Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب غزة تقلب أولويات الناخبين في مصر

الأمن والاستقرار والسيادة تتقدم على ملفات الاقتصاد والصحة والتعليم والحريات

ناخبة مصرية تدلي بصوتها في انتخابات الرئاسة 2018 (أ ف ب)

ملخص

خلال أسابيع قليلة تغيرت أولويات الناخب المصري فهل يهتم بملف الحريات أم الصحة أم التعليم أم أن حرب غزة هي التي تتحكم في قراره؟

تزامناً مع سريان الصمت الانتخابي الذي حددته الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، ومدته هي 48 ساعة فقط قبيل انطلاق عملية التصويت في سباق انتخابات الرئاسة المقررة من الـ10 إلى الـ12 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، يحاول الناخب المصري الخروج عن صمته والتعبير عن طموحاته في الرئيس المقبل، بالموازاة مع حال الصوم عن الدعاية بين المرشحين الأربعة وأنصارهم وفق ما يتطلبه القانون.

إذاً ماذا يريد الناخب المصري من مرشحه؟ وهل بالفعل يقرأ الجمهور العادي البرامج التي يطلقها المتنافسون ويتخذ قراره بناء عليها، أم أن ولاءه يكون لأيديولوجية السياسية، أم رؤيته لمن سيعطيه صوته لا تتحكم فيها سوى التفضيلات الشخصية؟

حلقات نقاشية كثيرة تدور داخل البيوت المصرية وعلى المقاهي وفي أماكن العمل ووسائل المواصلات العامة، وبالطبع عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول الحدث السياسي الداخلي الأبرز المتعلق بالسباق الرئاسي، إذ يفرض الحديث حول الانتخابات نفسه نظراً إلى أنه على مدار الأربعة أسابيع الماضية ومنذ انطلاق الحملات الدعائية للمرشحين لم تغب اللافتات الترويجية عن المشهد، وباتت الشوارع الرئيسة والجانبية مسرحاً للتأييد.

وعلى رغم أن المرشح عبدالفتاح السيسي يستحوذ على النصيب الأكبر من تلك الدعاية، إلا أن الزخم يبقى في الأسماء التي تقاسمه الترشح وهم رئيس حزب الوفد عبدالسند يمامة، ورئيس الحزب المصري الديمقراطي فريد زهران، ورئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر، فالحوار السياسي الشعبي هو الغالب حتى بين أولئك الذين لا ينوون من الأساس الإدلاء بصوتهم، ولكن بما إنه لا يمكن تجاهل تلك المناسبة فمن الطبيعي أن تستدعي حالاً من الجدل السياسي المعتاد بين عموم المصريين خصوصاً في ما يتعلق بالاقتصاد باعتباره أكبر الهموم، وأضيف لها هذه المرة توتر الوضع على الحدود بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المتاخم للأراضي المصرية.

التصويت للاستقرار

جرت العادة أن تسيطر المشكلات الاقتصادية والأزمات الداخلية أولاً على المناقشات المتعلقة بأي انتخابات في البلاد، سواء تلك كانت رئاسية أو خاصة بعضوية مجلس النواب، إذ يرغب الجمهور عادة في تحسين الخدمات التي تخص حياته اليومية وتلمس واقعه الذي يتعرض له بصفة مستمرة سواء في قطاعات الصحة أو التعليم أو الاقتصاد، أو حتى الأمن الداخلي المتعلق بالخدمات الشرطية.

ولكن بات من الواضح تماماً أن الأيام الـ60 الماضية كانت فارقة في أولويات الجماهير المصرية، واستفاق كثيرون على أن هناك ملفات أخرى يجب ضمانها أولاً، وهو ما تمثل في تظاهرات حاشدة خرجت في عموم البلاد تعلن تأييد الحق الفلسطيني وأيضاً ترفض أي خطط لتهجير سكان غزة إلى أرض سيناء وذلك نتاج شعور داهم بالقلق من أطماع إسرائيل الاستعمارية التي ذاق المصريون تداعياتها في نكسة 1967.

وعلى رغم حال الارتياح السائدة لسنوات منذ استرداد الأرض وهزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، إلا أن التوتر لا يزال قائماً وارتفعت وتيرته بالتطورات الأخيرة، فيما دعم الرئيس عبدالفتاح السيسي وكذلك السلطة التنفيذية المتمثلة في الحكومة بأجهزتها المختلفة تلك التحركات بين الجماهير التي عبرت بشكل حاسم عن الموقف الشعبي، من هنا لم يكن مفاجئاً أن تتصدر تلك الأزمة اهتمامات جانب كبير من الناخبين ومن لهم حق التصويت، بل وتصبح أولوية لدى قطاع غير هين منهم، وتحدد بشكل كبير وجهتهم في هذا السباق.

 

 

من بين هؤلاء المصريين كريم علاء المحاسب في شركة سياحة ذات طابع دولي ولديه طفلين (7 و13 سنة)، الذي قال إنه لم يكن يفكر في ملف الحدود بالمرة، لأنه على ثقة ويقين من استقرار الأوضاع وعلى رغم أنه "مثله مثل عموم المصريين يعرف أنه ينبغي دوماً الحذر من الإسرائيليين لأنهم يخرقون عهودهم، ولكنه للمرة الأولى يقرأ بشكل واضح خطط التهجير على رغم أنها معروفة منذ عقود طويلة وسبق وتحدث فيها رؤساء مصريون سابقون".

وأشار إلى أنه "متأكد تماماً من وطنية جميع المؤسسات المصرية المعنية، ولكنه يرى أنه طالما هناك جار لديه مطامع يجب طوال الوقت أن نرسل له رسالة قوية وتحذيرية". وأضاف "كل المشكلات لها حل ولكن العبث بالأمن والاستقرار يسبق كل أزمة وكل ملف مهما كان مؤثراً وحساساً، بالتالي فأنا مثل معظم الناخبين تغيرت أجند اهتماماتي وفقاً للتطورات السريعة في المنطقة فسيادة الوطن أولاً".

وأوضح أن تفكيره هذا يشترك معه فيه كثير من معارفه، وبالفعل بالحديث مع عديد من المواطنين بعضهم يعمل في مجالات مثل التدريس والصحة وأيضاً محال التجزئة بات ملحوظاً أن رؤيتهم للمشهد مشابهة تماماً وأن قرارهم الانتخابي تحدده مفاهيم مثل الأمان والاستقرار بشكل أساسي، إذ يريدون أن يشعروا أن هذه المعاني مسلم بها، ولا ينبغي القلق في شأنها أبداً.

حرب غزة والإقبال على التصويت

ترى أستاذ العلوم السياسية عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر الدكتورة نهى بكر أن ملف غزة يستحوذ بشكل ملحوظ على أولويات الناخب المصري، موضحة أن الحرب الروسية التي اندلعت قبل عامين على أوكرانيا أثرت بشكل واضح في أسعار القمح وهو منتج أساسي للمصريين وسببت أيضاً بعض القلق، ولكن الحرب على غزة لها خصوصية بسبب قرب الحدود والتاريخ المشترك، وأيضاً علاقات النسب بين المصريين والفلسطينيين، إضافة إلى ما تابعه المصريون على الشاشات من مناظر شديدة القسوة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت إن كل ما سبق جعل ملف الأمن والحدود يصبح رقم واحد بالنسبة إلى المواطن، وبالطبع العوامل الاقتصادية مهمة، ولكن لا شيء يتفوق على بند الاستقرار وبالتالي فإن هذا الأمر سيزيد من الإقبال على العملية الانتخابية.

وتابعت "إذا لم تحدث أزمة غزة فكان معدل المشاركة في انتخابات الرئاسة سيصبح أقل بكثير، ولكن من المتوقع أن تزيد النسبة، فهناك تمسك بالبحث عن مرشح يعطي الأمن والاستقرار ويكون له كلمة في المجتمع الدولي حتى تتم المحافظة على سيادة الدولة وأمنها الإقليمي".

بالنظر إلى ملامح البرنامج الانتخابي للمرشح عبدالفتاح السيسي الذي في حال فوزه سيضمن المكوث في المنصب لمدة ست سنوات إضافية بخلاف السنوات الـ10 الماضية، فهي تقوم داخلياً بشكل أساسي على محاور مثل مكافحة الفساد والتعددية السياسية وتحسين منظومة حقوق الإنسان وتمكين النساء والشباب والبعد عن المركزية، ولكن كان لحملته الرئاسية تركيز كبير أيضاً على الملف الأمني الداخلي والخارجي.

وتحدث رئيس الحملة الانتخابية للسيسي المستشار محمود فوزي، في لقاءات تلفزيونية عدة عن السياسة الخارجية كمحور قوة أساسية مستشهداً بـ10 سنوات من الدبلوماسية المصرية كان فيها السيسي على رأس الدولة، إذ كانت الأولية دوماً لسيادة البلاد واتباع مبدأ حسن الجوار والسعي نحو السلام وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وأيضاً عدم القبول بالتدخل في شأن مصر.

 

 

ولفت فوزي إلى أن "التطورات في غزة أخيراً كانت شاهداً على الحكمة في إدارة القضية الفلسطينية"، فكانت التصريحات المصرية واضحة في شأن الرفض التام لتصفية القضية خصوصاً على حساب بلاده.

من يحقق الأمان الاقتصادي؟

في حين يشير خالد غريب (32 سنة) الذي يمتلك شركة تسويق إلكتروني إلى أنه شعر بالقلق بالفعل بعد تواتر الأنباء عن خطة التهجير التي تتحدث عنها وسائل الإعلام، لافتاً إلى أنه يعلم أنها قد تكون ذريعة إسرائيلية لمواجهات عسكرية محتملة، أو سبباً لتحقيق أطماعها المعروفة، إلا أنه في الوقت نفسه يبحث عن الأمان الاقتصادي جنباً إلى جنب مع الأمان العسكري الذي يرى أن البلاد على أتم الاستعداد للمحافظة عليه.

ويقصد غريب بالأمان الاقتصادي هو مستقبل شركته التي أسسها قبل خمس سنوات، لافتاً إلى أنه حقق في وقت قصير نجاحاً ووفر عديداً من الوظائف وانتقل بمستوى المؤسسة التي أنشأها مع ثلاثة من زملائه إلى نقطة أكثر تقدماً، ولكنه على مدار العام الماضي بات يتشكك في إمكان استمراريته في المجال، على رغم أن لديه عشرات العملاء وحقق سمعة طيبة وموثوقية، وطالب المرشح الذي سيفوز بالانتخابات أن يدرك جيداً أن "وقف الحال" هو قنبلة موقوتة.

ويشرح خالد غريب الذي أجل حفلة زفافه أكثر من مرة بسبب عدم استقرار وضعه المالي خلال العام الأخير وجهة نظره بصورة أكثر توسعاً، "أبسط الأمور التي أوقفت جانب كبير من أعمالنا، هي وضع حد أقصى للتعامل الدولاري شهرياً فبعد أن وفقنا أوضاعنا فوجئنا قبل شهرين بإيقاف التعامل الدولاري تماماً عبر بطاقات السحب المباشر، ونظراً إلى أننا ملتزمون بدفع مبالغ مالية كبيرة شهرياً لتمويل حلات إعلانية عبر المنصات المختلفة أصبحنا في ورطة حقيقية".

وقال "وفي حين أن التعامل لا يزال متاحاً عبر البطاقات الائتمانية إلا أنه حل غير عملي نظراً لأن هناك سقفاً للمبالغ أيضاً، ويحتاج إلى عدد كبير للغاية من البطاقات لتغطية المدفوعات بالتالي فليس هناك بديل، ولا نعرف متى سيكون الحل، هل سيكون بداية العام أم سيتسمر الوضع المتأزم، وحتى الآن أرفض اللجوء للتصرف الذي قام به المحيطون به بأن نقلوا تأسيس شركاتهم إلى دول أخرى للهرب من هذا القيد، فلدي أمل في تحسن الأوضاع".

 

 

ما يقوله المسوق خالد غريب، سببه الأزمة التي تعانيها البلاد وتحدث في شأنها مسؤولون كثر، وهي تتعلق بتوافر الدولار الأميركي إذ اتخذ البنك المركزي قراراً بإيقاف السحب الدولاري من الخارج واقتصار الدفع الدولاري عبر الإنترنت على خدمات قليلة للغاية بينها التعليم والعلاج، لسوء استخدام بطاقات الخصم والائتمان وسحب مبالغ ضخمة منها، مما أثر بدوره في احتياط البنوك من العملة الأجنبية.

وعلى مدى ما يقرب من عامين يواجه المصريون أزمات اقتصادية طاحنة بسبب تعويم الجنيه المصري، ووصل سعر صرف الدولار الأميركي الواحد إلى نحو 31 جنيهاً مصرياً في السوق الرسمية بينما يتخطى هذا الرقم ليصل إلى نحو 50 جنيهاً في السوق الموازية، مما استدعى حزمة من الإجراءات لتقنين سحب العملات الأجنبية بشكل عام، وفي حين أن معظم السلع والخدمات مرتبطة بسعر الدولار سواء في ما يتعلق باستيراد المواد الخام أو المنتجات نفسها، فإن هذا الأمر أثر بشكل مباشر وسريع في أسعار معظم المعروضات وتزايدت الأعباء الاقتصادية على الأسر التي وجدت أن مشترياتها الأساسية تضاعف سعرها خلال وقت قياسي.

يأتي هذا في الوقت الذي لا يتجاوز فيه الحد الأدنى للأجور في مصر 3500 جنيه "أي أقل من 115 دولاراً شهرياً"، في حين وصل معدل التضخم الأساسي وفقاً لبيانات البنك المركزي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى 38 في المئة، على خلفية تعدد مرات الاستدانة من صندوق النقد الدولي والالتزام بشروطه التي ربما يجدها بعضهم تسهم في مزيد من التضييق على المواطن.

البحث عن الأمل

في الوقت نفسه تعتقد منار عبدالله الأم لثلاثة أطفال أحدهم من ذوي الحاجات الخاصة، أن كل ما يهمها هي ودائرة معارفها هو تحسن الأوضاع الاقتصادية، مشيرة إلى أن حالها المادية متوسطة، وعلى رغم اهتمامها بجوانب سياسية كثيرة ومتابعتها ما يجري في العالم لكنها على يقين من قدرة الجيش المصري على التصرف بحكمة وحسم إزاء أي تهديد مهما كان هامشياً، بالتالي فهي تصب كل تركيزها في البحث عن مخرج للأزمة المادية التي باتت تلاحقها وتتمنى أن يصل صوتها إلى حملات المرشحين.

وأوضحت أنها ستدلي بصوتها بالطبع وتعرف لمن ستعطيه وحسمت أمرها، لكنها تجد أن التعاون بين المرشحين بخاصة في الاستفادة من النقاط الجيدة في برامجهم المتعلقة بالخدمات الاقتصادية أمر من شأنه أن يشعر المواطن ببعض الأمل.

وتابعت الموظفة في أحد المصالح الحكومية الخدمية، "استفدت وعائلتي كثيراً من برامج دعم أصحاب الهمم والتقدم في هذا الملف ملموس بالفعل، كما أن العائلة تتمتع بكثير من خدمات الصحة المدعمة سواء في ما يخص التأمين الصحي المدرسي أو المستشفيات والمراكز الصحية التي تم تطويرها في السنوات الأخيرة، ولكن الضغوط الاقتصادية لا تزال كبيرة بالتالي يأمل الجميع بأن تحدث انفراجة مع العام الجديد".

أستاذ الاقتصاد وإدارة الأعمال بالجامعة الأميركية بالقاهرة أيمن غنيم يرى أن تشجيع الاستثمار والقضاء على البطالة لا يزلان على رأس أولويات الناخب المصري، لافتاً إلى أن أبرز ما يفكر به المواطنون هو الملف الاقتصادي، وينتظر من الفائز في الانتخابات الرئاسية المقبلة أن يتخذ إجراءات جدية لتشجيع الاستثمار من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والقضاء على البطالة، التي انخفضت من 12.5٪؜ في 2016 إلى سبعة في المئة في الربع الثاني من 2023.

وأوضح غنيم أن الرئيس القادم عليه أن يبني على ما أنجز من بنية تحتية في السنوات التسع الماضية، من أجل زيادة القاعدة الإنتاجية، لسد حاجات السوق المحلية من الإنتاج المحلي بدلاً من الاستيراد والانطلاق نحو التصدير، خصوصاً مع دول مجموعة (بريكس) التي تنضم مصر لها رسمياً في أول 2024.

 

 

كانت المساحات مفتوحة على السواء عبر المحطات الفضائية ووسائل الإعلام الرسمية للمرشحين الأربعة، وظهروا وممثليهم في مناظرات على الملأ، وتبارى مثلاً رؤساء الأحزاب الثلاثة المرشحون على منصب الرئيس في استعراض برامجهم الانتخابية من خلال ظهورهم التلفزيوني المتعدد.

وتمسك المرشح الرئاسي عبدالسند يمامة بأنه يرتكز في برنامجه على ملف التعليم باعتباره أساس بناء كل مجتمع، منوهاً إلى بند آخر دوماً كان مثار جدل بين المعارضة المصرية يتعلق بمدة الحبس الاحتياطي. وأشار إلى أنه يرغب في تفعيل نصوص القانون في هذا الشأن، كما سيعمل على بناء الاقتصاد في ظل تدني قيمة الجنيه المصري.

كذلك كان التعليم والصحة والتنمية المستدامة والاستثمار من أهم أولويات برنامج المرشح فريد زهران، ولم تختلف التفاصيل كثيراً في برنامج المرشح حازم عمر، وإن كان تحدث بشكل مفصل أيضاً عن اهتمامه بملف المجالس المحلية، وهو أيضاً ملف يتمتع باهتمام كبير والمراقبون يرون أنه تعطل خلال السنوات الماضية مما أثر سلباً في خطط التنمية والتقدم.

مؤتمرات المرشحين

لكن هل المؤتمرات الترويجية والحديث المتوالي عن خطط تحسين الأوضاع والوعود المتعلقة بتطوير مؤسسات الصحة والتعليم ستكون مؤثرة في جميع الفئات بخاصة أن بعض الكلمات والبنود تبدو فضفاضة ومتشابهة ومكررة وسمعها الناخبون على مدار عقود عدة وكثير منها لم يتحقق على أرض الواقع؟

يرى مصمم الجرافيك مهدي عطية أنه لم يعد يتذكر آخر مرة أدلى فيها بصوته إذ ربما تكون في الاستفتاء على الدستور المصري عام 2014، مؤكداً أنه لم يعد يجد شيئاً يحركه للقيام بتك المهمة مرة أخرى.

وتابع "لم أكن في يوم من الأيام (حزب الكنبة) – تعبير عن الأغلبية الصامتة - بل على العكس كنت شخصية حماسية ومشاركة بشكل فعال في كثير من الأنشطة العامة، ولكن لا أعرف ما الذي تغير ربما الروتين، ربما تقلبات الحياة، ربما أصبحت شخصاً مصاب باللامبالاة"، لكنه سعيد بعاداته الجديدة التي اكتسبها.

وقال الشاب الثلاثيني الذي يعمل وزوجته لساعات طويلة كي يتمكنا من دفع أقساط مدرسة طفلهما الوحيد الخاصة، "كل ما أتمناه أن تصبح المدارس المصرية الحكومية ذات مستوى أفضل، وأن تقل كثافة الفصول، وأن تكون هناك رقابة على قيمة المصروفات الدراسية للمدارس الخاصة التي ترتفع سنوياً بلا رابط، لدرجة أنها باتت تلتهم أكثر من نصف راتبي أن وزوجتي في العام، ومع ذلك فأنا مضطر أن أؤمن مستقبل ابني بمستوى تعليم جيد وليس لدي خيارات أخرى".

ومضى في حديثه، "كما أنه ليس عيباً أن يستعين المرشح الفائز بالنقاط الجيدة من برامج باقي المرشحين لا سيما في ملف حيوي مثل التعليم"، مضيفاً أنه كان في وقت سابق يهتم بشكل أساس بملف الحريات وحقوق الإنسان ولكن كل شيء تغير بالنسبة إليه بعد أن أصبح أباً.

ويطلق حزب الكنبة في مصر على الفئة التي لا تفضل المشاركة الإيجابية والفعالية في الأحداث السياسية وتفضل المشاهدة ومتابعة ما يجري عن بعد، أي وهم جالسون على المقاعد أمام التلفزيون، وهي غير مرتبطة بأي مستوى اقتصادي أو اجتماعي، فأعضاء هذا الحزب الافتراضي الذي ظهر بقوة إبان ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، ينتمون لجميع الطبقات.

ولم يختلف الوضع كثيراً مع سالم عباس وهو عامل كهرباء يحصل على أجره باليومية، فيقول إنه سيكون لديه عمل خلال فترة الانتخابات، إذ يجهز إحدى الشقق في مجمع سكني بعيد من مقر لجنته الانتخابية، وهو يعود لمنزله لينام بضع ساعات فقط ثم يستيقظ باكراً ليكمل مهماته، ولكنه أيضاً يعتقد إنه حتى لو كان لديه وقت فهو اعتاد على عدم المشاركة، والوقوف في طوابير من أجل التصويت. وأنهى كلامه سريعاً، بقوله "اللي يفوز يفوز المهم يتقي ربنا فينا ونلاقي نأكل العيال".

الكلمات المقتضبة المعبرة عن أمنيات العامل البسيطة، توافق عليها عديد من المحللين الاقتصاديين والسياسيين، وبينهم الدكتورة نهى بكر التي تقول إن الهموم الاقتصادية تحجز أيضاً مركزاً متقدماً في أولويات المواطن المصري، بسبب ارتفاع الأسعار وما تمثله من ضغوط على سير حياته اليومية.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات