Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أمجد أبو العلا: خارج جغرافيا السودان لا تصدق أفلامنا

"وداعا جوليا" يجذب جمهورا كبيرا في صالات القاهرة ويترشح للأوسكار

من الفيلم السوداني "وداعاً جوليا" (ملف الفيلم)

نجاحات متوالية يحققها الفيلم السوداني "وداعاً جوليا"، خلال عرضه جماهيرياً في القاهرة. الفيلم الذي فاقت كلفة إنتاجه مليون دولار، حقق عوائد تفوق مليون جنيه مصري في أسبوع واحد، بحسب منتج الفيلم المخرج المعروف  أمجد أبوالعلا، وهو ما يعتبر أعلى إيراد لفيلم خلال أسبوع.

"وداعاً جوليا" فيلم روائي سوداني من تأليف وإخراج السوداني محمد كردفاني وإنتاج أمجد أبوالعلا، ويحكي عن قصة انفصال السودان إلى بلدين، ويحمل دعوة للتصالح والتسامي بين شعبي جنوب السودان والسودان. واختير الفيلم في مسابقة "نظرة ما" ضمن الدورة 76 من مهرجان "كان" السينمائي الدولي هذا العام، ليصبح أول فيلم سوداني في تاريخ المهرجان. ورشح هذا العام للمنافسة في جوائز الأوسكار، ضمن ثمانية أفلام عربية. وقالت اللجنة الوطنية لاختيار الفيلم السوداني المرشح لجائزة الأوسكار إنه "على رغم الظروف الدامية التي تمر بها البلاد منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي، فإن اندلاع الحرب يجب ألا يكون عائقاً أمام الفنانين والفنانات لا سيما السينمائيين، لممارسة حقوقهم في العمل والإبداع".

نجاح آخر للسينما السودانية يتمثل في فوز فيلم "ستموت في العشرين" في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الذي أخرجه أمجد أبو العلا، بالجائزة الكبرى في مهرجان نواكشوط السينمائي. والفيلم مأخوذ من إحدى قصص مجموعة "النوم عند قدمي الجبل" للروائي السوداني حمور زيادة، ويحكي عن قصة فتى تنبأ له شيخ بأنه سيموت في الـ20 من عمره.

مشاعر مختلطة

يشعر المخرج السوداني أمجد أبو العلا بمشاعر مختلطة إزاء هذه النجاحات السينمائية السودانية المتواصلة، التي تتزامن مع تواصل الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في الخرطوم. ويقول في حوار مع "اندبندنت عربية": "ابتداء من عمل "ستموت في العشرين" وحتى تصوير "وداعاً جوليا" أشعر بشيء غريب تجاه ما أقوم وتجاه ما تحقق من نجاحات. قمة النجاح في مجال كان طوال أزمان مضطهداً وبطيئاً وأشبه بأنه غير موجود في السودان". ويضيف "فيلم "ستموت في العشرين" كان يمثل مقاومة ثقافية لهذا التاريخ من الغياب أولاً، فضلاً عن أنه أنتج في فترة متقاربة مع اندلاع ثورة ديسمبر (كانون الأول) السودانية".

أما "وداعاً جوليا"، فتم تصويره بين انقلاب 25 أكتوبر وحرب 15 أبريل، وأعلن عن عرضه يوم 13 أبريل، وبعد يومين اندلعت الحرب. يقول أبو العلا: "أعلنا عن الفيلم في مهرجان "كان"، تزامناً مع الحرب الأخيرة، وهذا جعلنا في حيرة من أمرنا ومشاعر مختلطة بين الفرح والحزن، وعلى رغم ذلك فنحن فخورون بما أنجزنا، وفرحون بما لقيه الفيلم من حضور وتفاعل من الجمهور وما يكتب حوله، والآن بعد عرضه جماهيرياً في القاهرة، فإننا فرحون بدموع السودانيين والزغاريد التي تنطلق من صالات السينما أثناء عرضه في القاهرة، إنها حالة من السعادة غير عادية". وبحسب أبو العلا، هي من المرات النادرة التي يستقبل فيها فيلم ليس مصرياً ولا أميركياً بهذا التدافع الجماهيري في القاهرة.

جمهور الخرطوم يرحل إلى القاهرة

يقول أبو العلا، إن معظم من حضروا "وداعاً جوليا" في القاهرة هم الجمهور السوداني الذي كان يفترض أن يشاهد الفيلم في الخرطوم في مثل هذه الأيام بحسب خطة التوزيع، إضافة إلى عدد كبير من الجمهور المصري من الفنيين والمهتمين. قبل الحرب، اتفق منتجو الفيلم مع موزع في السودان لعرضه، إضافة إلى الاتفاق مع عدد من دور السينما أثناء تصوير الفيلم، لكن أبوالعلا يقول "لم نكن نعلم أن هناك حرباً ستندلع".

ويضيف "رغم الحرب التي منعتنا من العرض في السودان، فإن هناك معوقات أخرى كانت ستصادفنا لو قدر لنا ذلك، أولها أن هناك أربع دور سينما في السودان فقط مهيأة للعرض، إحداها نرفض أن نعرض لديها لأنها تتبع لجهة معينة في السودان، أما البقية ففي إحداها 40 كرسياً فقط، وهي سينما "بيكاسو"، إضافة إلى سينما "عفراء"، وسينما "الصداقة" التي عرضنا فيها "ستموت في العشرين" من قبل وكان عرضاً كبيراً". ويقول أبوالعلا، إن 13 ألف مشاهد الذين شاهدوا "وداعاً جوليا" في دور القاهرة لا تحتملهم الصالات الثلاث في الخرطوم.

وعن عرض الفيلم في مدن السودان الآمنة، يقول أبوالعلا، إنه ليس هناك دور سينما بمواصفات مناسبة في مدن السودان الأخرى أيضاً، بغض النظر عن الحرب، وحتى الدور القديمة المهملة لو صينت فلن تستوعب تقنيات حديثة مثل تقنية الدي سي بي، وهي تقنية تضمن عدم تسرب الفيلم. ويضيف "لكن مع ذلك أعتقد أننا نستطيع أن نعرض في المدن الآمنة بعد ضمان عدم تسريب الفيلم، بعد الانتهاء من العروض التجارية الرئيسة، وسيكون ذلك قريباً".

يرغب فريق "وداعاً جوليا" أيضاً في عرض الفيلم في جوبا، لأنه يتحدث عن قصة شعبين، كما يصفه أبوالعلا، إضافة إلى عرضه في العواصم الأفريقية المجاورة للخرطوم التي لجأ إليها السودانيون مثل نيروبي وأبشي وكمبالا وأديس أبابا، إضافة إلى أنه سيعرض في فرنسا أيضاً خلال نوفمبر (تشرين الثاني) في صالات عدة.

حفرة النار

ولا يرى أبو العلا، أن تمويل صناعة السينما هو المشكلة الأساسية التي يواجهونها في السودان، فإلى جانب التحديات السياسية، يصعب إنتاج سينما في بلد على شفا حفرة من النار- بحسب تعبيره. ويقول "دور السينما كانت متوقفة لأكثر من 20 عاماً في السودان بسبب التمويل. كان الحل الواضح بالنسبة إلينا هو الإنتاج المشترك مع دول مختلفة، وكنت أدرس هذه المسألة دراسة لصيقة طوال وجودي مدة 14 عاماً في مهرجان دبي السينمائي". ويضيف "أعتقد أن الإنتاج المشترك هو الحل، ومن أجل ذلك بذلت ما في وسعي لبناء خبرة وسمعة واسم".

على مستوى آخر، يضيف أبو العلا: "على الدوام نريد تحقيق مستوى عال. ونحن حريصون على صناعة سينما في السودان باستيعاب سودانيين متخصصين في الأزياء والديكور. لكننا لا نغامر بالمونتاج والصوت بل نستعين في ذلك بخبرات من خارج السودان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"نحن نستكشف حتى الآن شكل السينما الذي نريده وأثناء استكشافنا انتبهنا إلى أن حكاياتنا في السودان هي حكايات جديدة على السينما، وهذا ما يميزنا"، يقول أبو العلا، لـ"اندبندنت عربية"، ويضيف "السينما السودانية آتية من بلاد ليس فيها سينما بالشكل المستمر، وهذا أمر غير جيد بالتأكيد، لكن الإيجابي في ذلك هو أن على الدوام توجد حكاية جديدة ووجوه ولهجات جديدة وعادات وتقاليد تميز الفيلم السوداني عن غيره، وأشياء لم تر من قبل من خلال السينما". ويعتقد أبو العلا أن ذلك بالتأكيد يحتاج إلى دعم بحكايات قوية كما حدث في "ستموت في العشرين" و"وداعاً جوليا".

يقول أبو العلا، إن الحرب وضعت المنتجين والمخرجين السودانيين في أزمة مزدوجة: "لدينا حكايات وأفلام سودانية نحاول إنجازها خارج السودان، جراء ظروف الحرب والتعقيدات الأمنية التي تواجه صناعة السينما في السودان. وهذا يمكن أن يحصل في الدول المجاورة للسودان التي يمكن أن يكون لديها جغرافيا قريبة له، لا سيما أن عنصر المكان في الفيلمين "ستموت في العشرين" و"وداعاً جوليا" كان لديه تأثير في المشاهد السوداني. "فالسودانيون الآن يبكون عندما يرون شوارع الخرطوم في "وداعاً جوليا" التي فارقوها من دون أن يعرفوا متى سيعودون إليها مرة أخرى. لكن هل يمكن أن يحدث التأثير نفسه عندما تصور حكاية سودانية في غير شوارع الخرطوم؟ أعتقد أنه ذلك موجع وقاس".

اقرأ المزيد

المزيد من سينما