Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المنشقون عن "طالبان"... من الظهور حتى السقوط

كانوا يتمتعون بقدرات عسكرية كبيرة لكنها انخفضت تدريجياً خلال فترة حكم الملا هبة الله أخوند زادة إلى أن دمرت كاملة

بعد عودة "طالبان" إلى الحكم أعلنت الحركة رجوع 100 من مقاتلي المجموعة المنشقة (أ ف ب)

ملخص

اضطر كثير منهم مغادرة أفغانستان، فيما اختار الآخرون عدم خوض اشتباكات مع الحركة في الوقت الراهن

أنهى المنشقون عن حركة "طالبان" نشاطهم العسكري بعد أن فقدوا عدداً من كبار مسؤوليهم، واضطر كثير منهم مغادرة أفغانستان، فيما اختار الآخرون عدم خوض اشتباكات مع الحركة في الوقت الراهن.

وكانت منظمة الأمن القومي التابعة للحكومة الأفغانية السابقة قد تمتعت بنفوذ على هذه المجموعة المنشقة عن "طالبان" ومنحتهم المال والسلاح لخوض القتال ضد الحركة. ولم ترد أنباء عن الملا رسول قائد المجموعة المنشقة، وتتردد معلومات عن مقتله أو وفاته في باكستان.

وقال أحد كبار مسؤولي هذه المجموعة المنشقة لصحيفة "اندبندنت فارسية"، إن الملا رسول غادر أفغانستان إلى باكستان خلال الأشهر الأولى بعد تأسيس المجلس الأعلى للإمارة الإسلامية (المجموعة المنشقة)، ومكث هناك، وكان ذلك قبل شهر من اندلاع اشتباكات بين منتسبي مجموعة الملا عبدالمنان نيازي وحركة "طالبان".

وادعى أن الملا رسول كان يقيم في قندهار خلال الفترة الأولى من حكم "طالبان"، وكان يتمتع بدعم الملا هبة الله أخوند زادة قائد الحركة. وتابع "كان أخوند زادة قد وافق على إقامة الملا رسول في قندهار لأن كلا الرجلين ينتمي إلى قوم نوروزي، لكنه لم يتول أية مسؤولية بعينها في حكومة (طالبان)، وكان يحصل هو ومجموعته على دعم مالي من الحركة".


انشقاق في "طالبان"

مع نشر خبر وفاة الملا عمر مؤسس "طالبان" عام 2015 في باكستان بدأت الخلافات تسري في الحركة لخلافة الرجل الغامض. وكان عدد من قادة "طالبان" يعارضون انتخاب الملا أختر محمد منصور خليفة له، واعتبروا أنه ليس خياراً مناسباً لقيادة الحركة، لكن الملا أختر محمد منصور اختير كثاني قائد للحركة، وأقدم الملا رسول، وقد كان من المقربين للملا عمر على تشكيل مجموعة منشقة، واختار الملا عبدالمنان نيازي مساعداً له. وكانت حركة "طالبان" أعلنت أن الملا عمر توفي في 24 أبريل (نيسان) عام 2013.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان الملا رسول من قادة الحرب ضد الاتحاد السوفياتي السابق، وقد التحق بـ"طالبان" مع إعلان الملا عمر تأسيس الحركة، وبقي نشطاً فيها إلى جانب الملا عمر، وكان الملا رسول حاكماً لولاية نيمروز في جنوب غربي أفغانستان قرب الحدود مع إيران.

بعد استهداف "القاعدة" لبرجي مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 انهار حكم "طالبان" بعد أن شنت الولايات المتحدة الأميركية والتحالف الدولي هجوماً على أفغانستان إثر رفض الحركة تسليم أسامة بن لادن إلى واشنطن. ولجأ الملا رسول إلى إيران، لكنها طردته من البلاد وأمضى أربع سنوات في سجون الحكومة الأفغانية السابقة. وبعد خروجه من السجن عاد إلى صفوف القتال ضد الحكومة الأفغانية والقوات الأميركية في أفغانستان.

عبدالمنان نيازي

كان الملا عبدالمنان نيازي مساعداً لقائد الفرقة المنشقة عن "طالبان" وأحد أبرز قادتها، وكان يتولى قيادة المجموعة وإدارتها في غياب الملا رسول. وفقد الملا عبدالمنان سلطته بعد فترة إلى أن تعرض للاغتيال عام 2020 في مدينة هرات غرب أفغانستان بإصابة في الرأس قضى على أثرها في المستشفى.

وقال مصدر مقرب من الملا عبدالمنان نيازي لـ"اندبندنت فارسية"، إنهم لا يعرفون الجهة التي خططت لاغتياله. وكان نيازي فقد عدداً من رجال الحماية الموثوقين، مما أثار الشكوك حول احتمال تصفيته، كما كان عدد من مساعديه يطمعون في تولي منصبه. وقد كان الملا عبدالمنان نيازي من أشد المعارضين للنظام الإيراني، ودائماً يكرر أن طهران تتسبب في إثارة الحروب في أفغانستان، لكن المسؤولين الإيرانيين يرفضون هذه الأدلة في كل مرة.

كان الملا عبدالمنان نيازي قد أنشأ قاعدة عسكرية في أعلى نقطة حدودية في مدينة كذره قرب هرات غرب البلاد. والوصول إلى مقره يستغرق 20 دقيقة مشياً على الأقدام للشخص العادي، وعانى نيازي زيادة الوزن في السنين الأخيرة من عمره، وكان يستقل دائماً الحصان للتنقل إلى مقره العسكري، وهذا المقر تمتع بإمكانات تمكنه من المقاومة أمام هجمات "طالبان"، وفي وقت سابق أعلن نيازي أنه صد عدداً من هجمات الحركة على مقره العسكري.

قتل عدد كبير من المقاتلين المقربين من الملا عبدالمنان نيازي في هجمات مختلفة، وكان عدد قليل من أفراد حمايته يرافقونه لدى تعرضه للاغتيال. وتولى عدد من أفراد قبيلته حمايته على رغم عدم وجود خبرة عسكرية لديهم.

وكان الملا أختر محمد منصور، ثاني أكبر مسؤول في حركة "طالبان" بعد الملا عمر، قد قتل عام 2016 في طريق العودة من إيران إلى باكستان في هجوم جوي، وتولى الملا هبة الله أخوند زادة قيادة الحركة على رغم عدم إلمامه العسكري والسياسي. وكانت المجموعة المنشقة تتمتع بقدرات عسكرية كبيرة خلال حياة الملا أختر محمد منصور، لكنها فقدت قدرتها مع تولي الملا هبة الله أخوند زادة قيادة الحركة، وقد انخفضت قدراتها تدرجاً إلى أن فقدتها تماماً.

تجنيد المدمنين

كانت المجموعة المنشقة عن حركة "طالبان" قد انخفض عدد أفرادها بسبب الحروب المتعددة، لذلك لجأت القوات التابعة للملا عبدالمنان نيازي إلى تجنيد المدمنين في مدينة هرات، حيث أقدمت على اعتقالهم من الشوارع وأشرفت على عملية إقلاعهم عن المخدرات بأساليب عنيفة، وأرغمتهم على الانخراط في صفوف المقاتلين.

وكان مركز علاج المدمنين يقع في القاعدة العسكرية للملا عبدالمنان نيازي، وكان المدمنون يقبعون في سجن لمنعهم من الهرب. هذه الإجراءات أدت إلى بث الرعب بين المدمنين في هرات لأنهم كانوا يواجهون مصير الانضمام إلى المجموعة المنشقة عن "طالبان"، وقتل عدد كبير منهم في ساحات القتال، لكن عبدالمنان نيازي أصر على تجنيدهم من أجل تقليل عدد المدمنين في البلاد. وفي الوقت نفسه أعلن أنهم ينضمون إلى المقاتلين بناءً على رغبتهم.

وكان الملا عبدالمنان نيازي حاكماً لحركة "طالبان" في هرات غرب أفغانستان وبلخ في شمال البلد خلال التسعينيات. واتهم بشن حملة إبادة ضد المواطنين من قوم الهزارة في بلخ. وكان أعضاء الحركة دخلوا القنصلية الإيرانية في بلخ عام 1998 وقتلوا ثمانية دبلوماسيين وصحافياً بعد استجوابهم. وقد اتهم أعضاء مجموعة عبدالمنان نيازي بهذه الحادثة. واستمرت العداوة بين الملا عبدالمنان نيازي والنظام الإيراني إلى آخر لحظات حياته.

في أحضان "الحرس"

كانت غالبية الأنشطة للمجموعة المنشقة عن "طالبان" تتركز في غرب البلاد على الحدود مع إيران. وكان "الحرس الثوري" يقيم علاقات مع جزء من هذه القوات، لكنه لم يتمكن من استمرار هذه العلاقة.

نشبت خلافات بين قادة المجموعة المنشقة، مما أدى إلى خفض قدراتها العسكرية. وقتل الملا ننكيالي برفقة عدد من أتباعه في غارة أميركية عام 2020 في مدينة شيندد في القرب من هرات. وكان الملا ننكيالي يقيم علاقات حسنة مع الملا عبدالمنان نيازي، لكن لم تدم هذه العلاقات. ويتردد أن الملا ننكيالي كان يعتبر نفسه أعلى مرتبة من الناحية العسكرية والسياسية من نيازي.

وقال مصدر مطلع إن الملا ننكيالي كان يقيم علاقات مع "الحرس الثوري"، وقد تخلى عن تلبية أوامر الملا عبدالمنان نيازي. وذكر المصدر لـ"اندبندنت فارسية" أن "الملا ننكالي اجتمع مع الملا نيازي قبل مقتله وطلب منه الأخير في الاجتماع وقف علاقاته مع إيران، وذكر له أنه إذا ما قررت البقاء على العلاقات مع إيران لا تأتي إليّ مرة ثانية".

وأضاف المصدر، "ذهبت إلى مكان مقتل الملا ننكالي لإعداد تقرير عن مقتله في مدينة شيندند، لكن لم يسمحوا لي بزيارة المكان بسبب التهديدات الأمنية، وأوضح لي عديد من كبار المسؤولين في شيندند أن الملا ننكالي كان يقيم علاقات كبيرة مع (الحرس الثوري) لذلك استهدفته غارة أميركية، كما قال لي أحد المقاولين الأمنيين إن القوات الأميركية شنوا هجوماً على مكان اجتماع الملا ننكيالي مع (الحرس) وكانوا ينوون اعتقالهم، لكن بعد تقييم الوضع ومعرفة احتمال فشل ذلك قرروا طلب غارة جوية للقضاء على الملا ننكيالي وعادوا إلى القاعد العسكرية في شيندند".

وكان المسؤولون في الحكومة الأفغانية السابقة قد ادعوا أن عدداً من المستشارين العسكريين التابعين لـ"الحرس الثوري" يوجودون في هرات ويتعاونون مع "طالبان"، وتتمتع إيران بنفوذ كبير في غرب أفغانستان، بخاصة في إقليم هرات، واحتفظت بهذا النفوذ حتى بعد عودة "طالبان" إلى الحكم.

وكان فرع الأمن الوطني في هرات يدعم الملا عبدالمنان نيازي وقواته في القتال ضد "طالبان" من خلال منحهم المال والسلاح. وكانوا ينظمون دوريات في مدينة هرات ويستعرضون أسلحتهم ولم يمنعهم أحد، وكان عديد من المواطنين يتهمون قوات نيازي بالابتزاز والسرقة وقدموا شكاوى كثيرة إلى ولاية هرات، لكن الحكومة لم تهتم بهذه الشكاوى أو تعاقب الخاطئين.

وكان الملا عبدالمنان نيازي قد طلب مراراً من الصحافيين تغطية المحاكم المفتوحة التي يقوم بها في مناطق سيطرته، لكن الصحافيين يرفضون دائماً مطالبه. وبعد اختفاء الملا رسول ومقتل نيازي والملا ننكيالي فقدت المجموعة المنشقة عن "طالبان" قدرتها وانخفض عدد أنصارها. وبعد إسقاط النظام الجمهوري في أفغانستان وعودة "طالبان" إلى الحكم أعلنت الحركة عودة 100 من مقاتلي المجموعة المنشقة.

ومع سيطرة "طالبان" على الحكم عام 2021 أوقفت هذه المجموعة عملها العسكري بشكل كامل، ولجأ عدد من قادتها إلى الحركة، إذ شملهم قرار العفو الذي أصدره الملا هبة الله أخوند زادة وسلموا أسلحتهم إلى "طالبان".

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

المزيد من تقارير