Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصاد البريطاني مستمر في الضعف العام المقبل

تقرير حول آفاق الاقتصاد يرسم صورة قاتمة في ظل تراجع النشاط وارتفاع الأسعار والفائدة

سجل المعدل العام للتضخم في بريطانيا نحو 4.6 في المئة الشهر الماضي (أ ف ب)

ملخص

تقرير حول آفاق الاقتصاد يرسم صورة قاتمة في ظل تراجع النشاط وارتفاع الأسعار والفائدة

على رغم بعض المؤشرات الإيجابية، وتفادي الاقتصاد البريطاني الركود حتى الآن على عكس كثير من التوقعات السابقة، إلا أن معظم التقديرات لآفاق النمو الاقتصادي تبدو سلبية.

فوفق تقرير موسع لمؤسسة التصنيف الائتماني العالمية "ستاندرد أند بورز" عن آفاق الاقتصاد البريطاني توقعت أن يظل أداء الاقتصاد ضعيفاً خلال العام المقبل 2024، ولم يزد تقديرها لنمو الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط للعام المقبل عن نسبة 0.4 في المئة.

وأشار التقرير إلى أنه ليس من التوقع أن يبدأ بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) في خفض أسعار الفائدة قبل النصف الثاني من العام المقبل، ذلك على رغم تراجع نمو معدل التضخم العام في الاقتصاد إلا أن مؤشر الأسعار الأساسي يظل مرتفعاً، بالتالي ستظل السياسة النقدية البريطانية مشددة حتى يقترب معدل التضخم من المستهدف للبنك المركزي عند نسبة اثنين في المئة.

ونتيجة استمرار أسعار الفائدة الأساسية مرتفعة عند 5.25 في المئة واستمرار ارتفاع الأسعار تتضاءل القدرة الشرائية للأسر البريطانية، خصوصاً أن أسعار الفائدة تدفعهم نحو الادخار وتأجيل خطط الإنفاق.

من العوامل الأخرى التي يعتبرها التقرير سبباً في ضعف النشاط الاقتصادي والضغط نزولاً على فرص النمو وضع سوق العمل الذي يتسم بالتضييق نتيجة نقص العمالة، وبحسب التقرير تظل الوظائف الشاغرة في الاقتصاد أعلى من معدلها الطبيعي بنسبة 40 في المئة.

تأثير بريكست

ومن مؤشرات استمرار ضعف الاقتصاد البريطاني أن مؤشر مديري المشتريات يشهد انكماشاً طفيفاً في الربع الرابع والأخير من هذا العام، وذلك عقب ركود في قراءة المؤشر في الربع الثالث من 2023.

إلى ذلك، يشهد قطاع التصنيع انكماشاً منذ بداية هذا العام نتيجة إعادة ضبط المعروض العالمي في ظل ضعف التجارة العالمية بصورة عامة، أما قطاع الخدمات فأظهر ضعفاً واضحاً في النشاط في الربع الثالث من هذا العام.

في ما يتعلق بسوق العمل فإن الضغط على جانب العرض فيه يعني تشجيع زيادة الأجور وهو ما يبقي على الأسعار ومعدلات التضخم مرتفعة ويصعب مهمة البنك المركزي في استخدام أدوات السياسة النقدية لخفض التضخم للمستوى المستهدف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب التقرير فإنه منذ خرجت بريطانيا من السوق الأوروبية المشتركة (بريكست) تعرض سوق العمل والإنتاج فيها لعدم الكفاءة، كما أن الاستثمار أخذ في التراجع، إذ أصبحت الشركات تضخ أكثر في توظيف العمالة بدلاً من زيادة رأسمالها.

ومع أن أرقام الهجرة إلى بريطانيا تظل مرتفعة إلا أن العاملين من دول الاتحاد الأوروبي أصبحوا لا يشكلون نسبة كبيرة من سوق العمل في بريطانيا، كما أن مستوى المهارات للمهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي يختلف وإسهاماتهم في سوق العمل أقل بكثير، بحسب تقرير "ستاندرد أند بورز"، إذ إن معظم القادمين إلى بريطانيا إما دارسون أو طالبو لجوء، بالتالي فإن زيادة أعداد المهاجرين لا تعني بالضرورة توافر العمالة التي يمكن أن تسد الفجوة في القطاع الصناعي الذي يحتاج إلى عاملين.

وإضافة إلى تأثير بريكست، يظل هناك تأثير ممتد لأزمة وباء كورونا، مع خروج أعداد معقولة من سوق العمل نتيجة الأمراض طويلة الأمد، بالتالي لم يتعافَ سوق العمل بعد ليعود إلى مستويات ما قبل الوباء، يضاف إلى ذلك الزيادة في أعداد العاملين الذي يغيرون وظائفهم سعياً وراء شروط عمل أفضل.

التضخم والفائدة

كل ذلك يعطي العاملين أفضلية في التفاوض على أجورهم وهو ما يجعل معدلات الأجور في بريطانيا ترتفع مغذية الضغوط التضخمية في الاقتصاد.

وهكذا يتوقع أن تظل أسعار الفائدة الأساسية في بريطانيا مرتفعة لفترة أطول ربما من نظيراتها في الاقتصادات المتقدمة، وتسهم الفجوة بين فرص العمل المتاحة والمهارات المتوافرة في سوق العمل في زيادة ضيق سوق العمل.

ومع تراجع أسعار الطاقة ومدخلات الإنتاج، بدأ مؤشر أسعار المنتجين في الانخفاض وهو ما أسهم في تراجع المعدل العام للتضخم إلى 4.6 في المئة الشهر الماضي.

مع ذلك تظل الأسعار مرتفعة، خصوصاً في قطاع الخدمات إذ شهد مؤشر الأسعار في ذلك القطاع ارتفاعاً بنسبة 6.6 في المئة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وإن كان أقل بصورة طفيفة عن نسبة التضخم في قطاع الخدمات لشهر يوليو (تموز) عند 7.4 في المئة.

نتيجة استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، التي لا يتوقع التقرير أن يبدأ بنك إنجلترا في خفضها قبل بداية نصف العام المقبل، تزيد كلفة الاقتراض بالنسبة إلى الشركات، مما أدى بالفعل إلى تراجع الاستثمار في الربع الثالث من هذا العام، كذلك بدأت أسعار البيوت في الانخفاض لعدم قدرة المشترين على تحمل الفائدة على القروض العقارية، وهكذا تتحول الزيادة في الدخل نتيجة ارتفاع الأجور إلى مدخرات أكثر منها للإنفاق في الاقتصاد.

ويرى التقرير أن التأثير الكامل لأسعار الفائدة المرتفعة لم يظهر بعد في الاقتصاد، أي أن الضغط على النشاط الاقتصادي نحو الانكماش بالتالي الضغط النزولي على نمو الناتج المحلي الإجمالي يبقى مستمراً لفترة.