Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من هم المبعدون الفلسطينيون إلى مرج الزهور اللبنانية؟

اعتصامهم السلمي في لبنان في عام 1992 أكسب قضيتهم تضامناً دولياً

بعض المبعدين إلى مرج الزهور ويبدو إسماعيل هنية في الصورة (المركز الفلسطيني للإعلام)

ملخص

لماذا اتخذ رابين قراراً بإبعاد 415 عنصراً من حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي" في عام 9219؟

في 17 ديسمبر (كانون الأول) عام 1992، أبعدت إسرائيل 415 فلسطينياً من قادة حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" إلى بلدة مرج الزهور التابعة لمحافظة النبطية في جنوب لبنان، ووفقاً للموقع الإلكتروني لـ "حماس"، جاءت عملية اعتقال قياداتها وقيادات "الجهاد" وإبعادهم، بعد تمكن "كتائب عز الدين القسام" (الجناح العسكري لحماس)، من أسر الجندي الإسرائيلي نسيم توليدانو، في الذكرى السنوية السادسة لانطلاق الحركة (تأسست في ديسمبر 1987)، في عملية أطلق عليها اسم "عملية الوفاء للشيخ أحمد ياسين". وفي 13 ديسمبر 2021، نشر الموقع التابع لـ "كتائب القسام"، تفاصيل عملية أسر الجندي الإسرائيلي توليدانو، التي جاءت على خلفية أسر الشيخ أحمد ياسين، مؤسس "حماس"، الذي اعتقل في مايو (أيار) من عام 1989، وحكم عليه في أكتوبر (تشرين الأول) 1991 بالسجن مدى الحياة إضافة إلى حكم بـ 15 سنة سجن.
ووفقاً لموقع "حماس" انتهت في 14 ديسمبر عام 1992، المدة التي حددتها "كتائب القسام" للحكومة الإسرائيلية، من أجل الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين، مقابل الإفراج عن الرقيب أول توليدانو الأسير لديها، وجاء في الموقع أن إسرائيل خسرت "حياة توليدانو نتيجة تعثر الوصول إلى اتفاق تبرم خلاله صفقة للتبادل". وبعد يومين فقط ألقت "كتائب القسام" جثة توليدانو على طريق القدس أريحا، ما دفع برئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين إلى الإعلان من داخل الكنيست الحرب على "حماس"، فشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف الحركة وقادتها، طالت 1300 شخص، أبعد 415 منهم إلى منطقة مرج الزهور في جنوب لبنان، وبحسب "المركز الفلسطيني للإعلام" فإن "جريمة الإبعاد جاءت كإجراء هستيري، بعدما أوصل عناد إسرائيل، كتائب القسام إلى قتل الجندي نسيم توليدانو بعد أسره في 13 ديسمبر 1992".

كيف جرت عملية الإبعاد؟

ووفقاً لموقع "القسام" داهمت القوات الإسرائيلية منازل من وضعت أسماءهم على لائحة الإبعاد، وجمعوا جميعاً بحافلات، وبعد مرور بعض الوقت وجد المبعدون أنفسهم على الحدود اللبنانية، حينها فقط أبلغهم الضابط المسؤول أنهم مبعدون بقرار من رئيس الوزراء إسحق رابين، وبعد فترة من السير على الأقدام وصلوا إلى منطقة مرج الزهور، وقرروا الإقامة في مخيم أطلقوا عليه اسم "مخيم العودة" لترسيخ مبدأ العودة القريبة، وقام المبعدون خلال إقامتهم في المخيم، بتشكيل لجان "صناعة الحدث"، و"الإعلام"، و"الضبط والحراسة"، و"الأرشيف"، و"لجنة طبية"، وغيرها.


"دولة مصغرة"

شبه بعض المبعدين المخيم بـ "الدولة المصغرة"، بسبب تنوعهم، إذ كان بينهم الطبيب والمهندس وآخرون من مختلف المهن الأخرى من أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة، (كان بينهم إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس). وعملت اللجنة الإعلامية برئاسة عبدالعزيز الرنتيسي وعزيز دويك (رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني منذ عام 2006) على إيصال صوت المبعدين إلى وسائل الإعلام العربية والعالمية، وإكسابهم تعاطفاً دولياً. وكانت وسائل الإعلام العالمية والمؤسسات الإنسانية الدولية بدأت بالتحرك منذ اللحظة الأولى من أجل مساعدة المبعدين الذين عاشوا في ظروف قاسية جداً، حيث كانوا وصلوا إلى تلك المنطقة في جنوب لبنان في طقس بارد ماطر ومثلج، وكانوا يفتقدون إلى أدنى مقومات الطبابة والاحتياجات الضرورية، ما تسبب بإصابتهم بالإسهال وارتفاع الحرارة. وكان الصليب الأحمر الدولي أول الواصلين إليهم، ونقل لهم الخيام والأغطية وبعض المستلزمات الأساسية للاستقرار، ووفقاً للشيخ داود أبو سير، وهو أحد المبعدين، وبات عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني، برز عبدالعزيز الرنتيسي القيادي السابق في "حماس" الذي اغتالته القوات الإسرائيلية لاحقاً، كمتحدث رسمي باسم مبعدي مرج الزهور، "وكان يستقبل الوفود الأجنبية والعربية، وكان ذا روح مرحة، وكان يصل الليل بالنهار لخدمة إخوانه". وقام المبعدون، في تأكيد منهم على أنهم رواد حرية وطلاب علم، بإنشاء جامعة في المخيم، أول جامعة في العراء، هي "جامعة مرج الزهور-ابن تيمية"، كان رئيسها موسى الأقطم (قيادي في حماس توفي عام 2019)، ونائبه سالم سلامة (نائب في المجلس التشريعي الفلسطيني)، إضافة إلى عاطف عدوان (الحائز شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة سالفورد البريطانية، الأستاذ المشارك في كلية التجارة بالجامعة الإسلامية في غزة)، وعزيز دويك، وعزام سلهب (نائب في المجلس التشريعي)، وفارس أبو معمر، وعبد الفتاح العويسي (أستاذ العلاقات الدولية في عدد من الجامعات العالمية، وأول أستاذ كرسي لدراسات بيت المقدس في المملكة المتحدة).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تعاطف دولي

بقي هؤلاء المبعدون في مرج الزهور حوالى سنة وفقاً لوكالة "وفا" الفلسطينية، وعادوا على مراحل، فكان أول العائدين، باسم السيوري، أصغرهم سناً، الذي أعلنت إسرائيل أنه أبعد من طريق الخطأ، والمبعد المريض حينها زهير لبادة الذي أعيد إلى السجون الإسرائيلية، وذلك في السابع من ديسمبر 1993، ومن بعدها أعيد 17 شخصاً آخرين إلى السجون الإسرائيلية في 23 ديسمبر من ذلك العام، حيث أعلن أيضاً أنهم أبعدوا خطأً، ومن ثم عادت الدفعة الأولى المكونة من 189 شخصاً في التاسع من سبتمبر (أيلول) 1993، واختار ثمانية منهم عدم العودة، تلا ذلك السماح بعودة الدفعة الأخيرة المكونة من 214 شخصاً في 17 ديسمبر من  العام نفسه، واختار19 من بينهم عدم العودة. وخلال وجود المبعدين في لبنان أقاموا عديداً من المسيرات والوقفات الاحتجاجية للمطالبة بحقهم في العودة، منها "مسيرة الأكفان" في أبريل (نيسان) 1993، حين لبسوا أكفانهم واتجهوا نحو الحدود لرفض أي قرار سوى العودة إلى ديارهم. ويشير وزير الخارجية الفلسطيني السابق أحد مبعدي مرج الزهور، محمود الزهار، إلى أن قضية المبعدين اكتسبت تعاطفاً دولياً غير مسبوق، بعدما تمكنوا من ترتيب علاقات دولية خلال جلستهم في المخيم. وفي 18 ديسمبر 1992 صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 799 الذي أدان قيام إسرائيل بإبعاد 418 فلسطينياً إلى جنوب لبنان، منتهكة التزاماتها بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1948، وطلب من إسرائيل "أن تكفل عودة جميع المبعدين الفورية والمأمونة"، وذلك بعد حملات ضغط ومناصرة عالمية.

إسماعيل هنية

وكان رئيس المكتب السياسي لـ "حماس" إسماعيل هنية قد زار منطقة مرج الزهور، في 13 سبتمبر 2020. وقالت "حماس" في بيان حينها، إن زيارة هنية إلى مرج الزهور، "تأتي بعد نحو 27 عاماً من تواجده في المنطقة ذاتها إبان إبعاد سلطات الاحتلال له برفقة قادة وكوادر من حركتي حماس والجهاد الإسلامي". واعتبر هنية خلال الزيارة أن "الإبعاد مرحلة فارقة جسدت تحولاً استراتيجياً في مسيرة حركة حماس والشعب الفلسطيني، ووضعت الأسس للعلاقة مع محور المقاومة وعدد من دول المنطقة". وقال في تصريحات صحافية، إنه "لا يمكن أن ينسى الترحاب من سكان مرج الزهور، ومساندتهم المبعدين بما يمتلكون من بساطة العيش، ووقوف لبنان وشعبه وقيادته ومقاومته إلى جانب المبعدين وصمودهم وتعزيز عناصر الصمود لهم"، مضيفاً أن "تاريخاً مشتركاً بين حركة حماس ولبنان كتب في هذه المنطقة".

المزيد من تقارير