Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"نوفمبر" في تاريخ العلاقات الأميركية – الإيرانية

تستحضر العقلية الإيرانية عند تعاملها مع قضايا السياسة الخارجية التاريخ والمظلومية ومبدأ المساومة

رجل يحمل العلم الإيراني في ساحة لافاييت بالقرب من البيت الأبيض (أ ف ب)

ملخص

تتسم السياسة الخارجية الإيرانية بالدائرية وتكرار نمط السلوك خصوصاً مع الإدارات الأميركية المتعاقبة

اعتادت إيران حشد التظاهرات في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام في ذكرى اقتحام السفارة الأميركية تنديداً بالولايات المتحدة ومهاجمتها، تلك الحادثة التي أعقبت تأسيس النظام الإيراني عقب إطاحة حكم الشاه. وفي اليوم ذاته عام 2018 أعاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب فرض العقوبات الأميركية، وأعلن أنه اختار هذا اليوم تحديداً لأنه يوم اقتحام المتظاهرين الإيرانيين السفارة الأميركية واحتجاز الرهائن.

وفي واقع الأمر فإن اختيار يوم الرابع من نوفمبر لاقتحام السفارة الأميركية عام 1979 لم يكن من قبيل المصادفة، إذ إن في الرابع من نوفمبر عام 1964 جرى نفي الخميني من إيران لانتقاده قانون الحصانة الأميركية، ومن ثمّ شكل هذا التاريخ جزءاً مهماً من الأحداث التي أثرت في العلاقات بين الطرفين.

نفي الخميني إلى تركيا

في عام 1964 طرحت الحكومة الإيرانية قانون الحصانة القضائية للموظفين والخبراء الأميركيين الموجودين فى طهران، عارض الخميني القانون، ووصل الأمر إلى طريق مسدود مع الشاه، الذي كان قد طالب بعدم انتقاد القانون.

لكن الخميني استمر في انتقاد القانون والرئيس الأميركي، وكان الشاه في تلك الفترة يستهدف تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة التي ستعاونه في بناء جيشه، لذا اتخذ الشاه القرار بنفي الخميني إلى تركيا فرحل عن إيران في الرابع من نوفمبر 1964.

أزمة الرهائن الأميركية

أزمة الرهائن في إيران استمرت من 1979 إلى 1981، حيث احتجز المسلحون في إيران 66 مواطناً أميركياً في السفارة الأميركية في طهران، واحتجزوا 52 منهم كرهائن لأكثر من عام. حدثت الأزمة خلال فترة الفوضى التي أعقبت الثورة في إيران (1978 - 1979)، وإطاحتها النظام الملكي البهلوي، وكانت لهذا الحدث آثار على السياسة الداخلية في الولايات المتحدة، وسُممت العلاقات الأميركية - الإيرانية عقوداً من الزمن، امتدت الأزمة إلى رئاستي جيمي كارتر ورونالد ريغان.

انتهت أزمة الرهائن بعد المفاوضات التي عقدت في عام 1980، وأوائل عام 1981 تركزت مطالب إيران على الإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة، ورفع الحظر التجاري الذي أقرته الولايات المتحدة، وبعد التوصل إلى اتفاق جرى إطلاق سراح الرهائن في 20 يناير (كانون الثاني) 1981.

بدأت الأزمة بسبب الأخبار حول وصول الشاه إلى الولايات المتحدة لتلقي العلاج، وكان رد الفعل الشعبي الأولي في إيران معتدلاً، لكن في 4 نوفمبر تعرضت السفارة لهجوم من قبل حشد، ربما يبلغ عددهم 3000 شخص، بعضهم مسلح، الذين بعد حصار للسفارة سيطروا على 63 شخصاً من الأميركيين رهائن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان الحشد الذي حاصر السفارة من المنتمين للخميني، وطالبوا كشرط لإطلاق سراح الرهائن، بأن تقوم الولايات المتحدة بتسليم الشاه إلى إيران.

بحلول مايو (أيار) 1980، أقنعت الولايات المتحدة حلفاءها بفرض حظر اقتصادي على إيران، لكن الحظر وحده لم يكن كافياً للضغط على إيران، وفي هذا الصدد، فإن وفاة الشاه في 27 يوليو (تموز) لم تحل المعضلة، لكن حدثين لاحقين جعلا حل الأزمة بدا أكثر احتمالاً، الأول، قامت إيران بتشكيل حكومة جديدة، وسعت إدارة كارتر على الفور إلى توسيع المبادرات الدبلوماسية، الثانى اندلاع حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران.

وعلى رغم أن الحرب الإيرانية- العراقية (1980 - 1988) صرفت انتباه المسؤولين الإيرانيين عن مفاوضات الرهائن على المدى القصير، فإن الحظر استمر في تآكل الاقتصاد الإيراني، وقدرة البلاد على درء القوات العراقية، وأدركت الحكومة الإيرانية الجديدة أن إيران لا يمكنها أن تتوقع الدعم في الحرب مع العراق ما دامت تحتجز الرهائن الأميركيين.

ونتيجة لذلك، انخرط المسؤولون الإيرانيون في المفاوضات من خلال دبلوماسيين جزائريين، وتركزت المطالب الإيرانية خلال هذه الفترة على إطلاق سراح الأصول الإيرانية المجمدة ورفع الحظر الاقتصادي، وبعد التوصل إلى اتفاق جرى إطلاق سراح الرهائن في 1981، بعد دقائق من تنصيب الرئيس الأميركي الجديد رونالد ريغان.

ترمب وإعادة فرض العقوبات الأميركية

في الرابع من نوفمبر 2018 أعاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب العقوبات الأميركية التي جرى رفعها بموجب اتفاق إيران النووي عام 2015، التي استهدفت قطاعات مهمة للاقتصاد الإيراني، مثل قطاعات الطاقة والشحن والنقل وبناء السفن والقطاعات المالية، إلى جانب عودة أكثر من 700 شخص وكيان إلى قائمة العقوبات الأميركية، بما في ذلك المصارف الإيرانية الكبرى ومصدرو النفط وشركات الشحن، فضلاً عن استهداف العقوبات للمعاملات مع المصرف المركزي الإيراني والمؤسسات المالية الإيرانية.

وكانت سياسة ترمب التي تضمنت إعادة فرض العقوبات وتطبيق سياسة الحد الأقصى من الضغط تستهدف إعادة فرض العقوبات لقطع الإيرادات والموارد المالية التي يستخدمها النظام لتمويل الجماعات المسلحة وإثارة عدم الاستقرار وتمويل البرامج النووية والصاروخية.

مما سبق يتضح استحضار التاريخ والمظلومية في العقلية الإيرانية عند تعاملها مع قضايا السياسة الخارجية، فضلاً عن اعتياد المساومة من أجل المطالب، وكأن السياسة الخارجية الإيرانية تتسم بالدائرية وتكرار نمط السلوك.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل