجاري الدفع به عبر خطوات تبدو مدروسة وتصعيدات تتبلور وكأنها مرسومة.

خريطة سيناء

رسم الجد السبعيني خريطة شبه جزيرة سيناء لأحفاده الذين بدت عليهم أمارات الملل على وقع ساعات من بث التطورات المميتة ومطالعة شريط العاجل الملغم بالقتلى والجرحى والنازحين والمهجرين.

رسم الجد الخريطة وزودها بسهام توضح ما يعتبره المخطط الذي تحاول إسرائيل "وربما أطراف أخرى" الدفع به لعلاج "صداعها المزمن" في غزة الواقعة تحت سيطرة "حماس"، فبدأ اهتمام الصغار (شباب ومراهقون) يتصاعد بأسئلة عن سبب المشكلة الفلسطينية من الأصل واستفسارات بريئة عن السبب الذي يحول دون فتح "المعبر" أمام الهاربين من ويلات الحرب والإبادة واستضافة نصف مليون أو مليون أو مليون ونصف في شمال سيناء لحين حل الأزمة.

ولأن الأزمة مستعصية ولأن التصعيد سيد الموقف والمعضلة التي تواجه مصر إلى تفاقم، بذل الجد كل ما أوتي من قوة ووقت وجهد لشرح الفرق بين التعاطف مع الطرف المعتدى عليه تاريخياً وعدم التفريط في الأرض وتقديم كل أنواع الدعم، باستثناء الأرض، لحل القضية مهما بدت مزمنة، مع تكرار عبارة "مصر أمام معضلة كبرى".

معضلة مصرية

للمرة الأولى يطالع المصريون عناوين ومقالات إعلامية غربية تتحدث عن "معضلتهم الكبيرة" بهذه المباشرة، مثل "وضع التصعيد المتواصل بين إسرائيل وحماس، مصر أمام معضلة كبيرة" و"تجد القاهرة نفسها في مواجهة سؤال بالغ الصعوبة حول كيفية التعامل مع احتمالات شبه مؤكدة بنزوح جماعي لسكان غزة صوب سيناء"، "ففي حال فتحت مصر معبر رفح أمام الهاربين لاعتبارات إنسانية، هل تخاطر باحتمال رفض تل أبيب عودتهم حتى بعد هدوء الأوضاع؟".

 

 

"كما أن التوترات المتصاعدة ومنشورات إسرائيل الداعية أهل غزة إلى النزوح صوب الجنوب تثير قلق مصر خوفاً من سيناريو التهجير في سيناء" وغيرها مئات من عناوين المقالات الصحافية والتقارير التلفزيونية، وحتى مقاطع الـ"تيك توك" ومحتوى "يوتيوب" يتواتر أمام أعين المصريين، فيربك عقولهم ويمعن في تأريق نومهم قلقاً على سيناء، وهو النوم المؤرق منذ بدء الأحداث حزناً على غزة.

حزن هنا وقلق هناك

وبين الحزن الطاغي على غزة والقلق المتنامي على سيناء، يعاود المصريون قراءة التصريحات المصرية "رفيعة المستوى" التي جاءت في تغطيات لقناة "القاهرة الإخبارية" قبل أيام قليلة وتناقلتها كل وسائل الإعلام العالمية والتي "حذرت من دفع الفلسطينيين العزل في اتجاه الحدود المصرية"، ومع البحث فيها وإعادة مشاركتها والنقاش حولها يتداول المصريون ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي الخميس الماضي إن "القاهرة لن تسمح بتسوية القضية على حساب آخرين" والذي فهمه الجميع بأنه إشارة إلى دفع الفلسطينيين للهرب في اتجاه سيناء!

ولولا ما قاله متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قبل أيام في الـ"سوشيال ميديا" داعياً سكان حي الرمال الشهير في وسط غزة إلى مغادرة منازلهم بسرعة والتوجه إلى جنوب القطاع، في إشارة ضمنية وواضحة إلى الحدود المصرية، ولولا الإشارات والتصريحات المتزامنة من قبل الإدارة الأميركية وغيرها من إدارات دول غربية عن سيناء والتعليقات العربية الرسمية الرافضة لـ"التهجير"، وتدوينات وتغريدات مواطنين إسرائيليين تدعو أهل غزة إلى النزوح لسيناء، لظل بعض المصريين مستسلماً لنظرية "المؤامرة الخيالية" التي يروجها "أعداء القضية" عن خطر "وهمي" بتحويل سيناء المصرية إلى "وطن بديل".

اضطرار إخواني

أذرع إعلامية وحقوقية عدة محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين وجدت نفسها مضطرة إلى تحويل دفة الاتهامات الجاهزة في حالات دك غزة من قبل إسرائيل، من "النظام المصري متواطئ" و"الرئيس المصري ساكت" و"الشعب المصري متغافل" وغيرها من الأقاويل سابقة التعليب إلى "النظام العالمي متواطئ" و"قادة العالم ساكتون" و"شعوب الكوكب متغافلون" عن غزة وأهلها.

 

 

القاعدة العريضة من المصريين والدولة المصرية ممثلة برئيسها ومسؤوليها لم يألوا جهداً في التعبير عن رفض الضربات الإسرائيلية والإعلان عن دعم غزة وأهلها، على رغم انشغال الجميع خلال الأشهر الماضية في أزمة الاقتصاد المصري وظلالها الوخيمة التي طاولت الجميع وحلولها المستعصية التي أعيت الكل.

الكل متضامن ورافض أيضاً

الكل متضامن، لكن الكل رافض لحل "سيناء"، والتعبير عن الرفض يختلف باختلاف الأشخاص، فهناك من يرى في هذا الحل تفريطاً في الأرض، وهناك من يعتبره تفتيتاً للقضية الفلسطينية برمتها، وهناك من يخشى من تسلل عناصر "غير مرغوب فيها" في خضم التدفق البشري الكبير المتوقع إلى المدن المصرية وهناك من لا ينظر إلى أي مما سبق ولا يعتبر فتح المعبر والسماح لأهل غزة باللجوء "الموقت" إلى سيناء مدعاة للقلق على شبه الجزيرة المصرية "لأن أهل غزة لن يتركوا غزة"، وهناك من يحذر من أن الاعتماد على أن معسكرات اللاجئين الموقتين تقتصر على الحدود هو والعدم سواء، إذ إن التحرك منها إلى المدن أمر شبه محتوم، وهناك من يخشى ألا تتحمل مصر مزيداً من "اللاجئين" في ضوء أعداد الذين جاؤوا إليها هرباً من الأوضاع في سوريا والسودان وجنوب السودان واليمن وإثيوبيا والصومال وغيرها، وهناك من يرحب باللاجئين من دون شرط ويفتح أبوابه للهاربين من دون قيد، لكن يعتبر سيناء استثناء والمسألة الفلسطينية ونزوح الفلسطينيين ملفات ملغمة بما هو أكثر بكثير من نزوح مدنيين.

يشار إلى أن العدد المسجل رسمياً تحت بند "طالبي لجوء" في سجلات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين نحو 300 ألف شخص، إلا أن المقيمين غير المسجلين كلاجئين ولكنهم هاربون من أتون الصراعات يبلغ عددهم نحو 9 ملايين شخص، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

سيناء في الخبر

إحصاء عدد المرات التي بات مسؤولو الدول الكبرى وساسة الدول الأخرى وقادة الدول العربية ومتحدثو الجيش الإسرائيلي يتحدثون فيها عن سيناء وغزة، وغزة وسيناء، والممرات الآمنة وسيناء، وسيناء والمساعدات وسيناء والفلسطينيين بات صعباً، فالحديث بات معتاداً ومتكرراً، مما يخفف نسبياً من حدة الحرج المستشعر في التعبير عن خوف المواطن المصري وقلقه على مصير سيناء، من دون توجيه سهام الاتهام بعدم التضامن أو التعاطف مع أهل غزة.

حدة حرج أخرى يجري تخفيفها في ما يتعلق بتقييم "هجوم حماس" بين مؤيد مبتهج بتنفيذه ومتمهل في الابتهاج في ضوء ثمن الرد القاسي، وبدلاً من الامتناع الكامل عن التعبير عن أي تحفظ تجاه العملية واختيار التركيز على مأساة غزة وكارثة أهلها المدنيين حتى تهدأ الأوضاع، يتحلل بعضهم من الحرج في ضوء الخطر المحدق بسيناء.

المتخصص في الشأن الأمني والمستشار في أكاديمية ناصر العسكرية بمصر أحمد كامل قال في حديثه إلى "بي بي سي عربية" قبل أيام معلقاً على إقامة القوات المسلحة المصرية ستة ارتكازات عسكرية جديدة في مدينتي رفح والشيخ زويد تزامناً مع تصاعد الأحداث وتسيير دوريات لتمشيط المنطقة الحدودية بحسب تقرير لـ"مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان" (مقرها بريطانيا) إن "هذه إجراءات أمنية واحترازية حميدة لا بد من أن تتخذها مصر، تحسباً لإمكان استغلال بعض عناصر المقاومة من "حماس" الأنفاق ودخول العمق المصري"، مشيراً إلى أن "مصر عانت كثيراً استغلال الأنفاق (على الحدود مع غزة) وإجراء عمليات تبادل للسلاح وتغذية عمليات إرهابية كانت تتم على أراضٍ مصرية عبر عناصر مسلحة كانت موجودة في شمال سيناء"، وأضاف أنه "إذا حدث تهجير قسري للفلسطينيين، فيجب الوقوف على هوية كل من يدخل إلى مصر وتحت أي بند يدخل وإلى أين يذهب؟".

يتداول مصريون هذه التصريحات وغيرها، سواء شفهياً في ما بينهم أو على منصات الـ"سوشيال ميديا" بصورة لافتة، ويلاحظ تصاعد وتيرة ونبرة الحديث والتحذير والقلق من مصير سيناء، وفي الوقت نفسه تتصاعد وتيرة ونبرة التضامن مع غزة وأهلها.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات