Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل استعد سوناك وهانت للانتخابات البريطانية؟

التخفيضات الضريبية مصدر قلق لحزب المحافظين والنواب يخشون إهدار وزير الخزانة فرصاً ثمينة بتردده في شأن الديون

يثق سوناك من أنه ستكون هناك تخفيضات على الضرائب الشخصية قبل الانتخابات العامة (رويترز)

ملخص

تشير التوقعات إلى أن الحكومة البريطانية في طريقها للوفاء بتعهد سوناك بخفض التضخم إلى 5 في المئة بحلول نهاية العام

عندما اجتمع مجلس الوزراء البريطاني، الثلاثاء الماضي، في الذكرى السنوية الأولى لتولي ريشي سوناك منصب رئيس الوزراء، دهش الحاضرون من الدعم الصاخب لوزير الخزانة جيريمي هانت، وفي اليوم الذي سبق الاجتماع، اضطر هانت إلى إنكار أنه كان يخطط للتنحي في الانتخابات المقبلة، وهو ادعاء ظهر بعد أسابيع عدة من الإحاطات الإعلامية التي تفيد بأن سوناك قد يفكر في استبدال وزير خزانته في التعديل الوزاري المقبل، واليوم يواجه سوناك وهانت، اللذان يتخلفان عن حزب العمال بفارق 20 نقطة في استطلاعات الرأي، ضغوطاً متزايدة من داخل صفوف الحزب للبدء في خفض الضرائب.

مع كون استطلاعات الرأي تشكل "عرضاً مرعباً"، على حد تعبير أحد الوزراء، فإن احتمال إجراء انتخابات في مايو (أيار) المقبل، يبدو أقل بكثير مما كان عليه قبل شهرين، إذ تعتقد شخصيات بارزة في الحزب إن الاستراتيجيين يعتبرون انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل، هي التوقيت الأكثر ترجيحاً.

وفي حال أجريت الانتخابات في الخريف القادم، فإن التخفيضات الضريبية في موازنة مارس (آذار) القادم، ستمنح مزيداً من الوقت قبل يوم الاقتراع، لكن كلاً من هانت وسوناك حذران للغاية في شأن القيام بأي شيء في بيان الخريف المرتقب في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب

حصل هانت أخيراً على بعض الأخبار الجيدة من مكتب مسؤولية الموازنة (OBR)، وهي الهيئة المستقلة التي تحدد تقديراتها حول حالة المالية العامة مقدار الأموال التي يجب أن تتعامل بها وزارة الخزانة، فقبل ثلاثة أسابيع، عشية مؤتمر حزب المحافظين، قدم مكتب مراقبة الموازنة أول توقعاته الموقتة، ومما أثار استياء هانت أن ذلك أظهر أن هامشه المالي لم يتبخر منذ الموازنة في مارس الماضي فحسب، بل أصبح الآن في المنطقة السلبية بعمق، عند سالب 19 مليار جنيه استرليني (سالب 23 مليار دولار أميركي).

وعادة ما يحسب مكتب مسؤولية الموازنة هامش الربح وفقاً لأهم قاعدة مالية لوزير الخزانة المتمثلة في خفض الديون كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2027-2028، وهو العام الأخير من فترة التوقعات، ولملء الثقب الأسود البالغ 19 مليار جنيه استرليني (23 مليار دولار أميركي)، كان هانت يتطلع إلى خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب.

ويعود الانكماش في المقام الأول إلى ارتفاع كلف خدمة الدين الحكومي في الأشهر الأخيرة، إذ تعتقد وزارة الخزانة أنها ارتفعت بمقدار 23 مليار جنيه استرليني (27.8 مليار دولار أميركي).

تحسنت حظوظ هانت في الوقت الحالي في الأقل، فقبل أسبوع، أظهرت مجموعة ثانية من الأرقام أن وزير الخزانة عاد إلى وضعه الطبيعي وأن هامشه يصل إلى نحو ستة مليارات جنيه استرليني (7.2 مليار دولار أميركي)، وتقريباً الرقم نفسه الذي كان عليه عندما قدم موازنة الربيع.

ويرجع هذا الانعكاس إلى خفض عائدات السندات الحكومية، وأن مكتب مسؤولية الموازنة قام بتعديل حساباته بحيث يأخذ في الاعتبار مكاسب ضريبية كبيرة غير متوقعة، إذ ساعد التضخم والعبء المالي في تحقيق مستويات قياسية من الإيرادات لوزارة الخزانة. وقال أحد المطلعين على وزارة الخزانة لصحيفة "التايمز"، "في الأساس، نحن نجني كثيراً من عائدات الضرائب".

قد يحفز هذا وزير الخزانة على خفض الضرائب، إذ يدرك الوزراء تماماً أن هانت سيشعل من جديد الدعوات بين أعضاء البرلمان من حزب المحافظين لتخفيض الضرائب.

هانت وهوس مدفوعات فوائد الديون

من المقرر أن يتلقى هانت عديداً من تحديثات "مكتب مسؤولية الموازنة" الإضافية قبل 22 نوفمبر المقبل، ومن المقرر أن يكون التحديث التالي يوم الثلاثاء القادم، ويتوقع أن يكون هناك تباين كبير في التقديرات. وقال أحد أعضاء حزب المحافظين المقرب من داونينغ ستريت للصحيفة، "الوضع متقلب للغاية والسندات الحكومية منتشرة في كل مكان، لذلك قد تجد أن الفائدة على الديون قد ارتفعت أو انخفضت بشكل كبير بعد بضعة أيام".

وبالنسبة إلى حلفاء رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، التي تواصل الضغط لصالح السياسات التي تركز على النمو، فإن هذا دليل على أن الحكومة لا ينبغي لها أن تكون مدينة بالفضل لمكتب مسؤولية الموازنة في تقرير أين تذهب معدلات الضرائب. وقال وزير سابق في الحكومة خدم في عهد تراس، "إن جيريمي هانت مهووس تماماً، بمدفوعات فوائد الديون، وهو مرعوب منها، فهو وريشي اقتصاديان ثنائياً الأبعاد، لذا لا أعتقد أن أياً منهما يؤمن بمنحنى لافر، الذي يشير إلى أن التخفيضات في معدلات الضرائب يمكن أن تزيد من الضرائب".

مقترحات بتوفير مليار دولار أو زيادة الفوائد

والسؤال الأهم اليوم هو كيف ستكون حالة الأسواق عندما يقوم مكتب الموازنة بتسليم تقديراته النهائية إلى وزارة الخزانة، والتي ستحدد مزيج السياسات في بيان الخريف، وأصاب هانت الذعر من المجموعة الأولى من توقعات مكتب مسؤولية الموازنة، إذ قام المطلعون على وزارة الخزانة بتعويم أموال الادخار من طريق إجراء تغييرات على القفل الثلاثي للمعاشات التقاعدية، الذي يرتفع سنوياً بسبب التضخم، أو متوسط الدخل أو 2.5 في المئة أيهما أعلى.

وفي حين أن من المقرر أن يرتفع بحسب الأرباح في عام 2024 (8.1 في المئة)، وضع المسؤولون مقترحات من شأنها إلغاء المكافآت والمدفوعات مرة واحدة من رقم الأرباح، مما يوفر بدوره للخزانة نحو 900 مليون جنيه استرليني (مليار دولار أميركي).

وكان الاقتراح الثاني يتلخص في زيادة الفوائد بنسبة أقل من التضخم، وهو ما من شأنه أن يساعد وزارة الخزانة على تحقيق مزيد من المدخرات الكبيرة، ولكنه يمثل تخفيضات حقيقية للمدفوعات المقدمة للملايين من المطالبين بالرعاية الاجتماعية، وطلب من مسؤولي الخزانة وقف العمل على التخفيضات الضريبية لأنه لن يكون هناك أية تخفيضات.

وقال سوناك إنه "واثق" من أنه ستكون هناك تخفيضات على الضرائب الشخصية قبل الانتخابات العامة، وفوض أحد كبار المساعدين بإصدار بيان داعم لهانت، "سيقوم وزير المالية بإلقاء بيان الخريف في غضون أسابيع قليلة والموازنة في الربيع المقبل".

تعديل وزاري مرتقب والبديل المحتمل

في حين لا تزال هناك إحباطات في "10 داونينغ ستريت" في شأن هانت، إذ قال أحد أعضاء حزب المحافظين ذوي العلاقات الجيدة، "إنهم لا يعتقدون (يقصد 10 داونينغ ستريت) أنه يتمتع بالخيال السياسي الكافي، وتأتي الأحداث إليك بسرعة كبيرة بحيث لا يكون لديك الوقت لوضع موازنة أيضاً، لذا أنت في حاجة إلى أن تعمل وزارة الخزانة على صياغة وترويج خطاب سياسي حول الاقتصاد، وهانت لا يجيد ذلك بالطريقة التي كان بها جورج أوزبورن".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غالباً ما يتم الحديث عن الرئيس السابق للجنة المختارة بوزارة الخزانة والشخصية الرئيسة في فريق حملة سوناك القيادية، ميل سترايد، باعتباره البديل المحتمل لهانت، لكن البعض يعتقد أن مثل هذه الخطوة لن تفعل كثيراً لطمأنة الجمهور. وقال أحد زملائه في مجلس الوزراء للصحيفة، "يعرف ميل أشياءه، لكن الجمهور لم يسمع عنه قط، ولا ينظر إلى سترايد الذكي على أنه ماهر سياسياً بشكل خاص". وقال أحد الخبراء الاستراتيجيين في حزب المحافظين "إنه مثل ريشي تماماً، رجل التفاصيل". وأضاف "إذا كانت مشكلتك هي أنه ليس لديك وزير خزانة سياسي كبير، فإن ميل سترايد ليس هو الحل المناسب لك".

ومن خلال تعهد سوناك إبقاء هانت في منصبه حتى مارس المقبل، في الأقل، فقد ترك سوناك لنفسه مجالاً كافياً للمناورة لجعل وزيرة الطاقة الجديدة، كلير كوتينيو، أول وزيرة خزانة لبريطانيا لبضعة أشهر قبل الانتخابات، وهذا من شأنه أيضاً أن يعزز فرص كوتينيو كمنافسة على القيادة في المستقبل إذا خسر سوناك.

وتجتذب كوتينيو بالفعل إحاطات سلبية من زملائها الوزراء الذين يشعرون بالغيرة من قربها من "10 داونينغ ستريت" وترقيتها إلى مجلس الوزراء. وقال مصدر، "الناس يتذمرون من قلة خبرتها وتعاملها مع إعلان صافي الصفر".

ومن المرجح أن يكون التعديل الوزاري المتوقع قبل عيد الميلاد متواضعاً نسبياً، ويريد فريق سوناك ضم لورا تروت وريتشارد هولدن إلى مجلس الوزراء، مع كون وزيرة البيئة، تيريز كوفي، الأكثر احتمالاً.

إذا ظلت أرقام مكتب مسؤولية الموازنة أفضل بالنسبة لهانت، فقد يتمكن من تحقيق تخفيضات ضريبية متواضعة الشهر المقبل، لكن المطلعين على وزارة الخزانة يقولون إن ستة مليارات جنيه استرليني (7.2 مليار دولار أميركي)، من الارتفاع ليست بأي حال من الأحوال "صندوق حرب" وهي "منخفضة للغاية وفقاً للمعايير التاريخية"، مما يعني أن هانت من المرجح أن يحاول التمسك بها كحاجز ضد أية تقلبات أخرى في المالية العامة، كما أخبر هانت كبار المحافظين في مؤتمر الحزب أنه لن يكون مرتاحاً لخفض الضرائب ما لم يكن لديه ما لا يقل عن 10 مليارات جنيه استرليني (12.1 مليار دولار أميركي) تتيح له حرية التحرك.

مكافحه التضخم الهدف الرئيس

في حين يعد السبب الرئيس وراء بقاء التخفيضات الضريبية الشخصية غير مرجحة حتى مارس القادم، هو أن الهدف الشامل لكل من سوناك، وهانت هو مكافحة التضخم، إذ تشير التوقعات الداخلية الآن إلى أن الحكومة في طريقها للوفاء بتعهد سوناك خفضه إلى النصف إلى خمسة في المئة بحلول نهاية العام. ومن المتوقع أن تظهر البيانات المقرر صدورها في 15 نوفمبر المقبل، أن المعدل انخفض إلى 4.8 في المئة وسيظل كذلك لبقية العام.

ومن شأن خفض ضريبة الدخل أو ضريبة القيمة المضافة أو التأمين الوطني أن يغذي التضخم من خلال تحرير القدرة الشرائية للأسر وإطلاق مليارات الجنيهات الاسترلينية في الاقتصاد، وهذا بدوره قد يجبر بنك إنجلترا (البنك المركزي لبريطانيا) على زيادة أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى محو أية فائدة من الزيادات الضريبية مع ارتفاع أقساط الرهن العقاري.

ويبدو أن "10 داونينغ ستريت" ووزارة الخزانة يناقشان التخفيضات الضريبية التي تشكل خطراً أقل للتضخم، مثل تخفيض ضريبة الميراث ورسوم الدمغة. ويعتقد أن كليهما يتمتع بشعبية سياسية، لكنهما سيحرران أموالاً أقل في الاقتصاد مقارنة بالتخفيض الرئيس في ضريبة الدخل أو التأمين الوطني.

بيان الخريف المرتقب بثلاثة محاور

ومع ضيق المجال للمناورة، يحاول المطلعون على وزارة الخزانة مرة أخرى إدارة التوقعات، ومن المرجح أن ينقسم بيان الخريف إلى ثلاثة أجزاء، الأول سيركز على خفض التضخم، وسجل الحكومة، أما الخيار الثاني فسيشمل سياسات تهدف إلى تعزيز الاستثمار في المملكة المتحدة وقطاع الخدمات المالية، ولا سيما المضي قدماً في سلسلة من الإصلاحات التي حددها هانت في خطابه الذي ألقاه في مانسيون هاوس في الصيف، مثل تحرير المليارات من صناديق التقاعد للاستثمار في الشركات الناشئة، وغيرها من الشركات سريعة النمو وتسهيل شراء وبيع الأسهم.

ومن المحتمل أيضاً أن يكون هناك تحديث في شأن الطاقة، إذ تسعى الحكومة إلى تسريع وقت يستغرقه ربط موردي الطاقة الجدد بالشبكة الوطنية وسط تحذيرات من أن التأخير يعوق استثمارات بالمليارات، أما المحور الثالث فسيركز على الجهود الرامية إلى تحسين الإنتاجية في القطاع العام، بعد مراجعة واسعة النطاق أجراها السكرتير الأول لوزارة الخزانة جون جلين.

وأعلن هانت عن الأجزاء الأكثر لفتاً للانتباه في مراجعة غلين، بما في ذلك الالتزام بإيقاف التوظيف موقتاً في الخدمة المدنية – مما يوفر مليار جنيه استرليني (1.2 مليار دولار أميركي) بحلول عام 2025 – وفي النهاية تقليل عدد الموظفين إلى مستويات ما قبل الوباء، وعلى وجه الخصوص، ركز هانت على الإنفاق على مشاريع التنوع والشمول، التي وصفها بعض أعضاء البرلمان من حزب المحافظين بأنها "حماقة"، ومن المتوقع أن يلغي 10 آلاف وظيفة في هذا المجال.

اقرأ المزيد