Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسؤولة أممية: العالم يستهلك موارد طبيعية تفوق قدرة الأرض

ألانا كريغن: إعادة التدوير للمواد المستخدمة في الاقتصاد الدولي لا تتجاوز 7.2 في المئة ونحتاج 3 كواكب لتلبية الطلب بحلول 2050

قالت ألانا كريغن مسؤولة الاقتصاد الدائري في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي"UNDP"، إن العالم يستهلك كميات أكبر من الموارد الطبيعية المتاحة في الأرض حالياً، وحذرت من أنه في ظل استمرار الاتجاهات الحالية، فسيكون العالم في حاجة إلى ثلاثة كواكب أخرى إلى جانب كوكب الأرض لتلبية الطلب بحلول عام 2050.

تحذير كريغن جاء خلال حوار خاص إلى "اندبندنت عربية"، على هامش مشاركتها في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "كوب 28" في دبي.

وأشارت كريغن إلى أن إعادة التدوير للمواد بجميع أشكالها وأنواعها لا تتجاوز نحو 7.2 في المئة في الاقتصاد العالمي، موضحة أن "ثلث الغذاء المخصص للاستهلاك البشري، الذي يشمل جميع الطاقة والأراضي والمياه والعمالة والموارد المستخدمة في إنتاجه، إما أن يفقد أو يهدر". 

ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن خفض هدر الغذاء قد يوفر نحو 1.3 تريليون دولار سنوياً، وهو ما يكفي لإطعام ملياري شخص يعانون الجوع وسوء التغذية.

وبحسب الهيئة الدولية للموارد الطبيعية التابعة للأمم المتحدة، يتسبب استخراج الموارد ومعالجتها في جميع أنحاء العالم، في فقدان 90 في المئة من التنوع البيولوجي وما يقارب من نصف تأثيرات تغير المناخ.

إمكانات ضخمة للاستثمار في الاقتصاد الدائري

وأشارت كريغن إلى الإمكانات الاستثمارية الضخمة في الاقتصاد الدائري، إذ تعتبر أن المستقبل للاقتصاد الدائري، لافتة إلى أهمية الحد من نقص الغذاء وهدره في العالم، خصوصاً بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تعد مستورداً كبيراً للغذاء، قائلة إن "الاقتصاد الدائري قادر على مساعدة دول عدة بالمنطقة في تعزيز الأمن الغذائي الذي يتصدر أجنداتها".

يشار إلى أن الاقتصاد الدائري هو نظام اقتصادي يهدف إلى القضاء على الهدر والاستخدام المستمر للموارد، وتستخدم الأنظمة الدائرية إعادة الاستخدام والمشاركة والإصلاح والتجديد وإعادة التصنيع وإعادة التدوير لإنشاء حلقة مغلقة، مما يقلل استخدام مدخلات الموارد إلى الحد الأدنى ويخفض انبعاثات النفايات والتلوث وانبعاثات الكربون.

العالم وتجاوز حدود الاستهلاك والنفايات

حول أن العالم قد تجاوز اليوم حدود الاستهلاك ومراكمة النفايات، قالت كريغن "أصبح من المسلم به على نطاق واسع أن أنماط الاستهلاك والإنتاج غير المستدامة لدينا هي التي تقود الأزمة الكوكبية الثلاثية المتمثلة في أزمة تغير المناخ، وأزمة فقدان التنوع البيولوجي، والتلوث والنفايات"، مشيرة إلى أن "النظام الاقتصادي القائم اليوم في العالم يعتمد على النموذج الخطي وليس الدائري".

ودعت إلى ضرورة وجود فهم عميق للتحديات التي تواجه العالم في ما يتعلق بالاستهلاك والاستدامة، قائلة إن "الاقتصاد الدائري يشكل إطاراً مهماً للتحول من نظام يعتمد بصورة رئيسة على الاستهلاك والتخلص من النفايات إلى نظام يعتمد على إعادة تدوير الموارد وتحسين كفاءة استخدامها من ثم خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق الاستدامة على المدى البعيد".

وتحدثت كريغن عن أهمية تحسين تصميم المنتجات وعمليات الصناعة لتحقيق استدامة أكبر للموارد، موضحة أنه "من خلال هذا التحسين، يمكن تحسين كفاءة استهلاك الموارد والحفاظ عليها لأطول فترة ممكنة، مما يعزز قيمتها الاقتصادية". وأشارت إلى أهمية فهم دورة حياة الموارد والسلع بصورة كاملة، بما في ذلك حماية الأنظمة الطبيعية وتجديدها.

وحثت على ضرورة التصدي للأزمة الكوكبية الثلاثية التي تشمل جوانب متعددة للحفاظ على صحة الكوكب واستدامة الموارد.

نظام اقتصادي قائم منذ آلاف السنين

وقالت كريغن ما أجده مثيراً حقاً، هو أن مفهوم الاقتصاد الدائري ليس جديداً فقد كان موجوداً في ممارسات الحياة اليومية للشعوب الأصلية، مما يعكس فهماً عميقاً للتقاليد والحكمة التي تعود إلى القرون السابقة، إذ كانت الشعوب الأصلية تعتمد بصورة رئيسة على استدامة الموارد وفهم دورة الحياة الطبيعية.

وأضافت أن "ممارسات الاقتصاد الدائري في تلك الأوقات كانت تعكس احتراماً عميقاً للبيئة وفهماً واعياً لأثر الإنسان على الطبيعة، ويمكننا حقاً الاستفادة من تلك الخبرات وتطبيق مفاهيم الاقتصاد الدائري في العصر الحديث".

وترى كريغن أن التوجه نحو استدامة الموارد وتحقيق توازن بين حاجات المجتمع وحماية البيئة هو تحدٍ يمكن أن يستمد من الحكمة القديمة".

أكبر خفض في نصيب الفرد

ويحث برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على ضرورة إجراء تغييرات جوهرية على نماذجنا الاقتصادية إذا أردنا المضي قدماً بصورة أفضل من خلال التعافي الأخضر الشامل وتسريع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وإلى جانب تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والتلوث، فإننا نواجه تحديات مرتبطة بصورة لا تنفصم المتمثلة في اتساع فجوة التفاوت والفقر المتعدد الأبعاد، والركود الاقتصادي والديون، والصراع، والاستقطاب السياسي، والهشاشة، وكلها تفاقمت بفعل تأثير الوباء، إذ أدى "كوفيد-19" إلى أول تراجع في التنمية البشرية العالمية منذ 30 عاماً.

ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن الفقر المدقع آخذ في الارتفاع للمرة الأولى منذ جيل كامل، وشهدنا واحدة من أكبر الانكماشات في نمو نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي العالمي في السنوات الـ100 الماضية، من ثم لم يعد من الممكن كما يقول البرنامج أن يكون هناك أجندة منفصلة للنمو والتنمية وأجندة موازية للمناخ والبيئة، فيجب أن تكون المخاوف المتعلقة بالطبيعة والمناخ في قلب جميع قرارات التخطيط الاقتصادي والاستثمار.

الأسمنت والصلب والبلاستيك والألمنيوم

وتعكس الدراسات التي أشارت إليها كروغن إلى أهمية تبني استراتيجيات الاقتصاد الدائري في أربع صناعات رئيسة وهم الأسمنت، والصلب، والبلاستيك، والألمنيوم، قائلة إن "التركيز على الاستخدام الفعال والدائري للموارد في هذه الصناعات يمكن أن يسهم بصورة كبيرة في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة تصل إلى 40 في المئة بحلول عام 2050"، مشيرة إلى زيادة كبيرة في استهلاك المواد على مستوى العالم في العقدين الماضيين، بعدما ارتفع الاستهلاك بأكثر من 65 في المئة، مما يبرز أهمية التحول نحو نماذج استهلاك وإنتاج أكثر استدامة، إذ يلعب الاقتصاد الدائري دوراً حيوياً في تحقيق هذا التحول والحد من التأثير البيئي السلبي، على حد قولها.

تحول الدول للاقتصاد الدائري

وبسؤال كريغن عن تحول الدول للاقتصاد الدائري، وما يمكن أن يحققه لها من فوائد، أجابت "يمكننا أن نرى أن هناك اتجاهاً عالمياً نحو فهم الاقتصاد الدائري كأداة شاملة لإدارة الموارد والتحول نحو نظام أكثر استدامة"، مضيفة "إذا كانت البلدان قادرة على النظر إلى مفهوم الاقتصاد الدائري بصورة أوسع، يمكن أن يسهم ذلك في تقليل الضغط على الموارد الطبيعية، وتحسين كفاءة استخدام المواد، وتحقيق انبعاثات كربونية أقل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحدثت كريغن عن الدور المهم الذي يلعبه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في دعم البلدان لتحديد دوائرها الاقتصادية وفهم قيمتها، موضحة أن "مبادرات البرنامج تسهم بصورة كبيرة في تعزيز الوعي بأهمية الاقتصاد الدائري وتشجيع مزيد من الجهات الفاعلة، سواء كانت شركات أو حكومات أو مجتمعات، على اتخاذ خطوات نحو تبني هذا النموذج الذي يعزز الاستدامة".

وتابعت أنه من خلال دعم البلدان في تحديد دوائرها الاقتصادية، يمكن تحقيق الاقتصاد الدائري على نطاق واسع، ويمكن أن يكون له تأثير إيجابي في المحافظة على الموارد وتقليل التأثير البيئي، موضحة أن "التوجه الحالي في دول العالم نحو الاقتصاد الدائري لا يقتصر على حل مشكلة إدارة النفايات فحسب، بل يتجاوز ذلك بكثير".

وأشارت إلى أن إعادة التدوير وإعادة الاستخدام والتقليل من الاستهلاك هي عناصر أساسية في الاقتصاد الدائري، وعند التفكير في أبعد من ذلك، يمكننا النظر على سبيل المثال لا الحصر إلى تصميم المباني، والموارد المستخدمة في بنائها، والسلع والمنتجات الإلكترونية المستخدمة، إذ يكون لدينا تأثير أكبر ليس فحسب من حيث كمية المواد المستخدمة ولكن أيضاً في انبعاثات الغازات الدفيئة. ولفتت إلى أهمية خلق وظائف جديدة من خلال تعزيز مهارات الأفراد في قطاعات إعادة التدوير، مشيرة إلى وجود إمكانات هائلة للتطوير في هذا السياق.

الاقتصاد الدائري وفرص العمل

يقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن الاقتصاد الدائري ونهج الاقتصاد الأخضر والأزرق المرتبطين ارتباطاً وثيقاً، يساعد على تحفيز هذا التحول مع ضمان انتقال عادل وشامل يأخذ في الاعتبار المقايضات على مستوى الاقتصاد والاستثمارات ذات الأولوية لمختلف الفئات والقطاعات الاجتماعية مع مرور الوقت، وخصوصاً المجموعات في السياقات المهمشة والضعيفة.

وفي عام 2022، كان أكثر من 70 دولة تطبق بالفعل سياسات مختلفة للاقتصاد الدائري/ الأخضر/ الأزرق عبر دورة حياة قطاعاتها الإنتاجية بما في ذلك استخراج الموارد، أنظمة الغذاء والسلع، إنتاج الطاقة، المباني والتشييد، النقل والسياحة، المحيطات ومصايد الأسماك، الصحة، الشراء، وإدارة المواد الكيماوية والنفايات.

وأشار البرنامج إلى أنه في حال توسيع نطاق ذلك، فقد يؤدي ذلك إلى خفض بنسبة 25 في المئة في استخدام الموارد العالمية، مع خفض بنسبة 90 في المئة في انبعاثات الغازات الدفيئة.

ومن الممكن أيضاً أن ينمو معدل التوظيف بنسبة 0.1 في المئة بحلول عام 2030، مما سيوِّلد عشرات الملايين من فرص العمل الجديدة للنساء والرجال.

المزيد من حوارات