Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إلى أين تقود "هدنة غزة" مسار الحرب؟

تمديد وقف القتال "بعد محادثات بناءة وإيجابية مع الأطراف" واستئناف الحرب يبقى شبحاً مخيماً على سكان القطاع

منحت الهدنة بعض الهدوء لسكان غزة البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة بعد قصف إسرائيلي عنيف منذ السابع من أكتوبر الماضي (أ ف ب)

ملخص

"محادثات بناءة ومؤشرات إيجابية تلقاها الوسطاء خلال الأيام الماضية تزامناً مع ضغوط دولية في الاتجاه ذاته، قادت لتمديد الهدنة الإنسانية لأيام أخرى، عززها التزام طرفي الصراع الرئيسين بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه، الأسبوع الماضي"

مع نهاية الأيام الأربعة لأول هدنة إنسانية يشهدها قطاع غزة بين إسرائيل وحركة "حماس"، برعاية الوسطاء مصر وقطر والولايات المتحدة، يترقب الجميع اليوم التالي لها، وما إذا كان الجيش الإسرائيلي سيعاود عملياته العسكرية، أم يتم تمديدها أياماً أخرى تعزز الآمال باتجاه وقف دائم لإطلاق النار، بعد أكثر من سبعة أسابيع من حرب مدمرة أوقعت آلاف القتلى وكانت الأسوأ منذ عقدين في القطاع "المحاصر".

"محادثات بناءة ومؤشرات إيجابية تلقاها الوسطاء خلال الأيام الماضية تزامناً مع ضغوط دولية في الاتجاه ذاته، قادت لتمديد الهدنة الإنسانية لأيام أخرى"، يقول مصدر دبلوماسي مصري في حديثه مع "اندبندنت عربية"، موضحاً أن التزام طرفي الصراع الرئيسين بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه، الأسبوع الماضي، وسمح بتبادل المحتجزين، فضلاً عن زيادة حجم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، "عزز الآمال أمام احتمالات تمديد الهدنة مقابل الإفراج المتبادل عن مزيد من المحتجزين على قاعدة واحد مقابل ثلاثة".

وتوسطت قطر إلى جانب مصر والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق الهدنة لأربعة أيام و"قابلة للتمديد"، بعد مفاوضات وصفها المصدر المصري لنا بـ"الدراماتيكية والمعقدة"، ونص الاتفاق على وقف الأعمال العسكرية في القطاع وتبادل 50 رهينة محتجزين في غزة و150 "أسيراً" في السجون الإسرائيلية، مع إتاحة "دخول عدد أكبر من القوافل الإنسانية والمساعدات الإغاثية إلى كل أنحاء القطاع، بما فيها الوقود المخصص للحاجات الإنسانية".

وعلى رغم بارقة الأمل التي أحيتها الهدنة في شأن أهمية الجهود الدبلوماسية أمام الحلول الأمنية والعسكرية، يؤشر الإصرار الإسرائيلي المتكرر على لسان مسؤوليها إلى استمرار الحرب بعد توقف الهدنة حتى تحقيق أهدافها وعلى رأسها "القضاء على حماس"، في مقابل إعلان الأخيرة وهي الفصيل الأبرز في الاتجاه المقابل، استعدادها مواصلة القتال، على عدم قدرة الأطراف الدولية بعد لوضع نهاية لجولة الصراع الراهنة، مما قد يبدد الآمال بتلاشي بعض الهدوء لسكان غزة البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة بعد قصف إسرائيلي عنيف منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ماذا بعد الهدنة الأولى؟

تؤشر معظم التصريحات الرسمية المقبلة من الدوحة والقاهرة وواشنطن، وحتى بين طرفي الصراع الرئيسين "حماس" وإسرائيل، إلى احتمالات تمديد الهدنة الإنسانية التي دخلت يومها الأول الجمعة الماضي، وتستمر حتى صباح غد الثلاثاء 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، على قاعدة، وفق الجانب الإسرائيلي "يوم توقف للقتال مقابل الإفراج عن 10 رهائن في الأقل"، واحتمالات الإفراج عن 50 محتجزاً آخرين من قبل حركة "حماس" خلال الأيام المقبلة.

وفق المصادر المصرية المتطابقة التي تحدثت إلينا، فإن "خيار استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية لا يزال قائماً مع الإصرار الإسرائيلي على المضي قدماً في حربها المدمرة على قطاع غزة، إلا أنه في الوقت ذاته هناك احتمالات كبيرة لأن تنجح الوساطات القائمة والحثيثة بدعم أميركي في تمديد الهدنة وبحث احتمالات التوصل لاتفاق أوسع ينهي الحرب برمتها"، مضيفاً أن "ثمة أصواتاً تتعالى الآن، وهناك تطورات ملحوظة في المواقف الدولية باتجاه الدعوة لوقف إطلاق النار".

أحد المصادر أوضح لنا في حديثه المقتضب: "أن ما ساعد في الأمر رغبة جميع الأطراف في التقاط الأنفاس وإعمال صوت العقل على أثر الضغوط الدولية للخروج من النفق المظلم القائم، الذي يبقي طوال الوقت احتمالات كبيرة لأن يتمدد الصراع عبر المنطقة برمتها وتجاوز جغرافية غزة"، مشيراً في الوقت ذاته، إلى "محادثات بناءة ومؤشرات إيجابية تلقاها الوسطاء خلال الأيام الماضية لتمديد الهدنة الإنسانية لأيام أخرى، وذلك بعدما أبداه طرفا الصراع من التزام بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه، الأسبوع الماضي، وسمح بتبادل المحتجزين، فضلاً عن زيادة حجم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة"، معرباً عن أمله في أن "يتحول تمديد الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار ونهاية الحرب".

ووفق المصدر ذاته، فإن رغبة الأطراف المتحاربة في استكمال الهدنة واحتمالات تمديدها، تجلت مع التعثر الذي أصابها في اليوم الثاني السبت 25 نوفمبر، حين واجه الاتفاق خطر الخروج عن مساره بعدما أعلن الجناح العسكري لحركة "حماس" أنه سيؤخر إطلاق سراح الرهائن حتى تلبي إسرائيل جميع شروط الهدنة، بما في ذلك الالتزام بالسماح لشاحنات المساعدات بالدخول إلى شمال غزة، قبل أن تعود إلى مسارها، بعد جهود دبلوماسية مكثفة من القاهرة والدوحة وواشنطن "ضمن عدم انهيارها".

 

حديث المصادر المصرية لنا، توافق مع ما نقلته وكالة "رويترز"، مساء اليوم الإثنين، عن مصادر مصرية، قالت إن "المفاوضين المصريين والقطريين والأميركيين يقتربون من اتفاق على تمديد الهدنة في غزة، لكنهم ما زالوا يناقشون مدة التمديد وأسماء المعتقلين الذين سيطلق سراحهم بموجبها"، مشيرة إلى أن حركة "حماس" تسعى إلى تمديد الهدنة أربعة أيام بينما تريد إسرائيل تمديدها يوماً بيوم مع استمرار المفاوضات في شأن المعتقلين الفلسطينيين الذين ستطلق سراحهم".

ولاحقا، قال ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية إن القاهرة والدوحة تقتربان من التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة بين إسرائيل وغزة ليومين. موضحا أن التمديد لمدة يومين سيشمل إطلاق سراح 20 رهينة إسرائيلية و60 معتقلا فلسطينيا. وأضاف أنه مع توقع إطلاق سراح 11 رهينة إسرائيليا اليوم، فإن المفاوضات لا تزال مستمرة من أجل إطلاق سراح 33 فلسطينيا.

من جانبها، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها قدمت "خيارا" لحركة حماس في قطاع غزة لتمديد الهدنة، وقال المتحدث باسم الحكومة ايلون ليفي للصحافيين، اليوم الإثنين "نرغب في استقبال 50 رهينة اضافية لما بعد هذه الليلة، في طريقنا لإعادة الجميع".

وخلال الساعات الماضية، بدا الانفتاح كبيراً من قبل الأطراف المنخرطة في مفاوضات الهدنة في شأن احتمالات تمديدها، إذ أعلنت حركة "حماس"، في بيان، ليل الأحد الإثنين، أنها تسعى إلى "تمديد الهدنة بعد انتهاء مدة الأيام الأربعة" بهدف "زيادة عدد المفرج عنهم من المحتجزين" كما ورد في اتفاق الهدنة. وقال مصدر قريب من "حماس" لوكالة الصحافة الفرنسية، الأحد، إن الحركة "أبلغت الوسطاء موافقة فصائل المقاومة على تمديد الهدنة الحالية ما بين يومين وأربعة أيام". وأضاف "نتوقع أن بإمكان المقاومة تأمين إطلاق سراح ما بين 20 و40 من الأسرى الإسرائيليين".

من جانبه. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الأحد، بعد اتصال بالرئيس الأميركي جو بايدن، إن ثمة ترتيبات "للإفراج عن 10 رهائن آخرين كل يوم، وهذه نعمة. لكني أخبرت الرئيس أيضاً أننا سنعود بعد الاتفاق إلى هدفنا: القضاء على حماس والتأكد من أن قطاع غزة لم يعد ما كان عليه" في السابق.

اعتبر بايدن هو الآخر، في هذا السياق، الجمعة الماضية (اليوم الأول من تطبيق الهدنة) أن الإفراج عن المجموعة الأولى من المحتجزين خلال اليوم الأول من الهدنة "ليس سوى بداية"، مؤكداً وجود "فرص حقيقية" لتمديد الهدنة. وأشاد بالمراحل الأولى من الهدنة والتبادل. وقال "انخرطت مع فريقي هذا الصباح مع بدئنا الأيام الأولى من تطبيق هذه الصفقة"، معتبراً أن ذلك "ليس سوى البداية، لكن إلى الآن سارت الأمور على ما يرام". أضاف "أعتقد أن ثمة فرصاً حقيقية" لتمديد الهدنة المقررة أربعة أيام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحض بايدن الذي ساند منذ بداية الحرب إسرائيل سياسياً وزودها أنواعاً مختلفة من الدعم العسكري، على بذل جهود إضافية سعياً إلى "استكمال حل الدولتين"، معتبراً أنه "أهم من أي وقت مضى".

وبحسب تقارير إسرائيلية، فإن ثمة ضغوطاً داخلية كبيرة في إسرائيل لتمديد الهدنة بهدف إعادة مزيد من الرهائن، غير أن مسؤولين عسكريين يخشون أن تؤدي هدنة أطول إلى إضعاف الجهود الإسرائيلية للقضاء على "حماس". ونقلت صحيفة "واللا" الإسرائيلية عن "مسؤول أمني كبير" (لم تسمه) قوله، إن هناك ضغوطاً دولية على إسرائيل لتجنب المرحلة التالية من "المناورة" جنوبي قطاع غزة، وذلك بعد وقف إطلاق النار الموقت الذي جاء في إطار صفقة لإطلاق سراح إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة.

ووفق ما نقلت الصحيفة، فإن الحكومة الإسرائيلية مصرة على تحقيق أهداف الحرب، وإعادة المختطفين. ويضيف المصدر الأمني الذي تحدث للصحيفة الإسرائيلية: "تفكيك حماس أسهل من إعادة المختطفين، لكن رغم ذلك يجب القيام بكل شيء لإعادة الجميع إلى منازلهم".

ومنذ الجمعة، أطلق سراح 39 رهينة بموجب الاتفاق، إضافة إلى 24 رهينة من خارج الاتفاق معظمهم تايلانديون يعملون في إسرائيل، فضلاً عن 117 أسيراً فلسطينياً.

أيام الهدنة تعيد حسابات الأطراف

بقدر ما منحته الهدنة من بعض الهدوء لسكان غزة البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة بعد قصف إسرائيلي عنيف منذ السابع من أكتوبر الماضي، فإنها في الوقت نفسه بحسب مراقبين، منحت الأطراف المتقاتلة فسحة من الوقت لإعادة ترتيب الأوراق، وذلك في وقت تعهد كلا الطرفين بالعودة إلى القتال، الذي لا يزال "قائماً" على رغم الجهود الدولية للتوصل لاتفاق ينهي الصراع الراهن، حيث يعتبر عسكريون ومراقبون، أن الهدنة بين إسرائيل و"حماس" تعد بمثابة "نقطة مفصلية" في الحرب بين الجانبين التي خلفت زهاء 15 ألف ضحية بينهم أكثر من ستة آلاف طفل وما يزيد على 33 ألف جريح، في قطاع غزة، في مقابل نحو 1200 قتيل واحتجاز نحو 240 آخرين من الجانب الإسرائيلي.

فمع بداية الهدنة، قال المتحدث باسم كتائب القسام الجناح المسلح لـ"حماس" أبوعبيدة في رسالة مصورة، إن هذه "هدنة موقتة" ودعا إلى "تصعيد المواجهة... على كل جبهات المقاومة" بما في ذلك الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل. وتحدث وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت باللهجة نفسها قائلاً "ستكون هذه فترة توقف قصيرة، وفي نهايتها ستستمر الحرب والقتال بقوة كبيرة".

 

الموقف ذاته، جدده رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، من غزة، أمس الأحد، إذ تعهد مواصلة الحرب "حتى النهاية". وقال بحسب مقطع مصور بثه مكتبه خلال تفقده قوات إسرائيلية داخل القطاع "نبذل كل جهد ممكن لاستعادة مخطوفينا، وفي نهاية المطاف سنعيدهم جميعاً"، مضيفاً "أقول للمقاتلين وللمواطنين سنستمر للنهاية حتى تحقيق النصر". من المقرر كذلك يطلب نتنياهو من الحكومة اليوم الإثنين موازنة "حرب" بقيمة 30 مليار شيكل (7.3 مليار يورو).

ويرجح خالد شنيكات أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأردنية، "استئناف الحرب مرة أخرى، ما بعد انتهاء الهدنة وحتى تمديدها"، موضحاً في حديثه معنا، أن "احتمالات تجدد الحرب واستئنافها مجدداً من قبل الجانب الإسرائيلي تبقى الأقوى، لا سيما أنه طوال الأسابيع الماضية، لم تحقق القوات الإسرائيلية إنجازاً حقيقياً على مستوى الأهداف التي أعلنتها من أجل خوض تلك الحرب، وهي القضاء على حماس وفصائل المقاومة في كل القطاع، فضلاً عن تحرير كل المحتجزين لدى حماس، بل على العكس لا تزال الأخيرة تحتفظ بالأسرى وتصر على أن الطريق الوحيد لذلك هو إبرام صفقة تبادل، وهو ما عكسه اتفاق الهدنة".

ويقول شنيكات: "منحت أيام الهدنة الطرفين لإعادة ترتيب أوراقهم وتقييم مساراتها المختلفة، وإعادة الحسابات في ضوء المتغيرات التي أحدثتها أسابيع الصراع، سواء على المستوى الإقليمي أو الرأي العام الدولي"، مضيفاً: "تراهن حركة حماس والفصائل الأخرى في تلك الهدنة على عامل الزمن لإعادة هيكلة وترتيب قواتها بعد الضرب المكثف الذي تعرض لها القطاع، وإثبات قدرتها على الصمود، لا سيما أنه وفق ما تعلن، لا تزال تحتفظ بأغلب قدراتها وقياداتها في الميدان".

في المقابل، وفق شنيكات: "منحت الهدنة كذلك الطرف الإسرائيلي، مزيداً من الوقت لإعادة جاهزية قدراتها العسكرية للعودة لاستئناف القتال، لا سيما بعد الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها القوات في الأسابيع الماضية، مع تقيم كذلك، احتمالات توسع الحرب لا سيما على الجبهة الشمالية مع حزب الله اللبناني، والجبهات الأخرى"، مشيراً إلى أن أسابيع الحرب الماضية خلقت حالة من "الارتباك والتعقيد لصناع القرار في إسرائيل وكذلك حول العالم" على أثر حجم الدمار الواسع الذي لحق بالمدنيين، والبنى التحتية في قطاع غزة.

من جانبه يقول، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إبراهيم المنشاوي، "لا شك أن إسرائيل لا تزال تعيش على وقع صدمة السابع من أكتوبر، وترى في التعامل العسكري العنيف والمدمر هو الحل الوحيد للتعامل مع حماس والفصائل الفلسطينية، مع يعني أن هناك اتجاهاً واضحاً بحتمية استمرار الحرب"، موضحاً في حديثه معنا، أن المعضلة الكبرى تكمن في "مدى قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها الحربية أو وضع استراتيجية خروج قابلة للتنفيذ"، وهو الأمر بحسب المنشاوي، الذي ينعكس في حجم "المجازر التي ترتكبها القوات الإسرائيلية في القطاع".

ويوضح المنشاوي: "أياً كانت السيناريوهات المرتقبة، لا يجب عدم إغفال أمرين رئيسين في احتمالات عودة الصراع، الأول متعلق باتساع وتمدد جبهات القتال في المنطقة، والثاني مرتبط بالسياق الدولي لا سيما على المستوى الأميركي"، معتبراً في الوقت ذاته، أنه لولا الضغط الأميركي على إسرائيل، على أثر الضغط الكبير الذي تتعرض له في الداخل الأميركي، ما كانت الحرب لتتوقف ولو في شكل "هدنة إنسانية قابلة للتمديد".

وأمس الأحد، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، عن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي، قولهم إن "تأثير حرب إسرائيل على غزة في البيت الأبيض أكبر من أي قضية خارجية أخرى شهدتها رئاسة بايدن خلال السنوات الثلاث الماضية، وأنها أفضت إلى إحداث انقسام في البيت الأبيض الذي يفخر بإدارة عملية منضبطة وموحدة"، مشيرة إلى أن "الإدارة الأميركية تتحمل كثيراً من الأعباء بسبب سياساتها تجاه إسرائيل". وبحسب الصحيفة ذاتها، فإن "هناك تخوفاً أميركياً من ألا تظهر إسرائيل ضبط النفس عن معاودة استئنافها القتال ما يزيد من الضغط السياسي والدبلوماسي على الرئيس بايدن".

هل من "صفقات" قد تنهي الحرب؟

أمام الصوت المرتفع في الداخل الإسرائيلي بـ"حتمية استئناف الحرب"، وفي المقابل، إعلان الفصائل الفلسطينية جهوزيتها لهذا السيناريو، تتزايد الاحتمالات أمام حدوث "صفقات" أخرى في أعقاب الهدنة الإنسانية التي أقرت وكذلك تمديدها، بحكم الضغوط الدولية التي خلفتها أسابيع الحرب.

فوفق، ما كتبه رو كيبريك، في صحيفة "الغارديان" البريطانية، فإن "اتفاق التهدئة الإنسانية الذي أنجزته الأطراف المتحاربة بوساطة مصرية وقطرية وأميركية، يدخل الحرب في غزة مرحلة جديدة. ويتيح الفرصة أمام المجتمع الدولي للعمل للوصول إلى سلام مستقر وقابل للاستمرار"، موضحاً أن "هجوم حماس في السابع من أكتوبر أعاد القضية الفلسطينية إلى الأجندة الدولية وشكل تحدياً لفكرة أن النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي يمكن أن يدار بكلفة بسيطة، كما طرح فكرة أن إسرائيل لا تستطيع أن تندمج في منطقة الشرق الأوسط مع تجاهل مطالب الفلسطينيين"، معتبراً أن "السلام الدائم في غزة هو الآن ممكن".

 

الاتجاه ذاته، أوضح كليفورد سوبين، في صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، إذ قال، إن "استئناف القوات الإسرائيلية القتال بعد الهدنة قد يكون صعباً بسبب ضغوط دولية محتملة، وقد يكلف كل ذلك الجيش الإسرائيلي حياة جنود إضافيين"، معتبراً "أن إفراج حماس عن قسم من الرهائن قد يعرض من تبقى للخطر، ويمكن أن يطيل مكوثهم في الأسر، وقد يزيد ثمن إطلاق سراح رهائن آخرين في المستقبل". وأعرب عن اعتقاده أن صفقة التبادل التي تمت "سيتبعها مزيد من الصفقات التي يؤمل أن تكون جيدة".

ويقول محللون عسكريون، إن الهدنة تمنح "حماس" الوقت للتحضير لمرحلة جديدة من الحرب التي قد تستمر أشهراً، بهدف تقليص زخم الهجوم الإسرائيلي وخلق ضغوط دولية لإنهاء الصراع من دون تحقيق أهدافه. في المقابل، تؤكد إسرائيل أن وقف القتال لن يردع الجيش الإسرائيلي عن مضيه في تدمير قدرة "حماس" على شن هجمات ضد إسرائيل، لكن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، تواجه أيضاً تياراً متنامياً يدعو لتأمين إطلاق سراح الرهائن أولاً وهو مما زاد مع بداية عودة المحتجزين إلى إسرائيل.

وحذر وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، اليوم الإثنين، خلال مشاركة في منتدى الاتحاد من أجل المتوسط المنعقد في برشلونة، من أن عدد القتلى في غزة قد يتضاعف إذا استؤنفت الحرب الآن. وقال المالكي إن هناك مساعي من قطر ومصر والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتمديد الهدنة " وأن "تمديد الهدنة يعني وقف القتل".

وبحسب المالكي، فإن استئناف الحرب بمجرد انتهاء الهدنة من شأنه أن يضاعف عدد القتلى لأن سكان غزة يتركزون حاليا في جنوب القطاع. وقال "لدينا فرصة سانحة اليوم ستنتهي الليلة لتمديد وقف إطلاق النار... أعول على دعم زملائي... لإطلاق دعوة مدوية وقوية (من هنا) يمكن أن يصل صوتها إلى جميع أرجاء العالم: لا للحرب ونعم لوقف إطلاق النار".

المزيد من تقارير