Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شعار "الدرع الزرقاء" يستفز وزير الثقافة اللبناني

انطلق وزير الثقافة اللبناني في قراره من ممارسات إسرائيلية سابقة عندما قصفت إسرائيل مواقع محايدة

شعار "الدرع الزرقاء" (ويكيبيديا)

ملخص

وزير الثقافة اللبناني محمد وسام مرتضى يقرر إزالة "الدرع الزرقاء" عن قلعة بعلبك، وهو شعار تتبناه الأمم المتحدة لحماية المواقع الأثرية خلال النزاعات المسلحة

يبحث الفاعلون في الفضاء الثقافي اللبناني عن تفسير منطقي لقرار وزير الثقافة محمد وسام المرتضى القاضي بـ "إزالة شعار الدرع الزرقاء "Blue Shield  من جدار قلعة بعلبك التاريخية، وهو شعار ترعاه اتفاقية دولية لحماية الممتلكات الثقافية خلال النزاعات المسلحة، ولبنان بلد منضم إليها، كما صادق في 2020 على البروتوكول الثاني لهذه الاتفاقية (لاهاي)، التي تلحظ خطة وطنية لحماية الممتلكات الثقافية، ووضع الدرع الزرقاء على المواقع المهددة.

القرار في تغريدة  

في تغريدة على منصة "أكس"، استعرض الوزير المرتضى مبررات قراره، منطلقاً من أن "الفظائع في غزة أثبتت أن مثل هذه الدرع لا تحمي شيئاً"، وأضاف "ما يحمي لبنان وشعبه والأملاك الخاصة والعامة فيه هو جيشنا الباسل والمقاومة المقتدرة التي تمثل درعنا الحصينة التي جعلت العدو الإسرائيلي متيقناً بأن مسه فينا سوف يجر عليه ويلات لا قدرة له على تحملها". وأردف المرتضى "هنالك من اجتهد فأخطأ بوضع ذلك الشعار ظناً منه بأن التذكير بالمواثيق الدولية والاحتماء بها والاحتكام إليها يحمينا ويحمي ممتلكاتنا ومعالمنا الأثرية، لكن الواقع أن هذه المواثيق حبرها بهت وجرى طمسه بفعل دماء أطفال غزة التي أريقت من قبل إسرائيل وداعميها".

     

ما هي الدرع الزرقاء؟

يشكل شعار "الدرع الزرقاء" أحد مندرجات اتفاقية اليونسكو التي صدر بروتوكولها الأول في عام 1954، والبروتوكول الثاني في 1999، وتدعو إلى تحييد الأماكن الثقافية، وحمايتها أثناء النزاعات المسلحة. ويعد لبنان أحد البلدان الموقعة على هذه الاتفاقية التي تلزم الدول الأطراف فيها، ويشير مطلعون أن "هناك التزاماً يقع على عاتق الدول المنضمة إرسال رسالة إلى الأمم المتحدة، تتضمن المواقع الثقافية التي يود حمايتها، علماً أن هناك ثلاثة أشكال من الحماية: الحماية العادية، والحماية الخاصة، والحماية المعززة". كما ترسل الحكومات إحداثيات GPS الخاصة بالمواقع المنوي حمايتها،  إضافة إلى تركيز الشعار المؤلف من مثلثين متقابلين، باللونين الأبيض والأزرق على تلك المواقع، وتفيد الأوساط الخبيرة "أن عدم وضع الدرع الزرقاء مؤشر على نقص في تطبيق الدولة لمضمون اتفاقية اليونسكو"، لأنه "في حال لم تقم بوضع الدرع تكون الحماية منقوصة، والعكس بالعكس"، لذا "كان يفضل أن يأخذ الموقف الاحتجاجي لوزير الثقافة منحى مختلفاً، لأن لبنان دولة طرف في المعاهدة ولا يجب أن يكون هناك خلل في تطبيق التزاماته، ولا بد من انتظار رد فعل الأمم المتحدة التي يمكن أن ترسل رسالة إلى لبنان، وإبلاغه أن هناك حاجة لتنفيذ الموجبات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

      

الوزير "كان يعلم"

وضع الدرع الزرقاء على موقع أثري ليس بالجديد على لبنان، ولا يقتصر الأمر على قلعة بعلبك، وتعاونت وزارة الثقافة في تمويل وتنفيذ الإجراء مع جمعية "بلادي" المعنية بحفظ التراث والآثار، وقد شملت العملية وضع الدرع الزرقاء على 20 موقعاً أثرياً في مختلف المناطق اللبنانية من بينها قلعة بعلبك التي قرر الوزير المرتضى إزالة الدرع عنها، علماً أن ثمة تأكيدات بوجود توقيع وزير الثقافة على طلب الهبات لتمويل الدرع الزرقاء.

 

الدرع ليس بجديد على لبنان  

بدأ لبنان باستخدام الشعار ووضعه على مواقعه الأثرية في أوائل سبعينيات القرن الماضي في موازاة بدء اجتياح الجيش الإسرائيلي لمناطق في جنوب لبنان، ومن ثم اتسع تطبيق هذا الإجراء في 1982 عندما اجتاح بيروت، وتعد المواقع الأثرية في مدينة صور باكورة المواقع اللبنانية المحيدة، ومن ثم جاء دور معبد أشمون في صيدا، واتسع الأمر لاحقاً ليشمل مواقع أخرى في مختلف المناطق اللبنانية، حيث عملت وزارة الثقافة على وضع "قائمة العشرين" التي تضم خمسة مواقع موجودة على لائحة التراث العالمي، و15 موقعاً إضافياً نظراً لأهميتها الكبرى في الهوية الوطنية والذاكرة الجماعية للبلاد، يذكر منها ساحة دير القمر، والمتحف الوطني اللبناني في بيروت، وقصر بيت الدين، وقلعة حاصبيا، والمعبد الروماني في نيحا، إضافة إلى برج السباع في الميناء طرابلس، وغيرها من المواقع التي أبلغ لبنان الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو قائمة فيها عام 2006، وإبلاغها إلى الدولة المعادية من أجل تحييدها عن الصراع شرط عدم استخدامها منصة عسكرية. وبدأ المعنيون بوضع الشعار المعترف به دولياً، المصنوع من مادة الألمنيوم المصفح المقاوم للصدأ على تلك المواقع، فيما يمكن توسيع دائرتها لتشمل مواقع أخرى، و "قد كانت الوزارة ملتزمة مضمون الخطة، وشكل موقف الوزير مفاجأة للعاملين على هذه الخطة" بحسب متابعين للملف الثقافي الذين يرددون "نعلم مدى العنجهية والهمجية الإسرائيلية، وعدم التزامها المواثيق الدولية. ولكن هذا لا يجب أن يعني عدم التزام لبنان بها، فعلى سبيل المثال، قامت إسرائيل مراراً بقتل الصحافيين وقصفهم، فهل ندعو مثلاً الصحافيين إلى خلع خوذهم وستراتهم الواقية، كذلك بالنسبة إلى سيارات الإسعاف".

هذا الرمز العالمي، استخدم على نطاق واسع أثناء الغزو الأميركي للعراق في 2003، وقد رسمت الدولة العراقية شعاراً ضخماً للدرع الزرقاء على سطح متحف بغداد من أجل لفت نظر الطيران الحربي الأميركي لتحييده عن القصف.

احتجاج صامت

تبرز مواقف مختلفة داخل وزارة الثقافة، حيث يحاول البعض تحييد نفسه عن مواقف وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، ومن ينتقده بشدة، ولا يكف البعض عن اتهام الوزير في "السقوط بالشعبوية، و"حب الاستعراض" من موقفه المتعلق بفيلم "باربي"، إلى وضع إهراءات مرفأ بيروت في قائمة الجرد العام، ومن ثم إزالتها". وكذلك، "مخالفة الوزير للقانون في مناسبات مختلفة على غرار احتلاله مكتب المدير العام للمكتبة الوطنية، أو حتى تسمية قاعات في المكتبة الوطنية على أسماء شخصيات غير لبنانية فيما يفترض منح الأولوية لمفكرين لبنانيين، أو لدولة قطر التي قدمت 25 مليون دولار أميركي لترميم المكتبة، وكأن به يريد فرض أيديولوجيا معينة على مؤسسات الدولة اللبنانية".      

الوزير يوضح

بعد سلسلة تساؤلات حول القرار والمطالبة بالتوضيح، رد الوزير المرتضى في حديث صحافي، حين أكد على القرار بإزالة الدرع الزرقاء عن قلعة بعلبك التاريخية التي تستضيف مهرجانات دولية وتستقبل عشرات آلاف السياح، ومشيراً إلى أن تواجد شعار الدرع الزرقاء على الجدران الداخلية للمعالم التراثية، ولكن هناك جهات قررت من تلقاء نفسها، وبالتنسيق مع أحد الموظفين من دون قرار وزير الثقافة أن تضع الشعار على الجدار الخارجي الأساسي لقلعة بعلبك، ولفت أن وضع الشعار من دون قرار وزاري ليس بمحله، مكرراً ما قاله في تغريدته نهار الخميس الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) لناحية عدم حماية الدرع من العدوان. مذكراً بقصف إسرائيل لقصر اليونسكو عام 1982، ومجزرة قانا عام 1996 ضمن مركز اليونيفيل في الجنوب، وقيام الجيش الإسرائيلي بقصف مدارس تحمل شعار الأونروا، وهو شعار أهم من شعار الدرع الزرقاء بحسب توصيف المرتضى، الذي قال إن "هناك جهات خارجية وداخلية تشغل اللبنانيين بمسائل لا تقدم ولا تؤخر"، وتصور أن هناك نزاعات داخلية في لبنان خدمة لإسرائيل التي يناسبها أن يظهر لبنان في حالة خوف ووهن وتجاذب".  

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير