Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طريق العام الدراسي في السودان "مليء بالأشواك"

تقارير الـ"يونيسف" تتحدث عن 19 مليون طفل لا يزالون خارج أسوار المدارس

العام الدراسي بدأ بالفعل في الموعد المحدد له بالسودان لكن بعض المشكلات قد تؤجله (حسن حامد)

ملخص

تقارير أممية تحذر من عدم قدرة طلاب السودان الالتحاق بمدارسهم بسبب الحرب الدائرة

ألقت حرب الخرطوم التي اندلعت في منتصف أبريل (نيسان) الماضي بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، بظلالها السلبية على مسيرة التعليم في السودان بخاصة الحكومي، مما أدى إلى نزوح طلاب المراحل الدراسية المختلفة بعيداً نحو الولايات الآمنة التي لم تتأثر بالحرب، إضافة إلى نزوح خارجي للالتحاق بالمدارس والجامعات التي فتحت أبوابها بدول الجوار وتحديداً مصر.

وعلى رغم أن العام الدراسي بدأ في الموعد المحدد له فإن هناك عديداً من المشكلات والتحديات التي من شأنها تأجيل الدراسة ومن أبرزها أن نحو 19 مليون طفل في البلاد أي واحد من ثلاثة أطفال لا يزالون خارج أسوار المدرسة، بحسب تقارير منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة الـ"يونيسف".

كما تعتبر المنظمة الفقر أهم المعضلات التي تنذر بحدوث كارثة كبيرة، فضلاً عن المعلم الذي تم إيقاف راتبه لأشهر عدة، مما أدى إلى إضرابات متواصلة أدخلت التعليم في أزمة وأصبح يعاني نقصاً حاداً في المعلمين خصوصاً معلمي مادتي اللغة الإنجليزية والرياضيات.

إلى جانب تراكم الدفعات وتحديداً شهادتي الأساس والثانوي بسبب جائحة كورونا والخروقات التي صاحبت طباعة المقرر، مما اضطر القائمين على التعليم إلى حذف نصفه، فضلاً عن البنيات التحتية للمدارس التي باتت متهالكة ولا تصلح لاستقبال الطلاب، بعد أن تحول معظم المدارس إلى دور إيواء للفارين من الحرب وأن معظمها تهدم جراء الفيضانات والسيول التي اجتاحت البلاد خلال فصل الخريف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كل هذه العوامل مجتمعة أثرت في قطاع التعليم في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها السودان، مما يؤكد أن استمرار الدراسة أمر صعب، وربما الإيقاف إذا لم تنتبه الدولة المتمثلة في وزارة التربية والتعليم لهذه المعوقات والعمل على حلحلتها بصورة جذرية.

نقص المعلمين

المعلم عثمان أبوبكر إدريس قال إن "مدارس التعليم العام في السودان تعاني نقصاً في المعلمين خصوصاً مادتي اللغة الإنجليزية والرياضيات بسبب هجرة الكوادر نحو المدارس الخاصة التي فتحت أبوابها بدول أخرى لظروف الحرب التي أدت لنزوح كثيف داخلياً وخارجياً بحثاً عن الأمان، فضلاً عن أن العام الدراسي ربما يؤجل لمواجهته كثيراً من التحديات والمشكلات، خصوصاً المعلم وعدم توفيق أوضاعه في ما يتعلق بالراتب الشهري".

وأضاف إدريس، "بسبب اتساع رقعة الإضرابات التي أعاقت الدراسة وعدم إكمال المدارس نصف المقرر، بينما أكمل التعليم الخاص المنهج قبل اندلاع الحرب، دفع ذلك طلاب التعليم الحكومي للجوء إلى المعسكرات الخاصة حتى يتمكنوا من تغطية المقرر بالصورة التي تقودهم إلى النجاح".

وتابع "يحاول المسؤولون في الدولة التغاضي عن هذه المعوقات التي كان لها الأثر البالغ في تأخر افتتاح العام الدراسي، فضلاً عن عدم الاهتمام بصيانة المدارس التي أصبحت معسكرات للنازحين الفارين من معارك الخرطوم وعدم إيجاد حلول بديلة لترحيلهم لمواقع بديلة، إضافة إلى المقاعد الدراسية والكتاب المدرسي التي ظلت على ما هي عليه من انتهاكات أضعفت بدورها التحصيل الأكاديمي للطلاب".

 

 

ولفت إدريس إلى أن "هناك مدارس استمرت شهراً من بدء الدراسة في ولايات تعاني صراعات داخلية، وأخرى فشلت في فتح مدارسها لعدم توفيق أوضاعها بسبب العجز في التمويل".

وذكر أن استمرار الدراسة على هذا الوضع يعد صعباً لظروف فرضتها الحرب في وقت انقسم فيه الطلاب إلى مجموعتين، منهم داخل الفصول وهي الفئة التي تعاني تدهوراً في التحصيل وأخرى خارج مقاعد الدراسة بسبب الفقر أو النزوح أو البحث عن وضع أفضل.

تسريب مدرسي

من جانبها اعتبرت المواطنة ميرفت عبدالله التي تقيم في مدينة دنقلا شمال السودان أن "البلاد تعيش أوضاعاً مأسوية وواقعاً غير طبيعي"، موضحة أن فتح المدارس واستمرارها في الوضع الراهن محال بسبب ما تعانيه الأسر من تشرد وعدم استقرار في الولايات التي نزح إليها المواطنون ومدى معاناتهم في عدم توفيق أوضاعهم الاقتصادية، بخاصة أن أولياء الأمور العاملين في الدولة لم تصرف رواتبهم، مما فاقم من أوضاعهم المعيشية من ثم عدم مقدرتهم على إيجاد فرص عمل جديدة تعينهم على توفير المتطلبات الأساسية، والهم الأكبر لدينا الآن، هو انتشار الوبائيات التي تعتبر مهدداً خطراً، بخاصة وسط فئة الأطفال.

وأردفت "تجهيز الطلاب للدراسة يحتاج إلى مبالغ كبيرة لشراء مستلزماتها من أحذية وحقائب ودفاتر وكتب، إضافة إلى وجبة الإفطار في ظل ارتفاع الأسعار مما يسهم في زيادة التسرب المدرسي"، مشيرة إلى أن أسرتها تحاول جاهدة توفيق أوضاعها والاتجاه إلى مصر التي انتظمت مدارسها لإكمال المشوار التعليمي لأبنائها وهذا هو الخيار الأفضل بعد تقدير الواقع، بخاصة أن الحرب لن تنتهي قريباً مع تصاعد الاشتباكات وتدمير اقتصاد السودان.

عدم مبالاة

أما المسؤولون في وزارة التربية والتعليم والمتخصصون بحل كل المشكلات التي تواجه التعليم في البلاد منذ اندلاع الحرب فيلزمون الصمت وعدم الإفصاح عن ما آلت إليه الأوضاع من سوء صاحب افتتاح العام الدراسي وإمكانية وجود حلول لاستقرار الدراسة.

 

 

وانصرف هؤلاء المسؤولون عن أهم قضية تهدد مستقبل أجيال السودان بحجة انشغالهم بقضايا أخرى كالملتقى التنسيقي لحكام وولاة الولايات والوزراء، الذي استضافته ولاية القضارف، أخيراً، غير مبالين بما تعانيه نحو 70 في المئة من المدارس الحكومية من تردي بيئاتها.

إصرار متعمد

في السياق، قال المتحدث باسم لجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر في تصريحات صحافية، إن "المعلم والتعليم في السودان يتعرضان لظلم منذ أمد بعيد، يقابله تمييز غير محدود ومتعمد لصالح قطاعات أخرى، وإن هذه القطاعات أصبحت صاحبة مصلحة في استمرار هذا الوضع على رغم التشوهات التي قضت على التعليم في البلاد".

وأضاف الباقر "من خلال عملي بالتدريس واجهتنا كثير من المصاعب، كنا نعمل على تذليلها على حساب أوضاعنا الخاصة، لكن في ظل الوضع الاقتصادي المتهالك بالسودان أصبحنا غير قادرين على التحمل، وعند المطالبة بأبسط الحقوق وجهنا بظلم وتعسف واعتقالات حتى بعد اندلاع الحرب".

وأنهى حديثه بالتأكيد أن "وزارتي التربية والتعليم والمالية غير آبهتين بوضع المعلم، ولا أدري مدى الإصرار على استمرار الدراسة رغم العقبات والظروف التي تحيط بالعملية التعليمية والرفض الذي قابل انطلاق العام الدراسي من شركاء العملية التربوية في البلاد".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير