Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 الرصاص مادة قاتلة داخل منازلنا

نتيجة التعرض المتكرر إلى مصادره يمكن أن يحصل التسمم من دون أن تظهر أعراض واضحة وفي مراحل متقدمة تبدأ المشكلات الصحية الناتجة منه

هناك مصادر عدة للرصاص تستخدم في الحياة اليومية وتزيد خطر التعرض للتسمم (موقع جامعة هارفرد الطبي)

ملخص

 في لبنان ضوابط ومعايير للحد من التعرض لخطر التسمم بالرصاص لما له من آثار خطرة خصوصاً على الأطفال، لكن هل الإجراءات المتخذة كافية؟

لا يعتبر التسمم بالرصاص من المواضيع التي تسلط عليها الأضواء بمعدلات كافية على رغم أهميتها وخطورتها، وفي الواقع يموت مليون شخص سنوياً بسبب التسمم بالرصاص، وفق تقديرات الأمم المتحدة لعام 2022، كما يتعرض آخرون إلى مشكلات صحية عدة مدى الحياة على إثر التعرض لمستويات منخفضة من الرصاص.

وتشير تقديرات "يونيسف" إلى أن لدى طفل من ثلاثة في العالم مستويات رصاص في الدم قد تتخطى خمسة ميكروغرام/ديسلتر، مما يستدعي عدم الاستهتار بهذه المسألة واتخاذ كل الإجراءات اللازمة على مستوى الدول لمواجهتها بالسبل المناسبة.  

وفي لبنان ثمة قوانين ومعايير تتعلق بمعدلات الرصاص المستخدمة، لكن هل من رقابة ومحاسبة في هذا المجال كما في دول أخرى؟

مصادر كثيرة بين أيدينا

وبحسب منظمة الصحة العالمية فما من مستوى آمن للتعرض للرصاص، وقد اعتبرته أحد المواد الكيماوية الـ 10 الرئيسة التي تشغل الصحة العامة وتتطلب توافر الإجراءات لحماية العمال والأطفال والنساء في سن الإنجاب بخاصة، ففيما يعتبر الرصاص معدناً ساماً موجوداً بصورة طبيعية في قشرة الأرض، فقد أدى استخدامه الزائد إلى تلوث بيئي واسع النطاق وإلى تعرض الناس لأضراره التي لا تعد ولا تحصى.

ويوضح مؤسس منظمة HERA التي تعنى بصحة الأفراد وآثار الملوثات عليها البروفيسور جورج أبي طايع أن الرصاص لا ينتقل عبر النفس بل بلمس مصادره أو بتناول أطعمة تحويه.

ولا يشعر الفرد بالتسمم بالرصاص، فيما ترتفع معدلاته في الجسم ويسبب مشكلات فيه، فقد يتسلل إلى الخلايا ويحدث خللاً فيها، كما يسبب اضطرابات في الجهاز العصبي المركزي والدماغ مما يؤدي إلى تأخر في نمو الدماغ وبخاصة لدى الأطفال فيتراجع نموهم، إضافة إلى تأثيره في مستويات الذكاء ومستوى التحصيل العلمي، وفي الحالات الأكثر تطوراً يمكن أن يؤدي التسمم بالرصاص إلى الغيبوبة والتشنجات وصولاً إلى الوفاة، أما في موضع الرئتين فيسبب خللاً في عملية تبادل الأوكسجين مما يؤثر في الخلايا.

ويسبب التسمم بالرصاص اضطرابات أيضية في الجسم مثل السكري وارتفاع ضغط الدم ومشكلات في القلب والأوعية الدموية والفشل الكلوي وغيرها من الأمراض، وخلال الحمل من الممكن أن يتسرب الرصاص من العظام ويعبر المشيمة مسبباً ارتفاعاً في ضغط الدم وولادة باكرة أو إجهاضاً أو انخفاضاً في وزن الطفل عند الولادة.

 

ويشدد أبي طايع على ضرورة تجنب السلع الملونة قدر الإمكان، إذ يزيد خطر التعرض للرصاص بوجود الطلاء أو التلوين، كما أن الحرص ضروري عند طلاء المنازل عبر اختيار المواد التي تحوي حداً أدنى من الرصاص.

وأصبحت مشكلة الوقود الذي يحوي الرصاص في لبنان من الماضي لأنه أصبح ممنوعاً كونه يسبب ترسبات مع احتراق الوقود والتعرض له، لكن تبقى مشكلة التلوين التي لا بد من التشدد فيها، سواء في ما يتعلق بالمأكولات أو حاويات توضيب الأطعمة، فمن الضروري تجنب هذا النوع من العلب واختيار تلك التي تحوي معدلاً أقل من هذه المواد للحد من التعرض الرصاص والتسمم للأطفال والكبار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبصورة عامة يعتبر الوعي ضرورياً لمواجهة هذا الخطر والحد من التعرض للرصاص، ومن الإجراءات التي يمكن اتخاذها تنظيف الأرضيات والألعاب بانتظام لحماية الأطفال، ومنع الأطفال من خدش الجدران أو وضع رقائق من الطلاء في أفواههم، وتهوية المنزل يومياً منعاً لارتفاع معدلات الرطوبة فيه لأنها تزيد الخطر عندها، وتجنب استهلاك المياه من أنابيب قديمة، وغسل اليدين بصورة متكررة خصوصاً قبل الأكل، ومنع الطفل من اللعب قرب مناطق قد تكون ملوثة، وتجنب استخدام المستحضرات التي تحوي الرصاص كمستحضرات التجميل والألعاب، إضافة إلى غسل الفاكهة والخضراوات جيداً قبل تناولها.

المعايير المطلوبة موجودة في لبنان

وفي لبنان ثمة ضوابط تضعه في تصنيف جيد بين الدول الحريصة على حماية شعبها في هذا المجال، فثمة معايير وضعتها وزارة الصحة لجهة معدلات الرصاص المسموح بها، إنما الخطر موجود في جوانب ليست مضبوطة بعد، كما بالنسبة إلى الطلاء بأنواعه والطبعات التي توضع على الحاويات التي توضب فيها الأطعمة.

من جهتها تشير مديرة الوقاية الصحية في وزارة الصحة العامة جويس حداد إلى ضرورة تعزيز المعايير الموجودة أصلاً في لبنان، ووضع مواصفات تمتاز بمزيد من الدقة.

وفي الوقت نفسه تبرز أهمية نشر الوعي في المجتمع خصوصاً بين الأهل حول أخطار الرصاص من مصادره المختلفة، وتركز حملة "إنهاء التسمم بالرصاص في مرحلة الطفولة" التي أطلقتها وزارة الصحة العامة بالتعاون مع وكالة الاستجابة للصحة والبيئة ومنظمة الصحة العالمية للتوعية حول التسمم بالرصاص لعام 2023 على الطلاء كمصدر للرصاص يمكن التعرض له بكثرة في المنازل، ويشكل خطراً على مختلف الفئات العمرية، خصوصاً الأطفال الذين هم دون عمر الست سنوات.

ويعتبر الأطفال أكثر عرضة بمعدل أربعة أو خمسة أضعاف من البالغين لامتصاص الرصاص، علماً أن التسمم بالرصاص يحصل مع تراكمه في الجسم خلال أشهر أو سنوات حتى في حال التعرض له بنسب ضئيلة، وقد يؤدي ارتفاع معدلاته إلى الوفاة، والأسوأ أنه قد لا تظهر أعراض مباشرة يمكن التنبه إليها، وقد لا تظهر إلا مع بلوغ الرصاص معدلات خطرة.

ومن آثاره الأكثر شيوعاً لدى الأطفال فقدان الشهية وتأخر النمو وصعوبات التعلم والإرهاق والتقيؤ والإمساك والألم في البطن ونوبات الصرع، فيما يلاحظ لدى البالغين ارتفاع في ضغط الدم وألم في المفاصل وصعوبات في التركيز واضطرابات في الذاكرة والمزاج مع ألم في البطن، كما قد يعاني الرجل انخفاضاً في عدد الحيوانات المنوية وتشوهها.

الرقابة غائبة أحياناً

وبحسب حداد فمن المفترض ألا تكون في لبنان منتجات تحوي الرصاص بالنظر إلى القوانين والمعايير الموجودة، فالقانون موجود لحماية الأفراد هنا، والخطر يبقى موجوداً بما أن التهريب يحصل، ومن الممكن أن تحوي منتجات معينة على الرصاص ولا تخضع للرقابة، وينطبق ذلك على المنتجات المصنوعة محلياً والتي من الممكن ألا تلتزم كلها بالمعايير المطلوبة، كما يحصل مع تلك المستوردة.

ويشار إلى وجود مصادر رصاص عدة يمكن التعرض لها في الحياة اليومية ومنها تلك الغذائية مثل الحليب والخضراوات والماء وأطعمة أخرى ملوثة بالرصاص، إضافة إلى مستحضرات التجميل والوقود والطلاء في المنازل والمدارس والملاعب والمستشفيات، إذ يمكن أن ترتفع معدلات الرصاص، ويمكن التعرض له أيضاً بسبب أنابيب المياه القديمة والسيراميك والإلكترونيات وبطاريات الرصاص الحمضية وفي صناعة المجوهرات والتربة بسبب التلوث الصناعي أو غيره. كما أنه موجود في كثير من حاويات توضيب الأطعمة التي يزيد خطر التعرض للرصاص معها، وقد يكون موجوداً أيضاً في التربة والبيئة بوجود التلوث الصناعي وغيره، علماً أن الضرر الناتج من التعرض لأي من هذه المصادر يكون بنسب متفاوتة بحسب الأشخاص ومعدلات التعرض، وبحسب المصادر بذاتها.

وخلال الأعوام العشرة الماضية شهد العالم انخفاضاً في معدلات استخدام الرصاص في الطلاء الذي يعتبر من مصادره الأساس، وتلتزم أكثر من 84 دولة بضوابط ملزمة قانوناً للحد من إنتاج واستيراد وبيع الطلاء الذي يحوي الرصاص.

اقرأ المزيد

المزيد من صحة