Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يعني "إكسبو 2030" لاقتصاد السعودية؟  

محللون لـ"اندبندنت عربية": فوائد مباشرة وغير مباشرة تعود على الرياض من الحدث العالمي وسط توقعات بانتعاش سياحي شامل

ملخص

تهدف السعودية من استضافة "إكسبو 2030" إلى تعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار والتقنية والاستدامة وجذب الاستثمارات

مع فوز السعودية باستضافة معرض "إكسبو 2030"، توقع محللون اقتصاديون، أن ينعكس تنظيم الحدث الدولي على الاقتصاد السعودي بفوائد جمة تشمل كافة القطاعات، فضلاً عن عديد من المكاسب التي ستظهر آثارها على الاقتصاد المحلي في المستقبل القريب، أهمها زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتعزيز التنويع الاقتصادي.  

ورصد المحللون في تصريحات لـ "اندبندنت عربية"، أبرز المردودات المنتظرة مع تنظيم الرياض معرض "إكسبو 2030" لا سيما الاقتصادية منها، وحدد هؤلاء عدداً من القطاعات الاقتصادية التي ستكون الأكثر استفادة من الحدث العالمي أبرزها السياحة والضيافة، والسفر والطيران، والعقارات والإنشاءات، وصناعة المعارض والفعاليات، وتجارة التجزئة والمراكز التجارية.  

الطريق إلى "إكسبو 2030"  

بدأت السعودية في 28 مارس (آذار) 2022 حملتها الترويجية لاستضافة "إكسبو الدولي 2030" في مدينة الرياض، خلال حفل الختام الذي أقيم في مقر الجناح السعودي في معرض "إكسبو 2020" دبي.  

وجاءت هذه الحملة بعد إعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، تقدم الرياض بطلب رسمي لاستضافة الحدث العالمي تحت شعار "حقبة التغيير... المضي بكوكبنا نحو استشراف المستقبل".

وتنافس على تنظيم الحدث إلى جانب مدينة الرياض ثلاث مدن هي روما الإيطالية، وبوسان الكورية الجنوبية، وأوديسا الأوكرانية.  

وباعتبار أن إيطاليا نظمت سابقاً "إكسبو ميلانو 2015"، ونظام المكتب الدولي للمعارض يشترط عدم تنظيم أي دولة نفس المعرض خلال 15 عاماً، وبالنظر إلى الأحداث الجيوسياسية في شرق أوروبا، اقتصر التنافس للفوز بالاستضافة بين الرياض وبوسان. 

وخلال اجتماع في باريس، ت الجمعية العامة للمكتب الدولي للمعارض المنافسة لمصلحة الرياض على حساب العاصمة الإيطالية روما ومدينة بوسان جنوب شرقي كوريا الجنوبية. 

وأعلن المكتب الدولي للمعارض في منشور له على موقع "إكس" (تويتر سابقاً)، نتيجة التصويت، وحازت السعودية 119 صوتاً مقابل 29 صوتاً لمصلحة كوريا الجنوبية و17 لإيطاليا، لتعد السعودية بذلك ثاني دولة عربية تستضيف المعرض بعد الإمارات. 

تنافس عالمي متزايد  

في البداية، يري المتخصص في الشؤون الاقتصادية، إحسان بوحليقة، أن فعالية "إكسبو" تبدو أكبر من مجرد كونه حدثاً دولياً أو معرضاً من المعارض الكبرى، لذلك هناك دائماً تنافساً عالمياً متزايداً على استضافته، فكل دولة تقدم عروضاً لأفضل ما لديها وما يمكن أن تقدمه لنجاح هذا المهرجان في حال أقيم على أرضها.

وأضاف بوحليقة أن استضافة الرياض لمعرض "إكسبو 2030" يمثل خط النهاية في سباق السعودية لتحقيق "رؤية 2030" التي تشكل نقطة مفصلية وتغييرات جذرية، في تاريخ الاقتصاد الاجتماعي السعودي، وفي تحقيق نقلة كبيرة في طريقة إدارة البلاد لاقتصادها من جهة، وكذلك في تعاملها مع الدول الأخرى لتحقيق طموحات محددة.  

عوائد ضخمة

وأوضح إحسان بوحليقة، أنه هناك من لا يدرك أهمية هذا المحفل العالمي اقتصادياً، فيمكن إمعان النظر إلى العوائد الضخمة التي حققتها المدن التي استضافت هذا الحدث على أرضها خلال آخر نسختين، في ميلانو الإيطالية (إكسبو 2015)، إذ نجد أن التأثير الاقتصادي في إيطاليا تجاوز الـ10 مليارات يورو (10.99 مليار دولار) وأوجد 100 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، واستقطب 21 مليون زائر من أنحاء العالم، أما "إكسبو 2020" في دبي والذي عقد في الفترة من أكتوبر 2021 حتى مارس 2022، وتأخر بضعة أشهر عن موعده بسبب جائحة كورونا استقطب أكثر من 24 مليون زائر، فيما بلغ الأثر الاقتصادي له نحو 155 مليار درهم (42.21 مليار دولار) من إجمالي القيمة المضافة لاقتصاد الإمارات بين عامي 2013 (تاريخ الفوز بتنظيم إكسبو) و2042، مع توفير فرص عمل تقدر بما يقرب من مليون وظيفة من سنوات العمل بدوام كامل، أي ما يعادل أكثر من 35600 وظيفة سنوياً خلال الفترة ذاتها.  

وأشار إحسان بوحليقة إلى أنه في ضوء ما سبق يشكل "إكسبو 2030" أهمية كبيرة لدى الرياض، إذ إنه من مستهدفات "رؤية 2030" تحقيق نحو 100 مليون زائر للسعودية بحلول العام نفسه، مما يجعل استضافته تصب ضمن جوانب أخرى أيضاً.  

فوائد مباشرة وغير مباشرة  

وقال المستشار الاقتصادي الرئيس التنفيذي لـ"مركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية" ومقره الرياض، الدكتور علي بوخمسين، إنه على رغم الكلفة المرتفعة المتوقعة لاستضافة الرياض لمعرض "إكسبو 2030" والمقدرة بنحو 30 مليار ريال (ثمانية مليارات دولار) ككلفة تجهيز الموقع المقترح البالغة مساحته ستة ملايين متر مربع إلا أنه من المتوقع تحقيق عديد من الفوائد المباشرة وغير المباشرة على كافة القطاعات الاقتصادية وعلى مستوى دخل الفرد السعودي.

وأضاف بوخمسين أن من المتوقع أن تسهم استضافة المعرض في زيادة الناتج المحلي الإجمالي السعودي بالتالي زيادة نصيب الفرد من الدخل القومي، علاوة على توفير هذا المعرض للوظائف إضافة إلى الفوائد الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتي تمتد لسنوات وتسهم في منح السعودية دفعة قوية لمسيرة التنوع الاقتصادي. 

وتوقع بوخمسين، توافد أكثر من 40 مليون زيارة لموقع المعرض، إضافة إلى مليار زيارة عبر المنصة الافتراضية (الميتافيرس)، وهو ما لم يحدث من قبل في تاريخ معارض "إكسبو"، إضافة إلى الإقبال المتوقع من الشركات الحكومية والمنظمات العالمية ومن الزوار لهذا الحدث عديد من الفوائد الاقتصادية التي قد تصل إلى 222 مليار ريال (59.2 مليار دولار) كفوائد اقتصادية مباشرة، كما ييتوقع  جذب فوائد اقتصادية غير مباشرة من مرحلة الاستعداد للاستضافة حتى تاريخ موعد تشغيل المعرض بخلاف الفوائد لما بعد تنظيم الحدث الدولي.  

وذكر بوخمسين، أن الأثر الاقتصادي للمعرض ستصل مساهمته في نسبة نمو صافية على الاقتصاد قدرها 23 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي البالغ بالأسعار الجارية أكثر من تريليون دولار في 2022.  

وأوضح بوخمسين، أنه تم تقدير هذه الفوائد الاقتصادية وفقاً لمساحة وتجهيز المعرض وعدد الزوار المتوقعين مقارنة بالمعارض الدولية السابقة في كل من دبي وميلانو، فيما يتزايد الاهتمام بمعرض "إكسبو" عالمياً، من خلال عدد الدول المتقدمة للفوز بشرف استضافة هذا المعرض ومن خلال تنامي عدد زواره، ممن قدروا بستة ملايين زائر في أول تنظيم لهذا المعرض إلى أن وصلوا إلى 73 مليون زائر في شنغهاي 2010، وباريس 50 مليون زائر وبروكسل 41 مليون زائر ودبي 24 مليون زائر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال بوخمسين، إن من خلال تجربة السعودية في إقامة المواسم والفعاليات الترفيهية وعديد الزيارات التي حققتها هذه الفعاليات من المتوقع أن يبلغ العدد التراكمي لزوار المعرض خلال فترة إقامته لستة أشهر أكثر من 40 مليون زائر وهذا سيحقق دخلاً مباشراً قدره 12 مليار ريال (3.2 مليار دولار) على أساس قيمة تذكرة الدخول في المتوسط عند 300 ريال (80.1 دولار).  

وقدر بوخمسين، أن يتم إصدار ما لا يقل عن 20 مليون تأشيرة سياحية للسعودية خلال فترة المعرض بمتوسط 500 ريال (133.4 دولار) أي بما يعادل 10 مليارات ريال (2.67 مليار دولار) دخلاً للاقتصاد الوطني بخلاف الرسوم الأخرى مثل التأمين الصحي والتي يمكن أن تحقق دخلاً مماثلاً قدره 10 مليارات ريال (2.67 مليار دولار) إضافية، فيما سيوفر تنظيم المعرض فرص عمل موقتة وأخرى دائمة تقدر بحوالى 350 ألف فرصة عمل كوظيفة مباشرة وغير مباشرة وبافتراض معدل خمسة آلاف ريال (1334 دولاراً) شهرياً لكل وظيفة يتوقع أن يحقق الاقتصاد السعودي دخلاً بقيمة 10.5 مليار ريال (2.8 مليار دولار). 

جذب الاستثمارات والأعمال  

من جانبه، قال المستشار الاقتصادي في إدارة استراتيجيات الأعمال أحمد الشهري، إن السعودية تهدف من استضافة "إكسبو 2030" إلى تعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار والتقنية والاستدامة، وجذب الاستثمارات وزيادة فرص ريادة الأعمال الأجنبية والمحلية والسياحة ما يؤثر إيجاباً في معدلات النمو وفرص العمل علاوة على تعزيز التبادل التجاري والتعاون الدولي في مختلف المجالات. 

وتهدف أيضاً من خلال المعرض إلى تحقيق أهداف "رؤية 2030"، التي تسعى إلى تحقيق التحول غير النفطي وتعزيز التنمية المستدامة وتطوير الصناعات وخلق فرص العمل وزيادة النمو الاقتصادي وتحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين.

توسيع آفاق الاستثمار   

وتوقع الشهري أن يترك تنظيم معرض "إكسبو 2030" تأثيراً إيجابياً على الحركة الاقتصادية في العاصمة الرياض والسعودية بشكل عام، إذ يمكن للمعرض أن يعزز الاستثمارات ويجذب الأعمال والسياحة ويزيد من النمو الاقتصادي ويخلق فرص العمل ويتيح فرصاً جديدة للشركات ورجال الأعمال، ويمكن للمعرض أن يسهم في تعزيز الثقافة والانفتاح الاجتماعي والثقافي، وتعزيز التعاون والتفاعل بين الشعوب والثقافات المختلفة، وتقريب المسافات بين الشعوب والتبادل الثقافي والتعليمي.  

وتابع الشهري، "يمكن لتنظيم المعرض أن يسهم في تطوير الصناعات والتكنولوجيا والاستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين في السعودية، ويساعد في تعزيز التنوع الاقتصادي وتحقيق التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي تسعى إليه الرياض".

طفرة سياحية وعمرانية

ورجح بنك "سيكو" البحريني، أن يؤدي فوز السعودية بتنظيم "إكسبو 2030" إلى تسريع المشاريع السياحية العملاقة علاوة على أنه سيدفع بطفرة عمرانية في الأعوام المقبلة. 

وأضاف البنك الاستثماري في مذكرة بحثية، أن معرض "إكسبو" وغيره من الأحداث العالمية بخاصة الرياضية سيساعد الرياض في تطوير إقبال سنوي مستدام للسائحين بعد الحج والعمرة. 

وأشار إلى أن أعداد الزوار المتوقع زيارتهم للمعرض قد تتجاوز أعداد زوار معرضي "إكسبو 2015" في ميلان و"إكسبو 2020" في دبي، والتي بلغت 22 مليون زائر و24 مليون زائر على التوالي. 

نشأة معرض "إكسبو"

تقام معارض "إكسبو الدولية" منذ عام 1851، وتشكل أحد المنصات العالمية الأكثر تأثيراً من خلال تقديم أحدث الإنجازات والتقنيات، والترويج للتعاون الدولي في التنمية الاقتصادية والتجارة والفنون والثقافة، ونشر العلوم والتقنية.  

ويعتبر المكتب الدولي للمعارض الذي يقع مقره الرئيس في باريس المنظمة الدولية المسؤولة عن الإشراف على تنظيم جميع المعارض الدولية، ويضم 170 دولة عضواً، إذ تشارك هذه الدول في جميع قرارات المنظمة وتعمل من أجل التحسين المستمر لهذه الأحداث من عام إلى آخر.  

ويتم تنظيم "إكسبو" حالياً كل خمس سنوات في إحدى مدن العالم وقد يستمر لمدة تصل إلى ستة أشهر، ويعد المشاركون فيه أساساً من الدول والحكومات، ثم الجمعيات والشركات والمؤسسات والهيئات والمجتمعات المدنية.  

وتتناول مواضيع معارض "إكسبو" تحدياً عالمياً يواجه الإنسانية، ويمكن للمشاركين الدوليين تصميم وبناء أجنحة خاصة بهم، أو اختيار تخصيص الجناح الذي يوفره المنظم أو المشاركة في جناح مشترك، والذي يحتوي على كلفة مشاركة أقل.  

وأقيم أول "إكسبو" دولي تحت شعار "المعرض العظيم|، في لندن عام 1851 في قصر الكريستال وتم خلاله استعراض ابتكارات الثورة الصناعية.  

وأقيمت معارض "إكسبو" 35 مرة في 22 مدينة و14 دولة منها دولة عربية واحدة وهي الإمارات (إكسبو دبي 2020)، فيما احتضنت لندن أول نسخة لمعرض "إكسبو" عام 1851، واحتضنت العاصمة الفرنسية باريس المعرض ست مرات وبروكسل البلجيكية أربع مرات، ومن المقرر أن يقام "إكسبو 2025 " في مدينة أوساكا اليابانية خلال الفترة الممتدة من 13 أبريل (نيسان) 2025 إلى 13 أكتوبر 2025.