Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هذه الأفلام ليست أصيلة... لماذا لا يقر مخرجوها بذلك؟

 تأثر فيلمي إميرالد فينيل وتود هاينز الحديثين بغيرهما من الأفلام كان قوياً جداً إلى الحد الذي يمكن اعتبار تلك الأخيرة عنصراً مساعداً في الإخراج، لكن واقع صناعة الأفلام الحديثة هو أن معظمها يقتبس ويقتات من الإنتاجات القديمة.

روزاموند بايك في فيلم "سالتبيرن" للمخرجة إميرالد فينيل، وناتالي بورتمان في فيلم "مايو ديسمبر" للمخرج تود هاينز (وورنر بروس/ سكاي).

ملخص

عندما عرض فيلم هاينز لأول مرة في مهرجان كان السينمائي في شهر مايو (أيار) الماضي، كانت رؤى معظم النقاد مماثلة لرؤيتي: تصادم مضخم بين الفن الرفيع والثقافة الرديئة، عمل نفسي نخبوي متنكر في هيئة دراما شعبية مثيرة

صناعة الأفلام السينمائية هو الموضوع الذي يناقشه فيلم "مايو ديسمبر" May December للمخرج تود هاينز، الذي يقوم بتقديم دراما مفعمة بالحيوية حول صناعة فيلم السيرة الذاتية في هوليوود. تلعب ناتالي بورتمان دور إليزابيث، الممثلة التي تستعد لتجسيد شخصية غريسي (تؤديها جوليان مور)، الحسناء الجنوبية التي تعرضت لفضيحة. تريد إليزابيث أن تقدم قصة غريسي بشكل صحيح -أو على الأقل بطريقة مناسبة تماماً للعرض السينمائي، وهما أمران غير متشابهين تماماً. تقول بورتمان: "أشعر أنني أقترب من شيء حقيقي، شيء أصيل"، على الرغم من أن ثقة غريسي المتأملة أقل بكثير. الأداء هو شيء خيالي، وكل نص يشوه الحقائق. من الواضح أن هؤلاء المشاركين في الإبداع لا يتفقون على وجهة النظر عينها حقاً.

للمفارقة، وربما على نحو مناسب، أن جو التنافر الذي يسود في "مايو ديسمبر" قد تسرب إلى خارج الشاشة الكبيرة أيضاً. عندما عرض فيلم هاينز لأول مرة في مهرجان كان السينمائي في شهر مايو (أيار) الماضي، كانت رؤى معظم النقاد مماثلة لرؤيتي: تصادم مضخم بين الفن الرفيع والثقافة الرديئة، عمل نفسي نخبوي متنكر في هيئة دراما شعبية مثيرة. على كل حال، يختلف المخرج بشدة مع هذا التقييم. قال هاينز في مقابلة مع مجلة "فارايتي" الشهر الماضي: "التوصيف الذي جاءت به مراجعات مهرجان كان أشار إلى أن الفيلم مفرط في دراميته أو يقتبس من أفلام تلفزيونية شعبية، أو مسلسلات تلفزيونية... لا، لم يكن هذا شيئاً حاولت القيام به على الإطلاق". بدا مرتبكاً من حيرتنا وعدم فهمنا. تماماً مثلما أخطأت إليزابيث في قراءة غريسي، أخطأ النقاد في قراءة فيلمه اللعين.

لا يعتبر أي من الموقفين خطأً تماماً، إذ يرى المخرج فيلمه بطريقة، ويراه المشاهدون بطريقة أخرى. هذه هي متعة التبادل: سحر السينما، لكن هناك عوامل أخرى معقدة هنا أيضاً، لأن "مايو ديسمبر" ليس مجرد محادثة بين هاينز وجمهوره، إنه محادثة بين هاينز وجمهوره ومجموعة من الأنماط السينمائية المستوردة. يشير الفيلم إلى جدية السينما الفنية التي يتطرق إليها فيلم "بيرسونا" Persona للمخرج إنغمار بيرغمان (الصادر عام 1966). وفي الوقت نفسه يستمتع بالميلودراما العاطفية المشحونة في فيلم "الوسيط" The Go-Between (1971) لجوزيف لوسي بموضوعاته حول الجنس والطبقة الاجتماعية والفضيحة العائلية، لكنه يتأثر أيضاً (سواء عن قصد أم لا) بنوع أفلام السيرة الذاتية التلفزيونية المبتذلة التي تختزل الحياة الحقيقية في هيئة ترفيه جاهز. كل واحد من هذه المراجع يترك بصمة على الفيلم. التأثيرات قوية جداً فيه لدرجة أنها تصبح عملياً مشاركة في إخراجه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فيلم "مايو ديسمبر" هو واحد فقط من عديد من الأعمال التي تأخذ ملامحها من أفلام أخرى، وهو الأحدث في نوع سينمائي واسع جداً لدرجة أنه بالكاد يمكن اعتباره نوعاً فنياً بالأساس. يقول فيرنر هيرزوغ، المخرج الذي يتباهى بأنه لم يشاهد أي فيلم كامل حتى سن المراهقة، بالتالي دخل هذه الحرفة مثل عذراء طاهره: "أحب أن أعتقد أنني اخترعت السينما". أما بالنسبة للبقية، فقد كانوا موجودين أساساً، إنهم متسكعون. لقد نشأ مخرجو اليوم على السينما، وتعلموا من أعمال المخرجين العظماء، وتناولوا الترفيه الشعبي إلى الحد الذي أصبح فيه إنتاجهم -على نحو لا مفر منه، نتيجة لكل ما شاهدوه. قد نرفض احتمال توليد الذكاء الاصطناعي للأفكار بالاعتماد على البيانات- ونحن محقون في ذلك لأنه استغلالي وعشوائي، لكن في جوانب أخرى، هذه مجرد عملية إبداعية على نطاق أكثر صناعية. يقوم المخرجون بالتدقيق والنهل، والاقتراض، والاقتباس، والتكييف. وفي وضع مثالي، يقومون بعد ذلك بتحويل سلعهم المستعملة إلى عمل مستقل ناجح.

يقول سيلفادور دالي، إن الفنانين السيئين يقلدون والفنانين الجيدين يسرقون. كان من الممكن أن يضيف إلى ذلك أن الفنان الذكي حقاً يتحمل مسؤولية السرقة. على سبيل المثال، يستخدم "مايو ديسمبر" موسيقى البيانو التصويرية لميشيل ليغراند من فيلم "الوسيط" فقط لتكون عنصراً مناقضاً للأحداث، بحيث تنفجر مثل قنبلة عندما تفتح غريسي الثلاجة، أو تتجول إليزابيث على مهل عبر شارع مين ستريت. فيلم "سالتبيرن" Saltburn للمخرجة إميرالد فينيل الذي صدر بالتزامن مع "مايو ديسمبر"، تدور أحداثه حول قصة مغامرات أحد طلاب جامعة أكسفورد في منزل فخم. بالطبع هذا تكرار لمسلسل "إعادة النظر في برايدزهيد" Brideshead Revisited، باستثناء أن فينيل تستبق انتقادات النقاد من خلال جعل إحدى الشخصيات تذكر أن إيفلين وو (مؤلف رواية "زيارة برايدزهيد") كان ضيفاً يتردد على ذلك المنزل بانتظام. وهذا، بالمناسبة، هو تماماً التحرك الذكي من جانبها. تخبرنا فينيل أن "سالتبيرن" ليس مستوحى من "برايدزهيد"، ولو حدث أي شيء من هذا القبيل فإنه العكس.

يتوفر حالياً على منصة "نتفليكس" فيلم التشويق والانتقام "القاتل" The Killer للمخرج ديفيد فينشر، المكون في ثلثه من فيلم "نقطة الفراغ" Point Blank وفي ثلثيه الباقيين من فيلم "الساموراي" Le Samourai. شاهدت الفيلم أثناء عرض صحافي في سبتمبر (أيلول) ووجدته فارغاً ومبتذلاً إلى حد ما، ثم شاهدته مرة أخرى على شاشة التلفزيون خشية أن أكون قد أغفلت مغزاه. ليس "القاتل" عملاً أصلياً، ولا يطمح إلى هذا حتى. بدلاً من ذلك، إنه تكرار للأعمال القديمة وإشادة بها، شبيه بكاريوكي سينمائي حيث يردد الفيلم كلمات أعمال أخرى وتتكون الدراما من تغييرات طفيفة في الإيقاع والنغمات المتعثرة بشكل متعمد في بعض الأحيان. قد يبدو هذا النوع من الأفلام أفضل عند مشاهدته مرة ثانية، عندما تصبح ألفتها الضمنية ركيزة تعتز بها وليست عيباً. من المؤكد أن "القاتل" بدا أفضل كثيراً عند إعادة مشاهدته. وأنا الآن شبه متأكد من أن "مايو ديسمبر" سيكون أكثر إمتاعاً في المرة الثانية.

يعرض فيلما "مايو ديسمبر" و"سالتبيرن" في صالات السينما حالياً، وبإمكانكم مشاهدة فيلم "القاتل" عبر منصة "نتفليكس".

© The Independent

المزيد من سينما