Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تقبل المجتمع الدولي المعارضة العراقية عام 1993؟

غزو الكويت كان فرصة ذهبية لـ"المؤتمر الوطني العراقي" لكن المواقف الإقليمية تباينت خصوصاً في دول مجلس التعاون الخليجي

أسرى حرب كويتيون سابقون بجانب تمثال لصدام حسين معروض في متحف بيت الكويت للأشغال الوطنية (أ ف ب)

ملخص

غزو الكويت كان فرصة ذهبية لـ"المؤتمر الوطني العراقي" لكن المواقف الإقليمية تباينت خصوصاً في دول مجلس التعاون الخليجي

بعد الإطاحة بالنظام الملكي في العراق عام 1958 وحتى 1968، توالت الانقلابات الدموية في البلاد حتى وصل حزب البعث العربي الاشتراكي، فرع العراق، وأحكم قبضته على السلطة. وطوال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي حاولت المعارضة العراقية كسب دعم الدول الإقليمية، لا سيما دول مجلس التعاون في الخليج العربي من أجل الإطاحة بالنظام، لكنها وبسبب توجهها اليساري والإسلامي والبعثي أحياناً لم تفلح في تحقيق ذلك.

وخلال الثمانينات لم تجد المعارضة العراقية ترحيباً لا في الداخل أو الخارج بعدما طغى الطابع الإسلامي بشقيه الشيعي والسنّي عليها، وتزامنت هذه الفترة مع الحرب الإيرانية - العراقية (1980-1988) والمعارك الدامية التي دارت بين الجيشين العراقي من جانب وبقايا الجيش الإيراني وقوات الحشد الشعبي (البسيج) وقوات الحرس الثوري من جانب آخر.

وفي الأثناء عملت الماكينة الإعلامية الإيرانية على تقديس هذه الحرب الدامية تحت شعار تحرير فلسطين، إذ كان شعارها الرئيس "طريق القدس يمر من كربلاء"، وعلى الوجه المقابل استغل العراق الحرب لمصلحته من خلال استذكار الماضي وإذكاء الصراع القومي بين الفرس والعرب، ووصف الحرب بين البلدين بـ "القادسية الثانية" مما أدى إلى تزايد الشعور القومي العربي ورفض أي خطاب معارض يخرج ضد النظام العراقي آنذاك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن غزو العراق للكويت عام 1990 كان فرصة ذهبية لكل أطياف المعارضة العراقية، حتى تلك التي حاربت العراقيين إلى جانب القوات الإيرانية طيلة ثمانية أعوام من حرب الخليج الأولى، إذ كان الغزو بمثابة تسونامي أزاح العراق من صدارة قائمة الدعم العربي.

ويستعرض تقرير صادر عن مدير قسم الشرق الأوسط، دائرة البحوث والتحليل، جي ووكر في الـ 11 من يونيو (حزيران) عام 1993 فرص قبول المعارضة العراقية المتمثلة في "المؤتمر الوطني العراقي" (INC) خلال تلك الفترة.

ويقول جي ووكر في مقدمة التقرير المؤرشف ضمن وثائق وزارة الخارجية البريطانية ورفع طابع السرية عنه أخيراً، أي بعد مرور 30 عاماً، إنه اتصل بـ "المؤتمر الوطني العراقي" أمس وتناول الغداء مع أحمد الجلبي وهاني الفكيكي (رئيس ونائب رئيس اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني العراقي) وناقشوا فرص استقبال "المؤتمر الوطني العراقي" في الدول الإقليمية.

السعودية

لكن كيف استقبل المجتمع الدولي ذلك؟ وما مواقف الدول الإقليمية من المعارضة العراقية؟

يجيب جي ووكر في تقريره عن تلك التساؤلات عبر إبراز موقف كل دولة على حدة ليأتي على رأسها السعودية، التي وصف زيارتها بـ"الناجحة"، ويقول "أكد أحمد الجلبي الرواية التي قدمتها برقية الرياض رقم (301) بأن الزيارة إلى السعودية كانت ناجحة، وكان الوفد التقى الأمير تركي في اليوم الأول والأمراء سعود وسلطان وعبدالله في اليوم الثاني، وجرى استدعاء أعضاء الوفد من مناسك الحج لإجراء مقابلة لمدة ساعتين مع الملك فهد".

 

 

ويوضح التقرير الموقف السعودي مع المعارضة وما كانوا يأملونه، "كان تركي قد قال إن السعوديين ارتكبوا أخطاءً (كانوا يأملون في حدوث انقلاب ولم يحدث ذلك)، وقال إن هذه الأخطاء كانت بسبب قلة خبرتهم في التعامل مع المعارضة، وكان السعوديون قد استفسروا من الوفد حول الفيدرالية وحول الغلبة التي سيحصل عليها الشيعة إذا كانت هناك حكومة ديمقراطية في العراق".

لكن ردود وفد المؤتمر حول الفيدرالية والغلبة الشيعية بأنهم "يرغبون بغض النظر عن شكل الحكومة التي سيشهدها العراق في العيش في وئام وتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى". لكن بعيداً من ذلك "كان السعوديون حريصين على أن يوافق المؤتمر الوطني العراقي على قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالعراق، بخاصة تلك التي تتعامل مع أسلحة الدمار الشامل".

وتشير وثيقة البرقية رقم (301) المرسلة من قبل السفير البريطاني في الرياض إلى مرجعيته في لندن إلى أن "المؤتمر الوطني العراقي" كان قد واجه صعوبة مع السعوديين أبرزها "كثرة الأعضاء الشيعة ونقص في مشاركة أهل السنّة، والقلق من النزعات الانفصالية بين الأكراد والتزام أطراف المعارضة الثلاثة بالديمقراطية".

ويضيف السفير البريطاني في تقريره، "لقد نصحتهم في ما يتعلق بالنقطة الأخيرة بأن يتخذوا موقفاً مفاده أن ما يهم السعودية هو الاستقرار في العراق، وأن أفضل ضمان للاستقرار هو نظام ديمقراطي".

الكويت

وفي الكويت يقول جي ووكر إنه "على رغم أن السفير الكويتي في واشنطن محمد سعود الصباح استقبل المؤتمر الوطني العراقي في نهاية الشهر إلا أن هذه الزيارة ليست أمراً مفروغاً منه، وأفهم أن الجنرال النقيب متردد في الذهاب (يريد الحفاظ على سمعته مع الجيش العراقي داخل العراق ومسعود بارزاني يبدي تردداً)، ولا تزال هناك مشكلات في شأن قبول الحدود العراقية - الكويتية.

وقال محمد بحر العلوم (سياسي عراقي) لـ "مجلة الوسط" قبل أسبوعين إن المؤتمر الوطني العراقي قبل جميع قرارات مجلس الأمن الدولي بدلاً من احترام جميع قرارات مجلس الأمن الدولي، كما جرى الاتفاق عليه على ما يبدو، وهذا تسبب في ضجة في الأوساط العراقية داخل البلاد وخارجها، ويبدو أن صدام قد أحرز بعض التقدم في حملة دعائية حول هذه المسألة يصور نفسه على أنه بطل حرمة العراق".

 

 

ويضيف ووكر في تقريره، "سمحت المخابرات السعودية (أبو المحسن) لصلاح عمر والجميع باستخدام الراديو الخاص بهم للتحدث حول الحدود مع العراق، وعندما احتج الكويتيون لدى السعوديين رد الأخير بأنهم غير مسؤولين عما قاله العراقيون، ولا يريد المؤتمر الوطني العراقي الحصول على مساعدة مالية من الكويتيين وحسب، بل يود منهم أيضاً أن يقبلوا أنهم سيضطرون للعيش مع العراق بدلاً من محاصرته، وينبغي لها إن أمكن أن تبدي اهتماماً أكبر بالشعب العراقي، ولا سيما بالقرارات (688) و(706) و(712)".

ويتابع، "يقول المؤتمر الوطني العراقي إنه سيتعين عليهم القيام بحملة لمواجهة صدام على الحدود، ويريدون مني أن أزودهم بأنني سأناقش الأمر مع سفير الكويت بعد ظهر اليوم، وبعض الأمور التي يحتاجها المؤتمر الوطني العراقي لمواجهة صدام مثل الخرائط العراقية التي تظهر الحدود وما إلى ذلك يجب أن تأتي من الكويت، ويجب أن أحصل على تصريح من الكويتيين في شأن الآخرين. أحمد الجلبي يتفقد السفير الكويتي في واشنطن محمد سعود الصباح الذي أصدر الدعوة إلى المؤتمر الوطني العراقي وسأسأل السفير هنا عما إذا كان من الممكن للكويت أن تتخذ موقفاً متعاطفاً مع الشعب العراقي، ولقد اتهم وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض صدام بالفعل بزيادة المعاناة برفضه قبول قراري مجلس الأمن (706) و(712)، وسأسأل عن قرار مجلس الأمن (688)".

الإمارات

أما عن الإمارات فيقول ووكر إن "الإمارات يبدو أن وزارة الخارجية الأميركية أخبرت المؤتمر الوطني العراقي أن الإمارات مستعدة لاستقبال وفد من المؤتمر الوطني العراقي، وسوف أتحقق من نانسي جونسون، ويود المؤتمر الوطني العراقي إرسال وفد بمجرد وصوله إلى الكويت وربما القاهرة، ولقد حصلت بالفعل على عضوين من المؤتمر الوطني العراقي للاتصال مرتين بسفير دولة الإمارات العربية المتحدة هنا عيسى صالح القرق، كما تحدثت بإيجاز شديد مع رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد عن المعارضة، وأتوقع أن أضطر إلى التحدث إلى عيسى القرق وربما إلى أعضاء آخرين من حاشية الشيخ زايد إن لم يكن إليه هو نفسه حول حدود إمارة القيوين، رأس الخيمة في المستقبل القريب، وسأرى ما إذا كان بإمكاني المضي قدماً في الأمر بعد ذلك".

 

 

وفي قطر "يبدو أن وزارة الخارجية قالت أيضاً إن قطر مستعدة لاستقبال وفد المعارضة العراقية، وكان عزيز عليان (اللجنة التنفيذية للجنة الانتخابية الوطنية) قد أعطى انطباعاً مماثلاً من قبل السفير القطري لدى الأمم المتحدة، ولقد اتفقت مع أحمد الجلبي على أنني سأتصل بسفير قطر هنا علي الجيدة الذي أعرفه منذ أيام وجودي في قطر، وأرى ما إذا كان بإمكاني المضي قدماً في الأمر".

وكذلك الأمر في عُمان والبحرين، إذ "يعتقد أحمد الجلبي أن زيارة عُمان مهمة ويريد أن يحصل على وفد إلى البحرين أيضاً"، لكنه "لم يتخذ أي ترتيبات في شأن هذا الأمر".

أما في مصر "فلدى المؤتمر الوطني العراقي انطباع بأن المصريين من المرجح أن يكونوا مستعدين لذلك"، أما سوريا فأكد المؤتمر الوطني العراقي أن جلال طالباني وحسن النقيب "كانا في طريقهما إلى دمشق اليوم في محاولة لثني السوريين عن الدعوة إلى عقد مؤتمر المعارضة الخاص بهم، وقد أخبرني الدكتور صلاح الشيخلي (الوفاق والمتحدث باسم المؤتمر الوطني العراقي) أن نائب الرئيس عبدالحليم خدام قد دعاهم إلى دمشق وأنهم سيرسلون على الأرجح إياد علاوي زعيم الوفاق المسؤول عن الشؤون العربية للمؤتمر الوطني العراقي لمعرفة ما يريده السوريون لدعم المؤتمر الوطني العراقي".

أما الأردن، ووفقاً لأحمد الجلبي، "فقد حاول الأردنيون حتى الآن دعوة أقسام من المؤتمر الوطني العراقي، بحر العلوم ومجيد الخوئي من دون دعوة المؤتمر الوطني العراقي، وسيكون المؤتمر الوطني العراقي مستعداً لإرسال وفد إلى الأردن من دون أي دعاية إذا كان ذلك سيساعد".

أما في تركيا فقد تلقى أحمد الجلبي دعوة للذهاب إلى أنقرة "التي من المحتمل أن يتقبلها، ولقد رأى بالفعل السفير التركي".

 

 

وفي فرنسا تلقى أيضاً المؤتمر الوطني العراقي دعوة للذهاب إلى باريس وأن المجلس الرئاسي سيستقبله، أما هولندا فلم تكن زيارة المؤتمر الوطني العراقي مثيرة للإعجاب، إذ كان هناك كثير من الشيعة، اثنين من أصل ثلاثة.

ويختتم ووكر تقريره بأن "هاني الفكيكي يعترف بأن قسم الدعاية في المؤتمر الوطني العراقي تحت قيادة جبار لا يعمل بصورة جيدة، ويقول أيضاً إنه يبذل قصارى جهده للحفاظ على تأثير الإسلاميين في طهران على المؤتمر الوطني العراقي وخفضه إلى الحد الأدنى، ولضمان عدم بقاء هؤلاء الإسلاميين موحدين (إنه يحاول عزل أبو ياسر عن الدعوة وجعله بعيداً من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وطهران، لأنه يعتقد أن هذا مهم لمستقبل الديمقراطية في العراق، وقد أكد لي أحمد الجلبي أن المؤتمر الوطني العراقي أصدر عفواً عن الجميع باستثناء عدد قليل من أعضاء النظام الحاليين، وذلك لتشجيع البقية على الشعور بأنهم قد يكونون آمنين إذا جرت الإطاحة بالنظام نفسه، واتفقنا خلال الغداء على أنه سيكون من المفيد أن يعلن المؤتمر الوطني العراقي أنه إذا وصلوا إلى السلطة فسيعيدون التحقق من صحة أوراق العملة السويسرية البالغة 25 ديناراً، وهذا من شأنه أن يعطي حاملي الأوراق النقدية داخل العراق وخارجه المصلحة في إطاحة النظام".

المزيد من وثائق