Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إلى ماذا يهدف رئيس الصومال من مساعيه لتغيير بنية الحكم؟

طرح مشروعاً لنظام رئاسي وحصر المنافسة بين حزبين رئيسين وجدل حول جدواه حالياً في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يسعى لإجراء تغيير في نظام الحكم (أ ف ب)

ملخص

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يسعى لإحداث تغييرات جذرية في بنية النظام السياسي، فهل تأتي في سبيل خلق استقرار سياسي في البلاد أم لتعزيز سلطاته؟

يثير سعي الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، لإجراء تغيير في نظام الحكم في البلاد، جدلاً واسعاً ونقاشات في أروقة السياسة الصومالية، إذ يمس هذا التغيير عناصر حساسة في بنية وآلية عمل الدولة التي لم تزل في مرحلة إعادة البناء، في ظل تحديات أمنية وسياسية مصيرية، كمحاربة الإرهاب الممثل في حركة الشباب، وخلق علاقة متوازنة مع الولايات الفيدرالية وصوماليلاند، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة والمشكلات البيئية والإنسانية الممثلة في أخطار الجفاف والنقص في المياه والغذاء.

ما التغييرات؟

يبذل رئيس الوزراء جهوداً كبيرة أخيراً لتوحيد صفوف مجلس وزرائه للوقوف خلف المشروع الذي يطرحه الرئيس الصومالي، قبيل عودة البرلمان للانعقاد غداً الأحد، الممثل في ثلاث نقاط أساسية مثيرة للجدل، أولها انتقال البلاد من النظام شبه الرئاسي الحالي إلى النظام الرئاسي، إذ إن النظام المتبع يتخذ فيه الرئيس موقف المحكم بين السلطة التنفيذية التي يرأسها رئيس الوزراء، والسلطة التشريعية الممثلة بغرفتي البرلمان، مع تولي الرئيس منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأن يأتي تعيين رئيس الوزراء من داخل مجلس الغرفة الدنيا من البرلمان (النواب) ويتم التصويت على الثقة فيه ومجلس وزرائه في البرلمان، على أن يكون للبرلمان الحق في التصويت على سحب الثقة إذا لزم الأمر، في حين يسعى الرئيس إلى إلغاء منصب رئيس الوزراء، وانتخاب الرئيس ونائبه مباشرة، وتكون مسؤولية الوزراء تجاه الرئيس مباشرة، دون الحاجة لمجلس وزراء يكون مسؤوله المباشر رئيس الوزراء.

وتتمثل النقطتان الثانية والثالثة في حصر المنافسة السياسية بوجود حزبين رئيسين، والتمديد لرؤساء الولايات الفيدرالية إلى حين البدء بالعملية الانتخابية التي يزمع البدء بها في يونيو (حزيران) 2024، لتنتخب المجالس المحلية وبرلمانات الولايات الفيدرالية والبرلمان الفيدرالي، ويتوج ذلك بانتخاب الرئيس ونائبه في بطاقة واحدة، عبر نظام التصويت المباشر، والدائرة الواحدة، وكل ذلك بناءً على مخرجات اجتماع المجلس الوطني التشاوري التي صدرت في 28 مايو (أيار) الماضي، ووقع عليها كل رئيس الوزراء ممثلاً لرئيس الجمهورية، ونائب رئيس الوزراء ممثلاً عن صوماليلاند، ورؤساء كل من الولايات الفيدرالية بونتلاند وغلمدغ وهيرشبيلي والجنوب الغربي وجوبالاند، إضافة إلى محافظ بنادر الذي هو في آن عمدة مقديشو عاصمة البلاد.

ثمن باهظ لمشروع غير مضمون

يرى المحامي عبدالله عبدالواحد المقيم في العاصمة مقديشو، أن المشروع المتفق عليه لدى المجلس التشاوري الوطني، يهدف إلى إجراءات تغييرات غير مسبوقة في البنية السياسية للدولة الصومالية، ويستلزم معه كثيراً من المتطلبات، إضافة إلى متطلبات استكمال الانتقال الكامل إلى النظام الفيدرالي، ومن تبعات ذلك إجراء تعديلات في المواد الدستورية المعنية بتنظيم كل من مقام الرئاسة والسلطة التنفيذية، وقد تكون تلك الخطوة هي الأشد خطورة ليس فقط على مساعي حكومة الرئيس محمود، بل وعلى الحكومة ذاتها، إذ من الممكن أن تتسبب في غرقها بتفاصيل التسويات مع الكتل السياسية والجهوية الموجودة في البرلمان بغرفتيه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف عبدالواحد "على رغم الترحيب الكبير بوصول المجلس التشاوري الوطني إلى اتفاق حول قضية سياسية وطنية بذلك الحجم، وهو ما يراه كثيرون نجاحاً كبيراً للرئيس الحالي، فإن هناك من يرى أن الرئيس قدم ثمناً كبيراً للحصول على تأييد الولايات، ذلك الثمن المتمثل في التمديد لرؤسائها المنتهية ولاياتهم، حتى استكمال التعديلات الدستورية، وعقد الانتخابات المخطط لها، وهو ما قد يؤدي إلى اضطرابات سياسية تنتهي بتدهور الأوضاع الأمنية في الولايات، وهو ما تشهده ولاية بونتلاند حالياً بشكل واضح، وتلك مخاطرة قد تبدو أكبر بكثير مما يمكن تحمله في حال تعرضت محاولة الرئيس لعقبات تمنعها من التحقق".

نحو ممارسة سياسية طبيعية

يعتقد الباحث في مركز هرجيسا للدراسات والبحوث زكريا آدم، أن سعي الرئيس حسن شيخ محمود لإحداث تغييرات جذرية في بنية النظام السياسي للبلاد، تأتي في سبيل محاولة لإيجاد مقاربة مختلفة لخلق استقرار سياسي في البلاد، موضحاً "الرئيس محمود يهدف لتحقيق ما فشلت حكومة سلفه محمد عبدالله فرماجو في إنجازه، الممثل في الوصول إلى الانتخابات المباشرة لأعضاء المجالس المحلية والبرلمانيات الإقليمية والفيدرالية والرئاسية كذلك، لكسر حلقة الانتخابات غير المباشرة التي تدور فيها البلاد منذ عهد مؤتمرات السلام في مطلع القرن الـ21، لتنتقل البلاد إلى ممارسة واضحة للعملية الديمقراطية، وإعادة الحياة السياسية إلى حالتها الطبيعية التي فقدتها إثر انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1969".

ويلقي آدم الضوء على ما اعتبره من مبشرات نجاح هذه الجهود، ومن بينها أن "ما تحقق من اتفاق المجلس التشاوري الوطني، الذي ضم رؤساء وممثلي الكيانات السياسية والجغرافية الأساسية في البلاد، هو بحد ذاته إنجاز غير مسبوق، ويدل على جدية الحكومة الحالية في التحضير باكراً للتحول نحو ضبط الماكينة السياسية في الجمهورية الصومالية، عبر إزالة أسباب عدم استقرار السلطة التنفيذية، بالحد من جعلها تحت رحمة التجاذبات السياسية والقبلية التي عانت منها حكومات سابقة".

ويضيف "الرئيس محمود يأخذ في الاعتبار التقليد السياسي الصومالي الذي يميل إلى عدم منح الرئيس المنتهية ولايته فرصة الحصول على فترة ثانية تالية، ما يعني أنه يسعى للتمهيد لمن سيأتي بعده في منصب الرئاسة، حتى يقف على أرض صلبة، ويكون كل ذلك تجلياً لنضج سياسي، يثبت قطع شوط أكبر في إعادة بناء الدولة، وخلق وضع طبيعي يتيح ظروفاً ملائمة لممارسة العمل السياسي الديمقراطي بصورة طبيعية، بعد خيبات أمل كبيرة".

تحديات قد تبتلع المشروع والحكومة

أما المتخصص في الشأن الصومالي المقيم في إحدى الدول الأوروبية عبدالرحيم يعقوب، فيرى أن "الحكومة الحالية تعمل في وضع يتطلب كثيراً من الإمكانات والتركيز، فهناك تعقيدات الحرب على الإرهاب من جهة، ووجود توترات داخلية مزمنة ضمن حدود الكيانات السياسية الرئيسة في البلاد، مع معاناة الحكومة مما تعتبره تقاعساً من الأشقاء والشركاء في تقديم الدعم لها.

ويلقي يعقوب الضوء على أزمات مزمنة وأخرى مستجدة تنتظر الحكومة للتعامل معها قائلاً، "في حين تراوح حالات التمترس القبلي في مناطق بولاية جوبالاند، ومركا في ولاية الجنوب الغربي مكانها من دون حل، لتبقى مرشحة للانفجار في أية لحظة، يضاف إليها ما استجد من التوترات، كالخلافات السياسية التي قادت إلى اشتباكات مسلحة في ولاية بونتلاند، وكذلك الصراع الحاصل الأشد دموية في محافظة سول بصوماليلاند، ما يزيد حالة عدم الثقة في حكومة الرئيس الحالي، باعتبار أن ما على طاولته من القضايا يكفيه لينشغل بحلها طوال فترته الرئاسية، بدلاً من ابتداع نظام رئاسي يعزز سلطاته".

المزيد من تقارير