Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما المفاجئ في وفاة رئيس الوزراء الصيني السابق؟

يعيش كبار قادة البلاد عادة حياة طويلة لكن ما حدث كان الاستثناء في هذه القاعدة

وصفه بيان التأبين الرسمي المتأخر بأنه "ثوري بروليتاري متميز" و"جندي شيوعي مخلص" (أ ب)

ملخص

يبدو أن الوفاة المفاجئة لرئيس الوزراء الصيني السابق لي كه تشيانغ قد أخذت "الحزب الشيوعي" على حين غرة تماماً والدليل هو عدم صدور نعي رسمي للزعيم الشعبي، إلا بعد ساعات من انتشار الخبر

يبدو أن الوفاة المفاجئة لرئيس الوزراء الصيني السابق لي كيانغ قد أخذت "الحزب الشيوعي" الحاكم على حين غرة تماماً كما يرى محللون، والدليل هو عدم صدور نعي رسمي للزعيم الشعبي، إلا بعد ساعات من انتشار الخبر.

لي الذي شغل منصبه على مدى 10 أعوام كثاني أقوى شخص في البلاد بعد الرئيس شي جينبينغ، قبل أن يستبدل في مارس (آذار) هذه السنة، كان في الـ68 من عمره عندما أصيب بنوبة قلبية أدت إلى وفاته الجمعة الماضي.

معروف أن كبار قادة الصين يتمتعون في العادة بأعمار طويلة، إذ تجاوز بعضهم الـ100 عام، لكن يبدو أن وفاة لي بعد فترة وجيزة من ترك منصبه، جاءت بمثابة مفاجأة لقيادة البلاد.

فقد سارع مسؤولو "الحزب الشيوعي" إلى إصدار نعي في اللحظة الأخيرة، تداركاً لأي إشاعات ونظريات مؤامرة محتملة، وبهدف التحكم بالمعلومات، وبرسائل التعبير عن الأسى والحزن على السياسي الراحل عبر الإنترنت.

وفاة لي كيانغ المفاجئة تأتي في وقت حساس أيضاً من الناحية السياسية مع إقالة وزير الدفاع لي شانغ فو، بطريقة تفتقر إلى الإجراءات البروتوكولية المتبعة عادة، قبل أيام قليلة من ذلك.

وكالة الأنباء الرسمية "شينخوا" التي يديرها "الحزب الشيوعي"، أصدرت بياناً مقتضباً في الساعة 8:16 صباحاً بالتوقيت المحلي، يؤكد وفاة لي. وذكر الإعلان القصير أن "لي توفي الجمعة في شنغهاي بعد تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة".

 

ولم يصدر تأبين رسمي واف للخبير الاقتصادي الراحل إلا بعد تأخير دام نحو 10 ساعات. وقد وصفه التكريم المتأخر بأنه "ثوري بروليتاري متميز"، و"جندي شيوعي مخلص".

وأشار محللون إلى أن وسائل الإعلام الحكومية الصينية عادة ما تكون مستعدة تماماً لوفاة زعيم كبير. وقال أحد هؤلاء وهو تشين داويين - الأستاذ السابق في "جامعة شنغهاي" لمادة العلوم السياسية والقانون - لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست": "أعتقد أن وفاة لي فاجأت تماماً كبار القادة في بكين، وهو ما يتضح من حقيقة أن وسائل الإعلام الحكومية لم يكن لديها نعي كامل جاهز له، مما يتناقض مع الاستعدادات الدقيقة التي يتم اتخاذها عادة مع قادة الحزب المعروف عنهم أنهم في حال صحية شديدة السوء".

وأضاف أن الرسالة المقتضبة الأولى عن وفاة لي، جاءت على عجل، وأن الهدف منها هو أن يتمكن الحزب من "تدارك نظريات المؤامرة المحتملة التي قد تنشأ".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، شكلت وفاة لي غير المتوقعة مفاجأة للشعب الصيني. فمن المعروف أن كبار القادة في البلاد يتبعون أنماطاً صحية، ويتلقون رعاية طبية استثنائية من جانب الدولة. وتعد وفاته حدثاً مهماً بالنسبة إلى الصين، ليس فقط بسبب المفاجأة التي أحدثتها، بل أيضاً بسبب ما كان يمثله السياسي الراحل، لجهة رؤيته البديلة لحكم البلاد التي تختلف عن رؤية الرئيس الصيني شي جينبينغ.

وكان الرئيس الصيني قد عمل على تهميش لي في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. والمعلوم أن شي قام بإحكام قبضته على السلطة على مدى الأعوام الأخيرة، وقاد ثاني أكبر اقتصاد في العالم في اتجاه تسيطر فيه الدولة بشكل أكبر.

ودفعت وفاة لي السلطات الصينية إلى اتخاذ إجراءات صارمة لتقييد وصول الأفراد إلى "الشبكة الخاصة الافتراضية" Virtual Private Network (VPN) (التي تتيح الخصوصية وتخطي جدار الرقابة الذي تفرضه الحكومة والوصول إلى الشبكة العالمية المفتوحة) مع إغداق التكريم على الإنترنت لرجل كان ينظر إليه في السابق على أنه منافس محتمل لرئيس البلاد، كما تقول "بي بي سي نيوز".

هذا وانتشرت مقاطع فيديو للي كيانغ وهو يقف في بؤرة عميقة من الطين تغطي كاحله، أثناء زيارته ضحايا الفيضانات في الصين، وشاركوا خطاباً له، يتعهد فيه بأن تظل الصين منفتحة على العالم الخارجي.

وقد سلط بعض ما نشر على وسائل التواصل الاجتماعي وجرى تداوله على نطاق واسع، الضوء على أن كثيراً من الصينيين المتأثرين بأفكار لي، ينظرون إلى أنفسهم على أنهم "واجهوا تحديات خلال العقد الماضي من الزمن، لكنهم خسروا تدريجاً وتخلفوا عن الركب".

وتبادل مستخدمو وسائل التواصل أيضاً اقتباسات منسوبة إلى لي كيانغ مثل "يجب ألا تكون السلطة تعسفية"، و"ملامسة المصالح الذاتية الحقيقية للأفراد أصعب من لمس مشاعرهم".

منصة "ويبو" Weibo الصينية للمدونات الصغيرة، حولت خيار "الإعجاب" Like على تطبيقها على الهاتف المحمول، إلى زهرة الأقحوان التي ترمز إلى الحداد.

وتمحورت بعض النقاشات عبر الإنترنت، حول الطريقة التي كان من الممكن أن يختلف من خلالها المشهد الراهن في الصين لو كان لي قد تولى منصب رئيس البلاد، بدلاً من شي جينبينغ.

يعد رئيس الوزراء الراحل من دعاة اقتصاد السوق الأكثر انفتاحاً على العالم، وكان يشجع على إجراء إصلاحات لجهة العرض تحت شعار "اقتصادات لي" Likonomics (العبارة مؤلفة من كلمتي "لي" في إشارة إلى لي كيانغ، و"اقتصاد"، وترمز إلى السياسات الإصلاحية في الصين التي تهدف إلى تعزيز التحرير الاقتصادي، واتباع نهج أكثر توجهاً نحو السوق، وتحفيز النمو). ومع ذلك، لم يتم تطبيق تلك الإصلاحات بشكل كامل.

وفي نهاية المطاف، اضطر لي إلى الرضوخ لتفضيل الرئيس شي جينبينغ زيادة سيطرة الدولة، مما أدى إلى تراجع تأثيره السابق، وزاد من ذلك قيام الرئيس الصيني بتعيين مؤيدين أوفياء له في أدوار مؤثرة.

ومع تفشي وباء "كورونا" في البلاد، أعرب لي بشكل غير مباشر عن مخاوفه من العواقب الاقتصادية والمجتمعية الناجمة عن استراتيجية شي جينبينغ للقضاء على العدوى، على المواطنين الصينيين العاديين.

وفيما ظلت سياسة "’صفر كوفيد‘ مطبقة بصرامة، شوهد لي بلا قناع وقاية، عند زيارته إحدى الجامعات في مقاطعة يونان العام الماضي. ولم يكن الطلاب والمسؤولون الذين أحاطوا به في تلك المناسبة، يضعون هم أيضاً كمامات على وجوههم".

© The Independent

المزيد من دوليات