Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جيوب المصريين وبيوتهم بهما ما يكفي من أموال لزيادة الاقتصاد 7 في المئة

مستشار رئيس الحكومة السابق يرى أن بلاده كانت بعيدة جداً عن الإصلاح الإداري ولم تعرفه منذ 50 عاماً

ملخص

يعتقد هاني محمود أن زيادة عدد المصريين كل عام 2.5 مليون مولود تضع عبئاً كبيراً على البنية التحتية والاقتصاد

بين سرد لمنجزات ومعوقات وفرص مستغلة وأخرى مهدرة، يتنقل المستشار السابق لرئيس مجلس الوزراء المصري هاني محمود في حديث لـ"اندبندنت عربية" مفصحاً عن طبيعة التحديات التي واجهت اقتصاد بلاده طوال عقود، وقيدت على نحو واسع من النمو، ومن ذلك الزيادة السكانية المكبلة للتنمية، التي يرى فيها قضية غاية الخطورة تلقي بتبعات جسام على البنى التحتية.

يتناول هاني محمود، الذي عين مستشاراً لرئيس مجلس الوزراء المصري لشؤون الإصلاح الإداري في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019 حتى يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، وكلف بالإشراف على انتقال 55 ألفاً من موظفي دواوين الوزارات إلى العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، ملف الإصلاح الإداري الذي عمل عليه ثلاثة أعوام. ويقول إن الجهاز الإداري للدولة لم يتم تطويره منذ 50 عاماً، ومن واقع عمله خارج البلاد لسنوات، يرى أن مصر كانت "بعيدة جداً"، قبل أن يتغير كل شيء وتأخذ الحكومة زمام العمل على التحول الرقمي لتصبح حكومة إلكترونية.

نقل الموظفين إلى العاصمة الإدارية

يستدعي محمود، في حواره ما سبق أن صرح به الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأن عملية الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة لا تعني الرحيل تماماً عن القاهرة، إذ إن الهدف كان خلق ثقافة عمل حكومي جديدة، وليس مجرد الانتقال المكاني والجغرافي. ويضيف أنه جرى نقل 55 ألف موظف من 33 وزارة وأن من المخطط قريباً أن يلحق بهم موظفو مجلسي النواب والشيوخ، بعد الانتهاء من اختبار قدراتهم الوظيفية في مجالات الحاسب الآلي والمهارات الشخصية واللغتين العربية والإنجليزية ومهارات، وعمل بطاقات الوصف الوظيفي والتدريبي لكل موظف.

ويلفت محمود الذي شغل في الماضي منصب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في حكومة هشام قنديل عام 2012 ثم وزيراً للتنمية الإدارية في حكومة حازم الببلاوي عام 2013، إلى أن من جرى نقلهم إلى العاصمة الإدارية هم موظفو دواوين الوزارات فقط، فليس من المنطقي نقل جميع موظفي الجهاز الإداري للدولة إلى مقار الوزارات بالعاصمة الجديدة، كما أنه من المستحيل نقل المستشفيات والمدارس وأقسام الشرطة والمحليات، فما العاصمة الإدارية لديه إلا مقر للحكومة المركزية فقط.

ويشير محمود، إلى شق ثان يتعلق بالإصلاح الإداري الذي تزامن ونقل الموظفين من القاهرة التي عرفت مقراً رئيساً لدواوين الوزارات إلى العاصمة الجديدة. ويقول إن وزارة الاتصالات عملت على رقمنة المستندات الحكومية الورقية عبر عملية أرشفة طالت نحو مليار مستند حكومي في جميع الوزارات، ومسح هذه المستندات بمعاونة خمس شركات متخصصة، لتخزينها رقمياً عبر منظومة إلكترونية تغني عن الأرشيف الورقي بصورته التقليدية.

وأصبح لدى مصر، وفق ما يقول، أكبر مركز بيانات على مستوى أفريقيا، إذ جرى تصميمه وفق أحدث النظم العالمية، لتحقيق عديد من الفوائد، وتقديم حلول لكثير من المشكلات، ومنها على سبيل المثال، سرعة إنفاذ الأحكام القضائية، فلم يعد بمقدور أي مواطن الحصول على أي خدمات حكومية دونما الكشف على سجله الجنائي وتنفيذ الحكم القضائي أولاً.

ويضيف محمود، أن بناء قاعدة البيانات الحكومية استغرق خمس سنوات، وأصبح لدى البلاد ما يعرف بـ"بوابة مصر الرقمية" التي تضم كل ما يلزم المواطنين من بيانات، إضافة إلى 200 خدمة حكومية يمكن إنجازها عبر الإنترنت فلم يعد المواطن في حاجة اليوم للانتقال إلى الجهات الحكومية للحصول على الخدمات. ويقول "أصبح لدينا خدمات حكومية لم نكن نحلم بها يوماً، وربما ليست متوفرة في كثير من البلدان".

أموال مكدسة في بيوت المصريين

ويعرج مستشار رئيس مجلس الوزراء السابق، في حديثه إلى الشمول المالي، الذي يعني في تعريفه شمول كل المواطنين بالخدمات المصرفية. ويقول إن بلاده أحرزت تقدماً ملموساً في هذا المجال، بتحفيز المواطنين على الحصول على الخدمات البنكية، وأن الدراسات تشير إلى أن ما لدى المصريين من الأموال في جيوبهم وبيوتهم يكفي لزيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تراوح بين خمسة وسبعة في المئة لو وضعت هذه الأموال في البنوك. ويرى أن الشعب المصري يستخدم "الكاش" أكثر من أي وسيلة دفع أخرى، وأنه لديه أموال في بيته على عكس ما كان قبل سنوات في إنجلترا حيث يعيش، مضيفاً، "المصريون يخزنون الأموال في بيوتهم، سواء كانت عملات مصرية أو حتى أجنبية، ولدينا في مصر نسبة المتعاملين مع البنوك من أقل النسب عالمياً، وفي الخارج وتحديداً في إنجلترا تقريباً لم ألتق شخصاً واحداً ليس لديه حساب بنكي".

سعت الحكومة لتحفيز المصريين على امتلاك البطاقات المدفوعة مقدماً، وفق ما يقول محمود، واشترطت لسداد أي مبالغ نظير الحصول على خدماتها تتجاوز 500 جنيه أن يتم ذلك عبر تلك البطاقات في مسعى لتشجيعهم على التعامل بها، وهو ما يساعد على سرعة دوران المال، وخفض المصروفات، وعدم التهرب من الضرائب عبر الفاتورة الإلكترونية الموحدة، كما يقول.

ويستدعي هاني محمود دعوته لحضور مؤتمر في إستونيا قبل نحو ثمانية أعوام، وتحديداً في 2015. ويقول إن لدى هذا البلد الأوروبي الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه 1.2 مليون نسمة أفضل حكومة إلكترونية في العالم، ولذلك استحدثوا نظام المواطن الافتراضي، ولديهم نظام مبتكر وذكي للجمارك يقوم على أساس تلقي واعتماد بيانات البضائع، وهو ما تنفذه وزارة المالية المصرية الآن، ويبشر بتحقيق نقلة نوعية كبيرة في تطوير المنظومة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن المكاسب التي يمكن جنيها من رقمنة وميكنة الخدمات الحكومية، يشير المسؤول الحكومي البارز، إلى دراسة المنظمة الدولية للشفافية ومكافحة الفساد، التي تذكر أن ميكنة الخدمات الحكومية تكفل محو 80 في المئة من فرص الفساد، وذلك لأن الفساد يحدث حين التقاء طالب الخدمة بمقدمها، بينما في حال إنجاز الخدمات إلكترونياً لن يكون هناك مجال لتقديم الرشوة أو تلقيها، وفق ما يقول.

الزيادة السكانية المفرطة

ويختتم تناوله لملف الإصلاح الإداري ويقول إن التحول الإلكتروني في العاصمة الإدارية يشكل فارقاً كبيراً مع المواطن ومع الموظف، ويعتقد أنه من دون بناء قواعد البيانات كان من المستحيل تحقيق ذلك. ويرى أن مصر شهدت من التقدم التكنولوجي خلال السنوات الأخيرة ما لم يتحقق على مدى خمسة عقود، معبراً عن تفاؤله خلال الفترة المقبلة بتحقيق المزيد، لكن أكثر ما يقلق المستشار السابق لرئيس مجلس الوزراء المصري، الزيادة السكانية المفرطة، التي يرى فيها معوقاً للتنمية.


يقول في ختام حديثه "لدينا كل عام 2.5 مليون مولود جديد، وهذه مشكلة، فكلما زاد عدد السكان تآكلت التنمية، وأصبح لزاماً استيعاب هذه الزيادة عبر إنشاء الآلاف من المدارس والمستشفيات والهيئات وبنى تحتية، وهذه الزيادة السكانية تضع عبئاً كبيراً للغاية على الدولة، ومصر تعمل حالياً على معالجة جذور هذه الأزمة، وهي متوطنة أكثر في الأرياف وفي صعيد مصر، وهذا الأمر في منتهى الخطورة، يكفي طفلاً أو طفلين لكل أسرة، لكن هناك اليوم أسر لديها سبعة وثمانية وتسعة أطفال، وأتمنى أن يساعد الشعب المصري في تجاوز هذه المشكلة".

المزيد من حوارات